بقلم/ د. أحمد قايد الصايدي
الإبادة الجماعية، التي يقوم بها العدو الصهيوني، بحق شعبنا العربي في فلسطين، جعلتني أستحضر ما كنت قد كتبته عن علاقاتنا بالشرق القديم، في مقدمة ترجمتي لرحلة الملك الصيني (مو وانج) إلى اليمن، في القرن العاشر قبل الميلاد، وزيارته لملكة بلقيس (الملكة الأم، ملكة الغرب)، وهي الترجمة التي نشرتُها في بغداد، عام 2002م، في كتيِّب صغير.

ثم أعدت نشرها في صنعاء، عام 2011م، ضمن كتابي (اليمن في عيون الرحالة الأجانب)، الصادر عن مركز الدراسات والبحوث اليمني. وعرضتها بعد ذلك موجزة في سياق محاضرة عن العلاقات العربية _ الصينية، ألقيتها في الدورة الخامسة لندوة (العلاقات العربية _ الصينية، والحوار بين الحضارتين، العربية والصينية)، التي عقدت في مقاطعة شينجيانج الصينية، ذات الحكم الذاتي، يومي 27 و28 يونيو عام 2013م.

في مقدمة تلك الترجمة لفتُّ النظر إلى علاقة اليمن المغرقة في القدم بالشرق القديم، مؤكداً أهمية إيلاء عناية خاصة بها وإحيائها. فالشرق يمثل العمق الاستراتيجي، التاريخي والثقافي والاقتصادي لليمن، بل وللوطن العربي كله. وهو الأقرب إلينا في قيمه وأخلاقه وعاداته وتقاليده وتعامله ونظرته إلى الإنسان، من الغرب الاستعماري الملوثة أياديه بدماء الشعوب.

ويبدو لي أن ما لفتُّ النظر إليه في تلك المقدمة، من أهمية علاقتنا بالشرق، قد اكتسب وجاهته الآن، من خلال الأحداث والتطورات التي شهدها العالم على مدى العقدين المنصرمين، أي منذ نشرت هذه الترجمة، في عام 2002م وحتى اليوم (2023م). وهي أحداث وتطورات شملت جوانب كثيرة، اقتصادية وسياسية وثقافية وعسكرية وأمنية، وأثرت في مجمل العلاقات الدولية، وفي موازين القوى العالمية، وأظهرت بعض ما كان الغرب الاستعماري يحرص على إخفائه من انحطاط أخلاقي ووحشية في التعامل مع الشعوب الضعيفة، ومن مؤامرات على الوطن العربي، تهدف إلى تصفية قضيته المركزية (قضية فلسطين) نهائياً وإعادة تقسيمه وتفتيت نسيجه الاجتماعي وإثارة صراعات داخلية بين مكوناته الاجتماعية، ذات طبيعة دينية طائفية عرقية عشائرية مناطقية، تكرس هيمنة الغرب الاستعماري عليه وتديم استغلاله لثرواته واستئثاره بموقعه الاستراتيجي المتميز.

ونحن هنا، على سبيل التذكير فحسب، نكرر ما أكدناه مراراً في كتابات سابقة، بأننا نميز بين الغرب الاستعماري العدواني المتوحش، المتمثل بالحكومات الغربية والفعاليات الاقتصادية الكبرى، وبين الغرب الإنساني المتمثل بالشعوب الغربية، التي يتعاطف معظم أبنائها مع القضايا العادلة في العالم، ومنها قضايانا العربية، ولا سيما قضيتنا الفلسطينية.

وقد شملت التطورات، إذا صح أن نسميها تطورات، بدلاً من أن نسميها انهيارات، شملت الانحطاط العام في قيم وسياسات وممارسات الغرب الاستعماري، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. ويأتي في هذا السياق فرض طوق من الحصار الخانق على الشعب العراقي، لمدة ثلاثة عشر عاماً، ثم شن حرب عدوانية عليه وتدميره تدميراً كاملاً دون مبرر، واستخدام مختلف الأكاذيب، دون حياءٍ أو خجل، لتسويغ ذلك العدوان، الذي لم يتعاف العراق بعده حتى الآن.

