"جرائم الحرب" و"جرائم ضد الإنسانية" و"الإبادة الجماعية"، 3 مصطلحات مختلف في تعريفها، ولكل واحدة منها نظام قانوني مختلف وعقوبات متفاوتة على المستويين الوطني والدولي، ظهرت الحاجة لتعريفها وتحديدها بعد الحرب العالمية الثانية على يد الحلفاء وحاولت الأمم المتحدة على مر التاريخ صياغة تعريف في اتفاقيات واضحة للحد منها.

الفكرة والنشأة

بدأت فكرة فرض قيود على الممارسات المرتكبة في النزاعات المسلحة إلى القرن السادس قبل الميلاد على يد المحارب الصيني صن تسو، وكان الإغريقيون أول من عدوا "المحظورات على الممارسات في النزاعات المسلحة" قانونا.

وكانت أول محاكمة معروفة في هذا الخصوص ما أصدرته المحكمة المخصصة للإمبراطورية الرومانية المقدسة بحكم الإعدام لبيتر فون هاغنباخ عام 1474 في النمسا، وذلك لارتكابه أعمالا وحشية أثناء احتلال برايزاخ.

لكن فكرة المعاقبة على جرائم الحرب لم يتبنها المجتمع الدولي بسهولة، إنما مرّ بعدة مراحل بداية من معاهدة فرساي 1919 إلى اتفاق لندن 1945. وبعد الحرب العالمية عدّت انتهاكات معينة لقوانين الحرب جرائم، لذا أدخلت تعديلات على اتفاقات لاهاي لعام 1899 وعام 1907.

وظهرت الحاجة لتعريف هذه المصطلحات الثلاثة (جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية) بعد الحرب العالمية الثانية لما تركته من تأثير على الدول المشاركة أكانت رابحة أم خاسرة، وبدأت تذكر على المستوى الدولي في الاتفاقات والمعاهدات التي شكلها الحلفاء.

وظهرت أولا في المحاكم العسكرية الدولية التي أقامها الحلفاء في نورمبرغ وطوكيو، ثم في اتفاقيات جنيف عام 1949 وما تبعها، ثم في المحكمتين الجنائيتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا بين عامي 1993 و1994.

وحددت الجرائم التي تخضع للعقوبة من هيئة قضائية دولية بقائمة شاملة في قانون المحكمة الجنائية الدولية الصادر في يوليو/تموز 1998، ولم يدخل حيز التنفيذ حتى يوليو/تموز 2002. وبحلول أبريل/نيسان 2013 صادقت 122 دولة على نظام "روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".

الحاجة لتوحيد المصطلحات وتعريفها

المصطلحات الثلاثة معرفة في القوانين الجنائية للدول عموما، وتخضع للعقوبات حسب قوانين البلاد، وتختلف المفاهيم والمصطلحات والعناصر المدرجة تحتها بين الدول رغم الاتفاق على أسسها تقريبا، ويأتي تعريف المحكمة الجنائية الدولية بشكل تقول إنه واءم بين التعريفات الوطنية المختلفة للمصطلحات الثلاثة.

لكن يبقى تطبيق العقوبات المفروضة على المخالفين لتلك القوانين محل خلاف في كيفية تعريف المصطلحات وكيفية تنزيلها على الأحداث وتحديد إن كانت الحالات تنطبق عليها أم لا، خاصة في ظل الخلافات السياسية وكيفية مجيئها بعد نزاعات مسلحة شاركت فيها جيوش وطنية وممثلون للحكومة، مما يرجح ألا يكون القضاء نزيها وحياديا وموضوعيا في كيفية التعامل معها.

من التشريعات الوطنية إلى القوانين الدولية

ولحل الإشكال السابق وسعت جنيف اتفاقياتها عام 1949 عن طريق تقنين مبدأ "الاختصاص القضائي العالمي في قوانينها" بالمحاكم الوطنية، لتتمكن من مقاضاة مرتكبي الجرائم فيها حتى إن ارتكبت في بلاد أخرى.

وينص المبدأ على أن تتعهد "كل الدول بالبحث عن مرتكبي جرائم خطيرة معينة، منها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومقاضاتهم حتى إذا لم تكن للدول روابط مهمة بالمتهم أو بالأعمال التي ارتكبت"، ولتطبيق ذلك على الدول أن تدمج هذا المفهوم في قوانينها الوطنية.

