محمود جمال - مباشر: دفعت أزمة تصاعد التوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط بعض راغبي الاستثمار من الأفراد والمؤسسات إلى المسارعة في ترك بعض المراكز المالية بأسواق الأسهم ولا سيما بالمنطقة مقابل زيادة ضخ أموال وشراء الملآذ الآمن وهو "الذهب" الأمر الذي أسهم في صعوده بنهاية الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياته منذ مارس 2023 وسط زيادة التوقعات باستمرار ارتفاعه السعري.

وبحسب إحصائية أعدتها "معلومات مباشر" استنادا لبيانات أسواق المال، فإن أغلب أسواق منطقة الخليج سجلت أداء سلبيًا ملحوظًا منذ بداية الأزمة وحتي تاريخة أي خلال الجلسات العشرة جلسات الأخيرة تقريبًا في مقابل صعود ملفت للمعدن الأصفر الذي سجل ارتفاعات قياسية في تلك الفترة أيضاً إقليمياً وعالمياً.

وبالفعل، ارتفع سعر أوقية الذهب عالميًا بنحو 71.45 دولار، بما يمثل 3.84% بنهاية تداول يوم الجمعة الماضية وهو الموعد الذي شهد أكبر ارتفاع لأسعار الذهب خلال يوم واحد منذ انفجار أسعار المعدن الأصفر يوم الجمعة التاريخي الموافق 17 مارس 2023.

يشار إلى أن ارتفاع الأسعار في أسواق الذهب المحلية بدول الخليج يتحرك بالنسبة نفسها لأن عملاتها يتم تسعريها بعملة الدولار الأمريكي.

المستفيد الأكبر

وفي هذا الشأن، قال رائد الخضر، رئيس قسم الأبحاث لدى "إيكويتي جروب" العالمية ومقرها لندن، إن المستثمرون ينظرون للذهب على أنه ملاذ آمن، يتم اللجوء له أوقات عدم اليقين والحروب والنزاعات، وبما أن المعدن الأصفر أصل بدون عائد، يفقد جاذبيته مع تحسن شهية المخاطرة وتراجع حدة الأزمات.

وأكد أن الحرب أدت إلى تدهور معنويات الأسواق والتركيز على المخاطر الجيوسياسية التي قد تتصاعد، حيث يترقب المستثمرين أي علامات على ما إذا كان الصراع سيجتذب دول أخرى لديها القدرة على دفع أسعار النفط للارتفاع مجددًأ أم لا.

وأشار إلى أنه بالرغم من المخاوف من دخول دول منتجة للنفط في الحرب وعودة ارتفاع أسعار النفط وبالتالي ارتفاعات التضخم مجددًا. إلا أنه حتى وقتنا هذا نجد أن الذهب هو المستفيد الأكبر من التوتر الجيوسياسي القائم، وليست أسعار النفط التي لاتزال مستقرة بالقرب من مستويات 86 دولار للبرميل.

وخارج منطقة الخليج وبأسواق المال، تحركت بورصة مصر بمعزل ما يحدث في مدينة غزة الفلسطينة وضربات الجيش الإسرائيلي العسكرية  التي تتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم حيث ارتفعت إلى مستويات تاريخية وتجاوز مؤشرها مستوى 21 ألف نقطة ومع وصول أسهمها لمستويات جاذبة للشراء وسط التوقعات بإقتراب تخفيض العملة المحلية وفقاً لبرنامج تمويل صندوق النقد الدولي المتفق عليه سالفًا.

بدوره، أوضح خبير الاستثمار محمود عطا لـ"معلومات مباشر" إلى أن أسواق المال بالمنطقة وخصوصا الخليجية قد تخلت عن مستوياتها المرتفعة بسبب ضغوط حالة عدم اليقين بشأن الصراع الجيوسياسي بين فلسطين وإسرائيل، مشيرا إلى أن ذلك كانت إشارة لتبادل المراكز المالية لبعض المحافظ الاستثمارية من الأسهم الخليجية التي حققت لهم أرباحاً قوية إلى الذهب الذي يعتبر بالفعل ملاذاً آمناً في تلك الفترة.

