مع تصاعد التوترات الجيوسياسة.. من الفائز الأكبر الذهب أم الأسهم؟
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
محمود جمال - مباشر: دفعت أزمة تصاعد التوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط بعض راغبي الاستثمار من الأفراد والمؤسسات إلى المسارعة في ترك بعض المراكز المالية بأسواق الأسهم ولا سيما بالمنطقة مقابل زيادة ضخ أموال وشراء الملآذ الآمن وهو "الذهب" الأمر الذي أسهم في صعوده بنهاية الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياته منذ مارس 2023 وسط زيادة التوقعات باستمرار ارتفاعه السعري.
وبحسب إحصائية أعدتها "معلومات مباشر" استنادا لبيانات أسواق المال، فإن أغلب أسواق منطقة الخليج سجلت أداء سلبيًا ملحوظًا منذ بداية الأزمة وحتي تاريخة أي خلال الجلسات العشرة جلسات الأخيرة تقريبًا في مقابل صعود ملفت للمعدن الأصفر الذي سجل ارتفاعات قياسية في تلك الفترة أيضاً إقليمياً وعالمياً.
وبالفعل، ارتفع سعر أوقية الذهب عالميًا بنحو 71.45 دولار، بما يمثل 3.84% بنهاية تداول يوم الجمعة الماضية وهو الموعد الذي شهد أكبر ارتفاع لأسعار الذهب خلال يوم واحد منذ انفجار أسعار المعدن الأصفر يوم الجمعة التاريخي الموافق 17 مارس 2023.
يشار إلى أن ارتفاع الأسعار في أسواق الذهب المحلية بدول الخليج يتحرك بالنسبة نفسها لأن عملاتها يتم تسعريها بعملة الدولار الأمريكي.
المستفيد الأكبر
وفي هذا الشأن، قال رائد الخضر، رئيس قسم الأبحاث لدى "إيكويتي جروب" العالمية ومقرها لندن، إن المستثمرون ينظرون للذهب على أنه ملاذ آمن، يتم اللجوء له أوقات عدم اليقين والحروب والنزاعات، وبما أن المعدن الأصفر أصل بدون عائد، يفقد جاذبيته مع تحسن شهية المخاطرة وتراجع حدة الأزمات.
وأكد أن الحرب أدت إلى تدهور معنويات الأسواق والتركيز على المخاطر الجيوسياسية التي قد تتصاعد، حيث يترقب المستثمرين أي علامات على ما إذا كان الصراع سيجتذب دول أخرى لديها القدرة على دفع أسعار النفط للارتفاع مجددًأ أم لا.
وأشار إلى أنه بالرغم من المخاوف من دخول دول منتجة للنفط في الحرب وعودة ارتفاع أسعار النفط وبالتالي ارتفاعات التضخم مجددًا. إلا أنه حتى وقتنا هذا نجد أن الذهب هو المستفيد الأكبر من التوتر الجيوسياسي القائم، وليست أسعار النفط التي لاتزال مستقرة بالقرب من مستويات 86 دولار للبرميل.
وخارج منطقة الخليج وبأسواق المال، تحركت بورصة مصر بمعزل ما يحدث في مدينة غزة الفلسطينة وضربات الجيش الإسرائيلي العسكرية التي تتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم حيث ارتفعت إلى مستويات تاريخية وتجاوز مؤشرها مستوى 21 ألف نقطة ومع وصول أسهمها لمستويات جاذبة للشراء وسط التوقعات بإقتراب تخفيض العملة المحلية وفقاً لبرنامج تمويل صندوق النقد الدولي المتفق عليه سالفًا.
بدوره، أوضح خبير الاستثمار محمود عطا لـ"معلومات مباشر" إلى أن أسواق المال بالمنطقة وخصوصا الخليجية قد تخلت عن مستوياتها المرتفعة بسبب ضغوط حالة عدم اليقين بشأن الصراع الجيوسياسي بين فلسطين وإسرائيل، مشيرا إلى أن ذلك كانت إشارة لتبادل المراكز المالية لبعض المحافظ الاستثمارية من الأسهم الخليجية التي حققت لهم أرباحاً قوية إلى الذهب الذي يعتبر بالفعل ملاذاً آمناً في تلك الفترة.
ولفت إلى أن البورصة المصرية كانت من بعض الأدوات الاستثمارية المميزة في تلك الأزمة التي ما زالت مستمرة وذلك لأن أسعار أسهمها متدينة بشكل كبير مقارنة بأسعار أسهم الشركات المدرجة بالبورصات المجاورة وهو ما دفع العرب والأجانب لاقتناص الفرص بها لا سيما في ظل التوقعات بخفض وشيك للعملة المحلية.
