جريدة الوطن:
2024-09-18@14:51:26 GMT

اغتيال الطفولة!

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

اغتيال الطفولة!

ليس سرًّا أنَّ التكنولوجيا غيَّرت حياتنا على مرِّ العقود، ولا تزال تفعل ذلك، سواء كان الأمْرُ يتعلق بالتمويل أو التعليم، فلا يوجد حقيقة مشهد لَمْ يتأثر بالتقدُّم التكنولوجي المستمرِّ. ولكن وعلى الرغم من ذلك فالحروب والصراعات ليست واضحة دائمًا ولا يتمُّ مناقشتها في كثير من الأحيان، خصوصًا إذا اختفت المبادئ والعدالة، وطغى الظلم بصوَره المختلفة.

بل إنَّ هناك شيئًا واحدًا لَمْ يتغيَّر! إنَّها صدقًا تلكم التأثيرات الأسوأ والتي تقع في كثير من الأحيان على الأشخاص الأكثر ضعفًا والمحاصرين في أيِّ صراع: الأطفال.
إنَّ الأثَر المُدمِّر للحرب على الأطفال يتجاوز مجرَّد الخطر المباشر المتمثل في الإصابة أو الموت. ويعاني الأطفال أيضًا من الآثار الجانبيَّة لعوامل مِثل النزوح، وقطع الروابط الأُسريَّة، والجوع، وعدم إمكان الوصول إلى الخدمات الأساسيَّة. ولعلَّه يكُونُ من المُجهِد للغاية مشاهدة التلفاز اليوم وكُلَّ يوم، ورحى الحرب والظلم تعاقبهم؛ لأنَّهم أبناء الأرض وأطفالها، حيث يعيش الأطفال أو يشهدون بيئات عنيفة، ممَّا يُمثِّل ضيقًا عاطفيًّا ونَفْسيًّا مستمرًّا، ويؤدِّي مع الوقت إلى ضعف النُّموِّ المعرفي، والتي لها صِلَة بفرص حياتهم، بما في ذلك العلاقات الاجتماعيَّة والأداء المدرسي. في حين أنَّ النُّموَّ البدني مُهمٌّ، فإنَّ تنمية قدرات الطفل العاطفيَّة والاجتماعيَّة والمعرفيَّة أمْرٌ بالغ الأهمِّية بنَفْسِ القدر. لذلك تُمثِّل السنوات الأولى من الطفولة ـ إن استطعتُ تسميتها ـ بنافذة الفرصة والتي تُشكِّل تجربة نُموِّ الطفل بأكملها طوال حياته. فكيف بالأطفال الذين أُجبروا على ترك منازلهم بسبب الحرب والصراع غالبًا ما يكُونُون بِدُونِ مأوى بديل، ولا يُمكِنهم الذهاب إلى المدرسة. وحتمًا هذا يجعلهم أكثر عرضة لخطر سوء المعاملة والاستغلال.
من ناحية أخرى، فالتعرُّض للحرب أثناء مرحلة الطفولة والمراهقة يُمكِن أن يُشكِّلَ مخاطر وأعراضًا مختلفة، كالصَّدمة والضِّيق، أو تطوُّر الكوابيس ومشاكل في التركيز، وأحيانًا ينتهي بالخوف الشديد أو مستويات عالية من القلق. ألَا يستحقُّ ذلك الطفل، بغَضِّ النظر عن المكان الذي يعيش فيه، أن يعيشَ حياة آمنة وسعيدة وصحيَّة؟!
ألَا يعي أولئك الظالمون، كيف أنَّ حياة الطفل تتغيَّر مع حروبهم، ويظلُّون متوتِّرين دائمًا مع قلق مستمر؟ فأيُّ ضجيج غير مألوف: كتحرك كرسي، أو إذا أُغلق الباب ـ على سبيل المثال ـ بعد مرور الصَّدمة بفترة، يكُونُ لدَيْهم ردُّ فعل، ربَّما نتيجة خوفهم من أصوات الطائرات والصواريخ والحرب. وهنا في نهاية المطاف يصبحون مخدَّرين عاطفيًّا ممَّا يزيد من احتمال تقليدهم للسلوك العدواني الذي يشهدونه واعتبار هذا العنف أمرًا طبيعيًّا. وهذا بِدَوْره يُمكِن أن يؤثِّرَ على قدرتهم على بناء علاقات ناجحة مع الآخرين على المدى الطويل! وللأسف، في بعض الحالات، لا يرى الأطفال أيَّ خيار آخر سوى محاولة الهروب ممَّا يعيشونه ومن البيئة المحيطة بهم عن طريق تعاطي المخدّرات ـ مثلًا ـ أو حتَّى إيذاء النَّفْس والانتحار.
إنَّ اغتيال الطفولة بشتَّى صوَرها الشنيعة، والتي يفرضها أيُّ احتلال، سواء من حصار واعتداءات وعدوان متكرر، ناهيك عن الاعتقال والاحتجاز والسِّجن والاعتداء الجسدي هو بحقِّ الظلم بعَيْنه في عصر أضحى ذلك العالَم المتشدِّق بالحُرِّيَّة أن تكُونَ من قِيَمه الغافلة المنافقة، التجبُّر والتَّمادي في عنجهيَّته الظالمة والتي ـ بلا شك ـ ستكُونُ الدائرة عَلَيْه ولو بعد حين.
ختامًا، لا نستطيع تخيُّل مقدار الألَم الذي عاش به ذلك الطفل الذي أضحى بالغًا الآن بعد مرور عقود من عمره. وكيف تأثرت حياته بحدثٍ في الطفولة، لَمْ يدرك بحينه. ولعلَّ التعبير العاطفي عن الصَّدمة، سواء أكان بشكلٍ غير لفظي كالحركة وممارسة الرياضة، أو لفظيًّا بوصف الحدث هو مُهمٌّ لنَفْسيَّة الطفل ومتابعته لحياته. فالمرء الذي لَمْ يَمُر بجحيم عواطفه لَنْ يتغلبَ عَلَيْها أبدًا. لذلك يجِبُ أن يفصحَ ذلك الطفل عن أوجاعه ومشاعره لِيتجاوزَها ويتحرر مِنْها، كما هي حال أرضه التي ستتحرَّر ـ بمشيئة الله ـ … عاشت فلسطين حُرَّة أبيَّة.