ولفت إلى أن البورصة المصرية كانت من بعض الأدوات الاستثمارية المميزة في تلك الأزمة التي ما زالت مستمرة وذلك لأن أسعار أسهمها متدينة بشكل كبير مقارنة بأسعار أسهم الشركات المدرجة بالبورصات المجاورة وهو ما دفع العرب والأجانب لاقتناص الفرص بها لا سيما في ظل التوقعات بخفض وشيك للعملة المحلية.

وبنهاية تداولات الأسبوع الحالي، تجاهلت البورصة المصرية موجة الخسائر التي طالت أغلب أسواق منطقة الشرق الأوسط حيث تمكن مؤشر "إيجي إكس 30" الارتفاع بنسبة 0.64% إلى مستوى 20002 نقطة بسبب تزايد مشتريات الأجانب بشكل ملحوظ.  فيما تراجع مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة "إيجي إكس 70 متساوي الأوزان" بنسبة 0.77% إلى مستوى 3706 نقاط.

أداء مختلط

من جانبه، أكد نائب رئيس قسم الأبحاث في كامكو إنفست رائد دياب إن أداء الذهب وارتفاعاته الأخيرة أكدت أنه الملاذ الآمن للمستثمرين في حالات عدم اليقين حيال الاقتصاد أو عند اندلاع أي صراع، وهو ما رأيناه في الصراع بين روسيا وأوكرانيا وما نراه اليوم بالصراع في الشرق الأوسط، اضافة الى ما رأيناه عند تفشي فيروس كورونا.

وتوقع أن يظل الاقبال على السبائك الذهبية طالما هناك فشل في وقف الصراع القائم بين الفلسطينين وإسرائيل حاليًا بمدينة غزة، مرجحا أن يكون هناك تركيز أكبر على المعدن الأصفر اذا ما تمدد الصراع الى مناطق جغرافية أخرى حيث أن هذا السيناريو سيرفع من أسعار النفط ويؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي.

أما من ناحية الأسواق المالية، فيرى رائد دياب أن هناك أداء مختلطا للبورصات العالمية حيث ارتداد الأسواق الأمريكية وعوضت خسائرها التي منيت بها عند اندلاع الصراع في ظل التوقعات بعدم رفع سعر الفائدة في اجتماع الفيدرالي في الأول من الشهر القادم، لافتا إلى أنه في حين لاتزال العديد من أسواق المنطقة وخاصة الخليجية تحت الضغوط البيعية في ظل المخاوف من توسع نطاق الأزمة في منطقة مهمة من العالم.

وتوقع أن يستمر الترقب والحذر بالأسواق المالية بالمنطقة لما ستؤول اليه الأمور في الفترة القادمة، لافتاً إلى أننا قد نشهد بعض عمليات الشراء لاقتناص الفرص المتاحة بعد الهبوط القوي الأخير الذي تعرضت له أسواق المنطقة.

وكان من أبرز الأسواق تأثرًا بالأحداث الجيوسياسية والتي بدأت في مطلع الأسبوع الماضي كانت السوق المالية السعودية حيث سجل مؤشر الرئيسي "تاسي" أدنى إغلاق يومي له في أكثر من 6 أشهر متراجعًا أسبوعيًا بنسبة 1.66 بالمائة، كما هبط مؤشر السوق الكويتي الأول الذي سجل أدنى إغلاق يومي له في أكثر من عامين وخسائر أسبوعية بنسبة 2.20 بالمائة مع تراجع قطاعات العقار والبنوك.

وبنهاية أخر جلساتها الأسبوعية هبطت مؤشرات بورصتا دبي وأبوظبي بقوة حيث تخلي مؤشر بورصة دبي عن مستوى 4 آلاف نقطة وتراجع مؤشر سوق أبوظبي بأكثر من 1 بالمائة.

