معادلة جديدة.. هكذا غَيَّرَ طوفان الأقصى الصراع العربي- الإسرائيلي
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
تؤسس عملية "طوفان الأقصى"، وهو أكبر هجوم تتعرض له إسرائيل منذ عام 1948، لنموذج أمني واستراتيجي جديد وتفرض معادلة جديدة في الصراع العربي- الإسرائيلي، بحسب "أسباب"، وهي منصة معنية بتحليل التطورات الإقليمية والدولية.
ففي 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أطلقت حركة "حماس" وفصائل مقاومة فلسطينية أخرى هذه العملية، وشملت الاقتحام البري والبحري والجوي لحوالي 20 مستوطنة إسرائيلية في غلاف غزة، بالتزامن مع إطلاق أكثر من خمسة آلاف صاروخ نحو الأراضي المحتلة.
وخلّف الهجوم، حتى الإثنين، أكثر من 1300 قتيل إسرائيلي، بينهم نحو 200 عسكري، و3715 مصابا، وعددا من الأسرى أفادت تقارير عبرية بأنهم نحو 200، بينهم قادة عسكريين كبار.
في المقابل، أعلنت إسرائيل حالة الحرب، واستدعت قوات الاحتياط للمرة الأولى منذ حرب 1973، وبدأت عملية عسكرية ضد غزة، وقتلت 2670 فلسطينيا، بينهم نحو 700 طفل، وأصابت 9600 آخرين.
المنصة قالت إن "هذه التطورات جاءت في ظل قيام حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة بتصعيد إجراءات الأمر الواقع، والتي استهدفت تجاوز الجانب الفلسطيني والمضي قدما في إجراءات نهائية مثل الضم العملي للضفة الغربية والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وفرض السيادة الكاملة على القدس كعاصمة موحدة".
اقرأ أيضاً
ينزلق إلى "السيناريو الكابوس".. بايدن يرخي لجام نتنياهو على غزة
ارتدادات عميقة
و"تمثل عملية "طوفان الأقصى" حدثا غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، من حيث قدرة المقاومة الفلسطينية على اختراق "الحدود الآمنة" على امتداد غلاف غزة"، كما أضافت المنصة.
وأردفت: "كما عكست تطورا نوعيا تجلى في عدم قدرة المؤسسة العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية على التنبؤ به والاستجابة له، وإذا كان قادة الاحتلال قد أجلوا خلافاتهم مؤقتا لضرورة الوحدة أثناء إدارة الحرب، فقد كتبت العملية نهاية مستقبل الكثيرين من القادة السياسيين والأمنيين، وبينهم نتنياهو نفسه".
وإقليميا، بحسب المنصة، "سيكون للحدث ارتدادات عميقة، فعملية "طوفان الأقصى" تعد تمردا مباشرا على الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية حيال المنطقة".
وأوضحت أن هذه الاستراتيجية "كانت تعطي الأولوية في الآونة الأخيرة لتطوير وتعزيز اتفاقات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ودمج الاحتلال في البنية الإقليمية عبر مشاريع اقتصادية وتنموية كبيرة، دون أن يرتبط هذا بالقضية الفلسطينية نفسها".
ورأت أن "دول إقليمية، مثل السعودية، قد لا تتخلى عن مشروع التطبيع في المدى الطويل، لكنّ هذه التطورات من المرجح أن تجمد هذه الجهود في الأجل القصير أو المتوسط".
اقرأ أيضاً
طوفان الأقصى.. نهاية أبدية لعقيدة "سلام بلا دولة فلسطينية"
أولويات أمريكية
و"تدرك الإدارة الأمريكية خطورة المشهد الراهن، وتعمل منذ اللحظة الأولى على زيادة حجم تدخلها، لضمان التحكم بمسار الأحداث، متبنيةً استراتيجية "منع التصعيد" والتي تقوم على ردع إيران وحلفائها عن التدخل؛ خشية تحول الحرب الحالية لصراع إقليمي تتورط فيه الولايات المتحدة على حساب أولوياتها المتمثلة في الحرب الأوكرانية (الروسية) والتنافس مع الصين"، وفقا للمنصة.
وزادت بأنه "من المؤكد أن دعم الإدارة الأمريكية لإسرائيل سيكون كاملا، في ظل أن المسألة ستكون مادة انتخابية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري"، في إشارة إلى انتخابات رئاسية أمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
ورأت أن "الخطوات الأمريكية تستهدف أيضا تهيئة بيئة إقليمية ودولية مواتية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، والتي من المرجح أن تشمل عملية برية واسعة داخل غزة، لاسترداد معادلة الردع ضد المقاومة الفلسطينية".
