يبدو أن إسرائيل ومنذ قصة الهلوكوست التي شكك في وقوعها وبشدة الفيلسوف والكاتب الفرنسي روجيه جارودي في سِفرِه الجليل (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية)، قد برعت في سرد القصص والروايات التي تستدرُ وتبتزُ بها تعاطف الغرب، وقد حصنت تلك القصص بجدار فولاذي من (الإرهاب الفكري) لكل من تسول له نفسه مجرد المساس بها، ومناقشة مصداقيتها.

وقد أعدت في ذلك تهمة جاهزة، هلامية المحتوى، فارغة المضمون، يتهيب أهل الغرب من السياسيين وقادة الرأي إلصاقها بهم، وهي تهمة فوق أنها مبهمة فإن جوهرها لا يحتوي على أي مآخذ أخلاقية.. فهي كتهمة يمكن أن تُضاف لتلك الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية وهي (العداء للسامية Antisemitism).. والمعروف أن السامية ليست ديانة أو عقيدة مقدسة، وإنما هي مجرد نسب يشترك فيه مع اليهود حتى العرب ممن ينتسبون لسام إبن نوح وغيرهم من الأمم التي يمكن أن تلصق نفسها بنسب لأي نبي أو إبن نبي دون أن يضفي عليهم ذلك هالة من القداسة أو يحيط سيرتهم بتلك الأسلاك المكهربة فكرياً ونفسياً وعرقياً.
فالمتابع لقصة تخليق إسرائيل يجد سيرتها مستكنة في تلك الأقاصيص المسيجة بالمحرمات، والمغلقة بجدر الصمت والخوف وكل مشتقات الإرهاب العقائدي والفكري.
إتساقاً مع ذات المنهج المقرر في تخليق الأساطير والأكاذيب نسجت إسرائيل عند فواقها من صدمة الهجوم الكاسح الذي قامت به حماس أكذوبة أخرى على عجل مما توفر لها من مخزون تلك "القدرات الفذة"، بأن حماس قد قامت (بقطع رؤوس الأطفال). ولا شك أن هذا الإدعاء يثير في النفس الإنسانية السوية حالة من التقزز والصدمة بمجرد سماعه وقد لا يعطي متلقي الخبر في غمرة أحداث لاهبة نفسه فرصةً للتحقق من صدقية الادعاء. ولن يكون بوسعه في هذه الحالة إلا أن يدين مرتكب هذا الجرم ويعلن تضامناً كاملاً مع "الضحية".
هكذا قدمت إسرائيل على لسان كل مسؤوليها التهمة ضد حماس. وقد أكدت منذ البدء أنها قد أطلعت شركاءها في العالم على صور هؤلاء الأطفال مقطوعي الرؤوس.
من الواضح أن إسرائيل قد هدفت من ذلك الي غايتين الأولى تريد أن تؤكد بأنه لا فرق بين حماس وبين تنظيم الدولة (داعش) وقد تجلى ذلك في كل جملة نطق بها أي مسؤول إسرائيلي بأن حماس هي داعش أخرى حتى وجد ذلك صدى حقيقياً في تصريحات المسؤولين الأمريكان. الغاية الثانية هي البحث عن مبرر أخلاقي للإنتقام وإنزال الموت الزؤام بالفلسطينيين الذي قررت أن تواجههم به حتى لا يجرؤ أحد ليس فقط على إدانتها، بل حتى مطالبتها بوقف حمامات الدم في قطاع غزة.
من خلال مجريات الأحداث يبدو أن إسرائيل قد أفلحت في تحقيق ما تصبو إليه، فوجدت تضامناً منقطع النظير من الغرب عموماً وأمريكا على وجه الخصوص، بالدرجة التي حركت بها حاملة الطائرات جيرالد آر فورد الي منطقة شرق المتوسط وشُحنت بها الأسلحة، حتى أُتخمت ترسانتها من الأسلحة، وهرع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلكن حاملاً حقيبته على عجل ليكون أرفع مسؤول أجنبي يصل إليها ملهوفاً على مصير اؤلئك الأطفال.. غير أن الكذب المُخلّق من شمع المتاحف العتيقة قد ذاب تحت وهج الحقيقة التي أبت إلا أن تظهر من خلال المؤتمرالصحفي الذي عقده قبيل مغادرته لتل أبيب بتاريخ 12 أكتوبر 2023م . ففي خواتيم المؤتمر سألته في احد الصحفيات بصورة مباشرة بالقول : (هل إطلعتم على صور الأطفال الذين قطعت حماس رؤوسهم؟) هنا لم يسع الوزير الملهوف على مصير الأطفال إلا أن يقدم سرديةً تباكى فيها على مصير من لقوا حتفهم من الإسرائيليين وقدم قائمة طويلة من كل الفئات المجتمعية بقوله:(بالنسبة للصور والفيديوهات لقد وصفت ما شاهدته اليوم ولم تُتح لي فرصة لمشاهدة بعضها الآخر للأسف. إن هنالك العديد والعديد منها وكل يوم يتكشف للعالم دليل جديد على عدم إنسانية حماس وبشاعتها .. هذه البشاعات موجهة للأطفال والصبيان والشباب والمسنين والأشخاص من ذوي الإعاقة والقائمة تطول).
ما يمكن استخلاصه من إجابة الوزير أنه لم يطلع على صور لأطفال مقطوعي الرؤوس. وأن ادعاء إسرائيل بأنها شاركت تلك الصور مع شركائها محض أكذوبة تُضاف لتلك الأكاذيب التي وقف الفيلسوف روجيه جارودي في وجهها فاضحاً اكبر أساطير القرون الأولى واللاحقة المؤسسة لكيان قامت سياسته على الكذب.
د.محمد عبد الحميد
////////////////////  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

حماس :الكرة في ملعب إسرائيل بعد عرض الإفراج عن رهائن

قالت حركة حماس السبت إن "الكرة أصبحت في ملعب إسرائيل" بعد أن عرضت إطلاق سراح رهينة إسرائيلي-أمريكي وإعادة جثث أربعة آخرين كجزء من محادثات التهدئة في غزة.

وفي أعقاب العرض الذي قدمته، قالت إسرائيل إن النشطاء الفلسطينيين "لم يتزحزحوا قيد أنملة" عن موقفهم بعد اقتراح من مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط.

انتهت المرحلة الأولى من الهدنة، التي بدأت في يناير في الأول من مارس دون اتفاق على الخطوات التالية.

 وصرح مسؤول في حماس بأن المفاوضات بدأت في الدوحة يوم الثلاثاء.

وقال متحدث باسم حماس إن "الكرة الآن في ملعب إسرائيل".

وقال عبد اللطيف القانوع لوكالة فرانس برس "نريد تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإجبار (إسرائيل) على تنفيذ بنوده"، مشيرًا إلى إن إسرائيل تقوم بـ"المماطلة" في تطبيقه.

وأشار إلى استمرار منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ الثاني من مارس .

مصر تصدر بيانا بشأن مشاورات إنهاء الحرب الروسية الأوكرانيةمظاهرات حاشدة في أنحاء كوريا الجنوبية قبل صدور حكم مهم بشأن عزل الرئيسبريطانيا تعلن عن اجتماع عسكري لقادة جيوش الدول الداعمة لأوكرانياغضب عارم داخل الكونجرس بسبب هجمة ترامب على قطاع الصحة والضمان الاجتماعيتقرير عبري يكشف انتهاكات الاحتلال في الضفة.. 261 شهيدًا في غارات جوية

وقال عضو في المكتب السياسي لحركة حماس، إن الاقتراح بإطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر البالغ من العمر 21 عاما - والذي اختطف خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر2023 - وإعادة جثث أربعة رهائن إسرائيليين أمريكيين آخرين كان جزءا من "اتفاق جيد".

وفي المقابل، ستفرج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين، على أن يظل عددهم قيد التفاوض، بحسب المسؤول.

وقال المسؤول إن التبادل المقترح مشروط بالبدء في الوقت نفسه في مفاوضات تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة، على أن تنتهي المحادثات خلال فترة 50 يوما، حسب قوله.

وأضاف أن الاقتراح يتضمن أيضا فتح كافة المعابر الحدودية فورا للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي.

اتهم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، حركة حماس باللجوء إلى "التلاعب والحرب النفسية".

وقال مكتب نتنياهو إنه سيجتمع في وقت متأخر من يوم السبت مع عدد من الوزراء "لتلقي تقرير مفصل من فريق التفاوض وتحديد الخطوات التالية نحو تحرير الرهائن".

ولا يزال هناك 58 رهينة محتجزين في غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 34 منهم.

مقالات مشابهة

  • أغلبية في إسرائيل تفضل إعادة الأسرى على القضاء على حماس
  • صحيفة: حماس فاجأت إسرائيل والوسطاء بشرط جديد في مفاوضات غزة
  • لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
  • حماس تعتبر أن "الكرة في ملعب إسرائيل" بشأن الهدنة في غزة
  • حماس: المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش العدو في بيت لاهيا تصعيد خطير
  • حماس :الكرة في ملعب إسرائيل بعد عرض الإفراج عن رهائن
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • محللان: حماس رمت بـ”كرة من نار” على إسرائيل
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • محللان: حماس رمت بـكرة من نار على إسرائيل