عربي21:
2025-04-28@22:35:28 GMT

بين سوريا وغزة… الأصل والنسخة

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

كما أن السجين يتعلم من سجّانه، فإن القتلة والمجرمين يتعلمون من بعضهم بعضاً، ولعل أكثر ما جسّده العدوان الصهيوني على غزة، هو ذاك المخزون الضخم من التجارب والخبرات التي يتبادلها القتلة في كل من تل أبيب ودمشق، فيطبقونها حرفياً على الشعوب، تلك الخبرات التي لا تعود إلى سنوات قليلة وإنما إلى عقود مديدة، وكأن كتاب دليلهم في القتل والتعذيب والإذلال واحد.



كشف الكاتب اليهودي الأمريكي توماس فريدمان في مقال له مطول في النيويورك تايمز عن مصطلح يقول إنه نَحَته قبل فترة، وإن كان لا أحد قد سمع به إلّا بعد العدوان على غزة، وهو "قواعد حماة"، وهي تلك القواعد التي طبقها المجرم حافظ الأسد عام 1982 فأباد حماة بحجة القضاء على تنظيم الإخوان المسلمين، فقتل بحسب تقديرات الكاتب 20 ألف مدني، بينما قدرتها مصادر أخرى بـ40 ألف مدني، وبعد عمليات القتل الجماعي طلب المجرم الجرافات لتقوم بتسوية الأرض.

يخلص بذلك فريدمان إلى القول إن بإمكان إسرائيل أن تعمل نفس الشيء في غزة. ويستطرد الكاتب اليهودي فيقول إن زعيماً عربياً سأل حافظ أسد عن عدد القتلى في مجزرة حماة فأجابه بكل برود: "كالعادة هناك أناس يعيشون وآخرون يموتون"
ويخلص بذلك فريدمان إلى القول إن بإمكان إسرائيل أن تعمل نفس الشيء في غزة. ويستطرد الكاتب اليهودي فيقول إن زعيماً عربياً سأل حافظ أسد عن عدد القتلى في مجزرة حماة فأجابه بكل برود: "كالعادة هناك أناس يعيشون وآخرون يموتون".

بعد ساعات على مقال فريدمان كان نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق داني أيالون يتحدث للجزيرة الإنجليزية؛ مستشهداً بقواعد نجل حافظ الأسد هذه المرة، والتي طبقها على مدار أكثر من عقد في الثورة السورية بتهجير ملايين السوريين، وقال إن هذه القواعد يمكن لإسرائيل أن تطبقها في غزة بإرسال مليونين من الغزيين إلى صحراء سيناء، حيث تُبنى لهم مدن تتوافر فيها الخدمات، وهو النموذج الذي يشبه ما حصل لملايين السوريين من تهجيرهم من مناطقهم إلى تركيا ومناطق أخرى، بمساعدة المحتل الروسي والإيراني، حيث يعد الأخير صاحب نظرية تفريغ مناطق ريف دمشق من أهل السنة الثائرين على عصابات الأسد.

لم يقتصر استنساخ قواعد اللعبة على العقلية العسكرية التدميرية هذه فقط، وإنما تعدّتها إلى تشابه في التكتيكات التي قام بها بعض الصهاينة المدنيين حين كانوا يقومون بإغاظة الغزيين كما اعتقدوا، في الاستمتاع بشرب المياه من الصنابير، في الوقت الذي يعاني أهل غزة من انقطاع المياه والكهرباء والوقود عن بيوتهم، وهو نفس الأسلوب تماماً الذي كانت تتبعه مليشيات الأسد خلال حصار مضايا وبلدات ريف دمشق من قبل.

جغرافية الانتقام والثأر، ونقل التكتيكات والقواعد المشينة انتقلت إلى عالم الفن، فقد ظهر فنان صهيوني على شاشة تلفزيونية صهيونية، وهو يدعو إلى محو غزة من على الخريطة، كرد مباشر على عمليات طوفان الأقصى، وهو ما فعله الفنان الطائفي ريبال الهادي الذي دعا عقب الهجوم لإبادة ومحو إدلب كرد على ما تعرضت له الكلية الحربية في حمص، حين أسفر الهجوم عن مقتل أكثر من مائة شخص.

