دعاية وذخيرة وجزيرة.. حرب إسرائيل وحماس نعمة لروسيا والصين
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
"لا تهدد الحرب الراهنة بين إسرائيل وحركة حماس بإشعال حريق إقليمي فحسب، بل تؤثر أيضا على توازن القوى العالمي؛ مما يؤدي إلى استنزاف الموارد الأمريكية والأوروبية، مع تخفيف الضغط على روسيا وتوفير فرص جديدة للصين".
ذلك ما خلص إليه ياروسلاف تروفيموف، في تحليل بصحيفة "ذا وول ستريت جورنال" الأمريكية (The Wall Street Journal) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء الحرب المتواصلة لليوم العاشر على التوالي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
واعتبر تروفيموف أن "هذه الحرب بمثابة نعمة لمنافسي أمريكا الجيوسياسيين الرئيسيين، فقد سعت الصين وروسيا وإيران منذ فترة طويلة إلى تقويض النظام الدولي، الذي تدعمه الولايات المتحدة (حليفة إسرائيل)، وهي الآن تستغل تشتيت انتباه واشنطن".
اقرأ أيضاً
ينزلق إلى "السيناريو الكابوس".. بايدن يرخي لجام نتنياهو على غزة
المستفيد الأوضح
و"بينما يتركز اهتمام واشنطن على الشرق الأوسط، ربما تكون روسيا المستفيد الأوضح من الاضطرابات المنتشرة"، كما قال تروفيموف.
ويدعم الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، أوكرانيا في مواجهة حرب تشنها عليها روسيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، وتبررها بأن خط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) تهدد الأمن القومي الروسي.
و"بالإشارة إلى تزايد عدد القتلى الفلسطينيين، حوالي 2750 حسب آخر إحصاء، تحتفل موسكو بما تسميه نفاق الحكومات الغربية، التي أدانت بشدة المذابح الروسية ضد المدنيين في أوكرانيا، ولكنها لا تقدم سوى انتقادات خفيفة، إن وجدت، للأفعال الإسرائيلية في غزة"، كما أردف تروفيموف.
كما قال وزير خارجية ليتوانيا جابريليوس لاندسبيرجيس إن "أي صراع يجذب بعض الاهتمام من أوكرانيا يصب في مصلحة روسيا".
واعتبر تروفيموف أن "الروس لديهم مصلحة كبيرة في إطالة أمد الصراع في إسرائيل لأطول فترة ممكنة، وسيكون ذلك بمثابة انتصار لهم من الناحية التكتيكية في أوكرانيا، ومن الناحية الاستراتيجية، مما يعزز خطابهم ضد العالم الغربي".
وأردف أنه : "إذا توسعت الحرب في الشرق الأوسط لتشمل لبنان ثم ربما إيران والولايات المتحدة بشكل مباشر، فإن الموارد المتقلصة بالفعل للمساعدات العسكرية المخصصة لأوكرانيا يمكن أن تصبح أكثر ندرة".
و"حتى الآن، فإن القليل من المساعدات العسكرية التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل من النوع المطلوب لأوكرانيا، وكان الطلب الأكثر إلحاحا لإسرائيل هو الحصول على صواريخ اعتراضية لنظام "القبة الحديدية" المضاد للصواريخ، بينما الضرورة الأساسية لأوكرانيا هي ذخيرة مدفعية عيار 155 ملم"، كما زاد تروفيموف.
ومضى قائلا إن "إسرائيل تعتمد بشكل كبير على قوتها الجوية الضخمة، في حين تلعب القوة الجوية دورا محدودا في الحرب في أوكرانيا. وخلال التوغل الإسرائيلي في غزة، الذي استمر 50 يوما في 2014، أطلق الجيش الإسرائيلي 19 ألف قذيفة متفجرة من عيار 155 ملم فقط، وهي الكمية التي تستهلكها أوكرانيا في أقل من أسبوع واحد".
و"بالنسبة للعديد من الدول في أوروبا، بالإضافة إلى توتر العلاقات الإقليمية وصرف الانتباه عن أوكرانيا، فإن تصعيد الحرب يمكن أن يتسبب أيضا في أزمة طاقة؛ مما قد يشل بدائل الشرق الأوسط للنفط والغاز الروسي"، بحسب تروفيموف.
