هل القيادات الحالية لميليشيا الدعم السريع على استعداد أن تقدم مبادرة سياسية تبدأها بحل الميليشيا و تكوين حزب سياسي، و على ضوء هذا الفكرة تدعو إلي وقف الحرب و العمل من أجل أن تصبح الفكرة واقعا؟ إذا استطاعت أن تفعل ذلك تكون قد دفعت الحل إلي الأمام، لأنها سوف تنقل الجمود السياسي و عملية وقف الحرب إلي مربعات جديدة، و الفكرة تتطلب إرادة قوية و شجاعة تغيير بها المعادلة السياسية و الشعبية، خاصة أن فكرة الديمقراطية تحتاج إلي تغيير شامل في الخطاب السياسي الذي قاد البلاد لهذه الحرب اللعينة.
إذا رجعنا تاريخينا كنت قد أشرت لذلك في مقالات قبل الحرب. عندما يستمع المرء لأحاديث مستشاري قائد ميليشيا الدعم حول قضية الديمقراطية، و دولة 56 و غيرها من المصطلحات السياسية، و التي أدخلت مؤخرا في خطاب قيادات الميليشيا، يتسأل لماذا لم تفكر هذه القيادات أن تحول الميليشيا لحزب سياسي؟ و معرف أن التجمع الذي يملك أموالا طائلة، و مؤسسات تجارية، يريد حمايتها لذلك يقع التفكير مباشرة في تكوين حزب سياسي، كان أفضل من فكرة الانحراف نحو الحرب لامتلاك كل السودان بدلا من المشاركة في السياسة من خلال مؤسساتها. بعد ثورة ديسمبر كنت متابعا لخطابات حميدتي السياسية و خاصة مع رجال الطرق الصوفية و الإدارة الأهلية، و كان الرجل ساعي إلي تكوين حاضنة اجتماعية له. و كتبت مقالا في 8 أغسطس 2022م بعنوان " حميدتي رئيسا للسودان" اردت أن الفت نظر الرجل الي أفضل الأدوات التي تجعله سياسيا إذا كان بالفعل صادق في دعم عملية التحول الديمقراطي.
قال محمد حمدان دقلو ” حميدتي” قائد ميليشيا الدعم للقناة الفضائية ” BBC” (للأسف الشديد، نحن لم ننجح في التغيير، لأسباب لن أتحدث عنها الآن. عندما تفكر في التغيير يكون لديك هدف، ورؤية للتغيير. لكن للأسف الشديد لم يتم الشيء الذي كان مخططا له، وفشل الأمر. والآن سرنا نحو الأسوأ( صحيح أن اي تغيير في أي مجتمع يحتاج لرؤية، و فقدان الرؤية و الفكرة تجعل دعاة التغيير يتخبطون، لأن الفكرة بمثابة خارطة طريق و هي أيضا تحدد الأولويات و الأدوات المطلوبة للتغيير، و غياب الفكرة هل هو الذي قاد للفشل كما جاء على لسان حميدتي. أشرت في ذات المقال عن طموح حميدتي و قلت (أن طموح حميدتي لكي يكون رئيسا في المستقبل أو قائدا سياسيا، محكوم بالنشاط السياسي و الآليات التي يريد أن تحقق له هذا الطموح(. كان المتوقع من شخص يتحدث عن فكرة التغيير يجب أن يكون مدركا لطبيعة التحديات التي سوف تواجه التغيير. لذلك كنت قد أشرت إليه أن يكون حزبا سياسيا جديدا يخوض به الانتخابات، فالفكرة كانت غيرت طبيعة التحدي المحكوم بالمواجهة و العمل المسلح، لذلك جاء في المقال (تؤكد الفكرة أن حماية ثروة الدعم السريع تحتاج لتأسيس حزب سياسي يخوض من خلاله الانتخابات، التي يدخلها منفردا أو متحالفا مع قوى تقليدية.) و القوى التقليدية المشار إليها هي حزب الأمة القومي، باعتبار أن أغلبية منتسبي الدعم السريع مركزين في مناطق نفوذ حزب الأمة تاريخيا، و هي فرصة لم تفكر فيها مجموعات المثقفين الذين كانوا ملتفين حول ميليشيا الدعم، فالأفكار لها أثرا كبيرا في تغيير مسارات التوجه السياسي. إذا كانت الفكرة الديمقراطية تصبح تكوين حزب ينافس على السلطة عبر الطرق السلمية، أما إذا كانت الفكرة القبض علي مفاصل السلطة تصبح القوة و السلاح هما المرشحان لاستلام السلطة. أن كارزمة حميدتي في الميليشيا ما كانت تسمح بتقديم الأراء الجريئة، لآن فكرة الحزب و الديمقراطية سوف تخلق مراكز قوى داخل المؤسسة العسكرية التي كان يتحكم فيها وحده.
و في ذات الوضع كتبت أيضا مقالا يوم 30 يناير 2023م بعنوان " حميدتي تأسيس حزب أم تبني حزب" جاء في المقال إذا يتطلع حميدتي لدور سياسي في المستقبل ( لا يصبح أمام الرجل غير التفكير في تأسيس حزب سياسي يسمح له بالدخول في العملية السياسية، و الاستعداد لخوض الانتخابات القادمة، أو أن يختار الانضمام لحزب سياسي من الأحزاب التاريخية يستطيع من خلاله أن يرشح نفسه و عددا كبيرا من المقربين له.) هذه الفكرة في ذلك الوقت لم تكن صائبة و الرجل كان يشغل الشخص الثاني في السلطة، و كان طموحه كبيرا لكن دون رؤية واضحة خاصة أن حميدتي كان قد بدأ يشتري الصحف التي كانت تعاني من مشاكل مالية. و أيضا شراء عدد من رجالات الإدارة الأهلية عندما وزع عليهم " البكاسي دبل كبينة" كلها أن الرجل كان يريد أن يخلق له قاعدة اجتماعية كبيرة تؤهله أن يلعب دورا سياسيا في المستقبل.