وقبل العراق خطط الغرب الاستعماري لاجتثاث الشعب العربي في فلسطين، ليحل محله محتلون صهاينة، ينتمون إلى مختلف الجنسيات الأوربية وغير الأوربية. وماتزال عملية الاجتثاث مستمرة دون توقف.

ويتجلى الانحطاط الأخلاقي للمستعمرين الغربيين في ما نشهده اليوم من دعم غير محدود للكيان الصهيوني الذي زرعوه في فلسطين، وفي تعمد تشويه صورة الشعب العربي الفلسطيني ومناضليه، الذين يقاومون عملية اجتثاثهم مما تبقى من أرضهم، مقاومة تزداد معها وحشية الاستعمار الغربي ويزداد انحطاطه الأخلاقي. فيتقيأ كل ما يختزنه تاريخه من توحش، ويتعامل مع الضحية وكأنه إرهابي آثم، والإرهابي الحقيقي، مغتصب الأرض وقاتل أهلها، كأنه حمل وديع، من حقه أن يتسلح بأحدث الأسلحة، وأكثرها فتكاً ودماراً، وأن يقتل الفلسطينيين يومياً ويشردهم ويعتقلهم، ويسفك دماء أطفالهم ونسائهم، ويدفنهم تحت الأنقاض، ويجرِّف حقولهم بأشجارها المثمرة، ويهدم بيوتهم، ويهاجم قطاع غزة، المحدود المساحة، المكتظ بالسكان، بكل أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً، ويدمر فيه أحياءً كاملة على رؤوس ساكنيها. وكل هذا في نظر الغرب الاستعماري دفاع عن النفس.

وتشاهد الحكومات الغربية هذه المأساة الإنسانية المبكية، وتسمع صرخات الألم ونداءات الاستغاثة، يصدرها الأطفال والنساء، ودموعهم مسفوحة تسابق دماءهم، تشاهد هذه الحكومات وتسمع، ولكن بضمائر ميتة وعيون متحجرة وقلوب خالية من أي إحساس إنساني. وتواصل، رغم كل المشاهد المرعبة، تواصل دعمها وتشجيعها وتبريرها للمجازر التي يرتكبها الصهاينة، مروجة في خطابات وتصريحات قادتها وفي وسائل إعلامها، بأن من حق القاتل المحتل أن يدافع عن نفسه ويحمي ما احتله من أرض، في وجه الضحية، صاحب الأرض، المعرض في كل لحظة للقتل والتشريد وتدمير كل مقومات حياته.

هذه مجرد لمحة من مظاهر الانهيار الأخلاقي للغرب الاستعماري، الذي سبق أن أباد شعوباً بكاملها واستولى على بلدانها ودفن حضاراتها، وصوَّرها في كتاباته ومدوناته التاريخية بأبشع الصور. لهذا ليس من الغريب أن يدعم ويشجع الكيان الصهيوني الغاصب، الذي يسير على نهجه ويكرر أفعاله ويجسد وحشيته القديمة الجديدة. مادام وجوده في المنطقة ضرورياً، لخدمة المصالح الغربية.

وفي السنوات الأخيرة، والشيء بالشيء يُذكر، تسارعت مظاهر الانحطاط الأخلاقي في الغرب، الذي يبدو أنه أصبح يؤسس لمجتمعات شاذة، تعيش خارج سياق العلاقات البشرية السوية، وحتى خارج سياق العلاقات الحيوانية، تحت عنوان (المثلية)، التي سينتج عنها تدمير القيم الأخلاقية، وتفكيك الأسرة، خلية المجتمع الأساسية، وتمزيق علاقاتها الداخلية وتغيير وظائفها وإلغاء دورها في تربية الأطفال وتوجيههم وتنشئتهم.

وقد بلغ الانحطاط مستوى لم يخطر على بال بشر من قبل. فقد برزت ظاهرة المتحولين جنسياً، وتكفلت الحكومات (المتحضرة) في الغرب بحمايتهم وتسهيل تواصلهم مع المواطنين، عبر وسائل الإعلام، لتحسين صورتهم وتشجيع المواطنين، بمن فيهم الأطفال في المدارس، على التمرد على بيئتهم الأسرية، واختيار التحول إلى الجنس الآخر، من ذكر إلى أنثى، أو العكس، باعتبار أن هذا حق من حقوق الانسان، التي لا تمل حكومات الغرب المنافقة وأجهزتها الموبوءة من الترويج لها والتستر وراءها، وإخفاء جرائمها، تحت غطائها.