في المقابل ارتفع مؤشر بورصة مسقط، بالتعاملات الأسبوعية بنسبة 1.08  بالمائة مع صعود سهم صناعة الكابلات العُمانية بنسبة 9.8 بالمائة، وارتفاع سهم فولتامب للطاقة بنسبة 9.57 بالمائة.

وفي قطر، انسجم مؤشر سوق المال بالدوحة مع ارتفاعات أسعار النفط التي تدعمت من العقوبات الأمريكية لكيانات إيرانية على اثر الأحداث الجيوسياسية بالمنطقة، إضافة للتوقعات الجيدة بنتائج أعمال بالربع الثالث من العام الجاري حيث ارتفع بنسبة 0.57 بالمائة بدعم الأداء الإيجابي لقطاعات البنوك والخدمات المالية والعقارات.

 وبدوره، أوضح طاهر مرسي، المحلل المالي، والقائم بأعمال رئيس قسم أبحاث لدى "سبائك مصر"، أن تصاعد الأحداث بغزة دفع مديري صناديق الاستثمارات بالشرق الاوسط لاعادة ترتيب أولوياتهم الاستثمارية لا سيما في ظل التأثير الأكبر بتأزم سوق السندات الأمريكية بعد مزاد سندات 30 عاماً الأكثر سوءاً منذ عامين لقلة المشترين مع ارتفاع التوقعات بضرورة اتجاه الفيدرالي لإضعاف الدولار لتجنب الركود، في بيئة تضخمية، مرشحة لمزيد من رفع الفائدة وسط استمرار أسعار النفط .

ويذكر أن هناك آراء بضرورة الترقب عن كثب لأي تطورات قد تحدث في الشرق الأوسط، وهل ستبدأ دول منتجة للنفط في الدخول بهذا الصراع، أم أن تحركات النفط قد تكون محدودة. بل من السابق لآوانة تحديد التداعيات السلبية على أسعار النفط أو على أداء الشركات الفترة المقبلة.

ويشار إلى أنه في حالة استمرار التوترات الجيوسياسية ودخول بعض الدول المنتجة، قد يتسبب هذا في نقص المعروض النفطي والذي سيكون ذو تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي ككل. فقد يتسبب هذا في عودة ارتفاعات التضخم عالميًأ من جديد، في الوقت الذي تحاول فيه البنوك المركزية السيطرة على ارتفاع الأسعار مع اتباع سياسات التشديد النقدي القوية.

للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا

المصدر: معلومات مباشر

كلمات دلالية: أسواق المال أسعار النفط إلى أن

إقرأ أيضاً:

تباطؤ اقتصادي حاد في روسيا مع تراجع أسعار النفط

كشفت "إيكونوميست" أن الاقتصاد الروسي يشهد تباطؤًا ملحوظًا بعد سنوات من الأداء القوي المفاجئ، حيث توضح المؤشرات أن نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي تراجع من نحو 5% إلى الصفر منذ نهاية العام الماضي، وفقًا لمؤشر أعده بنك "غولدمان ساكس".

وبحسب المجلة، سجل كل من بنك التنمية الروسي "في إي بي" (VEB) والمؤشرات -التي تصدرها "سبيربنك" أكبر البنوك الروسية- اتجاهات مماثلة تظهر انخفاض النشاط الاقتصادي.

وأقرت الحكومة الروسية ضمنيًا بوجود تراجع، حيث أشار البنك المركزي مطلع أبريل/نيسان إلى "انخفاض الإنتاج في عدد من القطاعات بسبب تراجع الطلب".

تباطؤ بعد 3 سنوات من الصمود

جاء هذا التباطؤ بعد 3 سنوات من مقاومة الاقتصاد الروسي للعقوبات الغربية والتوقعات السلبية، مدعومًا بارتفاع أسعار السلع الأساسية والإنفاق العسكري المكثف.