وبنهاية تداولات الأسبوع الحالي، تجاهلت البورصة المصرية موجة الخسائر التي طالت أغلب أسواق منطقة الشرق الأوسط حيث تمكن مؤشر "إيجي إكس 30" الارتفاع بنسبة 0.64% إلى مستوى 20002 نقطة بسبب تزايد مشتريات الأجانب بشكل ملحوظ. فيما تراجع مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة "إيجي إكس 70 متساوي الأوزان" بنسبة 0.77% إلى مستوى 3706 نقاط.
أداء مختلط
من جانبه، أكد نائب رئيس قسم الأبحاث في كامكو إنفست رائد دياب إن أداء الذهب وارتفاعاته الأخيرة أكدت أنه الملاذ الآمن للمستثمرين في حالات عدم اليقين حيال الاقتصاد أو عند اندلاع أي صراع، وهو ما رأيناه في الصراع بين روسيا وأوكرانيا وما نراه اليوم بالصراع في الشرق الأوسط، اضافة الى ما رأيناه عند تفشي فيروس كورونا.
وتوقع أن يظل الاقبال على السبائك الذهبية طالما هناك فشل في وقف الصراع القائم بين الفلسطينين وإسرائيل حاليًا بمدينة غزة، مرجحا أن يكون هناك تركيز أكبر على المعدن الأصفر اذا ما تمدد الصراع الى مناطق جغرافية أخرى حيث أن هذا السيناريو سيرفع من أسعار النفط ويؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي.
أما من ناحية الأسواق المالية، فيرى رائد دياب أن هناك أداء مختلطا للبورصات العالمية حيث ارتداد الأسواق الأمريكية وعوضت خسائرها التي منيت بها عند اندلاع الصراع في ظل التوقعات بعدم رفع سعر الفائدة في اجتماع الفيدرالي في الأول من الشهر القادم، لافتا إلى أنه في حين لاتزال العديد من أسواق المنطقة وخاصة الخليجية تحت الضغوط البيعية في ظل المخاوف من توسع نطاق الأزمة في منطقة مهمة من العالم.
وتوقع أن يستمر الترقب والحذر بالأسواق المالية بالمنطقة لما ستؤول اليه الأمور في الفترة القادمة، لافتاً إلى أننا قد نشهد بعض عمليات الشراء لاقتناص الفرص المتاحة بعد الهبوط القوي الأخير الذي تعرضت له أسواق المنطقة.
وكان من أبرز الأسواق تأثرًا بالأحداث الجيوسياسية والتي بدأت في مطلع الأسبوع الماضي كانت السوق المالية السعودية حيث سجل مؤشر الرئيسي "تاسي" أدنى إغلاق يومي له في أكثر من 6 أشهر متراجعًا أسبوعيًا بنسبة 1.66 بالمائة، كما هبط مؤشر السوق الكويتي الأول الذي سجل أدنى إغلاق يومي له في أكثر من عامين وخسائر أسبوعية بنسبة 2.20 بالمائة مع تراجع قطاعات العقار والبنوك.
وبنهاية أخر جلساتها الأسبوعية هبطت مؤشرات بورصتا دبي وأبوظبي بقوة حيث تخلي مؤشر بورصة دبي عن مستوى 4 آلاف نقطة وتراجع مؤشر سوق أبوظبي بأكثر من 1 بالمائة.
في المقابل ارتفع مؤشر بورصة مسقط، بالتعاملات الأسبوعية بنسبة 1.08 بالمائة مع صعود سهم صناعة الكابلات العُمانية بنسبة 9.8 بالمائة، وارتفاع سهم فولتامب للطاقة بنسبة 9.57 بالمائة.
وفي قطر، انسجم مؤشر سوق المال بالدوحة مع ارتفاعات أسعار النفط التي تدعمت من العقوبات الأمريكية لكيانات إيرانية على اثر الأحداث الجيوسياسية بالمنطقة، إضافة للتوقعات الجيدة بنتائج أعمال بالربع الثالث من العام الجاري حيث ارتفع بنسبة 0.57 بالمائة بدعم الأداء الإيجابي لقطاعات البنوك والخدمات المالية والعقارات.
وبدوره، أوضح طاهر مرسي، المحلل المالي، والقائم بأعمال رئيس قسم أبحاث لدى "سبائك مصر"، أن تصاعد الأحداث بغزة دفع مديري صناديق الاستثمارات بالشرق الاوسط لاعادة ترتيب أولوياتهم الاستثمارية لا سيما في ظل التأثير الأكبر بتأزم سوق السندات الأمريكية بعد مزاد سندات 30 عاماً الأكثر سوءاً منذ عامين لقلة المشترين مع ارتفاع التوقعات بضرورة اتجاه الفيدرالي لإضعاف الدولار لتجنب الركود، في بيئة تضخمية، مرشحة لمزيد من رفع الفائدة وسط استمرار أسعار النفط .
