عربي21:
2024-10-03@12:44:03 GMT

هل يتم اجتياح غزة برياً؟!

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

تتداعى القوات الأجنبية لغزة كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، ومن الولايات المتحدة الأمريكية، إلى فرنسا، وإيطاليا، إلى ألمانيا، والحبل على الجرار، وقد قررت واشنطن إرسال قطع بحرية لمساعدة الجيش الإسرائيلي في محنته، ولحصار غزة، مع الإعلان عن أن قرار الاجتياح البري للقطاع قد اتخذ بالفعل!

القطع العسكرية التي تحركت، والدعم العسكري الذي قُدم، أكد أن أسطورة تفوق الجيش الإسرائيلي محل شك، وإذا كان قد أعاد بناء سمعته بعد هزيمته في تشرين الأول/ أكتوبر 1973 وانكشاف عورته للناظرين، فها هي معركة يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، مع طلب النجدة من بايدن، قد أكدت أن التفوق الذي ضمنته الولايات المتحدة الأمريكية له يحقق النصر على الجيوش النظامية، لكن لا يوجد في غزة جيش نظامي، ومع هذا الوضع يمكن لقرار الاجتياح البري أن يكون قد اتُخذ فعلاً، وأنها مسألة وقت، عندها تتدفق القوات الأجنبية إلى القطاع!

عندما بدأ التلويح بالاجتياح البري في بداية العمليات، استبعدتُ هذا، لأن الأكثر ايلاماً هو هذا القصف الجوي، وإذا حدث الاجتياح البري، فسوف تكون المواجهة نداً لند، والأرض في هذه الحالة تلعب لصالح مالكها، لكن أياما مضت على القصف الجوي المجنون، الذي لا يميز بين بشر وحجر، أو بين مقاتل وطفل، أو بين مستشفى وبناية، على نحو نرى فيه سعاراً لا يجد من يلجمه، أو يوقفه عند الحدود الآمنة لهذه الحماقة، فالعالم الغربي يعيش همجيته الأولى، وليس معنياً بما يمكن أن يمس سمعته، فهو في غضبه يكون أصدق مع نفسه، لا تشغله الدروس، وفي الوقت الذي كان فيه الأمريكان يقدمون أنفسهم في احتلال العراق أنهم محررون يستهدفون نشر الديمقراطية، كان ما يحدث في سجن أبو غريب تتأذى منه الكائنات الحية، والاستبداد العربي على إجرامه!

على أبواب الانتخابات:
الحذر من الاجتياح البري فقد مفعوله، ليس فقط لأنهم ليسوا بحاجة لقصف جوي جديد، ولكن لأن قوى الاستعمار القديم قررت أنها في مهمة تأديب في المنطقة، لتمرد واحدة من المستعمرات القديمة على هيبتها، ولن يتحقق النصر إلا بمشهد الاجتياح البري، فكل ما يهم القوم الآن هو "اللقطة"، وهي التي حاربوا من أجلها في العراق، ولم تتحقق إلا بسقوطه والقبض على الرئيس صدام وإعدامه في وقت لاحق، وهو الهدف من اجتياح أفغانستان وإسقاط الحكومة، مع غياب العقل الاستراتيجي هنا وهناك
يغيب الرئيس الأمريكي عن الوعي، وعندما يسترد وعيه يتذكر أنه على أبواب انتخابات رئاسية، وأمامه تصريحات منافسه ترامب؛ بأن جرأة حماس هي بسبب ضعف الرئيس الأمريكي، وأنه لو كان في موقعه لما جرى ما جرى، ولأنها الانتخابات فقد أسرف بايدن في منح نتنياهو التأييد الكامل، بعد أن اعتمد الرواية الإسرائيلية عن قطع رقاب الأطفال الإسرائيليين بواسطة حماس، قبل التراجع عنها!