ورغم ذلك يبقى الأمر صعب التطبيق عمليا، إذ إنها تعتمد على الإجراءات القضائية والدولية، وعلى التعاون بين الدول، وعلى إنشاء محاكم جنائية دولية.

وتفاديا للتهرب من العقاب على الجرائم المرتكبة، أوضح القانون الدولي أنها لا تتقادم، مما يعني عدم وجود "فترة زمنية محددة لإجراء المحاكمة" أي أن المجرمين يمكن محاكمتهم ولو بعد عقود.

"التدمير الذي لا تسوّغه الضرورات العسكرية" من الحالات التي يشار إليها بأنها جرائم حرب (شترستوك) 50 عاما لتحديد "قائمة الجرائم"

استغرقت الأمم المتحدة 50 عاما في صياغة قائمة رسمية تضم "الأفعال التي تعد جرائم ضد سلام وأمن الإنسانية"، وظلت القائمة دائمة التحديث، فضمت مع مرور الوقت "الإبادة الجماعية" و"الإرهاب" وغيرهما.

ورغم تحديد الأمم المتحدة قائمتها لم تستطع إقرارها بشكل رسمي من الدول الأعضاء، أو حتى في تأسيس محكمة جنائية دولية دائمة مختصة في هذه الجرائم حتى عام 1998، وكانت قبلها تعاقب ذوي الشأن في محاكم خاصة، حتى أنشأت المحكمتين الجنائيتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا ورواندا.

وتبنّى أعضاء الأمم المتحدة في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1968 اتفاقية "عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية" لتفادي إفلات مرتكبي الجرائم. لكن صادقت على الاتفاقية 50 دولة فقط.

وفي روما في 17 يوليو/تموز 1998 تم تبني قانون المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، وبموجبه صار للمحكمة صلاحية اختصاص على جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، في الحالات التي تكون فيها الدول غير راغبة أو غير قادرة على إجراء تحقيق أو محاكمة.

وأقر المبدأ في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية وصادقت عليه 122 دولة، ونص في المادة الخامسة على أن "جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان لا تخضع لأي تقادم".

جرائم الحرب

يعد مصطلح "جريمة الحرب" مفهوما أوسع بكثير من مفهوم "الإبادة الجماعية" و"الجريمة ضد الإنسانية"، وعرّفه ميثاق محكمة نورنبرغ العسكرية الدولية عام 1945 حسب المادة 6، بأنه انتهاكات قوانين الحرب وأعرافها، بما في ذلك:

القتل أو المعاملة السيئة أو الترحيل على شكل عمالة ورقيق أو لأي غرض آخر للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة. القتل أو المعاملة السيئة لأسرى الحرب أو الأشخاص في عرض البحار. قتل الرهائن وسلب الممتلكات العامة أو الخاصة. تدمير المدن أو القرى. التدمير الذي لا تبرره الضرورات العسكرية.

وبين عامي 1993 و1994 وسعت المحكمتان الدوليتان الخاصتان بيوغسلافيا السابقة ورواندا من مفهوم تلك الجرائم لتشمل "انتهاكات جسيمة" أخرى لاتفاقيات جنيف الأربع.

ثم نصت المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن "جرائم الحرب" تعني:

الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 أغسطس/آب 1949، وأي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة:

القتل العمد. التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية. تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة. إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها بدون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة. إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية. تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية. الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع. أخذ رهائن.

وجريمة الحرب لها عنصر سياقي وهو النزاع المسلح، وعنصر نفسي يقتضي أن يكون الجاني على علم ووعي بتصرفاته، إلا أنها على عكس "الإبادة الجماعية" و"الجريمة ضد الإنسانية" لا تخص المدنيين، بل يمكن ارتكابها على المقاتلين.

وشملت أيضا المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية "الانتهاكات الخطيرة" وعددتها تحت 26 بندا، ثم ما يخص "النزاع المسلح غير الدولي".

وتعرف منظمة العفو الدولية جرائم الحرب بأنها "جرائم تنتهك قوانين الحرب أو أعرافها وفق تعريف اتفاقيات جنيف ولاهاي، وتشمل استهداف المدنيين والتعذيب وقتل أسرى الحرب أو إساءة معاملتهم".