الآن الكرة في ملعب القائمين على ميليشيا الدعم، أن دعوتهم للديمقراطية و النظر في دولة 56 و غيرها من الشعارات التي فقدت بريقها، لا تؤثر في مجرى السياسية و لا تجد آذان صاغية بعد ما فعلته الميليشيا في من ممارسات سالبة ضد المواطنين في الخرطوم و كردفان و دارفور. الأفضل أن تقدم مبادرة جريئة تنقل التفكير إلي مساحات جديدة يجد فيها أبناء الوطن أملا في استعادة السلام و الأمن. للتذكير أن تقدم الميليشيا فكرة حل المكون العسكري و تستبدله بمكون مدني سياسي يكون داعم بالفعل أن يفكر الكل لوقف الحرب. و الانتقال لمربعات حوارية جديدة دون وضع أي شروط معجزة. و نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: میلیشیا الدعم حزب سیاسی أن تقدم
إقرأ أيضاً:
موقع روسي: هذا هو الهدف الحقيقي من فكرة تهجير سكان غزة
أكد موقع "نادي فالداي" الروسي في تقرير أنه ينبغي قراءة تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان قطاع غزة ضمن المواجهة المتصاعدة جيوسياسيا بين الولايات المتحدة والصين، والرغبة الأميركية في السيطرة على الممرات البحرية الاستراتيجية.
وقالت جويرية كلثوم عاطف، المتخصصة في المحتوى الرقمي والمعلومات السياسية في معهد إسلام أباد للأبحاث السياسية، في تقريرها إن خطة تهجير سكان غزة وتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، والتي رفضتها العديد من الأطراف الدولية معتبرة إياها تطهيرا عرقيا وانتهاكا للقانون الدولي، تفتح باب الأسئلة عن المصالح الجيوسياسية العميقة للولايات المتحدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب أميركي: إسرائيل تضغط على ترامب لكي تهاجم إيرانlist 2 of 2ناشونال إنترست: هل تستطيع أوروبا إعادة ضبط السياسة العالمية؟end of listوحسب جويرية، يعتقد كثيرون أن الأمر يتعلق أساسا بسلاسل التوريد والهيمنة الاقتصادية والسيطرة على الممرات المائية في الشرق الأوسط، خاصة في ظل زيادة النفوذ الصيني في المنطقة.
قناة بن غوريونويرى البعض أن مشروع "ريفييرا الشرق الأوسط" جزء من مخطط أميركي قد يكون خطوة أولى نحو تنفيذ مشروع قناة بن غوريون، الذي تحدثت عنه إسرائيل بهدف إعادة توجيه التجارة البحرية، ويفترض أن يمر عبر قطاع غزة، توضح الكاتبة.
وأضافت أن المبادرة التي طُرحت على أساس أنها خطة إنسانية لفائدة سكان غزة قد تكون في الواقع جزءا من صراع السيطرة على الطرق التجارية البحرية، إذ قد يتحول مشروع إعادة الإعمار إلى ذريعة لتوسيع الوجود العسكري الأميركي والإسرائيلي في القطاع بحجة ضمان الأمن، ومن ثم تأمين قناة بن غوريون.
إعلانومثل هذا المخطط يتطلب -وفقا للكاتبة- تهجير سكان غزة وإزالة جميع العقبات السياسية واللوجستية وتغيير الواقع الديمغرافي، ثم تشييد البنية التحتية الضرورية لإنشاء القناة وتحويل مسارات التجارة البحرية بعيدا عن قناة السويس.
وذكرت الكاتبة أن قناة السويس تلعب دورا محوريا في سلاسل التجارة العالمية، حيث يمر عبرها ما يقرب من 12% من تدفقات البضائع بين أوروبا وآسيا وأميركا، كما تُعدّ نقطة حيوية لصادرات النفط من الخليج العربي إلى أوروبا وأميركا الشمالية.
خنق التوسع الصينيوتحدثت الكاتبة جويرية عن أهمية قناة السويس لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية، حيث يمر عبرها 60% من الصادرات الصينية إلى أوروبا. كما استثمرت بكين بشكل كبير في المنطقة الحرة بالسويس، حيث تعمل أكثر من 140 شركة صينية، باستثمارات تصل إلى 1.6 مليار دولار، إلى جانب الاستثمارات في ميناء العين السخنة المصري.
كل ذلك يعني -حسب الكاتبة- أن سيطرة الولايات المتحدة على القناة، أو المضي قدما في تنفيذ مشروع قناة بن غوريون، قد يؤدي إلى تضاعف رسوم عبور السفن الصينية وتعرضها للمزيد من التدقيق الأمني، وتأخر الوصول إلى وجهاتها في فترات التوتر.
ورأت أنه من المرجح أن تؤدي هيمنة واشنطن على قناة السويس إلى عرقلة مشاريع الصين في المنطقة، بما في ذلك توسع نفوذ بكين في أفريقيا، مقابل تصاعد النفوذ الأميركي من خلال الهيمنة على تدفقات التجارة العالمية.
وأكدت جويرية أن الصين قد تلجأ إلى خيارين لمواجهة الطموحات الأميركية، أولهما التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، والثاني تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر ومصر مثلما فعل الاتحاد السوفياتي سابقا.