ويذكر أن هناك آراء بضرورة الترقب عن كثب لأي تطورات قد تحدث في الشرق الأوسط، وهل ستبدأ دول منتجة للنفط في الدخول بهذا الصراع، أم أن تحركات النفط قد تكون محدودة. بل من السابق لآوانة تحديد التداعيات السلبية على أسعار النفط أو على أداء الشركات الفترة المقبلة.
ويشار إلى أنه في حالة استمرار التوترات الجيوسياسية ودخول بعض الدول المنتجة، قد يتسبب هذا في نقص المعروض النفطي والذي سيكون ذو تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي ككل. فقد يتسبب هذا في عودة ارتفاعات التضخم عالميًأ من جديد، في الوقت الذي تحاول فيه البنوك المركزية السيطرة على ارتفاع الأسعار مع اتباع سياسات التشديد النقدي القوية.
للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا
المصدر: معلومات مباشر
كلمات دلالية: أسواق المال أسعار النفط إلى أن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أسعار النفط وسط الحذر من تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية
مع مطلع فجر اليوم الثلاثاء الموافق 19 نوفمبر، تراجعت أسعار النفط بعد صعودها في اليوم السابق بسبب توقف الإنتاج في حقل يوهان سفيردروب النفطي النرويجي لكن المستثمرين ظلوا حذرين وسط مخاوف من تصعيد محتمل في الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
ووفق لوكالة رويترز، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسليم يناير سبعة سنتات أو 0.1 بالمئة إلى 73.37 دولار للبرميل بحلول الساعة 0119 بتوقيت جرينتش في حين بلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم ديسمبر 69.23 دولار للبرميل بانخفاض سبعة سنتات أو 0.1 بالمئة.
وانخفض عقد يناير الأكثر نشاطا لخام غرب تكساس الوسيط أربعة سنتات أو 0.1 بالمئة إلى 69.21 دولار، وارتفعت أسعار الخامين القياسيين بأكثر من دولارين للبرميل أمس الاثنين.
وقال توشيتاكا تازاوا، المحلل لدى فوجيتومي للأوراق المالية، "لقد حدثت بعض التعديلات في المواقف بعد ارتفاع أمس، كما أن المستثمرين ظلوا حذرين، في تقييم اتجاه الحرب بين روسيا وأوكرانيا بعد التصعيد الذي شهدناه في نهاية الأسبوع".
فيما شنت روسيا أكبر غارة جوية لها على أوكرانيا منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر يوم الأحد، مما تسبب في أضرار جسيمة في نظام الطاقة في البلاد.
وفي تراجع كبير عن سياسة واشنطن، سمحت إدارة الرئيس جو بايدن لأوكرانيا باستخدام أسلحة أمريكية الصنع لضرب عمق روسيا، بحسب مسؤولين أمريكيين ومصدر مطلع على القرار يوم الأحد.
وقال الكرملين أمس إن روسيا سترد على ما وصفه بالقرار المتهور لإدارة بايدن، بعد أن حذر في وقت سابق من أن مثل هذا القرار من شأنه أن يزيد من خطر المواجهة مع حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، استمرت المخاوف بشأن العرض بسبب مشاكل الإنتاج في بعض حقول النفط.
قالت شركة إكوينور النرويجية، أمس إن إنتاجها من حقل يوهان سفيردروب النفطي، وهو الأكبر في غرب أوروبا، توقف بسبب انقطاع التيار الكهربائي البري.
وقال متحدث باسم الشركة إن العمل جار لاستئناف الإنتاج، لكن لم يتضح على الفور متى سيستأنف.
يذكر أن حقل تنجيز النفطي، أكبر حقول النفط في كازاخستان، والذي تديره شركة شيفرون الأميركية العملاقة.
وخفضت ليبيا إنتاجها النفطي بنسبة 28% إلى 30% بسبب أعمال الإصلاح الجارية، وهو ما يساعد في تقليص الإمدادات العالمية بشكل أكبر.
وقالت وزارة الطاقة في البلاد إن من المتوقع أن تكتمل أعمال الإصلاح بحلول يوم السبت.
فيما بدأ المتداولون في تحويل تداولات خام غرب تكساس الوسيط إلى عقد يناير قبل انتهاء عقد ديسمبر اليوم الأربعاء.
وانقلبت عقود خام غرب تكساس الوسيط إلى الكونتانجو للمرة الأولى منذ فبراير شباط أمس الاثنين، مع تداول عقود يناير عند علاوة على عقود ديسمبر في إشارة إلى تخفيف شح المعروض.