اقرأ أيضاً
الصين تدعو إلى إنهاء "الظلم التاريخي" بحق الفلسطينيين فورا
صدام محتمل
تروفيموف قال إن "الصين أيضا احتضنت القضية الفلسطينية بطريقة لم تفعلها منذ عقود، وقد أصبحت علاقاتها الودية مع إسرائيل في حالة يرثى لها".
وتابع: "على الرغم من استدعاء بكين المتكرر للحاجة إلى مكافحة الإرهاب أثناء قمعها للأويجور (المسلمين) في منطقة شينجيانغ، فقد امتنعت بوضوح عن استخدام كلمة "الإرهاب" في وصف هجوم حماس؛ ما أثار استياء إسرائيل كثيرا".
وفي أول تصريح علني له منذ إطلاق "حماس" عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الخميس الماضي، إن "جوهر الأمر هو أنه لم يتم تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني".
ورأى تروفيموف أنه "بينما تستعد بكين لصدام محتمل مع الولايات المتحدة حول مستقبل (جزيرة) تايوان، تستفيد بكين من تحول انتباه واشنطن مرة أخرى بسبب الاضطرابات في الشرق الأوسط".
وقال أنطوان بونداز، باحث في شؤون الصين: "ما يهم الصين هو مصالح الصين، والشيء الأكثر أهمية لها هو العلاقة مع الولايات المتحدة، والطريقة التي يمكن للصين من خلالها إضعاف الولايات المتحدة وصورتها".
كما أن "الحرب توجه ضربة قوية إلى المنافس الرئيسي للصين في آسيا، الهند، التي أصبحت أقرب إلى إسرائيل في الأعوام الأخيرة"، بحسب تروفيموف.
وقال إنه "في سبتمبر/أيلول (الماضي)، أعلنت الهند والولايات المتحدة عن خطط لإنشاء ممر عبور (اقتصادي) يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا".
وأردف أن "الطريق سيمر عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، ويصبح منافسا لمشروع الحزام والطريق الصيني. لكن المحادثات حول تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وهي عنصر أساسي في الخطة، أفسدتها حرب غزة وأصبح مستقبلها الآن غير مؤكد".
اقرأ أيضاً
بوتين: لا سلام دائم بالمنطقة دون حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
المصدر | ياروسلاف تروفيموف/ ذا وول ستريت جورنال- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حرب حماس إسرائيل أمريكا روسيا الصين الولایات المتحدة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
جنرال إسرائيلي: غزة تتحول إلى فيتنام دامية.. وحماس لن ترفع الراية البيضاء
لا يتوقف الخبراء العسكريون الإسرائيليون عن التصريح بحقيقة باتت واضحة للعيان، مفادها أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هو وحده الذي ما زال يتوهم أن "حماس" استسلمت في المعركة، ويزعم أن المزيد من الضغط العسكري فقط هو الذي سيجبرها على إبرام صفقة التبادل، مع أن ذلك سيأتي على حساب المزيد من خسائر الاحتلال.
الجنرال يسرائيل قائد سلاح المشاة والمظليين الأسبق، وقائد فرقة غزة ورئيس فرقة العمليات في هيئة الأركان، أكد أن "الأسبوع الخامس والستين من الحرب على غزة انقضى، والاحتلال في طريقه إلى اللامكان، لا يوجد أي معلم يسمح له بتحديد مكانه سوى اللانهاية، هناك شيء واحد واضح حتى الآن، وهو أننا نبتعد عن أهداف الحرب، وعن إنجازاتها التي تتآكل وتختفي، وصفقة المختطفين تبتعد أكثر فأكثر، وتورطنا في غزة يزداد عمقا، واتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يقف على ركبتيه، واحتلالنا لمناطق في سوريا يتعرض للإدانة من العالم، ولا يزال إطلاق النار الحوثي يهدد تل أبيب، و"النصر المطلق" لا يلوح في الأفق".
وأضاف في مقال نشرته "القناة 12"، وترجمته "عربي21"، أن "أهداف الحرب الأطول في تاريخ الاحتلال لم تتحقق بعد، فحماس مستمرة في حكم غزة، والمختطفون الذين لا يعودون ما زالوا يعانون في الأنفاق، والجنود ما زالوا يُقتلون، في ديسمبر فقط قُتل 17 منهم، وفي بقية أنحاء قطاع غزة، أعادت حماس بناء نفسها، والصواريخ الـ15 التي تم إطلاقها قبل أيام تشهد على ذلك".
وأشار إلى أنه "من أجل ملاحقة حماس حتى النهاية، فإن على الحكومة فرض حكم عسكري كامل، وتجنيد فرقتين كاملتين من الجيش، وهو وضع لا تستطيع تنفيذه، وما تفعله الحكومة حاليا هو الاستمرار على ما هو عليه، مع نمط منتظم من عدم اتخاذ قرار في أي قضية، وأي ساحة، فيما تستعد الحكومة لإقرار قانون التهرب من الخدمة العسكرية الذي يغرس سكينا في ظهور آلاف الجنود، في ظل الحاجة لكل واحد منهم في الخطوط الأمامية، لكن الحكومة تملي واقعاً عبثياً، مليئا بعدم المسؤولية والازدراء، عنوانه عار كبير، يشير إلى ضعف حقيقي للحكومة وبؤسها، وأصبحت إسرائيل دولة بأسرها تخدم حكومتها، وليس العكس".
وأكد أن "سياسة الحكومة تحوّل غزة إلى فيتنام، في ضوء نجاح حماس بزيادة معدل تجنيدها لمزيد من المقاتلين لتعويض من قُتلوا في المعارك، ما يشكل تراجعا في إنجازات الحرب، مع دخول ظاهرة جديدة بين الإسرائيليين عنوانها إحصاء الجثث للشهداء الفلسطينيين في غزة، وهو مفهوم يعود إلى حرب فيتنام، مفادها أنه إذا قُتل عدد كافٍ من الثوار الفيتناميين، فإن الفيتكونغ سييأسون، ويستسلمون في النهاية، لكن ذلك استغرق 15 عاما حتى خرج الأمريكان وذيولهم بين أرجلهم، ومعهم ستين ألف جندي قتيل، فيما الفيتكونغ لم يستسلمون".
وأوضح أنه "لا يوجد مثال من التاريخ على أن منظمة أيديولوجية دينية، رفعت يديها، واستسلمت، بل إن هناك أمثلة كثيرة على أن الدول التي حاربتهم وصلت معهم في النهاية إلى نوع من التسوية، وهو ما حصل لنا في لبنان في نهاية حرب امتدت 18 عاما، لكن ما يمنعنا عن تكرار الأمر ذاته مع حماس في غزة اليوم هو اعتبارات بنيامين نتنياهو الشخصية، على حساب مصالح الدولة، ما يستدعي منه الاستيقاظ من وهم "النصر الكامل"، ووهمه باستسلام حماس من خلال المزيد من الضغط العسكري".
وشدد على أن "ما يجري في غزة من قتل لامتناه يثير المزيد من الشكوك بين الإسرائيليين، ولكن بعد دفع المزيد من الأثمان على طول الطريق، ما يؤكد أن الوضع الحالي هو الأسوأ على الإطلاق، ويفرض عليهم أفدح الأثمان، وإلى اللامكان، لكن المشكلة أنه مع مرور الوقت، يصبح الخروج من هذه المعضلة أكثر صعوبة، لأنه سيصعب الاعتراف بالخطأ المتأخر وارتفاع الأثمان، ولسوء الحظ، فإن من لا يستطيعون اتخاذ قرارات في ذروة اللحظة، تصبح فرص قيامهم بذلك أكثر بعداً".
وختم بالقول إنه "في هذه الأثناء، تمر أيام طويلة وليالي شديدة البرودة، وليس من الواضح كيف يعيش المختطفون في غزة، ويصدمني من جديد في كل لحظة أن أفكر أن لدينا مثل هذه القيادة المخدرة والمبهمة التي لا تقاتل دون إعادتهم".