والحال كذلك، فإن الحذر من الاجتياح البري فقد مفعوله، ليس فقط لأنهم ليسوا بحاجة لقصف جوي جديد، ولكن لأن قوى الاستعمار القديم قررت أنها في مهمة تأديب في المنطقة، لتمرد واحدة من المستعمرات القديمة على هيبتها، ولن يتحقق النصر إلا بمشهد الاجتياح البري، فكل ما يهم القوم الآن هو "اللقطة"، وهي التي حاربوا من أجلها في العراق، ولم تتحقق إلا بسقوطه والقبض على الرئيس صدام وإعدامه في وقت لاحق، وهو الهدف من اجتياح أفغانستان وإسقاط الحكومة، مع غياب العقل الاستراتيجي هنا وهناك، فباحتلال العراق مكّنوا لإيران في الأرض، وفي أفغانستان اضطروا أن يغادروا بعد سنوات طويلة من الفشل والهزائم!

إن تسوية غزة بالأرض، بالقصف من بعيد، لن يحقق المراد، الذي لن يتحقق سوى باجتياح بري، ويا حبذا لو تم الإمساك بقيادة الصف الأول في المقاومة، أو بأحد الزعماء الحاضرين إعلامياً، وفي النهاية لن تعني القوم السمعة، فقد أثبتت التجارب أنهم في ساعة الجد لا تشغلهم كثيراً، فتظهر صورة مصاص الدماء، وسيكون الرد: لقد طلبنا من المدنيين مغادرة غزة، ليمكن لهم أن يمارسوا غضبهم بدون تذكير بضمير، أو بسؤال أين ذهب الله بعقولهم؟

ليست اللقطة الأخيرة:

"العقل زينة"، فإن لم تعن القوم السمعة بأنهم من يمثلون الضمير الإنساني، وقد تمكنت منهم شهوة الانتقام، فإنهم لو انتصروا بـ"اللقطة"، فإنها لن تكون "اللقطة الأولى" في هذه الحرب!

هل لا يدرك القوم أن المقاومة في غزة ليست جيشاً نظامياً؟ فإذا كانت تجاربهم مريحة حيث الجيوش النظامية، فقد انتصروا في العراق بسهولة، إلا أنهم هُزموا في أفغانستان ومعهم الغرب وحلف الناتو، ومكنوا طالبان من فرض شروطها
الجنين في بطن أمه، يعرف أن غزة لا تقتصر المقاومة فيها على الأجنحة العسكرية للفصائل الرسمية، التي لا تغيب عنها التقديرات السياسية عند كل معركة، فالشاهد أن هذه المقاومة كانت تقمع من يخرج على حدود الممارسة المحسوبة، لكن بسقوط غزة، فلن تجد هذه المقاومة من يمنعها من العمل خارج السياسة، وإذا لم يكن هناك إحصاء بأعداد هؤلاء، فإن مواجهتهم على قلتهم ستكون موجعة.



لا نتحدث عن دول أوروبا المشاركة في الحرب، فقد تحولت الى قطعان في الحظيرة الأمريكية تسير في الركب، ولا تتعلم من التجارب الخاسرة الحذر من الانغماس في الدور الأمريكي، فما يعنيها هو هذا الكاوبوي القادم من التاريخ، سافراً عن وجهه، ليس مشغولاً بأبعد من مدد الشوف، حيث الانتخابات الرئاسية، وإصرار الرئيس المتوفى سابقاً على خوضها!

هل لا يدرك القوم أن المقاومة في غزة ليست جيشاً نظامياً؟ فإذا كانت تجاربهم مريحة حيث الجيوش النظامية، فقد انتصروا في العراق بسهولة، إلا أنهم هُزموا في أفغانستان ومعهم الغرب وحلف الناتو، ومكنوا طالبان من فرض شروطها، فلم تقبل بشرطهم استبدال الإمارات بقطر مكاناً للمفاوضات!