الجرائم ضد الإنسانية

تم تعريف مفهوم "الجريمة ضد الإنسانية" على التوالي من قبل المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا، إلا أنه لم يتم تدوينه بعد في شكل معاهدة محددة، وقد تم التعبير عن أحدث توافق في الآراء بشأنه في نظام روما الأساسي لعام 1998، الذي أنشأته "المحكمة الجنائية الدولية".

يمكن وصف الفعل بأنه "جريمة ضد الإنسانية" فقط -كما تذكر الأمم المتحدة- من خلال "هجوم واسع النطاق أو منهجي على أي مجموعة من السكان المدنيين"، ويجب أن يكون الجاني على علم بهذا الهجوم.

ولتمييزه، يجب أن يتضمن الفعل عنصرا سياقيا بالإضافة إلى العنصر النفسي، ومن بين الأفعال المُجرمة على وجه الخصوص الإبادة والترحيل والتعذيب والاسترقاق الجنسي أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة، والاختفاء القسري.

وقد ميّزت محكمة نورمبرغ "الجرائم ضد الإنسانية" بأنها تتعلق بـ:

القتل والإبادة. الاسترقاق والاستعباد. التصرفات اللاإنسانية الأخرى التي يتمّ ارتكابها ضدّ السكان المدنيين قبل أو أثناء الحرب. الاضطهاد على أسس سياسية أو عرقية أو دينية تنفيذا لأي جريمة ضمن اختصاص المحكمة أو في ما يتعلّق بتلك الجريمة.

ثم عرّفتها المحكمة الجنائية الدولية على أنها "الأفعال التي يتمّ ارتكابها في أوقات النزاع والأوقات الأخرى بما في ذلك أوقات السلم. وهي تضيف ممارسة الإكراه على الاختفاء إلى هذه الفئة".

وقسمتها المحكمة الجنائية إلى 5 عناصر أساسية:

أن يكون العمل غير إنساني في طبيعته وخصائصه ويسبب آلاما شديدة أو إصابة خطيرة للجسم أو للصحة العقلية أو البدنية. أن يكون العمل قد ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو ممنهج. أن يكون العمل قد ارتكب ضد السكان المدنيين. أن يكون العمل ارتكب على أساس واحد أو أكثر من الأسس التي تنطوي على تمييز مثل الأسس الوطنية أو السياسية أو العرقية أو العنصرية أو الدينية. أن يكون مرتكب العمل على علم بالصلة بين سلوكه والهجوم الواسع النطاق أو الممنهج.

وتعرّف منظمة العفو الدولية الجرائم ضد الإنسانية بأنها "جرائم تُرتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو ممنهج ضد السكان المدنيين كجزء من سياسة الدولة أو سياسة ممنهجة أثناء فترة السلم أو الحرب. بما في ذلك حالات الاختفاء القسري والقتل والاسترقاق والاغتصاب والترحيل أو النقل القسري للسكان".

الإبادة الجماعية

استخدم مصطلح الإبادة الجماعية لأول مرة من قبل المحامي البولندي رافائيل ليمكين عام 1946، في عهد دول المحور في أوروبا المحتلة، وهو مكون من لفظين "جينوس" (genos) الذي يعني "العرق" أو "القبيلة"، واللاحقة "سيد" (cide) التي تشير إلى فكرة القتل.

واعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1946 بمصطلح "الإبادة الجماعية" كجريمة بموجب القانون الدولي، كما يقول مكتب منع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية، وهو هيئة تابعة للأمم المتحدة، وقد أدرج هذا المصطلح في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، التي صدقت عليها 149 دولة.

وتعرف المنظمة المصطلح بأنه "الأفعال المرتكبة بقصد تدمير جماعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية، كليا أو جزئيا من قتل وإلحاق أضرار بدنية أو نفسية خطيرة بأفرادها وإلحاق الأضرار الجماعية بأوضاع الحياة التي يقصد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا، وفرض إجراءات تهدف إلى منع الولادة داخل تلك الجماعة، ونقل أطفالها بالقوة إلى جماعة أخرى".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الأساسی للمحکمة الجنائیة جرائم ضد الإنسانیة الإبادة الجماعیة جریمة ضد الإنسانیة السکان المدنیین الأمم المتحدة أن یکون العمل جرائم الحرب بما فی ذلک على أن

إقرأ أيضاً:

الفرق بين المحكمتين "الجنائية والعدل" الدوليتين.. خبير قانوني: الإبادة الجماعية القصد منها تدمير جماعة وطنية أو إثنية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ظل إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، وتصاعد الجدل حول دور المحكمة الجنائية الدولية والمحكمة الدولية، يصبح من الضروري التوضيح والتمييز بينهما. فالخلط بين الوظيفتين القضائيتين يعكس غموضاً قد يؤدي إلى فهم مغلوط. لذا، نهدف في هذا التحقيق إلى تقديم شرح مفصل حول الفرق بين "المحكمة الجنائية الدولية" و"محكمة العدل الدولية".

