عربي21:
2025-04-08@04:28:46 GMT

تركيا وطوفان الأقصى: تراجع في الموقف والتصريحات

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

تبدو معركة طوفان الأقصى حتى اللحظة استثنائية وفق كثير من المقاييس والمعايير، في مقدمتها اثنان؛ الضربة القاسية التي وجهتها كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس للمؤسسة العسكرية والأمنية "الإسرائيلية" وكسرها لهيبتها وتدميرها لأسطورة قوتها وخرافة استحالة هزيمتها، وهي ضربة يتفق الكثيرون -بمن فيهم محللون "إسرائيليون"- على أن محوها غير ممكن بالنسبة للاحتلال حالياً مهما فعل في غزة وضدها، وسيبقى صعباً كذلك حتى على المدى البعيد.



وأما الثاني فهو مدى وحشية التعامل "الإسرائيلي" بما يتخطى ولا يقارن مع أي عدوان سابق على القطاع، من حيث استهداف المدنيين والبنى التحتية بما في ذلك المدارس والمستشفيات ودور العبادة وصولاً لمراكز إيواء النازحين، فضلاً عن منع وصول متطلبات الحياة الأساسية من ماء وغذاء ودواء وكهرباء من باب أن الاحتلال يواجه "حيوانات" لا يملكون حقوق البشر.

هذه الاستثنائية للمواجهة الحالية، عسكرياً وإنسانياً، وتداعياتها المتوقعة على المدى البعيد وخصوصاً على مستقبل دولة الاحتلال التي فقدت إلى حد كبير القدرة على الردع التي طالما تغنت بها، تلمّستها الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك كانت المواقف استثنائية ومختلفة عن السابق ولم تتوقف فقط عند الدعم غير المحدود للاحتلال بل وصلت لدرجة إرسال حاملات طائرات للبحر المتوسط.

من الواضح أن ثمة دوافع لهذه التغير الملحوظ في السياسة التركية تجاه القضية الفلسطينية لا سيما في ظل عدوان دموي مثل هذا، في مقدمتها التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية التركية في السنتين الأخيرتين والتي تُوجت بتحسين العلاقات وتطويرها مع عدد من القوى الإقليمية بما في ذلك دولة الاحتلال، فضلاً عن الطمع بتعاون مع دولة الاحتلال بخصوص غاز شرق المتوسط، والرغبة بتجنب توتير العلاقات مع واشنطن
في المقابل، لا يبدو أن الدول العربية والإسلامية قد لمست هذه الاستثنائية أو تصرفت على أساسها، ولذلك وجدنا معظم المواقف والتصريحات تقليدية ومكررة وإن بدا سقف بعض الدول أعلى نسبياً من السابق و/أو من المتوقع. لكن، وفي العموم، كانت مواقف الدول العربية والإسلامية بعيدة عن موازاة الحدث الكبير، وتركيا هنا ليست استثناءً.

عقب حرب سيف القدس في 2021، خرجت تصريحات من بعض قيادات حركة حماس شكرت تركيا لموقفها ودورها، لكنها قالت إنها كانت تتوقع ما هو أكثر منها. هذا "العتب الخجول" إن صح التعبير في حينها قد يتحول لنقد علني ومباشر بعد انتهاء حرب طوفان الأقصى، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه.

فقد صدر عن أنقرة تصريحات رسمية انتقدت مبادرة حماس للهجوم على قوات الاحتلال وركزت في خطابها على فكرة "مهاجمة المدنيين". كما أن تصريحات الرئيس التركي المتكررة وبيانات وزارة الخارجية كررت الدعوة لـ"جميع الأطراف" بالتحلي بالهدوء والحكومة، وهو أمر يمكن أن يُفهم منه أنه يساوي بين الجانبين، حتى وإن لم يقصد ذلك. كما أن الجهد الدبلوماسي الكبير الذي بذله أردوغان ووزير الخارجية فيدان ركز على أولوية "إطلاق سراح الرهائن" في يد حماس، واستخدم مصطلح "رهائن" لا "أسرى" بما له دلالات سلبية كما هو واضح.

أكثر من ذلك، فقد تضمنت انتقادات أنقرة المتكررة في الأيام اللاحقة لـ"ردة الفعل الإسرائيلية المبالغ بها" تعريضاً بما أسمته تصرفاتها "كمنظمة وليس كدولة"، وهي صياغة ملتبسة توحي بنظرة سلبية لحماس أو الفصائل الفلسطينية عموماً، بغض النظر عن النوايا أو التعمد مرة أخرى.
فإذا ما أضيف لكل ما سبق غياب أي لقاء لقيادة حركة حماس مع القيادة التركية وغياب خبر أي اتصال مباشر للخارجية معها في وسائل التواصل الاجتماعي، يصبح من الطبيعي أن نقول إن الموقف التركي مختلف هذه المرة عنه في الاعتداءات السابقة على القطاع.