لا أعرف أسباب عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وهل هي انتفاضة ضد الحصار وقسوته، أم أنها تعبر عن الدخول في مرحلة جديدة للمقاومة وهي التحرير الكامل، على النحو الذي انتقل بها من أن تكون ردة فعل إلى الفعل ذاته، لكن المعلوم أن اجتياح غزة لن يكون نزهة، وإن تصدرت القوات الأمريكية المشهد، فقد تحقق نصراً سريعاً، كما تستهدف الإدارة الأمريكية، لكنه لن يكون سفراً قاصداً، وإذا قرروا أن تكون حرباً مفتوحة، كما أرادوها، ففكرة طي صفحة حماس هي فكرة خيالية.

تصرفات الإدارة الأمريكية غير المسؤولة لا تحتكم للعقل، وبعد كل هذه السنوات التي مرت منذ النكبة فلا هروب من استحقاق الحل العادل للقضية الفلسطينية، وأن فرض إسرائيل بالسلاح الغربي وضمان التفوق، لن ينهي المشكلة ولن تعيش إسرائيل بأمان في وجوده!
إننا ندرك أن العواصم الغربية لن تقبل بإنهاء مستوطنتهم في المنطقة، وكم دفعت لتفوق جيشها على جيوش العالم العربي كله، وكم أنفقت على حماية الحكام المستبدين، باعتبار أنهم يمثلوا الأمان الاستراتيجي لإسرائيل، لكن ها هي هذه النظرية تتهاوى، واختفاء المقاومة تحت الأرض، سيجعل من فكرة الانتصار السريع الخاطف ليست دقيقة، فهل يتحمل الإسرائيليون هذا القلق لفترة طويلة، وعند أول صاروخ ينطلق باتجاه تل أبيب يهرعون إلى المطار للهروب، فلا يكون هناك مناص من إغلاقه وتعليق الرحلات منه وإليه حتى إشعار آخر؟!

تصرفات الإدارة الأمريكية غير المسؤولة لا تحتكم للعقل، وبعد كل هذه السنوات التي مرت منذ النكبة فلا هروب من استحقاق الحل العادل للقضية الفلسطينية، وأن فرض إسرائيل بالسلاح الغربي وضمان التفوق، لن ينهي المشكلة ولن تعيش إسرائيل بأمان في وجوده!

ومع غياب العقل الأمريكي، واستفزاز العقلاء في المنطقة، فسوف يكون المتحدث الرسمي فيها هي الأصوات الأكثر تشدداً في مقاومة المحتل، الذي جاء من آخر الدنيا لحماية أمن إسرائيل، بعد فشل السياسة!

إن الرئيس السياسي السادات، أدرك أن أمريكا لن تسمح للسلاح الروسي أن يحقق نصراً بلا حدود، فتراجع لأنه رئيس، ويملك جيشاً يخشى عليه من التدخل الأمريكي، لكن الشعب الفلسطيني ليس لديه ما يخسره، ومع حدّة الضربات وإيلامها، والزحف البري، ستكون هناك نتائج وخيمة، على القوم وعلى المنطقة.

عندما يحلس في قصور الحكم مجانين، فهل يأتي اليوم الذي نقول فيه: على نفسها جنت براقش؟!

twitter.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة حماس إسرائيل امريكا حماس غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاجتیاح البری فی المنطقة فی العراق

إقرأ أيضاً:

الاجتياح البري لجنوب لبنان.. سيناريوهات الماضي تؤرق قادة إسرائيل

مع أول بيانات حزب الله بشأن تصديه لقوات إسرائيلية خاصة حاولت التسلل إلى قرى الجنوب اللبناني واعتراف الجيش الإسرائيلي بمقتل عدد من جنوده في أول اشتباكات مباشرة مع مقاتلي الحزب، تتضح معالم الاتجاه الأولي "للعملية البرية المحددة" التي أعلنت عنها تل أبيب يوم الاثنين الماضي.

وقال جيش الاحتلال إن القوات البرية ستعمل على استهداف مقاتلي حزب الله والبنية التحتية في القرى الواقعة على طول الحدود، وفي حين أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن المسؤولين العسكريين والسياسيين وافقوا رسميا على "الخطوات التالية" للعملية، تبرز تساؤلات عن السيناريوهات المتوقعة لمسار العمليات البرية للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان.