تكتيكات وقواعد الحرب انتقلت سريعاً إلى الفضاء الإعلامي، حيث بدأت تل أبيب بخلع لبوس داعش على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لتتهمها تل أبيب بقطع رؤوس الأطفال وحرق جثثهم، وهي السردية التي ابتلعها الرئيس الأمريكي جو بايدن، لينفيها لاحقاً البيت الأبيض وحتى الجيش الصهيوني
تكتيكات وقواعد الحرب انتقلت سريعاً إلى الفضاء الإعلامي، حيث بدأت تل أبيب بخلع لبوس داعش على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لتتهمها تل أبيب بقطع رؤوس الأطفال وحرق جثثهم، وهي السردية التي ابتلعها الرئيس الأمريكي جو بايدن، لينفيها لاحقاً البيت الأبيض وحتى الجيش الصهيوني. وهي نفس القواعد والتكتيكات التي مارستها عصابات الأسد، حين خلعت لبوس داعش على كل الثورة السورية، ولم توفر حتى الخوذ البيضاء (الدفاع المدني).

سردية الجيش الصهيوني عن داعشية حماس سخر منها رئيس الموساد سابقاً اللواء أفرايم هليفي، وقال إن حماس ليست داعش، ولا بد من الحوار معها. وأهمية هليفي تعود إلى أنه الشخص الذي أرسله نتنياهو إلى الأردن لمعالجة ذيول محاولة اغتيال القيادي خالد مشعل عام 1997. ويخلص هليفي إلى القول إن حماس لا يمكن القضاء عليها كما وضع الجيش الاسرائيلي هدفه من عملياته السيوف الحديدية، وإنما لا بد من التفاوض والتفاهم معها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الأسد إسرائيل سوريا الأسد إسرائيل غزة جرائم مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تل أبیب

إقرأ أيضاً:

المفتي من مطروح: بناء الإنسان هو الأصل في بناء الأوطان

أكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن بناء الإنسان هو الأصل الأول في بناء الأوطان، وهو القاعدة التي تقوم عليها نهضة الأمم ورقيها، مبينًا أن الله تعالى خلق الإنسان لعمارة الأرض، وجعل هذا الهدف مقترنًا بالرسالة الإلهية التي جاء بها الرسل جميعًا، فكانت الشرائع السماوية ترسخ في الإنسان قيم الحق والخير والجمال، وتدفعه إلى السعي في الأرض طلبًا للرزق الحلال وإعمارًا للكون بما ينفع الناس ويحقق مصالحهم، وكذلك استندت الدساتير والقوانين الوضعية إلى حفظ إنسانية الإنسان وكرامته، موضحًا أن الدين في أسمى صوره هو العامل الأول في بناء شخصية الإنسان السوي الذي يعرف واجباته كما يعرف حقوقه، ويقيم علاقته بربه ومجتمعه على أساس من الرحمة والعدل والصدق، مؤكدًا أن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها الذين يتحلون بالعلم والخلق، وأنه لا كرامة لإنسان بلا وطن يحتضنه ويحميه، مشددًا على أن حماية الوطن واجب ديني ووطني، وأن خيانة الأوطان أو الإضرار بها صورة من صور الفساد التي حرمتها جميع الشرائع.

جاء ذلك خلال كلمة فضيلته بندوة "بناء الإنسان أساس بناء الأوطان" التي نظمتها محافظة مرسى مطروح لطلاب جامعة مطروح وطلاب مدارس المحافظة.