وأضافت أنه "بالنظر لانهيار القوات الإسرائيلية في الجنوب والحاجة لحشد قوات عسكرية من باقي المناطق، فإن شن مثل هذا الهجوم الواسع على غزة يتطلب العمل على ضمان عدم فتح ساحات مواجهة متزامنة، خاصة في الضفة الغربية وأراضي 48، والجبهة الشمالية مع حزب الله. لذلك، فإن الضغوط الأمريكية على إيران وحزب الله للبقاء خارج المعادلة تمثل ضرورة كي تتفرغ إسرائيل للانتقام من غزة".
اقرأ أيضاً
أرجأت مفاوضات التطبيع.. السعودية ترفض ضعوطا أمريكية لإدانة طوفان الأقصى
تهديد وجودي
في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وفقا للمنصة، "تأسس نموذج جديد أمنيا واستراتيجيا لا يخضع للحسابات السابقة، فقد كانت حماس تهديدا أمنيا يمكن احتوائه وإدارة الصراع معه بمزيج من الضغوط والإغراءات المالية والعسكرية المحسوبة، في حين كان التهديد الوجودي هو النووي الإيراني".
واستدركت: و"الآن، أظهرت حماس أن الرهان على احتوائها خيار فاشل بقدر ما هو خطير، وانتقلت من التعامل معها كتهديد أمني إلى تهديد وجودي لا يمكن لدولة الاحتلال التعايش معه دون فرض معادلات جديدة".
وأوضحت أنه "في النموذج السابق كان يُنظر لحماس كطرف غايته الاستمرار في حكم غزة، أما الآن فقد أظهرت الرغبة والقدرة على المضي قدما في "مشروع التحرير"، وهو ما يعني تهديدا وجوديا لم يكن قائما، دون مبالغة، منذ انتصار الاحتلال في حرب 1948".
و"هذا النموذج الجديد مازال قيد التشكل، ولن تكون صورته النهائية وطبيعة معادلاته المقبلة متوقفة فقط على قرار الاحتلال، ولكن أيضا على قدرة حماس ومجمل الشعب الفلسطيني على الصمود، وإثبات أنها غير قابلة للاقتلاع، فضلا عن سلوك أطراف إقليمية مثل مصر وإيران"، كما زادت المنصة.
وشددت على أنه "حتى الآن لا يمكن لأحد التنبؤ بكيفية نهاية هذه المواجهة.. وتشير "طوفان الأقصى" إلى انهيار المقاربة الاستراتيجية التي عملت عليها دولة الاحتلال حيال القضية الفلسطينية، وهي ترسيخ الأمر الواقع و"إدارة الصراع" مع الفلسطينيين دون الدفع باتجاه حلول لصالحهم، باعتبار أن التطبيع الإقليمي ينهي عمليا هذا الصراع".
و"التطبيع الإقليمي المنفصل عن حل القضية الفلسطينية يجعل دولة الاحتلال أكثر اندماجا في المنظومة الإقليمية، لكنها تبقى أقل أمنا؛ فالتهديد الحقيقي لم يكن مصدره الدول الإقليمية ولكنه نابع من داخل المشروع الإسرائيلي القائم على الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري ضد ملايين الفلسطينيين، وهو ما أثبتته عملية "طوفان الأقصى"، كما ختمت المنصة.
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم خمس دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ في فلسطين ولبنان وسوريا منذ حرب 1967.
اقرأ أيضاً
جيش وحكومة واستخبارات.. "طوفان الأقصى" يجرف أُسس إسرائيل
المصدر | منصة أسباب- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حماس إسرائيل طوفان الأقصى معادلة جديدة تطبيع طوفان الأقصى اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
يحيى السِّنوار (أبو إبراهيم) .. نور الوعد واليقين
بعد مسيرة حافلة بالصبر واليقين، وما بين الأسر إلى الشهادة، خطّ يحيى السنوار (أبو إبراهيم) (رضوان الله عليه) بحبره وعرقه ودموعه ودمه سفر خلود له ولشعبه ولقضيّته المقدّسة، وقد أقامه الله في مقام الصدق الذي عرفه الناس حقّ المعرفة ورأوه رأي العين في مشهد الخاتمة التي أكرمه الله بها، ليكون حجّة بالغة للسائرين على ذات الطريق، ولأولئك المرجفين الذين استهواهم الشيطان واستحوذ عليهم، والذين أساءوا الظنّ في مسيرة المقاومة، وفي رجالها الصادقين..
في فلسطين يزرع الناس الزيتون كما يزرعون الشهداء، فينموان معاً، ومن عصيرهما تستقي الحياة نورها وبهاءها، وتنشر الزهور ضوعة طيوبها، وتملأ السكينة القلوب، ويصنع التاريخ، ومنذ أن غرس الغرب مشروعه المشؤوم في هذه الأرض يريد تسميمها وتفكيك تربتها ونهب ثروتها، وتزييف تاريخها وجغرافيتها، واحتلال وعيها، والاستحواذ عليها، كانت فلسطين بمثابة رأس الجسر في هذا المشروع، وألف أبجديته، ونقطته المركزية التي يتمحور عليها، وفي معركة “البصيرة” التي انطمست لدى الكثيرين، عُمّيت حقيقة هذا المشروع الشيطاني، وسقط الكثيرون في شراكه التي نصبت بإتقان، وعلى مدى قرون من الزمن وليس عقود، وتعدّدت الاجتهادات في توصيف ما جرى ويجري، واختلف الناس وتناقضوا في تشخيص المعيار الذي بموجبه يحكم على الأشياء صلاحاً وفساداً، نفعاً وضرّاً، وهذا التناقض كان جزءاً من المشروع ذاته، وأداة من أدواته، ينفذ من خلاله في عمق خلايا الأمة ليدمّر نسيجها ويحرف وظيفتها، ويقودها إلى حيث يريد، وإلى حيث مصالحه وحده لا شريك له..
في هذه المعركة الوجودية التي فرضت على فلسطين والأمة، برز رجال محّصهم الله في مختبرات الفتنة، وابتلاءات الحوادث، فتخرجوا من هذه المدرسة الإلهية بدرجة الفلاح والصدق، واستحقّوا مقاماً رفيعاً في قلوب العباد، وفي دروب الجهاد، وفي سيرة البلاد، ومن هؤلاء الرجال كان يحيى السِّنوار (أبو إبراهيم)، الذي ختم مشواره الجهادي بملحمة “طوفان الأقصى”، هذه الملحمة التي ترقى إلى ملاحم التاريخ الكُبرى التي فرقت العالم إلى ما قبلها وما بعدها، فعالم ما بعد “طوفان الأقصى” لن يكون كعالم ما قبل “طوفان الأقصى”، وكل المحاولات التي تجري لاستيعاب هذه المرحلة واحتوائها لصالح المشروع الصهيوني لن تتمكّن من تغييب هذه الحقيقة، ولا من إعادة عقارب زمن وعصر المقاومة إلى ما قبل “طوفان الأقصى”، فالطوفان الذي يقف على رأسه أبو إبراهيم الشهيد وقادة محور الجهاد والمقاومة وفي طليعتهم سيد شهداء طريق القدس السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) انطلق، ولن يتوقف.. نعم قد يتعرّج صعوداً وهبوطاً، وستوضع في طريقه السدود والحواجز، وسيُتآمر عليه باسم الحرص على الشعب الفلسطيني، وسيُحاصر بإشاعات من المخلّفين، والمعوّقين، واليائسين، وستستنفر ضدّه كل أدوات الصهيونية العالمية بعناوينها الأعجمية والعربية، وسيقال فيه ما لم يقل في الشيطان الرجيم، وستجمع الأبواق للنفخ لإطفاء نوره، ولكن هيهات لأنّ سفينته المحمولة على دماء الشهداء ستعبر به كل هذا اليباب والتصحّر الذي تعيشه الأمة، وهو ماضٍ ليستوي على جودي الحق الذي جاء ولن يتوقف حتى يزهق الباطل بإذن الله..
وعندها سيذكر القوم أنّ رجلاً اسمه يحيى كان صاحب هذا الطوفان، كما كان صلاح الدين صاحب حطين وكما كان سيف الدين قطز صاحب عين جالوت، وسيذكر القوم أنّ رجلاً شجاعاً قام ومعه رجال من أولي البأس الشديد، عبروا ملكوت فلسطين، وعلّقوا قناديل العودة على درب الآلام لتعبر الأمة من خلفهم على هدىً وبصيرةٍ وحسن مآب.
* كاتب وباحث- رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية