بدأ مطار القاهرة الدولي، في استقبال كبار الشخصيات العامة وعلماء الدين ورجال الإفتاء، من الوفود المشاركة في فاعليات المؤتمر العالمي الثامن لدار الإفتاء المصرية الذي تنطلق فعالياته الأربعاء المقبل تحت عنوان "الفتوى وتحديات الألفية الثالثة"، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.
واستقبل مطار القاهرة الدولي، على مدار ثلاثة أيام، كلًّا من:

 الدكتور محمد البشاري، أمين عـام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، والدكتور لقمان بن عبد الله المفتي الفيدرالي لدولة ماليزيا، والدكتور محمد عمر كوني، وزير الشئون الدينية بمالي، والدكتور حافظ شاكر فتاحو، رئيس الاتحاد الإسلامي المقدوني، والدكتور عزيز حسانوفيتش، مفتي كرواتيا، والدكتور سليم علواني، الأمين العام لدار الفتوى بأستراليا.


فيما وصل أيضًا كلٌّ من: الدكتور مصطفى دومان، عضو المجلس العلمي الرسمي ببلجيكا، والدكتور إبراهيم لايتوس، مدير الأكاديمية الأوربية للتنمية ببلجيكا، والشيخ إيلدار علاء الدينوف، نائبًا عن رئيس الإدارة المركزية لمسلمي روسيا، والدكتور أحمد زاهر، وزير الشئون الدينية بالمالديف، والدكتور إبراهيم الشائبي، وزير الشئون الدينية التونسي، والدكتور هشــام بالمحمود، مفتي تونس.


يُذكر أن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم تعقد مؤتمرها العالمي الثامن تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، الأربعاء القادم، على مدار يومَي 18، 19 أكتوبر، تحت عنوان «الفتوى وتحديات الألفية الثالثة»، وبحضور وفود من أكثر مائة دولة يمثلون كبار الشخصيات الرسمية والمنظمات الأممية، وكبار رجال الدين من المفتين والوزراء والشخصيات العامة، وكذلك بمشاركة نخبة من القيادات الدينية وممثلي دُور الإفتاء على مستوى العالم.

 

مستشار الرئيس الفلسطيني: كلمتي في مؤتمر الإفتاء العالمي تدور حول موقف مصر المشرف في إفشال المخطط الإسرائيلي لتهجير قطاع غزة  
 

أكد الدكتور محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني أنه سيتناول خلال كلمته في المؤتمر العالمي الثامن لدار الإفتاء المصرية موقف مصر المشرف تجاه القضية الفلسطينية وفي إفشال المخطط الإسرائيلي في تهجير قطاع غزة.

وأضاف الهباش في تصريحات له،  أن تهجير الفلسطينيين أمر مرفوض جملة وتفصيلاً ويدخل في عداد جرائم الحرب، مشيراً إلى أنه سيتناول أيضاً واجب علماء الأمة وقياداتها الدينية تجاه القضية الفلسطينية.

وتابع: نجدد تقديرنا واعتزازنا بمصر وبمواقفها المشرفة، ونقدر الموقف الوطني الصلب الذي يقفه الرئيس عبد الفتاح السيسي ومن خلفه كل الشعب المصري في وجه محاولات تصفية القضية الفلسطينية.

جدير بالذكر أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ستعقد مؤتمرها العالمي الثامن للإفتاء في الفترة من 18 إلى 19 أكتوبر الجاري بفندق الماسة بمدينة نصر، تحت عنوان "الفتوى وتحديات الألفية الثالثة"، تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، وبرعاية كريمة من فخامة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، بحضور علماء ومفتين ووزراء ومتخصصين من أكثر من مائة دولة.

مبادرات عدة  يطلقها المؤتمر منها إصدار الدليل الإعلامي للصحفيين الأجانب، وإطلاق بوابة (IFatwa.org)؛ أول بوابة إلكترونية رقمية تتضمن جوانب إعلامية وتحليلية وبحثية وخدمية تتعلق جميعها بالفتوى الشرعية ومفرداتها المختلفة، وتوفر أحدث الإحصاءات والمؤشرات والتقارير المتعلقة بالحقل الإفتائي، وغيرها من المبادرات والمشروعات الهامة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء مطار القاهرة الدولى مطار القاهرة علماء الدين الإفتاء المصریة العالمی الثامن

إقرأ أيضاً:

على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (10 – 20)

"لنْ يستطيعَ أحدٌ أنْ يركبَ على ظهرِكَ، ما لم تَكُنْ مُنحنياً"