أما ثالثة الأثافي فهي أن سياسيين ومسؤولين ورؤساء حكومات في الغرب، ومنهم رئيس الإمبراطورية الأمريكية (بايدن)، لا يكتفون بتكريس هذا الشذوذ الصادم، بل ويفاخرون به، ويستخدمونه ورقة انتخابية، للتأثير على أصوات الناخبين.

كل هذه الأعراض المرضية، من عدوانية مفرطة تجاه الشعوب الضعيفة وانحطاط أخلاقي، بمختلف صوره، تتكامل الآن وتتمازج في حضارة الغرب، خالقة حالة من التوحش المنفلت، الذي ينذر بانهيار هذه الحضارة، التي حققت في الماضي الكثير من الإنجازات التكنولوجية والفكرية والأدبية والفنية والعلمية والاقتصادية والسياسية. وهي إذا ما انهارت، فإن هذه الموبقات، التي تبنتها وفاخرت بها، قبل أن تنهار وتُطوى صفحتها، ستبقى عالقة في الأذهان، أكثر مما ستبقى الإنجازات التي حققتها وأفادت الإنسانية بها.

وليس لدينا أدنى شك في أن السنن الكونية ستجري على حضارة الغرب، كما جرت على جميع الحضارات الإنسانية التي سبقتها، وأن انهيارها حتمي، نرى نذره اليوم في الانحسار التدريجي لنفوذ الغرب الاستعماري في العالم، سياسياً واقتصادياً وثقافياً. وكلما انحسر نفوذه تصاعدت عدوانيته، وأمعن في الكذب والتزوير والنفاق والخداع والتوحش.

ومن الطبيعي أن تعمد حضارة الغرب في مرحلة انهيارها إلى استحضار ما في أعماقها من وحشية وهمجية، تجلت تاريخياً في استئصال مجتمعات إنسانية بكامل حضاراتها وأنماط حياتها، وفي استعباد شعوب، بالمعنى الحرفي، لا بالمعنى المجازي، وفي بناء ثرائها ورفاهيتها وتقدمها الصناعي والتجاري على نهب ثروات الشعوب، مع الحرص على إبقاء هذه الشعوب في حالة تفكك وصراعات وفقر وحرمان وبؤس وجهل وتخلف. كل هذا مع عدم التخلي، حتى آخر لحظة من لحظات الانهيار، عما في ثقافتها من تعال وإحساس بالتميز واحتقار للشعوب غير الأوربية، واستخفاف بحضارات وثقافات عريقة، لولاها لما وُجدت حضارة الغرب الحديثة.

هذه الحالة التي وصلت إليها حضارة الغرب ، تجعل الدعوة إلى الالتفات إلى الشرق ، وإحياء روابطنا الحضارية به ، وتعزيز علاقاتنا الاقتصادية والثقافية بشعوبه ، والتعامل معه باعتبارنا جزءاً منه ، وباعتباره عمقاً استراتيجياً لنا ، تجعلها اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

صنعاء، 16 أكتوبر 2023م

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: الغرب الاستعماری

إقرأ أيضاً:

كيف تناور إندونيسيا بين الصين وأميركا؟

في ظلّ تصاعد حدة الصراع بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، تقف إندونيسيا كرقم صعب في هذا الصراع.

تقع إندونيسيا على الحافة الجنوبية لبحر الصين الجنوبي، وهي الدولة المحمَّلة بالموارد، ذات الاقتصاد سريع النمو بقيمة تريليون دولار، وعدد كبير من السكان، وهي جائزة كبيرة في المعركة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين في آسيا، مع حوالي 17 ألف جزيرة تمتد على آلاف الأميال من الممر الحيوي البحري، وهي ضرورة دفاعية في ظل الصراع المحتمل على تايوان.

