قامت الثورة اليمنية الأكتوبرية آنذاك ضد المحتل الإمبريالي الغربي البريطاني في جنوب اليمن الذي جثم على أرض جنوب اليمن الطاهرة لقرابة أزيد من قرن وربع من الزمان، وكانت تسمي بريطانيا يوم ذاك بالدولة ( العظمى ) على مستوى العالم ، لأنها كانت تحتل قارة أُستراليا شرقاً مروراً بالبحر والجزر الصينية ، وبالقارة الهندية الشاسعة ، وصولاً إلى عالمنا العربي وأفريقيا وحتى قارة أمريكا الشمالية ( أي كندا والولايات المتحدة الأمريكية ) ، ومن بين احتلالها لهذا العالم الشاسع
احتلت أيضاً مدينة عدن وجنوب وشرق اليمن الطبيعية .


تعرضت بريطانيا للكنس المهين من جميع قارات العالم ، بفعل الحركات التحررية الثورية علي مستوى العالم ، لأن منطق التاريخ لا يُبقي المحتل دائم السيطرة والهيمنة ، ولا البلد المُحْتل دائم الخنوع والخضوع لجبابرة العالم ، لأن الأحرار المقاومين في هذا العالم لهم منطقهم وقوانينهم ونواميسهم في التحرُر ومقاومة الظلم مهما تعجرف المحتل الظالم.
انطلق نفر من الأحرار اليمانيون بقيادة البطل / الثائر / راجح بن غالب لبوزة رحمة الله عليه إلى قمم جبال ردفان الشمّاء قادمين من منطقة تعز اليمنية الحُرة ومعهم المُؤن والعتاد والأسلحة الخفيفة والمتوسطة لإعلان يوم الثورة اليمانية الجنوبية التحرُرية ، مُتكلين علي سواعد وإرادة الأحرار الثوّار ومن خلفهم المدد الثوري لشعبنا اليمني العظيم في كل من مناطق البيضاء ومأرب وصنعاء ، واعتبرت ثورة 26 سبتمبر 1962م هي الثورة الأم والمدد الشعبي الثوري لثوار 14/
أكتوبر1963 م .
نعم هكذا هو المنطق الثوري والإنساني والأخلاقي ، تحسب وتقاس واحدية الثورة اليمنية علي معايير الشعب اليمني الواحد الذي نهض وانتفض من كل قرى اليمن شماله وجنوبه ، وآزروا وناصروا ودعموا ثوار أكتوبر الجنوبية بما لديهم من طاقات وقدرات وإمكانات لوجستية ، وتحدث حول ذلك القادة الأوائل للثورة أمثال فخامة الرئيس / علي ناصر محمد ، وفخامة الرئيس / قحطان محمد الشعبي ، وفخامة الرئيس / سالم ربيع علي ( سالمين ) ، وفخامة الرئيس / عبد الفتاح إسماعيل علي
الجوفي ، ودولة الأستاذ / فيصل عبد اللطيف الشعبي ، ودولة نائب الرئيس/ علي أحمد ناصر ( عنتر ) ، ودولة عضو هيئة الرئاسة / محمد صالح عولقي ، والمفكر الكبير القائد / أنيس حسن يحيى أبو باسل ، والمفكر القائد اليساري العظيم / عبدالله عبد الرزاق باذيب أبا أوسان وشقيقاه / علي و أبوبكر ، والمناضل المجاهد / خالد باراس ، والقائد المحنك / عبدالقادر باجمال والمفكر / علي صالح عباد ( مقبل ) ومعالي / صالح مصلح قاسم أبا لحسون ، والمناضل معالي / أحمد مساعد
حسين أبا مالك ، ودولة عضو هيئة الرئاسة / سالم صالح محمد أبا خلدون ، ومعالي / عبدالعزيز عبدالولي ، والسياسي الأكاديمي / صالح علي باصره ، والمناضل البطل / فاروق علي أحمد ، والمناضل البطل / هادي أحمد ناصر العولقي ، ومعالي/ السفير / عبدالوكيل بن إسماعيل السروري ، والمؤرخ الكبير / سلطان ناجي أبا أوراس ، والسياسي المخضرم / محمد سعيد عبدالله ( الشرجبي ) ، والمفكر السياسي / جارالله عمر القهالي وطابور طويل من القادة والمفكرين الجنوبيين والشماليين الذين قادوا التجربة الثورية والفكرية في جنوب اليمن ، وأكدوا على ثوابت وأهداف الثورة الأكتوبرية اليمنية ويقع في مقدمتها هدف الوحدة اليمنية للشعب اليمني العظيم، وتجريم فكرة الانفصال دينياً وأخلاقياً وسياسيا وقانونياً .
كل هؤلاء القادة أعلاه من الثوار ، إن كانوا شهداء رحمة الله عليهم ، أو من لازالوا أحياء قد أكدوا في كتاباتهم وخطاباتهم وحواراتهم السياسية والشعبية على معطى واحدية الثورة اليمنية ، وهدفها نحو الوحدة اليمنية المباركة ، وأكدوا جميعاً بأنه لولا ثورة 26/سبتمبر/ 1962 م لما انتصرت ثورة 14أكتوبر وحققت أهدافها التحررية العظيمة .
بعد ستين عاماً من انطلاق الشرارات الأولى للثورة وتحرير جنوب اليمن من المحتل البريطاني ، فقد تغيرت الخارطة السياسية والتحالفات السياسية الاجتماعية في اليمن لعدد من المرات ، لكن بقيت قضية الوحدة اليمنية هي الثابت الأساس التي تُبنى عليها جميع المواقف الفردية أو الحزبية أو المناطقية ، لأنها عنوان أصيل لاستمرارية الشعب اليمني موحداً في منهجه ومصالحه وثوابته القيمة والأخلاقية ، متجهاً صوب دولة وطنية مركزية متحررة ثابتة الجذور والأهداف.
بعد كل هذه السنوات من المد والجزر السياسي والاجتماعي والإنساني وتأثير العامل الخارجي على مجريات مسار التطور العام في اليمن ، نلحظ الآتي :