من الواضح أن ثمة دوافع لهذه التغير الملحوظ في السياسة التركية تجاه القضية الفلسطينية لا سيما في ظل عدوان دموي مثل هذا، في مقدمتها التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية التركية في السنتين الأخيرتين والتي تُوجت بتحسين العلاقات وتطويرها مع عدد من القوى الإقليمية بما في ذلك دولة الاحتلال، فضلاً عن الطمع بتعاون مع دولة الاحتلال بخصوص غاز شرق المتوسط، والرغبة بتجنب توتير العلاقات مع واشنطن.

وكان أردوغان ووزير خارجيته حينها مولود جاويش أوغلو قالا إن تركيا ستفصِلُ في المستقبل بين علاقاتها مع "إسرائيل" وسياسات الأخيرة ضد الفلسطينيين، وقلنا حينها إن ذلك يعني -كما قالت أنقرة- أن تحسن العلاقات لن يمنع انتقاد أنقرة للاحتلال وانتهاكاته للحقوق الفلسطينية، لكنه يعني كذلك -وهو الأهم الذي لم يقل- أن الانتهاكات والتجاوزات لن تؤدي بالضرورة لتراجع العلاقات فضلاً عن قطعها كما حصل سابقاً، ويبدو أن هذا التقدير قد ثبتت صحته.

لا شك أن أنقرة قد بذلت جهداً دبلوماسياً ملحوظاً، وأنها وجهت انتقادات معلنة وواضحة للعقاب الجماعي لأهل غزة والتهديدات بالتوغل البري ومنع دخول المتطلبات الأساسية، فضلاً عن الاستعداد لنقل مساعدات وإغاثة لسكان غزة. لكن كل ذلك بعيد جداً عن مواقف سابقة لتركيا في اعتداءات كان حجم الجرائم "الإسرائيلية" فيها أقل من الوقت الحالي، فغابت تعبيرات من قبيل "دولة إرهاب" لوصف الكيان، بل إن الخارجية التركية لم تستدع سفير الاحتلال للخارجية لتبليغه احتجاجاً رسمياً حتى (وهي خطوة غابت عن الدول العربية التي لها علاقات معها)

ما زال الوقت متاحاً لتغيير يعيد الموقف التركي لسابق عهده الذي يليق بتركيا كدولة صديقة للفلسطينيين وإقليمية فاعلة ذات اهتمام بالقضية الفلسطينية، وبما يوازي التطورات الكبيرة التي حملتها وستحملها معركة "طوفان الأقصى"
على المستوى الشعبي، ثمة قمة موقف متقدم ومتكرر إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته، وهناك مواقف لعدة أحزاب معارضة خصوصاً تلك الإسلامية- المحافظة متقدمة على الحكومة كما هو متوقع، وقد شهدت مداولات البرلمان في جلسته الخاصة بالأوضاع في فلسطين نداءات للحكومة بقطع العلاقات ودعم الفلسطينيين وغيرها من الخطوات الغائبة عن جدول أعمال الحكومة. لكن الموقف الرسمي الذي طالما تناغم مع الشارع فيما يخص القضية الفلسطينية بدا هذه المرة بعيداً عن هذا الجو.

جزء من تغير مفردات الخطاب التركي مرده للفاتورة الباهظة التي يدفعها قطاع غزة من أرواح سكانه المدنيين بسبب غريزة الانتقام لدى حكومة الاحتلال من جهة، وإرسال واشنطن حاملتي طائرات لشرق المتوسط، وإشارات دعم و/أو تعاون يوناني في هذا الإطار، لكن تغيراً جذرياً على الموقف التركي وما يتفرع عنه من تصريحات وصياغات لم يحصل بعد. ورغم ذلك، ما زال الوقت متاحاً لتغيير يعيد الموقف التركي لسابق عهده الذي يليق بتركيا كدولة صديقة للفلسطينيين وإقليمية فاعلة ذات اهتمام بالقضية الفلسطينية، وبما يوازي التطورات الكبيرة التي حملتها وستحملها معركة "طوفان الأقصى".

ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ليس كما قبله فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع بين الفلسطينيين والاحتلال، وينبغي أن تعي الدول العربية والإسلامية ومنها تركيا ذلك وتتصرف على أساسه كما تفعل الدول الغربية وقبلها الكيان.