تختص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة الأفراد الذين ارتكبوا جرائم دولية مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بينما تعتبر محكمة العدل الدولية الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وهي مختصة بالفصل في المنازعات القانونية بين الدول. وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة للمحكمة الجنائية الدولية، فإن 124 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة قد وقعت على اتفاقية تسليم مجرمي الحرب، بما في ذلك دول عربية قليلة مثل تونس والأردن وجيبوتي، بينما تظل بقية الدول غير ملزمة بذلك، وهو ما يثير تساؤلات حول تأثير هذا الواقع على تطبيق العدالة الدولية.


من جانبه أوضح دكتور عنايت ثابت، رئيس قسم القانون الدولى الخاص بكلية الحقوق جامعة القاهرة لـ"البوابة نيوز":
حين قدم المدعي العام كريم خان للجنائية الدولية طلبات للدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة لإصدار أوامر بإلقاء القبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق أحداث 7 أكتوبر والحرب في غزة، ومعه كبار قادة حركة حماس وجناحها العسكري "كتائب القسام"، قصد من هذا كسر حلقة الإفلات من العقاب التي تحمي هؤلاء المجرمين الصهاينة مرتكبي أفظع الجرائم ، وتؤكد أنه لا أحد فوق القانون الدولى الخاص ، لتؤسس ثقافة احترام حقوق الإنسان ، وتوفير العدالة للشهجاء الفلسطينيين رغم انهم فارقوا الحياه لكنه القصاص لهم ولأسرهم
المحكمة الجنائية الدولية (ICC)
وتابع : تعد المحكمة الجنائية الدولية (ICC) مؤسسة قضائية دولية دائمة تأسست بموجب نظام روما الأساسي لعام 1998، ودخلت حيز التنفيذ عام 2002. تهدف هذه المحكمة إلى تحقيق العدالة الدولية ومحاكمة الأفراد المسؤولين عن أفظع الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي من صلاحياتها محاكمة المسؤولين عن أخطر الجرائم، حيث تم إنشاؤها مع الوضع في الاعتبار ملايين الأطفال والنساء والرجال الذين وقعوا ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة،
الجرائم موضوع المحكمة الجنائية الدولية 
ويكمل : الإبادة الجماعية القصد منها تدمير، جماعة وطنية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، كليًا أو جزئيًا، وجرائم الحرب المتمثلة فى الانتهاكات الخطيرة لاتفاقات جنيف والبروتوكولات الإضافية لها، وجرائم الحرب الأخرى، والجرائم ضد الإنسانية بمعنى الأعمال واسعة النطاق أو المنهجية التى ترتكب كجزء من هجوم موجه ضد أي مجموعة من المدنيين العزل الذين لا يملكون أسلحة ، وجريمة العدوان: وهي تعتبر أخطر الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة، وتشمل التخطيط أو الإعداد أو الشروع في عمل عدوان أو ارتكاب عمل عدوان.
أهداف المحكمة الجنائية الدولية
وقال : كسر حلقة الإفلات من العقاب التي تحمي مرتكبي أفظع الجرائم، وتؤكد على أن لا أحد فوق القانون، وتعزيز سيادة القانون على المستوى الدولي، وتساعد في بناء ثقافة احترام حقوق الإنسان، وتوفير العدالة للضحايا وأسرهم، من خلال تحديد المسؤوليات ومعاقبة الجناة، وردع الجرائم الدولية ، من خلال إظهار أن مرتكبي هذه الجرائم سيواجهون العقاب.
آلية عمل المحكمة
وموضحا قال : تتمتع المحكمة باختصاص مكمل للاختصاصات الوطنية، أي أنها تتدخل فقط عندما تكون الدول غير قادرة أو غير راغبة في التحقيق في هذه الجرائم وملاحقة مرتكبيها وتتبع المحكمة إجراءات قضائية شبيهة بإجراءات المحاكم الوطنية، وتضمن للمتهمين حقوقهم كاملة.
التحديات التي تواجه المحكمة
وفى ذات السياق قالت الدكتورة شيماء سلامة أحمد سلامة لـ " البوابة نيوز " استاذ القانون الدولى الخاص بحقوق القاهرة : ويعوق الجنائية الدولية عدة تحديات هى اجمالا : القبض على المتهمين و التعاون الدولي و الرأي العام العالمى وتفصيلا كالتالى : القبض على المتهمين ، خاصة عندما يكونون في دول غير متعاونة مثل اسرائيل ، والتعاون الدولي من الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، ولكن هذا التعاون قد يواجه بعض التحديات السياسية مثل الاحتلال او الاستعمار او الصراعات الحدودية والرأي العام العالمى حيث تتأثر المحكمة بالرأي العام الدولي، وقد تتعرض لضغوط سياسية من دول كبرى .
أهمية المحكمة الجنائية الدولية
وتابعت : تعتبر المحكمة الجنائية الدولية إنجازًا تاريخيًا في مجال العدالة الدولية، وهي تمثل خطوة مهمة نحو بناء عالم أكثر عدالة وسلامًا. ومع ذلك، فإن طريق المحكمة لا يزال طويلًا، وتحتاج إلى دعم المجتمع الدولي لكي تتمكن من تحقيق أهدافها ،وتعد المحكمة الجنائية الدولية أداة مهمة في مكافحة الإفلات من العقاب وتعزيز سيادة القانون على المستوى الدولي. ورغم التحديات التي تواجهها، إلا أنها تبقى رمزًا للأمل في تحقيق العدالة للضحايا وبناء عالم أكثر سلامًا.
محكمة العدل الدولية 
من جانبه قال امجد قسمــت الجــداوى لـ " البوابة نيوز " استاذ ورئيس قسم القانون الدولى الخاص بجامعة عين شمس : أما محكمة العدل الدولية فهى الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وهي تلعب دورًا حاسمًا في تسوية النزاعات الدولية وتطبيق القانون الدولي. تثير أحكام هذه المحكمة العديد من التساؤلات حول طبيعتها القانونية ومدى إلزاميتها، لا سيما في إطار القانون الدولي الخاص الذي يتناول العلاقات القانونية بين الدول
الأسس القانونية لأحكام محكمة العدل الدولية
ويكمل : تستند أحكام محكمة العدل الدولية إلى مجموعة من الأسس القانونية المتجذرة في النظام الدولي، هى: نظام المحكمة الأساسي ، وهو جزء لا يتجزأ من ميثاق الأمم المتحدة، الإطار القانوني الرئيسي لعمل المحكمة. يحدد النظام الأساسي اختصاص المحكمة، وإجراءاتها، وطبيعة أحكامها ، وتعتمد المحكمة في أحكامها على قواعد القانون الدولي العام المعترف بها، بما في ذلك المعاهدات الدولية، والعرف الدولي، والمبادئ العامة للقانون، كما تلعب اتفاقيات الاختصاص التي تبرمها الدول دورًا حاسمًا في إحالة النزاعات إلى المحكمة وهذه الاتفاقيات قد تكون عامة أو خاصة، وتحدد الشروط التي تخضع بموجبها الدول لاختصاص المحكمة.
طبيعة أحكام محكمة العدل الدولية
وتابع : ان طبيعة أحكام محكمة العدل الدولية تتميز بعدة خصائص قانونية، منها : القطعية حيث تعتبر أحكام المحكمة قطعية وملزمة للأطراف المتنازعة، ولا يجوز الطعن فيها إلا في حالات محددة للغاية، والإلزامية حيث تفرض أحكام المحكمة التزامًا قانونيًا على الدول الأطراف بتنفيذها، والسلطة المعنوية حيث تتمتع أحكام المحكمة بسلطة معنوية كبيرة، فهي تعبر عن إجماع المجتمع الدولي على تفسير وتطبيق القانون الدولي.
آثار أحكام محكمة العدل الدولية في القانون الدولي الخاص
وأردف : وتترك أحكام محكمة العدل الدولية آثارًا عميقة في مجال القانون الدولي الخاص، من أهمها: تطوير القانون الدولي الخاص ونجدها تلعب دورًا حاسمًا في تطوير قواعد القانون الدولي الخاص، من خلال تفسيرها وتطبيقها على حالات محددة، وكذلك توحيد القانون الدولي حيث تساهم أحكام المحكمة في توحيد القانون الدولي الخاص، من خلال توفير تفسيرات موحدة للقواعد القانونية الدولية، وحماية حقوق الأفراد فهى احكام تساهم في حماية حقوق الأفراد على المستوى الدولي، من خلال تأكيد أهمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