مفتي الجمهورية يدعو لتطوير مناهج جامعية متخصصة في فقه بناء الإنسانمفتي الجمهورية يقدم واجب العزاء في البابا فرنسيس بسفارة الفاتيكان بالقاهرةمفتي الجمهورية يدعو لإطلاق جائزة سنوية لأفضل بحث علمي لبناء الإنسانمفتي الجمهورية يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء

وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن بناء الإنسان لا يقتصر على الجانب العقدي والتعبدي فقط، بل يمتد ليشمل بناء الأخلاق والسلوك، وصيانة العقل، وحفظ البدن، وتنمية الفكر، مبينًا أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال، يحث على التوازن بين الروح والمادة، ويحذر من الغلو والإفراط والتقصير، داعيًا إلى حسن استخدام النعم وعدم الإضرار بالنفس أو بالآخرين، ومنبهًا إلى خطورة السلوكيات الدخيلة التي تسللت عبر وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تستهدف تفكيك منظومة القيم والأخلاق. واستشهد فضيلته بالآية الكريمة: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، موضحًا أن الرقابة الذاتية المستمدة من الإيمان هي الحصن المنيع الذي يحمي الإنسان من الزلل، وأن العبادات لم تفرض إلا لتزكية النفس وتهذيب السلوك، محذرًا من مظاهر الانفلات القيمي التي تضعف الأمم وتجرها إلى الهلاك، ومستشهدًا بالبيت الشعري الخالد: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت... فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا".

واختتم فضيلة المفتي كلمته بالتأكيد على أن بناء الإنسان المثقف الواعي القادر على حماية هويته الدينية والوطنية هو الضمانة الأكيدة لبقاء الأوطان قوية عزيزة، مشيرًا إلى أن عناصر الهوية تتمثل في الدين واللغة والحضارة والوطن، وأن الطعن في هذه العناصر أو التشكيك فيها يمثل تهديدًا وجوديًّا للأمة، داعيًا الشباب إلى التمسك بجذورهم والانفتاح الواعي على العالم دون التفريط في القيم والثوابت، مستشهداً بسير العلماء الكبار الذين أضاءوا تاريخ البشرية بعلومهم ومعارفهم أمثال ابن سينا، والرازي، وابن الهيثم، ومؤكدًا أن الأمة التي تعرف قدر علمائها وماضيها المجيد، قادرة على بناء مستقبلها بإرادة لا تلين وهمم لا تعرف الوهن.

حضر الندوة  اللواء أركان حرب، خالد شعيب، محافظ مطروح، والدكتور إسلام رجب نائب المحافظ، والنائب صالح سلطان، رئيس الهيئة البرلمانية بمطروح، بالإضافة إلى عدد من القيادات التنفيذية والشعبية وعدد من قيادات الأزهر والأوقاف والتربية والتعليم ، إضافة إلى  جمع من طلاب جامعة ومدارس المحافظة، الذين تفاعلوا مع كلمة فضيلة المفتي، معبرين عن اعتزازهم بما حملته من معانٍ سامية لبناء الإنسان والأوطان.

طباعة شارك نظير محمد عياد مفتي الجمهورية بناء الإنسان جامعة مطروح

مقالات مشابهة

  • تل أبيب ترفض مقترح وقف إطلاق النار في غزة والذي يشمل إعادة كل المحتجزين
  • عاجل. المتحدث باسم الحكومة الفرنسية: باريس تدعو تل أبيب إلى وقف "المذبحة" التي تجري اليوم في غزة
  • مزاعم نتنياهو: اعترضنا طائرات إيرانية أرسلت لإنقاذ الأسد في سوريا
  • المفتي من مطروح: بناء الإنسان هو الأصل في بناء الأوطان
  • تحولات كبرى في المشهد الإقليمي.. السعودية وقطر.تسددان ديون سوريا للبنك الدولي
  • رامي مخلوف يعلن تشكيل “قوات النخبة” ويتهم الأسد بـ”سقوط سوريا”
  • من هو القيادي الحوثي عبدالله الرصاص الذي استهدفه الجيش الأمريكي في اليمن؟
  • تفاصيل كمين حي الشجاعية برواية الجيش الإسرائيلي.. ما الذي حصل؟
  • محطات العلاقة بين سوريا والعراق منذ انهيار نظام الأسد
  • نقابة الفنانين في سوريا تمنح 4 فنانين عضوية الشرف.. بينهم أصالة وفضل شاكر