ففي أعقاب اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، توقّع محللون انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 15%، إلا أن الانكماش الفعلي لم يتجاوز 1.4% في ذلك العام، تلاه نمو بنسبة 4.1% عام 2023 و4.3% العام الماضي.

ومع تحسن توقعات التسوية في الحرب بفضل الموقف الأميركي الجديد، كانت بعض التقديرات تتوقع تسارع الاقتصاد الروسي هذا العام، غير أن الواقع جاء مغايرًا.

إعلان عوامل رئيسية وراء التباطؤ

وأوضحت "إيكونوميست" أن 3 عوامل رئيسية تفسر هذا التباطؤ المفاجئ:

أولًا: التحول الهيكلي للاقتصاد، إذ تحولت روسيا إلى اقتصاد حربي موجه نحو الشرق منذ عام 2022، مما تطلب استثمارات ضخمة في الصناعات العسكرية وسلاسل الإمداد مع الصين والهند. وارتفع الإنفاق الاستثماري الحقيقي بنسبة 23% منتصف 2024 مقارنة بنهاية 2021. ومع اكتمال هذا التحول، بدأ أثره على النمو بالتراجع. ثانيًا: السياسة النقدية المشددة، حيث تجاوز التضخم السنوي هدف البنك المركزي البالغ 4% ووصل إلى أكثر من 10% في فبراير/شباط ومارس/آذار 2025، مدفوعًا بإنفاق عسكري جامح ونقص اليد العاملة نتيجة التجنيد والهجرة. وردًا على ذلك، أبقى المركزي الروسي سعر الفائدة الأساسي عند مستوى 21% المرتفع جدًا منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي. ثالثًا: تدهور الظروف الخارجية، خاصة مع تصاعد الحرب التجارية التي قادها الرئيس الأميركي. فقد تراجعت توقعات النمو العالمي وانخفضت أسعار النفط، مما وجه ضربة قاسية للاقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات الطاقة.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني لعام 2025 من 4.6% إلى 4%، مما زاد من المخاوف الروسية نظرًا لاعتماد موسكو على مبيعات النفط إلى بكين. تداعيات الحرب التجارية وأسعار الطاقة تضغط على الأسواق والمالية العامة الروسية (غيتي) أثر مباشر على الإيرادات والأسواق

وذكرت "إيكونوميست" أن أسعار النفط المنخفضة أثرت سلبًا على سوق الأسهم الروسية، حيث فقد مؤشر "موكس" (MOEX) حوالي 10% من ذروته الأخيرة، في وقت تراجعت فيه عائدات الضرائب على النفط والغاز بنسبة 17% على أساس سنوي في مارس/آذار.

وبحسب وثائق رسمية أوردتها وكالة رويترز يوم 22 أبريل/نيسان، تتوقع الحكومة الروسية انخفاضًا حادًا في عائدات مبيعات النفط والغاز هذا العام.

إعلان

واختتمت المجلة البريطانية تقريرها بالإشارة إلى أن السياسات الحمائية للرئيس الأميركي، رغم وده الظاهري تجاه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، قد وجّهت ضربة مؤلمة لاقتصاد روسيا المنهك.

مقالات مشابهة

  • تباطؤ اقتصادي حاد في روسيا مع تراجع أسعار النفط
  • ارتفاع معظم مؤشرات الأسهم العالمية مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية
  • مؤشر سوق الأسهم يغلق على ارتفاع
  • ارتفاع الأسهم الآسيوية في ظل حالة عدم اليقين على خلفية رسوم ترامب
  • الذهب يخسر والنفط يرتفع مع تراجع التوترات التجارية
  • تحليل أداء مؤشرات البورصة المصرية أول تعاملات جلسة الاثنين
  • الذهب: يتراجع في ظل التوترات الأمريكية الصينية
  • المعدن الأصفر يتراجع مع انحسار التوترات الأمريكية الصينية
  • مؤشر سوق الأسهم يغلق على تراجع
  • الذهب ينخفض مع تراجع التوترات التجارية وصعود الدولار