استطلاع بالنيران

وافق القادة الإسرائيليون في وقت متأخر من مساء الاثنين على الخطط لإرسال قوات برية إلى لبنان، وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته بدأت في عبور الحدود من أجل استهداف المواقع التي "تشكل تهديدا مباشرا للمجتمعات الإسرائيلية في شمال إسرائيل".

وجاءت التحركات الإسرائيلية البرية في أعقاب غارات مكثفة على لبنان على مدى الأسبوعين الماضيين، وأسفرت عن سقوط مئات الضحايا المدنيين، في محاولة للقوات الإسرائيلية فرض واقع جديد مع حزب الله من أجل تأمين عودة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم.

ورغم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن أن قواته "بدأت غارات محدودة ومحددة وموجهة ضد أهداف لحزب الله"، فإن الخطة قد تتطور إلى عملية أوسع وأطول أمدا، خصوصا مع نشر آلاف من القوات الإضافية في الشمال في الأيام الأخيرة.

وتشير طبيعة القوات والمهام الموكلة إليها ومحاولات التسلل إلى بلدات مارون الراس وكفر كلا إلى أن قوات الاحتلال تسعى لعمليات استطلاع بالنيران الحية لفحص قدرات حزب الله القتالية وإمكانية توسيع العملية البرية أو الاقتصار على عمليات خاصة ومحدودة.

وقد شكل الاشتباك الأول بين مقاتلي حزب الله والقوات الخاصة الإسرائيلية درسا قاسيا للأخيرة التي تكبدت خسائر فادحة في الساعات الأولى لعملياتها البرية داخل الأراضي اللبنانية، وأقر الجيش الإسرائيلي بمقتل 8 من العسكريين من بينهم 3 ضباط جراء تعرضهم لكمين.

من جهته، قال مركز "زيف" الطبي الإسرائيلي إنه استقبل 39 جنديا مصابا، وصلوا بواسطة المروحيات ومركبات الإسعاف العسكرية.

الجيش الإسرائيلي أقر بمقتل 8 من العسكريين بينهم 3 ضباط جراء تعرضهم لكمين (رويترز) اجتياح متدرج

وعلى الرغم من النتائج الصعبة التي سجلتها المرحلة الأولى من العمليات البرية، فمن المتوقع أن يعمد الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ إستراتيجية توسيع متدرج لعملياته في جنوب لبنان، فقد سبق له أن أعلن أن الفرقة 98 في الجيش بما في ذلك لواء غولاني وقوات خاصة من مختلف القطاعات قد انضمت للقوات المحتشدة في الجبهة الشمالية للمشاركة في العمليات البرية جنوب لبنان.

واستبق جيش الاحتلال الإسرائيلي إعلانه عن نيته تنفيذ عملية برية، بحملة قصف واسع لقرى جنوب لبنان، وتعرضت بلدات مارون الراس وكفر كلا وعيتا الشعب لمئات الغارات الجوية استهدفت منازل المواطنين اللبنانيين والبنى التحتية من طرق وجسور ومرافق مدنية.

وبناء على نتائج هذه المرحلة، من المرجح أن ينتقل جيش الاحتلال إلى اجتياح محدود بعمق أقل من 10 كيلومترات على طول الحدود الجنوبية للبنان، وتهدف هذه العملية إلى التأثير على قدرات حزب الله في استخدام الصواريخ قصيرة المدى ومضادات الدروع التي تستهدف القوات المحتشدة على طول الحدود الشمالية، مما يتيح لقوات الاحتلال حرية أوسع في تنظيم عمليات التموضع والحركة لتعزيز حملة الاجتياح في مرحلتها الثانية.