المعطى الأول الذي يمكن أن نقترب منه هو الجغرافيا، فالصين هي الجارة الأقرب لإندونيسيا في هذا الصراع، فضلًا عن وجود جالية صينية مؤثرة في إندونيسيا، لذا فالعلاقات بين الطرفين تمثل علاقات قرب وجوار.

من هنا تدرك الصين الأهمية الحيوية لإندونيسيا بالنسبة لها. عنوان التعاون بين الطرفين الآن هو الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، كما قدمت الصين استثمارات كبيرة، خاصة في تطوير استغلال رواسب النيكل، كما كانت شريكًا في دفع البنية التحتية، فأنشأت قطارًا فائق السرعة بين جاكرتا، وباندونغ.

الترابط الاقتصادي هو القوّة التي تقود العلاقات بين الطرفين، حيث وصل التبادل التجاري بينهما إلى 139.42 مليار دولار، فلمدة 11 عامًا متتالية، كانت الصين أكبر شريك تجاري لإندونيسيا، بل هي علاقات آخذة في النمو.

إعلان

من ذلك، على سبيل المثال، زار إندونيسيا في عام 2023 ما يزيد على 790 ألف سائح صيني، استكشفوا البراكين والجزر والمأكولات البحرية، بينما في النصف الأوّل من عام 2024 زارها حوالي 570 ألف سائح، مما يجعل الصين واحدة من أهم الدول الموردة للسياحة إلى إندونيسيا.

الاعتماد الإندونيسي على الصين يتزايد، ففي مجال الزراعة الحيوي في عام 2024، أطلقت وزارة الزراعة الإندونيسية والمعهد الوطني الصيني لأبحاث الأرز شراكة تهدف إلى تعزيز إنتاج الأرز لضمان الأمن الغذائي في إندونيسيا، يعتمد هذا التعاون على تقنيات الزراعة الحديثة.

وعلى جانب آخر، وسَّعت الصين حضورها في قطاع السيارات الكهربائية في إندونيسيا، حيث قامت بإنشاء مصانع تتماشى مع حلول النقل المستدام.

لكن على الجانب الآخر في العلاقات، تتزايد التوترات التجارية في عدد من القطاعات، مثل السيراميك والمنسوجات.

يغمر السيراميك الصيني السوق الإندونيسية بأسعار أقل بكثير من سعر المنتج المحلي، حتى اضطرت وزارة التجارة الإندونيسية إلى تدمير ملايين السلع الصينية غير القانونية، وفرضت تعريفات جمركية تتراوح بين 100% و200% على بعض الواردات الصينية، خاصة أن عددًا من مصانع المنسوجات الإندونيسية أغلق في ظل إغراق النسيج الصيني إندونيسيا، ويُخشى من رد الفعل الصيني إزاء هذه الإجراءات.

أدركت الصين بُعدين مهمين في العلاقة:

البعد الأول هو الإعلام، فقد وسَّعت الصين نطاق تواصلها الإعلامي في إندونيسيا، من خلال منتديات، مثل المنتدى الإعلامي الصيني-الإندونيسي، الذي عُقدت آخر جلساته في بكين أوائل سبتمبر/ أيلول 2024. البعد الثاني هو التنسيق الأمني، الذي وضع له مسؤولون من كلا الطرفين أسسًا للتعاون في عام 2024، فقد ركَّزوا على مكافحة الإرهاب، مع تبادل المعلومات الاستخباراتية والأمن السيبراني. ولا يزال بحر الصين الجنوبي قضية معقدة وحساسة في العلاقات الإندونيسية- الصينية، فالمنطقة الاقتصادية الخالصة لإندونيسيا في بحر ناتونا تتداخل مع مطالبات الصين الواسعة، مما يجعل إندونيسيا لاعبًا مهمًا في الأمن البحري الإقليمي. إعلان

حدث تطور كبير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، خلال زيارة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو إلى بكين، عندما أصدرت إندونيسيا والصين بيانًا مشتركًا ملتزمًا بالتنمية في المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وخاصة حول جزر ناتونا.

العلاقات بين البلدين ليست جديدة، فقد كانت إندونيسيا أول دولة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين بعد إعلان جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول 1949، إلا أن هذه العلاقات علقت بعد الانقلاب العسكري في 1965، لكنها شهدت إعادة إحياء خلال العقود الأخيرة، وتعمَّقت بعد انضمام إندونيسيا إلى مجموعة "بريكس" في عام 2024.