د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

مركز “كنف” يستقبل وفد بلدية الشارقة لتعزيز التعاون في حماية الأطفال

 

استقبل مركز “كنف”، المتخصص في دعم وحماية الأطفال ضحايا الإساءة، مؤخراً وفداً من بلدية الشارقة برئاسة سعادة عبيد سعيد الطنيجي، مدير عام بلدية الشارقة. وكان في استقبال الوفد كل من هنادي اليافعي، مدير إدارة سلامة الطفل ورئيس اللجنة العليا لمركز “كنف”، وأمينة الرفاعي، مدير المركز، وعدد من المسؤولين ومديري أقسام المركز.
وشهدت الزيارة جولة ميدانية في المركز، حيث اطلع الوفد على أبرز الخدمات والبرامج التي يقدمها المركز لحماية الأطفال من كافة أشكال الإساءة. كما تمت مناقشة سبل تعزيز التعاون المستقبلي بين بلدية الشارقة ومركز “كنف” لضمان تقديم خدمات رعاية وحماية شاملة للأطفال.
وضم الوفد عدداً من كبار المسؤولين في بلدية الشارقة، منهم المهندس خليفة بن هده السويدي مدير الخدمات الفنية، وعاطف الزرعوني مدير الخدمات المساندة، وعادل عمر مدير الصحة العامة والمختبرات المركزية، وخالد فلاح السويدي مدير خدمة المتعاملين، وطارق آل صالح مدير معهد الشارقة للسياقة.

آفاق جديدة للتعاون بين بلدية الشارقة و”كنف”
وتعد زيارة وفد بلدية الشارقة إلى مركز “كنف” خطوة مهمة في تعزيز التعاون المستمر بين المركز والمؤسسات الحكومية المختلفة في إمارة الشارقة. وتعكس هذه الزيارة التزام بلدية الشارقة بتقديم الدعم الكامل لمبادرات حماية الطفولة وضمان توفير بيئة آمنة وصحية للأطفال في الإمارة. ومن خلال هذه الزيارة، يؤكد الجانبان أهمية الشراكة بين مختلف القطاعات الحكومية لتحقيق أهداف حماية الطفل بشكل فعّال ومستدام.

نموذج رائد لحماية الأطفال
ويعد “كنف” أول مركز من نوعه في دولة الإمارات والمنطقة، ويهدف إلى توفير بيئة آمنة للأطفال الذين تعرضوا للإساءة الجسدية أو الجنسية. ويعمل المركز تحت إشراف إدارة سلامة الطفل التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، ويوفر خدمات متكاملة تشمل الدعم القانوني، النفسي، الاجتماعي والطبي، في مكان واحد يتيح التنسيق الفعال بين جميع الجهات المختصة، ويراعي خصوصية الطفل في مثل هذه القضايا. ومن أبرز أهداف المركز توفير بيئة شاملة لحماية الطفل ورعايته دون تحميله وأسرته أعباء إضافية، ويعمل “كنف” على بناء شراكات استراتيجية مع الجهات الحكومية والخاصة لتوحيد الجهود في تقديم الرعاية المثلى للأطفال المتضررين.
ويحمل المركز رسائل استراتيجية تتمثل في تعزيز الوقاية أولاً من خلال توفير بيئة آمنة ومستدامة تضمن حماية الأطفال من كافة أشكال الإساءة والتعامل معها بطريقة متكاملة وشاملة. كما يسعى “كنف” إلى تعزيز التعاون المجتمعي بين جميع المؤسسات والجهات المجتمعية لضمان حماية الأطفال وتوفير الدعم اللازم لهم في جميع مراحل حياتهم. ويعتمد المركز على نظام متكامل وسريع للاستجابة لأي حالات إساءة، بالتعاون مع الشركاء المعنيين، بهدف تقديم الرعاية الفورية واللازمة للطفل.


مقالات مشابهة

  • هل يرفض طفلك تناول وجبة الغداء بالمدرسة؟ اكتشفي الأسباب
  • أفضل 3 أساليب لتعليم الطفل بطريقة صحيحة.. اتبعيها مع أولادك
  • «كنف» يبحث مع بلدية الشارقة التعاون في حماية الأطفال
  • مركز “كنف” يستقبل وفد بلدية الشارقة لتعزيز التعاون في حماية الأطفال
  • أسعار تذاكر وشروط دخول حفل محمد العلايلي في الساقية
  • إزاي تحمي طفلك من هوس التصوير؟.. يمكن أن يصاب بأمراض نفسية
  • لماذا الأطفال حديثي الولادة ليس لديهم مناعة؟
  • خبيرة تغذية: يفضل تناول الأطفال للزبادي تعويضا عن كوب اللبن صباحا
  • قبل بدء الدراسة.. كيف تساعدين طفلك على تكوين صداقات مفيدة؟
  • مستشفى مصر للطيران تشارك في فعاليات الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية