تؤسس عملية "طوفان الأقصى"، وهو أكبر هجوم تتعرض له إسرائيل منذ عام 1948، لنموذج أمني واستراتيجي جديد وتفرض معادلة جديدة في الصراع العربي- الإسرائيلي، بحسب "أسباب"، وهي منصة معنية بتحليل التطورات الإقليمية والدولية.

ففي 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أطلقت حركة "حماس" وفصائل مقاومة فلسطينية أخرى هذه العملية، وشملت الاقتحام البري والبحري والجوي لحوالي 20 مستوطنة إسرائيلية في غلاف غزة، بالتزامن مع إطلاق أكثر من خمسة آلاف صاروخ نحو الأراضي المحتلة.

وخلّف الهجوم، حتى الإثنين، أكثر من 1300 قتيل إسرائيلي، بينهم نحو 200 عسكري، و3715 مصابا، وعددا من الأسرى أفادت تقارير عبرية بأنهم نحو 200، بينهم قادة عسكريين كبار.

في المقابل، أعلنت إسرائيل حالة الحرب، واستدعت قوات الاحتياط للمرة الأولى منذ حرب 1973، وبدأت عملية عسكرية ضد غزة، وقتلت 2670 فلسطينيا، بينهم نحو 700 طفل، وأصابت 9600 آخرين.

المنصة قالت إن "هذه التطورات جاءت في ظل قيام حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة بتصعيد إجراءات الأمر الواقع، والتي استهدفت تجاوز الجانب الفلسطيني والمضي قدما في إجراءات نهائية مثل الضم العملي للضفة الغربية والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وفرض السيادة الكاملة على القدس كعاصمة موحدة".

اقرأ أيضاً

ينزلق إلى "السيناريو الكابوس".. بايدن يرخي لجام نتنياهو على غزة

ارتدادات عميقة

و"تمثل عملية "طوفان الأقصى" حدثا غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، من حيث قدرة المقاومة الفلسطينية على اختراق "الحدود الآمنة" على امتداد غلاف غزة"، كما أضافت المنصة.

وأردفت: "كما عكست تطورا نوعيا تجلى في عدم قدرة المؤسسة العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية على التنبؤ به والاستجابة له، وإذا كان قادة الاحتلال قد أجلوا خلافاتهم مؤقتا لضرورة الوحدة أثناء إدارة الحرب، فقد كتبت العملية نهاية مستقبل الكثيرين من القادة السياسيين والأمنيين، وبينهم نتنياهو نفسه".

وإقليميا، بحسب المنصة، "سيكون للحدث ارتدادات عميقة، فعملية "طوفان الأقصى" تعد تمردا مباشرا على الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية حيال المنطقة".

وأوضحت أن هذه الاستراتيجية "كانت تعطي الأولوية في الآونة الأخيرة لتطوير وتعزيز اتفاقات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ودمج الاحتلال في البنية الإقليمية عبر مشاريع اقتصادية وتنموية كبيرة، دون أن يرتبط هذا بالقضية الفلسطينية نفسها".

ورأت أن "دول إقليمية، مثل السعودية، قد لا تتخلى عن مشروع التطبيع في المدى الطويل، لكنّ هذه التطورات من المرجح أن تجمد هذه الجهود في الأجل القصير أو المتوسط".

اقرأ أيضاً

طوفان الأقصى.. نهاية أبدية لعقيدة "سلام بلا دولة فلسطينية"

أولويات أمريكية

و"تدرك الإدارة الأمريكية خطورة المشهد الراهن، وتعمل منذ اللحظة الأولى على زيادة حجم تدخلها، لضمان التحكم بمسار الأحداث، متبنيةً استراتيجية "منع التصعيد" والتي تقوم على ردع إيران وحلفائها عن التدخل؛ خشية تحول الحرب الحالية لصراع إقليمي تتورط فيه الولايات المتحدة على حساب أولوياتها المتمثلة في الحرب الأوكرانية (الروسية) والتنافس مع الصين"، وفقا للمنصة.

وزادت بأنه "من المؤكد أن دعم الإدارة الأمريكية لإسرائيل سيكون كاملا، في ظل أن المسألة ستكون مادة انتخابية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري"، في إشارة إلى انتخابات رئاسية أمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

ورأت أن "الخطوات الأمريكية تستهدف أيضا تهيئة بيئة إقليمية ودولية مواتية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، والتي من المرجح أن تشمل عملية برية واسعة داخل غزة، لاسترداد معادلة الردع ضد المقاومة الفلسطينية".

وأضافت أنه "بالنظر لانهيار القوات الإسرائيلية في الجنوب والحاجة لحشد قوات عسكرية من باقي المناطق، فإن شن مثل هذا الهجوم الواسع على غزة يتطلب العمل على ضمان عدم فتح ساحات مواجهة متزامنة، خاصة في الضفة الغربية وأراضي 48، والجبهة الشمالية مع حزب الله. لذلك، فإن الضغوط الأمريكية على إيران وحزب الله للبقاء خارج المعادلة تمثل ضرورة كي تتفرغ إسرائيل للانتقام من غزة".

اقرأ أيضاً

أرجأت مفاوضات التطبيع.. السعودية ترفض ضعوطا أمريكية لإدانة طوفان الأقصى

تهديد وجودي

في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وفقا للمنصة، "تأسس نموذج جديد أمنيا واستراتيجيا لا يخضع للحسابات السابقة، فقد كانت حماس تهديدا أمنيا يمكن احتوائه وإدارة الصراع معه بمزيج من الضغوط والإغراءات المالية والعسكرية المحسوبة، في حين كان التهديد الوجودي هو النووي الإيراني".

واستدركت: و"الآن، أظهرت حماس أن الرهان على احتوائها خيار فاشل بقدر ما هو خطير، وانتقلت من التعامل معها كتهديد أمني إلى تهديد وجودي لا يمكن لدولة الاحتلال التعايش معه دون فرض معادلات جديدة".

وأوضحت أنه "في النموذج السابق كان يُنظر لحماس كطرف غايته الاستمرار في حكم غزة، أما الآن فقد أظهرت الرغبة والقدرة على المضي قدما في "مشروع التحرير"، وهو ما يعني تهديدا وجوديا لم يكن قائما، دون مبالغة، منذ انتصار الاحتلال في حرب 1948".

و"هذا النموذج الجديد مازال قيد التشكل، ولن تكون صورته النهائية وطبيعة معادلاته المقبلة متوقفة فقط على قرار الاحتلال، ولكن أيضا على قدرة حماس ومجمل الشعب الفلسطيني على الصمود، وإثبات أنها غير قابلة للاقتلاع، فضلا عن سلوك أطراف إقليمية مثل مصر وإيران"، كما زادت المنصة.

وشددت على أنه "حتى الآن لا يمكن لأحد التنبؤ بكيفية نهاية هذه المواجهة.. وتشير "طوفان الأقصى" إلى انهيار المقاربة الاستراتيجية التي عملت عليها دولة الاحتلال حيال القضية الفلسطينية، وهي ترسيخ الأمر الواقع و"إدارة الصراع" مع الفلسطينيين دون الدفع باتجاه حلول لصالحهم، باعتبار أن التطبيع الإقليمي ينهي عمليا هذا الصراع".

و"التطبيع الإقليمي المنفصل عن حل القضية الفلسطينية يجعل دولة الاحتلال أكثر اندماجا في المنظومة الإقليمية، لكنها تبقى أقل أمنا؛ فالتهديد الحقيقي لم يكن مصدره الدول الإقليمية ولكنه نابع من داخل المشروع الإسرائيلي القائم على الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري ضد ملايين الفلسطينيين، وهو ما أثبتته عملية "طوفان الأقصى"، كما ختمت المنصة.

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم خمس دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ في فلسطين ولبنان وسوريا منذ حرب 1967.

اقرأ أيضاً

جيش وحكومة واستخبارات.. "طوفان الأقصى" يجرف أُسس إسرائيل

المصدر | منصة أسباب- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حماس إسرائيل طوفان الأقصى معادلة جديدة تطبيع طوفان الأقصى اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

معادلة أميركيّة جديدة: تشاور قبل الانتخاب وحوار بعده

كتب ميشال نصر في"الديار": مصادر مواكبة اشارت الى ان لا معطيات ايجابية تشير الى امكان احداث خماسية باريس اي خرق على صعيد الملف الرئاسي.
وكشفت ان واشنطن تبنت موقف المعارضة لجهة رفضها صيغة طاولة حوار قبل الانتخاب، عارضة معادلة "تشاور قبل الجلسات وحوار بعد الانتخابات"، بما تشكله من حل وسط بين وجهات النظر المطروحة، الا ان الثنائي الشيعي لم يبد تجاوبا.
وتابعت المصادر بان مفاوضات الهدنة في غزة العالقة في "بوز القنينة"، انعكست على باقي الملفات، رغم الحديث عن فصل فيما بينها، ذلك ان الكلمة ما زالت حتى الساعة للحديد والنار والميدان، في ظل سعي الاطراف جميعا لتحقيق ضمانات محلية وأقليمية تعزز اوراقها التفاوضية، ما يعني ان لا جديد على المستويين المحلي والاقليمي قبل انتهاء الحرب واتضاح الموازين السياسية والعسكرية في المنطقة .
من جهتها تقول اوساط مطلعة، ان المسائل اليوم لم تعد مقتصرة على ملء الشغور الرئاسي فحسب، مع ظهور خلافات اساسية حول العديد من القضايا الجوهرية تحتاج الى البحث والتوافق بشأنها، وهو ما تعبر عنه الاطراف المسيحية الاساسية، سواء التيار الوطني الحر، او القوات اللبنانية، اخيرا، عبر حديث رئيسها عن حوار لتعديلات تسمح بسد الثغر الدستورية والاصلاحات السياسية المطلوبة، والاهم تحديد اي لبنان يريده اللبنانيون.
من هنا يبدو واضحا ان حديث رئيس مجلس النواب بأن لا انتخاب لرئيس في المدى المنظور أقرب الى منطق ما هو متوقع على هذا المستوى، وما يزيد في الطين بلة التعبير عن مخاوفه من ان تتزامن هذه الازمة الرئاسية والدستورية مع الورشة النيابية التي يسعى الى فتحها حول تعديلات مقترحة على قانون الانتخاب، وفقا لصيغة تغير التركيبة الحالية، توصلا الى خلطة نيابية لا تناسب القوى المسيحية، وفقا لما بدأ يتردد في الصالونات.

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ347 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • ما بعد الإسلام السياسي بين مآلات الربيع العربي وتداعيات طوفان الأقصى؟
  • تطورات اليوم الـ346 من طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • فصائل المقاومة تبارك عملية القوات المسلحة وتعتبرها نقلة نوعية في مسار معركة طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ346 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • حماس: عملية الطعن بالقدس رد طبيعي على جرائم الاحتلال المتواصلة
  • إصابة جندي ومجندة إسرائيلية في عملية طعن بمدينة القدس (شاهد)
  • تطورات اليوم الـ345 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • في ظلال طوفان الأقصى “117”
  • معادلة أميركيّة جديدة: تشاور قبل الانتخاب وحوار بعده