مارتن لوثر كينج

النور حمد

من نماذجٌ الابتزاز المصري

في مقالاتي المتسلسة التي نشرتها قبل خمسة عشر عامًا عن قطب حزب الأمة، السيد، عبد الرحمن علي طه، كنت قد ذكرت الزيارة التي قام بها السيد عبد الرحمن المهدي إلى مصر في النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي لمناقشة البروتوكول الذي عُرف ببروتوكول (صدقي بيفن). وقد ذكر السيد، عبد الرحمن علي طه، في كتابه "السودان للسودانيين" إن السيد عبد الرحمن المهدي أرسل برقية إلى رئيس الوزراء المصري إسماعيل صدقي، على أثر بروتوكول صدقي بيفن، يعرب فيها عن نيته زيارة مصر لمقابلة الحكومة المصرية لكي يتباحث معها حول مسألة السودان. وأخبر السيد عبد الرحمن المهدي المصريين في تلك البرقية، أنه سوف يذهب إلى انجلترا لنفس الغرض. غير أن حكومة صدقي تجاهلت برقيته ولاذت بالصمت، ولم ترد عليه بالطرق الدبلوماسية المتبعة، التي يلجأ إليها الدبلوماسيون عادة في أحوال الرفض.

رغم ذلك، قرر السيد عبد الرحمن المهدي الذهاب إلى القاهرة من تلقاء نفسه، ونزل في أحد فنادقها. لكن، تجاهلت الحكومة المصرية حضوره، رغم أنه زعيم إحدى الطائفتين الدينيتين الكبيرتين في السودان، وهو راعي حزب الأمة أحد أكبر حزبين سياسيين في السودان. لم يأت أحدٌ من المسؤولين المصريين لاستقباله أو مقابلته؛ لا إسماعيل صدقي رئيس الوزراء شخصياً، ولا أي فردٍ آخر من أفراد حكومته. بل، شنت عليه الصحافة المصرية في فترة وجوده في القاهرة حملةً شعواء، ونعتته بشتى النعوت، وكالت له السباب والشتائم. وذهبت إحدى هذه الصحف إلى القول: إن الإمام عبد الرحمن يجب أن يُحكم عليه بالإعدام بوصفه ثائرًا متمرداً على التاج المصري!! (راجع: عبد الرحمن علي طه، السودان للسودانيين، مصدر سابق، ص 39). وقد أورد عبد الرحمن علي طه في نفس الكتاب، المقتطف التالي مما كتبته إحدى الصحف المصرية، حيث قالت: "أكد لنا مصدرٌ كبيرٌ جداً أن الثائر عبد الرحمن المهدي كان على وشك أن يصل إلى مصر في أوائل هذا الصيف الذي انتهى، لتقديم خضوعه للتاج المصري الذي جعله "باشا" وأضفى عليه نعمةً مما جعله يرفل في جاهٍ عريض .... ولكن الاستعمار الإنجليزي أشار إليه بإصبعه أن يلزم مكانه فلزمه". (راجع: عبد الرحمن علي طه، ص 40).

صادف وجود السيد عبد الرحمن المهدي في زيارته تلك للقاهرة، وجود السير هيوبرت هدلستون حاكم عام السودان، الذي وصل إليها، هو الآخر، وهو في طريق عودته إلى الخرطوم، عائدًا من لندن. زار السير هدلستون السيد عبد الرحمن المهدي في الفندق في القاهرة، وأخبره أنه في حالة ذهابه إلى إنجلترا سوف يجد ترحيباً من الحكومة البريطانية. كما شكر هدلستون السيد عبد الرحمن على ما قام به من جهودٍ أدت إلى تهدئة ثورة الجماهير في السودان، عقب إعلان المصريين اتفاقية صدقي بيفن، وقول إسماعيل صدقي للمصريين حال عودته من المفاوضات مع إنجلترا: "لقد أتيتكم بالسيادة على السودان"، (تكبير الخط من وضعي). وقد أكد السيد عبد الرحمن للمستر هدلستون أن ما ذكره صدقي أثار ثائرة السودانيين، لكونه أوضح أن مصر لا تقر للسودانيين بحق تقرير المصير، وإنما تقر لهم فقط بالحكم الذاتي، تحت التاج المصري. وقال السيد عبد الرحمن لهدلستون: لولا تصريح المستر إتلي في مجلس العموم البريطاني، الذي قال فيه إن تصريحات إسماعيل صدقي التي أطلقها بعد عودته من مفاوضاته مع إنجلترا حول مصير السودان، غير حقيقية، وأنها مُضلِّلة، لما أمكن تهدئة خواطر السودانيين. وواضحٌ من ثورة السودانيين على تصريحات إسماعيل صدقي أن السودانيين لم يكونوا يريدون الوحدة مع مصر تحت التاج المصري. لكن، الحكومة المصرية كانت تود أن تبتز السياسيين وزعماء الطوائف ليسيروا في قضية مصير السودان عقب خروج البريطانيين وفقًا للرغبة المصرية، وضد رغبة شعبهم. والذي حدث بالفعل عند الاستقلال أن السودانيين أعلنوا استقلال بلادهم عن كلٍّ من بريطانيا ومصر، من داخل أول برلمان وطني جرى تكوينه، رافضين فكرة الوحدة مع مصر.

التحقيق مع خضر حمد

ما كنا لنعرف شيئًا عن أساليب المخابرات المصرية في ابتزاز السياسيين السودانيين لولا اطلاعنا على بعض الشهادات التي دونها أو حكاها بعض السياسيين السودانيين، بأنفسهم، عن تجاربهم في مصر. ومن الشهادات التي اطلعت عليها في هذا الخصوص ما حكاه السيد خضر حمد في مذكراته عن تعرضه للتحقيق من قبل النيابة المصرية، حين زار مصر عام 1955. وقد أصبح خضر حمد، في ذلك العام، وزيرًا للري في حكومة الرئيس إسماعيل الأزهري، عقب عزل الوزير ميرغني حمزة الذي سبقه. أورد هذه الحادثة، أيضًا، الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان، وهو يناقش ملف مياه النيل وتاريخ المفاوضات بهذا الخصوص. والقصة، باختصار، أن السيد خضر حمد ذهب إلى القاهرة في الأسبوع الأخير من شهر مارس عام 1955 للتحضير للجولة الثالثة من المفاوضات المتعلقة بمياه النيل. قال السيد خضر حمد إنه حمل معه إلى القاهرة قصيدة كتبها الشاعر السوداني المعروف، أحمد محمد صالح، تحمل عنوان "إلى نجيب في عليائه". وكان غرض خضر حمد من حمل القصيدة معه إلى القاهرة أن يجري خطَّها بواسطة خطاطٍ محترفٍ. ثم تحويلها إلى لوح معدني طباعي ليجري عمل عدد من النسخ منها لعدد من أصدقائه المعجبين بالقصيدة الذين كلفوه بهذه المهمة. ويبدو أن هذه المجموعة من الأصدقاء كانت تريد وضع القصيدة في أُطرٍ (براويز)، لكي يعلقوها على جدران منازلهم. وقد كان اللواء محمد نجيب، الذي قاد ثورة يوليو المصرية، ثم ما لبث البكباشي جمال عبد الناصر أن غدر به، وأودعه الإقامة الجبرية حتى مات، قائدًا مصريًّا محبوبًا جدًا لدى السودانيين. فنجيب نشأ وترعرع في الخرطوم وكان قلبه على السودان. وكان محل ثقةٍ كبيرةٍ بين السودانيين.

أعطى الوزير خضر حمد القصيدة لأحد مرافقيه من المصريين للذهاب بها لعمل اللوح المعدني الطباعي الذي سيعود به إلى الخرطوم. وفي الموعد المحدد لاستلام اللوح المعدني داهم بعض رجال المخابرات السيد خضر حمد وهو في المكان الذي كان سيعد اللوح. ويبدو أن الشخص المصري الذي كان يرافق السيد خضر حمد من المخابرات المصرية، وقد قام بتسريب ما كان ينوي خضر حمد فعله فيما خص القصيدة إلى جهات الرسمية. وقد سأل السيد خضر حمد الرجال الذين داهموه في المحل، من أنتم؟ فرد عليه الرجل بأنهم من رجال النيابة المصرية ومعهم واحدٌ من ضباط الجيش. ويروي خضر حمد أن هذا الشخص أجلسه على كرسي في ذلك المحل، وبدأ يكتب فما يشبه محضر التحقيق، ويقرأ بصوت مرتفعٍ: لقد وصل إلى علم وزير الداخلية أن الوزير السوداني خضر حمد أحضر معه قصيدةً عنوانها "علياء نجيب". وأن القصيدة تحوي مدحًا لمحمد نجيب وتعريضًا برجال الثورة. وأن وزارة الداخلية المصرية أمرت أن يجري التحقيق في هذا الأمر، وأن يكون في المجموعة التي تجري التحقيق اثنان من أعضاء النيابة ورجل من الجيش.