أولاً :

بعد أن تحررت مدينة عدن وجنوب اليمن من المحتل البريطاني في 30/ نوفمبر / 1967 م ، لم تلتزم الدولة البريطانية كمحتلة سابقة لجنوب اليمن من الإيفاء بالتزاماتها المالية النقدية التي التزمت بها لمعاونة الدولة الوليدة في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية من تدبير نشاطها الحكومي ، هذا التمنع والتلكُك هدفه الأساس هو إسقاط الدولة الفتية ، ولذلك اتجهت الدولة الفتية وقياداتها الشابة غير المجربة يوم ذاك للبحث عن حلول اقتصادية وسياسية واجتماعية راديكالية ، ومتطرفة واتجهت للحل ضمن منظومة الدول الاشتراكية.

ثانياً :
من خلال استعراض أسماء شهداء ثورة 14 أكتوبر 1963 م ، وقبلها 26 سبتمبر 1962 م ، وبعدها ثورة 21 سبتمبر 2014 م ، نجد ان جميع الشهداء والمجاهدين والفدائيين الذين ضحوا بأرواحهم وأجسادهم من أجل الثورات اليمنية العظيمة وانتصارها ينتمون إلى جميع المحافظات والمناطق في الجمهورية اليمنية من شماله وجنوبه ، وشرقه وغربه .