العلاقات مع أميركا

بدأت العلاقات الإندونيسية- الأميركية عام 1949، ومرّ عليها 75 عامًا في عام 2024، لذا أُقيم في واشنطن الحوار الثاني حول السلام والازدهار والأمن بين الطرفين. كان طرفا الحوار مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في جاكرتا، ومعهد الولايات المتحدة للسلام.

أدرك المشاركون في الحوار أن العلاقات لا تزال تفتقد العمق إلى حد كبير، فإندونيسيا لا تقترب من أفق الولايات المتحدة إلا كلما ظهرت قضية التعصب الديني، أو الهجوم الإرهابي، أو عندما تفتح الصين استثمارات جديدة في البلاد، وما إلى ذلك.

واصلت الولايات المتحدة دعمها الملموس لإندونيسيا لبناء قدراتها الدفاعية، كما تجلى في التدريبات المشتركة التي أصبحت الآن متعددة الأطراف، مثل تدريبات "درع سوبر جارودا"، ودعم خفر السواحل الإندونيسي.

لكن قد تؤدي سياسات الرئيس الأميركي ترامب إلى إلقاء عبء الأمن الإقليمي لبحر الصين الجنوبي (الملاحة الحرة) على إندونيسيا، وهو ما يجعلها فاعلًا إقليميًا.

على الجانب الآخر، أحجمت إندونيسيا عن شراء طائرات إف-15، واشترت 42 طائرة رافال من فرنسا، في الوقت الذي يعتمد فيه الجيش الإندونيسي على التسليح الروسي والغربي، وما زال تعامله مع السلاح الصيني محدودًا، لكن هذا قد يتغير إذا دخلت الصين في برامج تصنيع عسكري مع إندونيسيا.

إعلان

على الصعيد التجاري، صدرت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 11 مليار دولار إلى إندونيسيا في عام 2023، بينما بلغت الصادرات الإندونيسية إلى السوق الأميركية 27.9 مليار دولار، ما يعكس تفوق الميزان التجاري لصالح جاكرتا.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن العلاقة بين البلدين جرت ترقيتها إلى مستوى "الشراكة الإستراتيجية الشاملة"، فإن هذه الشراكة تظل ذات طابع رمزي أكثر من كونها عملية، نظرًا لأن إندونيسيا تفضل عدم الانحياز في النزاعات الدولية.

وفي ضوء هذا المشهد، تبدو جاكرتا حريصة على عدم إغضاب بكين، وفي الوقت ذاته تحاول الحفاظ على علاقاتها بالولايات المتحدة، بينما تنكفئ واشنطن على ذاتها وتتبنى نهجًا براغماتيًا بحتًا في المنطقة.

لكن التحدي الحقيقي الذي تواجهه الولايات المتحدة، هو أن معظم دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك إندونيسيا، لا تفضّل الانخراط في أي حرب، لأن الصراعات العسكرية قد تطيح بالإنجازات الاقتصادية التي حقّقتها هذه الدول، وهو ما لم تدركه واشنطن بجدية حتى الآن.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • البرلمان العراقي يتحرك للمطالبة بقطع العلاقات مع سوريا
  • لعنة ميونخ تعود من جديد
  • الميثاق الأخلاقي للطالب الجامعي..ندوة بكلية الخدمة الاجتماعية ببني سويف
  • كيف تناور إندونيسيا بين الصين وأميركا؟
  • الامام خامنئي: مزاعم الأوروبيين بعدم وفاء إيران بالتزاماتها هو كلام متغطرس
  • روسيا : الغرب يسعى لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا حتى آخر جندي أوكراني
  • خامنئي يرد على ترامب: المفاوضات يجب أن تكون على أساس الاحترام المتبادل
  • عبد العاطي يؤكد أهمية توظيف الزخم الذي تشهده العلاقات بين مصر وأوزبكستان للارتقاء بها بمختلف المجالات
  • سؤال في الدولة والمجتمع
  • نصر عبده يكشف عن السبب الحقيقي للحرب الروسية الأوكرانية