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية غزة تركيا الفلسطينية إسرائيل تركيا فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الدول العربیة الموقف الترکی طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي يثمن فكرة الضمانات الدولية من تركيا… دورها مهم للغاية

أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه التقى بقادة عسكريين من فرنسا وبريطانيا في كييف لمناقشة خطة نشر قوة عسكرية أجنبية في أوكرانيا في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار، موضحا أن من الممكن التوصل إلى تفاهم في غضون شهر.

وقال زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي في كييف أن "مجموعات العمل" العسكرية ستجتمع مرة واحدة أسبوعيا في الوقت الراهن لمناقشة تفاصيل الخطة، موضحا أن تركيا بوسعها لعب دور مهم للغاية في توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا.

وكشف أنه بحث ذلك مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


ونهاية آذار/ مارس الماضي، أعلن أردوغان، أنه يمكن أن تكون بلاده إحدى الدول الضامنة لتحقيق أمن أوكرانيا، وذلك بعد إعلان بريطانيا أنها ليست مستعدة لتقديم ضمانات أمنية لها.

وقال أردوغان: "يمكننا أن نكون إحدى الدول الضامنة لتحقيق أمن أوكرانيا، وننظر بإيجابية لهذا الأمر من حيث المبدأ، لكن يجب توضيح التفاصيل"، معلنا "أننا سنكون سعداء إذا نجحنا في إنهاء الحرب لكون تركيا دولة يثق بها كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي".

وشدد على أنه "مصمم على عقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي، وسنقول لكليهما هدفنا هو أن نجمعكما في أقرب فرصة"، متمنيا أن "نحدد تاريخا للقاء بين بوتين وزيلينسكي، ومستعدون لاستضافة اجتماع على مستوى رؤساء الدول".

وأضاف: "القرار الروسي بخفض موسكو لعملياتها القتالية في محيط كييف وتشيرنيهيف، مهم للغاية".

ويذكر أن الكرملين أكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يعتزمان التحدث هاتفيا عقب زيارة مبعوث بوتين للاستثمار إلى واشنطن، والتي وصفها بأنها تدعو إلى "تفاؤل حذر". 

وأفادت قناة إن.بي.سي نيوز الأمريكية، الخميس، أن الدائرة المقربة من ترامب تنصحه  بعدم التحدث مع بوتين مجددا  حتى يلتزم الزعيم الروسي بوقف إطلاق نار كامل في أوكرانيا، وهو أمر أبدى بوتين استعداده له من حيث المبدأ، ولكن بشرط تلبية قائمة طويلة من الشروط.


وذكر كيريل دميترييف، مبعوث بوتين للاستثمار، أنه يرى "تحركات إيجابية" في العلاقات بين موسكو وواشنطن بعدما أجرى اجتماعات استمرت يومين في واشنطن، لكنه أكد الحاجة إلى مزيد من الاجتماعات لتسوية الخلافات. 

وعندما سُئل المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف اليوم الجمعة عما إذا كان بوتين وترامب سيتحدثان هاتفيا قريبا قال للصحفيين "لا، لا توجد خطط للأيام القليلة المقبلة. لا يوجد شيء في جدول المواعيد حاليا". وأضاف بيسكوف أن زيارة دميترييف تثير "تفاؤلا حذرا" كما كرر تصريحات دميترييف بأن روسيا قد تجري محادثات حول ضمانات أمنية لأوكرانيا، مع أنه وصف المسألة بأنها مُعقدة للغاية.

مقالات مشابهة

  • تركيا.. تراجع حاد لبورصة إسطنبول
  • مصر والقضية الفلسطينية: دعم ثابت ودعوة لوحدة الصف الفلسطيني بعيدًا عن انفراد أى فصيل
  • 532 مستعمرا يقتحمون الأقصى اليوم
  • نجل حفتر في تركيا لتوقيع اتفاقات عسكرية.. ما المصالح التي تربط الطرفين؟
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • «الخارجية الفلسطينية»: العالم خذل أطفال فلسطين في ظل صمته عن معاناتهم التي لا تنتهي
  • نائب الرئيس التركي: الرسوم الجمركية الأمريكية على تركيا قد تصب في مصلحة المصدرين
  • حزب المؤتمر يُدين ذبح القرابين بالمسجد الأقصى: تصعيد خطير في القضية الفلسطينية
  • وزير الخارجية التركي: العلاقات بين دمشق وتل أبيب شأن داخلي سوري
  • زيلينسكي يثمن فكرة الضمانات الدولية من تركيا… دورها مهم للغاية