وفي مرحلتها الثالثة، تهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي للوصول لنهر الليطاني الذي بات يشكل حدا فاصلا فيما تعتقد إسرائيل أنه ضروري لتفكيك بينة حزب الله القتالية خاصة الصواريخ متوسطة المدى التي يمكن لها أن تستهدف العمق "الإسرائيلي".

ويرى الاحتلال أن المنطقة الواقعة جنوب الليطاني تشكل مسرح العمليات الرئيسي لقوات الرضوان التابعة لحزب الله، والتي تعتبرها إسرائيل تهديدا استثنائيا يحي في الوعي الإسرائيلي الهزيمة والفشل الذي مني به جيش الاحتلال صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي في غلاف غزة.

وتعد هذه المرحلة في المنظور الإسرائيلي، مساحة الحرب الرئيسية والفاصلة في تحديد اتجاه الحملة البرية ضد لبنان، ومن المتوقع أن يحشد جيش الاحتلال فرقتين إضافيتين لهذه المرحلة.

وزير الدفاع غالانت يتفقد قوات الاحتياط التي استقدمت للحدود الشمالية مع لبنان (الصحافة الإسرائيلية) سيناريوهات مفتوحة

في تجاربه السابقة، أطلق الاحتلال الإسرائيلي عمليته البرية عام 1982 في جنوب لبنان بهدف التخلص من المقاومة الفلسطينية وتفكيك بنيتها التحتية، لكن تلك العملية تحولت مع الوقت إلى عملية احتلال للجنوب اللبناني، ووصلت للعاصمة بيروت، واستمر 18 عاما.

وكانت أهم نتائج هذه العملية نشأة حزب الله بوصفه حركة مقاومة استطاعت بعد سلسلة من عمليات الاستنزاف إخراج جيش الاحتلال من جنوب لبنان عام 2000 وتعزيز وجوده في الجنوب ليشكل بعد ذلك واحدا من أهم التحديات الإستراتيجية للاحتلال الإسرائيلي.

ووجدت إسرائيل نفسها تنتقل بحكم تعقيد الواقع الميداني إلى تحول حتمي في عملياتها البرية إلى عملية برية بلا سقف وبلا نهاية وبلا إجابات نهائية عن الواقع الذي سعت لفرضه في جنوب لبنان وباء بالفشل في نهاية المطاف.

وفي عام 2006، عبرت الدبابات والمدرعات الإسرائيلية لعدة كيلومترات داخل جنوب لبنان، وفي مشهد خالد في الذاكرة العسكرية بين حزب الله وجيش الاحتلال، تصدت مجموعات الحزب المتمركزة في قرى الجنوب اللبناني لدبابات الميركافا، ودمرت عددا منها، مما شكل صدمة لجيش الاحتلال الذي أوقف عملياته البرية وانسحب بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي استند للقرار 1701.

وقد شكلت تلك التجربة أحد أهم المحددات التي يحاول جيش الاحتلال عبر الأشهر الماضية لتفاديها عبر عمليات القصف الجوي المركز.

جنود إسرائيليون يقفون خلف سلك شائك في مزارع شبعا المحتلة في جنوب لبنان (الفرنسية)

وفي السياق الحالي، فإن الأهداف التي يكررها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من القادة السياسيين والعسكريين، والتي تشمل تفكيك بنية حزب الله العسكرية وخاصة الصاروخية منها أو ما يسميه نتنياهو "منع تكرار هجوم السابع من أكتوبر"، يعني بالضرورة أن العمليات المحدودة المعلن عنها لا تفي بالغرض.

فتحقيق هذه الأهداف يتطلب سيطرة دائمة أو طويلة الأمد لمنطقة واسعة تصل إلى العمق اللبناني وقد يشمل العاصمة بيروت، وهو الأمر الذي يشكك الكثير من المراقبين بقدرة جيش الاحتلال على تنفيذه في ظل مقاومة حزب الله الذي أثبت في الساعات الأخيرة أن ما يدعيه الاحتلال الإسرائيلي أن أضعف قدراته القتالية بعد حملات القصف الجوي المكثفة محل شك كبير.