ثالثاً :
لو يلاحظ القارئ اللبيب بأن دور الجارة الكبرى ( الشقيقة ) بمعنى الصداع الدائم للرأس ( مرض الشقيقة الكبرى ) وهي المملكة العربية السعودية ، ومنذ قيام الثورات اليمنية الثلاث ، 26 سبتمبر ، 14 اكتوبر ، 21 سبتمبر ، ومنذ ميلاد وانتصار كل تلك الثورات فإنها قد ناصبتها العداء الصريح والعلني ، وخططت لإجهاضها بالسر والعلن ، ودعمت المرتزقة من كل أنحاء العالم ليكونوا صفاً واحداً لمحاربة وإسقاط الثورات الثلاث .
السؤال هل الموضوع جاء بالصدفة ، أم أن هناك استراتيجية قصيرة وبعيدة المدى من الثورات اليمنية ، أم أن دوائر الاستخبارات الغربية الأطلسية هي من تخطط بدهاءٍ لحُكام مملكة آل سعود لتوريطهم في حروب الرمال المتحركة في اليمن
كي يغرقوا فيها ، ليبقوا تابعين في سياساتهم بارتباط وثيق مع حلف شمال الأطلسي؟ 
صحيح أن اليمن انتصرت في نهاية المشوار ، ولكن بعد مُعاناة وضحايا وخسائر بشرية ومادية ، وكلها يتحملها الجار المعتدِ ، وهم حكام آل سعود.

رابعاً :

انتهجت القيادة الثورية في جنوب اليمن وبالذات بعد أن تم إسقاط الرئيس الأول لجنوب اليمن المناضل الشهيد/ قحطان محمد الشعبي ورفاقه ، وتسلم قيادة دفة الدولة الجنوبية مجموعة قيادية شابة متطرفة نزقه وغير مجربه ( جناح الصقور ) في تنظيم الجبهة القومية ، هذا الجناح السياسي المتطرف اختط له نهج نظري وفكري وفلسفي مغامر ، وارتبطت ارتباطاً كلياً بالمنظومة الدولية الاشتراكية الشيوعية ، وللأسف أن هذا النهج المغامر بإجراءاته الثورية الهدامة نتج عنه تجربة سياسية مدمرة ، وسياسات اقتصادية واجتماعية فاشلة ، ونهجاً تربوي تعليمي غير سوي وبالذات الانحراف بالسلوك الديني الإسلامي الحنيف الذي ابتعد عنه ( الرفاق الحمر ) نحو تبني الفكر الشمولي ـ التوتاليتاري ـ ذات المنهج الإلحادي غير السوي .
هكذا ارتبط قادة الجبهة القومية المتطرفون ووقعوا في شر أعمالهم إلى أن قتل كل رفيق رفيقه المخالف له بالرأي ، وكل ذلك من أجل كرسي السلطة لا غير ، ولذلك فشلت التجربة الثورية في جنوب اليمن ، فشلت فشلاً ذريعاً حد السقوط .

خامساً :

بعد فشل التجربة السياسية اليسارية الماركسية اللينينية في جنوب اليمن ، وضياع زمن طويل من التجريب الكاذب لعدد من التجارب اليسارية الفاشلة ، اتجه الجميع للبحث عن مخرج ، ولكنهم لم يجدوا غير الذهاب للوحدة اليمنية ، وكانوا من جميع الأطراف المتصارعة على الحكم من طرفي الصراع داخل الحزب الاشتراكي اليمني في جنوب الوطن .

سادساً :
بعد أن تحققت الوحدة اليمنية المباركة في الجمهورية اليمنية في 22/ مايو / 1990 م ، انقلب نفر من الحزب الاشتراكي ، وهم الجزء المتطرف من قيادة الحزب الاشتراكي اليمني بقيادة الرفيق / علي سالم البيض الأمين العام للحزب ومعه مجموعة متطرفة في المكتب السياسي واللجنة المركزية بالتمرد وإعلان الانفصال في تاريخ 21 / مايو / 1994 م معلنين الانفصال من مدينة عدن ، ومن تلك اللحظة هب الشعب اليمني قاطبة لقتال الشرذمة الانفصالية حتى تم دحرهم وهزيمتهم
وإسقاط مشروعهم الانفصالي في 7 / يوليو / 1994 م .

سابعاً :
تم دعم الانفصال من دول مجلس التعاون الخليجي قاطبة باستثناء إمارة قطر والتي رفضت الانفصال ، وساندت نسبياً الحكومة المركزية في صنعاء حتى سقط مشروع الانفصال نهائياً .

