شفق نيوز/ تكشف دراسات وابحاث عن تأثير العواقب النفسية للحروب والصراعات المسلحة على الافراد والمجتمعات، وفيما تصنف تأثير هذه العواقب الى ثلاث درجات على شكل امراض مزمنة او مؤقتة، تؤكد أن هذه التاثيرات تمتد لما هو ابعد من الدمار المادي المباشر.

وتوضح دراسات وابحاث أنه عندما تندلع الحروب أو الصراعات المسلحة، تظهر الأضرار المادية على الواجهة فقط، لكن تأثيراً "خفياً" يتغلغل داخل المدنيين الذين يعيشون في المناطق التي تمزقها الصراعات، إذ يمتد تأثير الهجمات العنيفة، مثل القصف الجوي أو المدفعي، إلى ما هو أبعد من الدمار المباشر.

وتُقيم الأبحاث والدراسات العواقب النفسية لمن يشهد مثل هذه الأحداث المؤلمة بـ"العالية"، إذ سلطت دراسات سابقة الضوء، بشكل عام، على الآثار النفسية لهذه التجارب، كما تحدثت أيضاً عن كيفية فهم الأفراد للصدمة وآليات التكيف التي يستخدمونها.

ما هي الصدمة؟

كما هو محدد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، فإن الحدث الصادم هو تجربة مروعة أو مخيفة أو خطيرة يمكن أن تؤثر في شخص ما عاطفياً وجسدياً، إذ يثير الخوف أو العجز أو الرعب، بناءً على استجابةً للتهديد الفعلي بالإصابة أو الموت.

وعادةً ما ينظر الفرد إلى الأحداث المؤلمة على أنها مهددة للحياة وغير متوقعة ونادرة، مثل التعرض لقصف متواصل خلال الحروب، والذي وصفته دراسات بأنه يولد مشاعر تجعل "التهديد هو القاعدة (وليس الأمان)".

ويختلف تأثير التعرض لحدث صادم بحسب الأشخاص، ويمكن أن تختلف الاستجابات النفسية والفسيولوجية على نطاق واسع طبقاً للسياق الاجتماعي والتركيب البيولوجي والجيني والتجارب السابقة، والتوقعات المستقبلية مع خصائص التجربة المؤلمة لإنتاج الاستجابة النفسية للفرد.

وبشكل عام، من يتعرضون لحادث صادم يظهرون معدلات متزايدة من اضطراب الإجهاد الحاد، واضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب الشديد، واضطراب الهلع (panic disorder)، واضطراب القلق العام.

وعلى الرغم من أن الأمراض النفسية مثل "اضطراب ما بعد الصدمة"، والتي تعتبر ضمن النتائج الأكثر خطورة للأحداث الصادمة، لكنها حظيت بنصيب كبير من الدراسة، إذ حددت الكثير من الدراسات النفسية سُبل التعامل مع ذلك الاضطراب.

3 درجات

ووفقاً للدراسات، لا تؤدي التجارب المؤلمة بالضرورة إلى معاناة نفسية خطيرة، لكن هناك مجموعة من العواقب تتراوح بين استجابات خفيفة مثل القلق، إلى التغيرات السلوكية مثل صعوبة في النوم، إلى بداية مرض نفسي يمكن تشخيصه.

ويمكن تصنيف هذه العواقب بشكل عام ضمن 3 فئات من حيث الخطورة:

1. فقد يعاني غالبية الأشخاص من تغير سلوكي، مثل الأرق، والشعور بالضيق، والقلق، وزيادة التدخين. ومن المرجح التعافي دون أي علاج.

2. وقد تعاني مجموعة أصغر من أعراض أكثر اعتدالاً مثل الأرق والقلق المستمر، ومن المرجح أن تستفيد من التدخلات الداعمة النفسية والطبية.

3. وستصاب مجموعة فرعية صغيرة بأمراض نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة أو الاكتئاب الشديد، وتتطلب علاجاً متخصصاً.

ويختلف عدد الأشخاص الذين يعانون من هذه الدرجات بشكل مباشر مع شدة الحدث وقرب التعرض له. ونظراً إلى أن الهجمات الصاروخية والقصف المتواصل قد يتسبب في إصابات عنيفة وموت ودمار، فغالباً ما تكون هناك مجموعة ستعاني من صدمة نفسية شديدة.

الأطفال والمراهقون

عادة ما يؤدي مرور الأطفال بأحداث مؤلمة مثل القصف وغيره إلى ردود فعل بيولوجية ونفسية فورية، وقد تستمر لفترات طويلة.

وبحسب الدراسات، تتشابه الأعراض النفسية للأحداث المؤلمة لدى الأطفال والمراهقين مع تلك المعترف بها لدى البالغين، كما أثبتت الأبحاث البيولوجية أن الأطفال الذين تعرضوا لأحداث صادمة، مثل البالغين، يظهرون تغيرات في إفراز هرمون التوتر.

وأشارت الأبحاث إلى أن الشباب الذين تعرضوا للعنف أكثر عرضة للإصابة بمشاكل نفسية وضعف الأداء في المدرسة، موضحة أن حوالي ثلث الأطفال المعرضين للعنف المجتمعي يصابون باضطراب ما بعد الصدمة.

ومن المعروف أن المستويات الطويلة من التوتر الشديد قد تؤثر سلباً على النمو الفسيولوجي العصبي للأطفال الصغار بطرق قد تكون لها عواقب طويلة المدى على الاستجابات السلوكية للتوتر وأمراض نفسية عدة.

ويشير الباحثون إلى أن الأطفال هم الشريحة الأكثر عرضة لخطر الصدمات النفسية والتغيرات السلوكية والضعف. كما تشير الأبحاث إلى أن الكوارث التي تحدث في سن أصغر قد تكون لها عواقب نفسية طويلة المدى.

وتشير الأدلة إلى أن العواقب النفسية السلبية الناجمة عن الكارثة تتبدد بمرور الوقت بالنسبة لغالبية الناس.

تأثيرات إيجابية

على الرغم من أنها أقل توثيقاً من الآثار السلبية عبر الأبحاث العلمية، إلا أن تجربة الكارثة أو غيرها من الأحداث المؤلمة قد تؤدي إلى تأثير إيجابي على كل من الأفراد والمجتمع.

وهناك مجموعة من الدراسات التي تصف تطور آليات التكيف ومشاعر الكفاءة الذاتية بعد التعرض للأحداث المؤلمة.

لذلك، فإن تجربة حادث صادم يمكن أن تعزز أيضاً القدرة على التكيف مع الأحداث الصادمة المستقبلية. كما أن التجربة المجتمعية للتغلب على الكارثة قد تعزز المزيد من التماسك المجتمعي.

وكثيرا ماً يتزايد الإيثار والعمل التطوعي في أعقاب وقوع كارثة.

وهذه هي الظواهر التي يمكن أن تكون مفيدة لكل من أولئك الذين يتلقون المساعدة وأولئك الذين يتطوعون، حيث إن تصور الكفاءة الذاتية والقدرة على "فعل شيء ما" يمكن أن يساعد الناس على التغلب على تجربة الكارثة.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي ما بعد الصدمة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان

الخطاب السياسي لدولة السادس والخمسين منذ مجيئها إلى حيز الوجود، قبل إعلان (الاستغلال) ببضعة أشهر ساهم في اندلاع جميع الحروب، ابتداء من حرب الجنوب الأولى – تمرد توريت – وانتهاء بالحرب القائمة الآن، دشن السياسيون الشماليون خطاباً عدائياً تجاه نخب الجنوب السياسية، وتمركز التوجه العام لهذا الخطاب حول الكراهية العرقية والدينية والفرز الجهوي، واشتغلت الأجهزة الإعلامية والصحفية على ترميز الجنوب والجنوبيين على أساس أنها شعوب بدائية لم تبلغ الحلم، وبالتالي لابد من وجود كفيل يقوم برعايتها، استمر ذلك الخطاب طيلة مدة اشتعال حروب الجنوب الثلاث، وتم تغييب وعي المجتمعات الشمالية، فتبنت السردية المجحفة بحق شقيقهم شعب الأبنوس الجميل، فالحروب بالشرق الأوسط وافريقيا تندلع بدوافع التباينات الجغرافية والدينية والعرقية، فأخذ الجنوبيون حظهم من الفرز الوطني بحجة أن غالبهم يعتنق المسيحية، فعمل الخطاب السياسي للشمال المسلم ما في وسعه لقطع صلات التلاقي الاجتماعي بين الجهتين، ولا يجب أن ننسى الدور الفاعل الملعوب من الإدارة البريطانية، وقرارها ببذر بذور الشقاق وسياسة فرق تسد والمناطق المغلقة، ولكن، ما كان يجب على النخبة الحاكمة بعد ذهاب "الخواجة" أن تواصل فيما خلّفه المستعمرون من سياسات ظالمة، وأيضاً لا يستقيم منطقاً أن يكون هذا مبرراً للفاشلين من الحكام لإخفاقهم في حل مشكلة الجنوب.
تمددت الحرب شمالاً وغرباً لذات السبب – الخطاب السياسي الرافض للآخر والمشيطن له، وجميعنا يستحضر خطاب الدكتاتور عمر البشير بعد انفصال جنوب السودان، ووصفه لفترة حكومة الوحدة الوطنية (بالدغمسة) – عدم الوضوح، في إشارة لانعدام الإرادة الوطنية من جانبهم لاستكمال اهداف اتفاق السلام الشامل، والدكتاتور في حقيقة قوله يعني خروج الجنوب المسيحي، وبقاء الشمال (المسلم) خالصاً لأهله لإقامة (دولة الخلافة الراشدة)، متناسياً المسيحيين المتبقين بالشمال، فالخطاب السياسي الداعم لخط الانحياز الديني أدى لتقطيع الوطن إلى جزئين، مختلفاً عن الخطاب الموجه للسودانيين بعد تمرد دارفور حيث دق إسفين العروبة والأفريقانية، بين المكونين الاجتماعيين اللذين عاشا ردحاً من الزمن، في تماسك اجتماعي واقتصادي وسياسي، أما الخطاب المدشن بعد اندلاع الحرب بين الجيش المختطف من الحركة الإسلامية وقوات الدعم السريع، لم يجد منظروه بداً من وصف أفراد القوة العسكرية الشقيقة بأنهم غزاة أجانب، في مهزلة مضحكة للطفل قبل الشيخ الهرم، إذ كيف لرمز سيادة البلاد أن يكون سيّداً وأجنبياً في آن واحد؟، فالخطاب الأخير جاء غير مقنع لقطاعات عريضة من المجتمعات السودانية، وفضح الجذر المتأصل للمأساة الممتدة من بدايات تأسيس دولة السادس والخمسين، والذي عمل مصدروه بكل جهد لتفكيك وحدة البلاد واستمراء المضي قدماً في ذات الاتجاه السالب.
الفشل الكبير للخطاب السياسي المركزي عبر الحقب، ظهرت آخر مخرجاته في القفز على الواقع الداخلي وإصدار التهم للدول الجارة والشقيقة، التي تضامنت مع السودانيين في محنهم، فبعد أن أكدت الحرب المشتعلة بين الجيشين على سقوط السيادة الوطنية، وخروج الدولة من الفاعلية الإقليمية والدولية، بفقدانها لنظام الحكم الشرعي الذي كان قبل انقلاب أكتوبر، اصبح الجيش المختطف من جماعة الاخوان يتأرجح مثل الذي يتخبطه الشيطان من المس، في نهاية منطقية للاستمرار في توجيه هذا الخطاب الفطير داخلياً، والمحاولة اليائسة لتسويقه خارجياً، لقد صنع هذا الخطاب كادر حزبي وعسكري لا يعي أهمية العلاقات الدبلوماسية ولا الروابط الودية بين الشعوب، فأساء هذا الكادر للوشائج الأزلية بين السودان وجواره العربي والإفريقي، وعمّق الأزمة الوطنية ودولها وأقلمها، فزيادة على كارثة الحرب التي ما يزال المواطنون يدفعون ثمنها الباهظ، خلق توترات حدودية ودبلوماسية لا مبرر لها مع بلدان مباركة لمساعي الحل السلمي التفاوضي، ولها أياد بيضاء في ساحة العمل الإنساني السوداني، ومارس فوضوية في خلط الأوراق لدرجة أن المراقبين والمحللين والمسهّلين دخلوا في حيرة من أمرهم، جراء هذه المهزلة الحكومية التي ألمت بالسودانيين، والتي آخرها تلعثم مندوب جيش الاخوان وهو يقدم دعواه الباطلة أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • الإمارات تدين الهجمات المسلحة على المدنيين في دارفور
  • حرب السودان تدمّر حياة الأطفال.. اليونيسف تكشف أرقاماً مخيفة
  • أسرة السيدة المتهمة بالتعدى على المواطنين فى أكتوبر: مريضة نفسية
  • الرجيم القاسي للأطفال خطر على النمو والصحة النفسية.. خبير تغذية يحذر
  • الأمم المتحدة: العواقب الإنسانية في غزة وخيمة.. ويحذر من نفاد المخزونات
  • أخطار غير متوقعة فى الدمى القماشية.. دراسة تكشف التفاصيل
  • «السكري» وراء 50% من الإصابات بأمراض الكلى
  • أفضل من الزواج والمال! .. دراسة تكشف عن المصدر الحقيقي للسعادة النفسية
  • دراسة تكشف عن المصدر الحقيقي للسعاة النفسية.. وطبيبة توضح الأسباب
  • الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان