فتح باب التقدم لمبادرة دوائر الإبداع فى الصعيد
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
أعلن المجلس الأعلى للثقافة، بالشراكة مع اتحاد المراكز الثقافية الوطنية الأوروبية، عن بدء التقديم فى المرحلة الجديدة من مشروع دوائر الإبداع (كريتيف سيركلز) لتنمية وإعداد المدير الثقافى، الذى يوجه هذا العام لأصحاب المشاريع والمبادرات الثقافية من القطاعين الحكومى والأهلى والأفراد بإقليمى شمال وجنوب الصعيد بداية بمحافظتى (الفيوم وبنى سويف).
دوائر الإبداع Creative Circle هى حاضنة لعدد من المشاريع الثقافية الصغيرة للشباب من القطاعين الحكومى وغير الحكومى، تعمل على تقديم الدعم التدريبى فى مجال الإدارة الثقافية لأصحاب المشاريع والمبادرات الثقافية، كما تمنح فى مرحلتها الأخيرة الدعم المالى والفنى للمشاريع الأكثر ابتكارا واكتمالا وفقا لضوابط ومحددات معلنة.
وقد انطلقت المبادرة من إدارة التدريب – الإدارة العامة للتنظيم والإدارة بإشراف الإدارة المركزية لشئون مكتب رئيس المجلس الأعلى للثقافة فى 2020 بدعم من اتحاد المراكز الثقافية الأوروبية Eunic (ممول من الاتحاد الأوروبى).
واستهدفت المبادرة وفقا لاستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 تنمية الصناعات الثقافية وتحسين المناخ العام للاقتصاد الإبداعى فى مصر، وخلق فرص عمل، وتحفيز دورة رأس المال.
كما عملت المبادرة على تحقيق مبدأ العدالة الثقافية وإتاحة الفرصة لمديرى الفنون فى مختلف أنحاء مصر على نحو متكافئ من الجنسين.
ونفذت من المبادرة حتى الآن ثلاث دورات تدريبية تضمنت عددا من الورش فى مجال السياسات الثقافية والهياكل التنظيمية والقوانين المتصلة بالصناعات الثقافية فضلا عن التخطيط وتصميم وكتابة المشاريع والتسويق، تلقى هذه التدريبات حتى الآن 144 متدربا، كما تم دعم 6 مشاريع، هم الأكثر اكتمالاً وجدوى ثقافية واجتماعية واقتصادية من المشاريع التى طورها المشاركين بالتدريب من محافظات القاهرة والجيزة وبورسعيد وإسماعيلية والسويس.
وأعلنت المبادرة فى مرحلتها الحالية عن الفئات المستهدفة (كريتيف سيركلز) وهى مديرو الفنون وأصحاب الأفكار والمشاريع الثقافية من الشباب ممن لا يقل أعمارهم عن 18 عام من المعنيين بالقطاع الثقافى (الحكومى – الأهلى- الأفراد) ممن لديهم فكرة مبتكرة أو مبادرة جادة وذات جدوى اجتماعية أواقتصادية أوبيئية ويرغبون فى العمل على تطويرها.
وتنفذ المرحلة الأولى من الموسم الجديد بمحافظتى (بنى سويف– الفيوم) والتدريب مجانى بالكامل، مع الالتزام التام بالمواعيد المحددة للتدريب وفى حالة تغيب المتقدم يحظرمشاركته فى أى تدريبات لاحقة، علما بأن آخر موعد للتقديم هو 30/10/2023 .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: استراتيجية التنمية المستدامة المبادرات الثقافية المجلس الأعلى للثقافة
إقرأ أيضاً:
الهوية الثقافية ومعركة البقاء والتجديد
يرى البعض أن العولمة الاقتصادية دخلت في مرحلة التآكل، أو أنها تعيش أزمة وجودية، إلا أن تأثير العولمة الثقافية ما زال كبيرا ويشكل خطرا على الهويات الوطنية الشرقية بشكل خاص التي تتقاطع في مناطق كثيرة مع الهويات الغربية التي تتبنى مسارات لا تنتمي للرؤية الأخلاقية في الحضارة الإسلامية والكثير من الحضارات الشرقية.
وساهم الانفتاح الاقتصادي والتدفق المعلوماتي في تعظيم الخطر على الثقافات الوطنية في دول العالم الإسلامي، هذا الأمر جعل سؤال الهوية الثقافية أكثر حضورا وإلحاحا مما كان عليه قبل عقود ماضية.
وتمثل الهوية الثقافية العمود الفقري لكل أمة، فهي مجموعة القيم والعادات والتقاليد واللغة والدين التي تمنح الشعوب طابعها المميز وتحدد مساراتها الحضارية، وإذا غابت هذه المفردات تفقد المجتمعات استقلالها المعنوي، وتذوب في ثقافات أخرى لا تعكس تاريخها ولا تعبر عن وجدانها الجمعي ولا منظومتها الأخلاقية. ويتحقق هذا الخطر في ظل غياب الوعي بأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية وصيانتها وتعزيزها منذ وقت مبكر من عمر الأجيال الجديدة التي تبدو أكثر عرضة لفقد الانتماء الثقافي الوطني.. وهذا لا يعني أن علينا بناء جدران كبيرة بيننا وبين العالم.
والعولمة ليست ظاهرة أحادية الوجه؛ فقد فتحت آفاقا واسعة للتبادل الثقافي والتقارب بين الشعوب، لكنها في الوقت نفسه فرضت نمطا ثقافيا عالميا يميل إلى طمس الخصوصيات المحلية لصالح ثقافة مهيمنة.. وفي هذه المساحة يمكن رصد التحدي الحقيقي والذي يمكن التعبير عنه عبر طرح السؤال الآتي: كيف يمكننا أن نستفيد من العولمة دون أن نفقد أصالتنا؟ إن التأثير الثقافي الغربي، الذي تغذيه وسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا العملاقة، يفرض أنماطا فكرية وسلوكية جديدة تزعزع كثيرا من الثوابت الثقافية المحلية. فتوحيد القيم الثقافية عالميا، وفقا للرؤية الرأسمالية، يضرب التنوع الثقافي ويؤدي إلى ضرب المنظومات الأخلاقية والقيمية والمبادئ والعادات والتقاليد والفنون، بل إن بعض اللغات مهددة بالضياع والانحسار.
على أن مواجهة خطر العولمة الثقافية لا يعني الانغلاق أو رفض الانفتاح! إننا بحاجة ماسة إلى وجود استراتيجية عربية واعية تعزز مناعة الهوية الثقافية، وتجعلها قادرة على التكيف دون الذوبان. إننا في حاجة ماسة للاحتفاء بمفرداتنا الثقافية وبلغتنا العربية ولهجاتها وبمنظوماتنا القيمية والأخلاقية وببناء الأسرة وتقويتها وتقوية كل أركان مجتمعاتنا وتطوير المحتوى الثقافي والإعلامي لمواجهة كل الهيمنات الغربية. لا بد من إنتاج محتوى ثقافي يعكس الهوية الوطنية، ويعزز الانتماء دون الانغلاق، مع تشجيع الفنون والآداب الوطنية التي تعكس روح الدولة الوطنية، وتجعلها درعا يحميها من الانصهار الثقافي.
هذا الأمر يحتاج إلى بناء توازن بين المحافظة على القيم الثقافية واستيعاب المستجدات المعرفية والتكنولوجية. الوعي النقدي هو السلاح الأهم في هذه المعركة، فالمجتمع الذي يمتلك قدرة تحليلية تجاه ما يُعرض عليه من أفكار وقيم يكون أكثر قدرة على انتقاء ما يتناسب مع ثقافته، وأقل عرضة للتأثر السلبي بتدفقات العولمة.
لم تكن العولمة في يوم من الأيام هي نهاية التاريخ لكنها -وهذا ما علينا الإيمان به- مرحلة من مراحل تطوره، وكما واجهت الأمم السابقة تحديات حضارية كبرى واستطاعت أن تحافظ على هوياتها، فإن القدرة على التكيف مع التحولات دون فقدان الأصالة تبقى السبيل الأمثل لمواجهة التحديات الراهنة.
إننا بحاجة أن ننظر إلى مطلب الحفاظ على الهوية الثقافية باعتباره مشروع تجديد مستمر، والتحدي الحقيقي لا يكمن في منع التغير، بل في توجيهه لخدمة الأمة، بحيث يكون التفاعل مع العولمة عامل إثراء لا أداة إلغاء، وامتلاك هُوية قوية لا يعني رفض العالم، بل يعني المشاركة فيه بوعي ورؤية تحفظ للأمم تميزها وخصوصيتها.