الواضح من هذه المسرحية السمجة المرسومة أن الغرض منها هو إرباك الوزير السوداني، وحل عزيمته أمام المفاوضين المصريين، بوضعه موضع المتهم بارتكاب جريمة، عبر تلفيق تهمةٍ تافهةٍ كهذه له، وتعريضه للتحقيق، وهو وزيرٌ زائر. ويبدو أنهم إمعانًا منهم في امتهان ضيفهم الرسمي وتقليل قيمته، اختاروا أن تجري هذه المسرحية السمجة في ذلك المحل العام وسط سوق القاهرة. ثم، التحقيق معه بهذه الصورة، دون أي اعتبار لمكانته، ولا للطرق التي تتعامل بها الدول مع الزوار الرسميين. فخضر حمد أحد أبرز سياسيي الحركة الوطنية في السودان. وقد جاء إلى مصر في وفد رسمي بغرض التفاوض حول مياه النيل. ويبدو أن المصريين لم يكونوا مسرورين لموقف خضر حمد في جولة التفاوض التي جرت، فاختلقوا له تلك الحادثة قبل سفره. خاصةً، قد كان مقررًا أن يعود السيد خضر حمد إلى السودان في نفس ذلك اليوم، لكي يقوم بالتشاور مع حكومته في الخرطوم، ثم يعود مرة أخرى، بعد بضعة أيام لبدء جولةٍ جديدة من المفاوضات في القاهرة.

الغريب أن السيد خضر حمد أخبر، لدى عودته من القاهرة، السيد إسماعيل الأزهري، رئيس الوزراء، بما جرى له في القاهرة، وطلب منه إعفاءه من العودة إلى مصر في الوفد المفاوض. لكن السيد إسماعيل الأزهري رفض طلبه وأصر على أن يعود ضمن الوفد مرة ثانية! بل، ويعود رئيسًا للوفد. وهكذا، رجع السيد خضر حمد إلى القاهرة يوم 4 أبريل عام 1955، أي بعد أربعة أيامٍ فقط من مجيئه من القاهرة، ومن تاريخ تلك الحادثة. وقد دلَّ ذلك، فيما أرى، على قلة اكتراث السيد إسماعيل الأزهري وعفويته وعدم أخذه دلالة تلك الحادثة بالجدية الكافية. فالحادثة لم تزعجه ولم ير فيها إهانةً لبلده وحكومتها ومحاولةً لابتزار وزير ذهب للتفاوض في شأن خطيرٍ بغرض كسر عزيمته عن طريق اتهامه بارتكاب جريمة والتحقيق معه في محل تجاري عام وسط القاهرة. كما لم يفكر الأزهري حتى في رفع صوته احتجاجًا على تلك الفعلة. أكثر من ذلك، أصر على أن يعود الوزير الذي تعرض لمحاولة الابتزاز رئيسًا لوفد المفاوضات. وقد عرفت الأنظمة المصرية، عبر عديد التجارب، عفوية السياسيين السودانيين الذين يمارسون السياسة، بلا كفاءة ولا تدريب ويصلون إلى المناصب وفقًا لاعتباراتٍ تأتي الكفاءة، في كثيرٍ من الأحيان، في مؤخرتها، وقد لا تأتي إطلاقا. كما عرفت السلطات المصرية انكسار السياسيين السودانيين وتقزيمهم لأنفسهم أمام رصفائهم المصريين. بل، وسذاجتهم، وقابليتهم للابتزاز بشتى الطرق. فطفقت تمارس عليهم مختلف ألاعيب الابتزاز، منذ أربعينات القرن الماضي، وإلى يومنا هذا. فالمشكلة ليست حصرًا في طرق تعامل المسؤولين المصريين مع السودان ومع السودانيين، وإنما هي أيضًا، وبقدر أكثر أهمية، فينا نحن السودانيين، أنفسنا.

غازي سليمان وقصة الخمر والنساء

إن أميز ما يميز المحامي والسياسي الراحل، غازي سليمان، أنه كان رجلاً صادقًا، شديد الوضوح والصراحة. وأنه ممن يقولون الحق ولو على أنفسهم. لكن، قول الحق على النفس ليس محمودًا في كل الأحوال، فبعضه يدخل في باب المجاهرة المنهي عنها. ذكر غازي سليمان، وهذا موثقٌ بالصوت والصورة في تطبيق يوتيوب، أنهم عقب الإطاحة بالرئيس جعفر نميري في ثورة أبريل 1985، كان ضمن وفدٍ من الحكومة الانتقالية جرى إرساله إلى مصر ليطالب الحكومة المصرية بتسليم الرئيس جعفر نميري الذي أطاحت به الثورة، لكي تتم محاكمته على ما اقترف من جرائم. وكان نميري عائدًا من الولايات المتحدة الأمريكية إلى السودان عبر القاهرة حين اندلعت الثورة وجرت الإطاحة به. فاحتجزته السلطات المصرية في القاهرة، ونصحته بعدم العودة إلى السودان، وأصبح لاجئًا هناك.

قال الأستاذ، غازي سليمان إن السلطات المصرية استقبلت وفدهم استقبالاً طيبًا، وأنزلتهم في أفخم الفنادق. وفي الليلة السابقة للجلسة الرسمية تقديم طلبهم إلى الحكومة المصرية بتسليم الرئيس جعفر نميري، جِيء إلى إليهم بالخمر والنساء. وحين ذهبوا في اليوم التالي إلى قاعة المحادثات، وجدوا شاشة كبيرةً معلقةً على الحائط. وما أن بدأت الجلسة، جرى عرض فيلم حوى ما فعله أعضاء الوفد في الليلة السابقة من أفعالٍ فاضحة. وما أن انتهى عرض الفيديو، وقف أحد المسؤولين المصريين وخاطبهم قائلاً: "طلباتكم يا باشوات؟". قال غازي: صمتنا لفترة وتلفتنا نحو بعضنا، ثم ما لبثنا أن قلنا لهم: ليست لدينا طلبات. وواصل غازي قائلاً: انفض الاجتماع ومنحونا إقامة لبضع أيام في أفخم فنادق القاهرة قمنا أثناءها بجولاتٍ سياحيةٍ في ضيافة الحكومة المصرية. وهكذا عادوا إلى السودان بخُفَّيْ حُنين. وأعلنت مصر عقب ذلك أنها ترفض تسليم الرئيس المخلوع جعفر نميري لحكومة الفترة الانتقالية لأسباب قانونية وسياسية.

ما جرى لهذا الوفد السوداني الذي ذهب لمطالبة الحكومة المصرية بتسليم الرئيس المخلوع جعفر نميري لمحاكمته، ليس غريبًا. فمن المعروف جدًا أن المال والخمر والنساء من أهم وسائل أجهزة المخابرات في استخلاص الأسرار ممن تريد استخلاصها منهم. ويجري ذلك عن طريق توريط المطلوب استخلاص الأسرار منهم في علاقة غرامية مع جاسوسة من دون أن يعرف أنها جاسوسة. أو عن طريق جر المراد ابتزازه إلى فضيحة أخلاقية، يجري توثيقها بالصورة والصوت. فيصبح المستهدَذف أسيرًا لجهاز المخابرات فلا يعصي له أمرًا. وهذه الحادثة التي ذكرها الأستاذ غازي سليمان تقدم أقوى دليلٍ على سذاجة ورخاوة وغفلة القيادات السياسية السودانية التي تتصدى للعمل العام وعدم جديتها واستهانتها بضوابط تمثيل بلادها. ولنا أن نتصور كم من السياسيين السودانيين قد أضحوا أسرى لجهاز المخابرات العامة المصرية عبر استخدام مثل هذه الأساليب القذرة. لكن، أيضَا، كم هم وُضعاءُ أولئك المسؤولون الذين تُوقعهم دناءتُهم في حبائل هذا النمط من الابتزاز الرخيص؟

(يتواصل)

elnourh@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • 18 مارس.. مطار حلب الدولي يعود للعمل
  • جامعة الدول العربية تنظم مؤتمرًا دوليًا لمكافحة كراهية الإسلام
  • النائب العام يشهد إفطار رمضان مع موظفي النيابة العامة..صور
  • النائب العام يشهد إفطار رمضان مع موظفي النيابة العامة
  • جامعة أسيوط ضمن أفضل الجامعات المصرية في تصنيف QS العالمي لعام 2025
  • وزير الشباب يشهد اجتماع الجمعية العامة لـ الأنوكا بالجزائر
  • وصول سيارات السلالم الهيدروليكية للسيطرة على حريق المعامل المركزية
  • وصول دفعة جديدة من مصابي غزة عبر معبر رفح للعلاج بالمستشفيات المصرية
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (10 – 20)
  • تجديد حبس راكب حاول تهريب المواد المخدرة في مطار القاهرة