الخلاصة :

من الملاحظة العامة للمتابع السياسي للشأن اليمني العام ، بأن التجربة السياسية للشطرين اليمنيين ، نلاحظ أن التجربتين قد صاحبتهما اضطرابات سياسية وإعلامية وإنسانية وأخلاقية مرت على التجربتين السياسيتين في شطري اليمن ، لكن القاسم المشترك بينهما ، وهي الهدف السامي للشعب اليمني العظيم هي الوحدة اليمنية ، فكلا الشطرين مُجمعين عليها ، برغم التباينات في كيفية التطبيق لآلياتها وأساليبها وطرقها.

وفوق كل ذي علم عليم

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية / صنعاء

يوم الأحد / 15/ أكتوبر / 2023 م

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الوحدة الیمنیة فی جنوب الیمن

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الافريقي للتزلج يعقد أشغال مؤتمره الثاني بالداخلة

احتضنت مدينة الداخلة، اليوم الجمعة، أشغال المؤتمر الثاني للاتحاد الإفريقي للتزلج، وذلك تحت شعار “إفريقيا .. الرياضة في خدمة الريادة”.

وتوخى تنظيم هذا المؤتمر تنمية وتطوير رياضة التزلج قاريا، وتشجيع الرياضيين الأفارقة على ممارسة رياضة التزلج بأنواعه للمنافسة في البطولات القارية والدولية والألعاب الأولمبية الشتوية.

بالمناسبة، قال رئيس الاتحاد الافريقي للتزلج، هشام ايت وارشيخ، في تصريح للصحافة، إن تنظيم هذا المؤتمر يعكس الدور الكبير الذي تضطلع به المملكة، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في تعزيز والنهوض بالرياضات في أفريقيا من خلال إرساء تعاون جنوب-جنوب تضامني وفعال، من شأنه تعميق علاقات المملكة ببلدان إفريقيا، لاسيما في القطاعات الرياضية.

وأبرز ايت وارشيخ، الذي يشغل أيضا منصب رئيس الجامعة الملكية المغربية للتزحلق ورياضات الجبل، أن ممارسة التزلج لها وجود في العديد من البلدان الإفريقية، التي أصبحت تشارك في بطولة العالم للعبة في عدة أصناف من بينها التزلج الألبي « ski alpin » وتزلج العمق « ski de fond » و التزلج بلوح الثلج « snowboard » والتزلج الحر «Freestyle» وأصناف أخرى، مسجلا أن بطولة العالم للتزلج الألبي المنظمة مؤخرا بالنمسا عرفت مشاركة خمس دول أفريقية وهو رقم من المرتقب أن يرتفع خلال الألعاب الأولمبية الشتوية في إيطاليا 2026.

مقالات مشابهة

  • إعلامي: اليمن ستظل عالقة في الصراعات بينما ينعم العالم بالسلام!
  • الاتحاد الافريقي للتزلج يعقد أشغال مؤتمره الثاني بالداخلة
  • ثبات الموقف اليمني مع غزة سلاح المسلمين لمواجهة الإجرام الصهيوني
  • اليمن ثالث الدول الأعلى في العالم بالإصابة بالكوليرا خلال يناير الماضي
  • اتحاد الخماسي الحديث يعلن قائمة المنتخب الوطني للمشاركة في كأس العالم
  • الجيش اليمني يعلن إحباط أعنف عملية هجومية للحوثيين جنوب مأرب
  • صراع النفوذ في جنوب اليمن.. توتر في حضرموت واحتجاجات في سقطرى
  • محافظ البحيرة تعتمد عدداً من المخططات التفصيلية بنطاق 6 مراكز بالمحافظة
  • شيخ الأزهر: أمة الإسلام على مفترق طرق.. ومؤتمر البحرين فرصة للوحدة
  • الإنترنت الفضائي .. ثورة رقمية عابرة للحدود