التحديات التي تواجه أحكام محكمة العدل الدولية
ولفت الى انه : رغم أهمية أحكام محكمة العدل الدولية، إلا أنها تواجه بعض التحديات، منها: صعوبة تنفيذ الأحكام خاصة في حالة عدم تعاون الدول الأطراف، واحتمالية تعارض أحكام المحكمة مع مبدأ السيادة الوطنية للدول ، والافتقار إلى آلية إنفاذ فعالة حيث لا توجد آلية إنفاذ فعالة تضمن تنفيذ أحكام المحكمة في جميع الحالات.
لكنه أكد : على ان أحكام محكمة العدل الدولية تعتبر عنصرًا أساسيًا في النظام القانوني الدولي، و هى تلعب دورا حاسما في تسوية النزاعات الدولية وحماية القانون الدولي، على الرغم من التحديات التي تواجهها، إلا أن هذه الأحكام تبقى مرجعا هاما للقانون الدولي الخاص، وتساهم في تطويره وتوحيده.
أحكام محكمة العدل الدولية وأثرها في القانون الدولي الخاص: أمثلة موجزة
وفى ذات السياق قال دكتور محمود لطفي حممود استاذ القانون الدولى الخاص بجامعة عين شمس : تلعب أحكام محكمة العدل الدولية دورًا محوريًا في صياغة وتطوير القانون الدولي الخاص ، فهي لا تقتصر على حل النزاعات بين الدول، بل تساهم بشكل فعال في تفسير وتوضيح مبادئ القانون الدولي، وتقديم تفسيرات موحدة للقواعد القانونية الدولية.
الأمثلة البارزة على تأثير أحكام المحكمة
واوضح : ان هناك أمثلة قوية وواضحة تدل على تأثير أحكام محكمة العدل الدولية مثل : 
قضية بحر البلطيق: حيث حددت المحكمة مفهوم المياه الداخلية للدول، ووضعت معايير واضحة لتحديد حدودها، مما كان له أثر كبير في تحديد حقوق الدول الساحلية في استغلال مواردها البحرية.
قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة: حيث أكدت المحكمة على مبدأ حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ووضعت معايير لتحديد المسؤولية الدولية للدول عن انتهاك هذا المبدأ.
قضية قضية مناجم الباراكو: حيث تناولت المحكمة مسألة المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية العابرة للحدود، ووضعت مبادئ أساسية لتحديد هذه المسؤولية.
هذه الأحكام وغيرها الكثير، ساهمت في:
وتابع : إن هذه الأحكام وغيرها الكثير، ساهمت في تطوير قواعد القانون الدولي الخاص و توحيد القانون الدولي و حماية حقوق الأفراد و تلك الاحكام تمثل مرجعًا هامًا للقانون الدولي الخاص، وتساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في العلاقات الدولية.

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يرحب بملاحقة "الجنائية الدولية" لنتنياهو وجالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة
  • “فيتو” استمرار جريمة الإبادة الجماعية
  • “همم” ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية باصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
  • الفرق بين المحكمتين "الجنائية والعدل" الدوليتين.. خبير قانوني: الإبادة الجماعية القصد منها تدمير جماعة وطنية أو إثنية
  • بعد تهكّمه على قرار «الجنائية الدولية».. «بن جفير» يقتحم الحرب الإبراهيمي
  • عزت الرشق: من يعارض قرار الجنائية الدولية هم مُنكري الإبادة في غزة
  • الرشق: قرار "الجنائية الدولية" يُعيد الاعتبار لقيم العدالة وحماية الإنسانية
  • الرشق: قرار المحكمة الجنائية يعيد الاعتبار لقيم العدالة وحماية الإنسانية
  • حماس: قرار "الجنائية الدولية" يُعيد الاعتبار لقيم العدالة وحماية الإنسانية
  • حماس تُعقّب على المعارضة الأميركية لقرار الجنائية الدولية الأخير