ويشير رئيس شعبة المعلومات السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تامير هايمن، إلى ضرورة "بحث الوضع النهائي المرغوب فيه من طرف إسرائيل، وشروط الانسحاب من الميدان". ويعلل هايمن ذلك "بالأثمان الكبيرة التي يمكن أن تدفع"، وهذه إشارة مباشرة من أحد أبرز المحللين العسكريين الإسرائيليين، لعدم التناسب بين الأهداف المعلنة وطبيعة العمليات الجارية حاليا.

ورغم تقديم هايمن لما سماه "بالنجاحات الكبيرة" التي حققها جيش الاحتلال في الأيام الماضية باغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وعدد من قيادات الحزب العسكرية، فإن مسار التشكيك في القدرة على صوغ عملية محدودة وناجحة يفرض نفسه على تقييمه، حيث دعا للتصرف "بتواضع" أمام جملة التحديات التي تجلبها عملية من هذا النوع.

مصير الاجتياح في الميدان

يتضح من تصريحات المسؤولين في إسرائيل أن خيار العملية البرية بات محسوما، وتثبت محاولات التسلل خلال الساعات الماضية أن خطط التوغل بدأت بالفعل، إلا أن تحديد مصير هذه العمليات سيحدده قدرة حزب الله على التصدي للعمليات في مراحلها المتصاعدة.

وكان الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله قد أكد أن "الخيارات مفتوحة، وسنواجه أي احتمال في حال دخل الإسرائيلي بريا"، مشددا على أن قوات المقاومة جاهزة للالتحام البري.

كما أن التصعيد الناشئ بعد تنفيذ إيران لردها بتوجيه ضربة صاروخية وصفتها بالناجحة استهدف العمق الإسرائيلي وما سينتج عن ذلك من خيارات لدى الاحتلال الإسرائيلي للرد، سيشكل محددا أساسيا لطبيعة وحدود العملية البرية التي انطلقت وفقا لمعطيات لم تشمل الرد الإيراني الأخير.

كما تبقى الحرب المستمرة في قطاع غزة وما تفرضه طبيعة العمليات -التي تنفذها المقاومة الفلسطينية ضد القوات المتمركز في محوري صلاح الدين (فيلادلفيا) ونتساريم- عاملا يفرض واقعا ميدانيا على قدرة جيش الاحتلال بخوض عمليات تتطلب قوات خاصة على أكثر من جبهة وما يبنى على ذلك بنقل للقوات بين الجبهات.

فالحرب التي تقترب من إكمال عامها الأول ما زلت تفرض تحديات ميدانية وسياسية واقتصادية من المتوقع أن تتعمق في حال تورطت دولة الاحتلال في حرب استنزاف برية في جنوب لبنان وأخرى مفتوحة مع إيران.

مقالات مشابهة

  • الاجتياح البري لجنوب لبنان.. سيناريوهات الماضي تؤرق قادة إسرائيل
  • بعد اجتياح الاحتلال الإسرائيلي البري لجنوب لبنان.. ماذا تعرف عن الفرقة 98؟
  • الأمم المتحدة تحذر إسرائيل من عواقب الاجتياح البري في لبنان
  • بعد الاجتياح البري الإسرائيلي لجنوب لبنان.. ماذا حدث عام 2006؟
  • مع بداية الاجتياح البري.. دول تجلي مواطنيها من لبنان
  • حزب الاتحاد: الاجتياح البري للبنان ينذر بعواقبه الوخيمة على المنطقة
  • وسم الاجتياح البري يعتلي منصات التواصل الاجتماعي
  • دول تتحرك لإجلاء رعاياها من لبنان مع بدء الاجتياح العسكري البري الإسرائيلي
  • الاجتياح البري لجنوب لبنان.. التوغل الإسرائيلي تجاه جزب الله "القصة كاملة"
  • خارجية فرنسا: على إسرائيل تجنب الاجتياح البري في لبنان