قلق في كييف بسبب "طوفان الأقصى"
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
بات القلق واضحاً في كييف من تركيز اهتمام الحلفاء الرئيسيين الآن على الحرب في غزة، كما تعثرت المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة وسط صراع الجمهوريين على القيادة في الكونغرس، إلى جانب ظهور تصدعات في الدعم الأوروبي خلال الانتخابات في بولندا وسلوفاكيا.
الحرب في غزة يمكن أن تعيد تركيز الاهتمام الغربي على التنمية الصناعية العسكرية
تخيم أسئلة جديدة على المساعدات العسكرية الأمريكية المستقبلية لأوكرانيا
وتطرقت صحيفة "نيويورك تايمز" ومدير مكتبها في كييف ماثيو بيغ وأندرو كرامر، إلى الخوف السائد في أوكرانيا بسبب إمكانية تخفيف الحرب الإسرائيلية على حماس للدعم العالمي الذي تحظى به البلاد في مواجهة روسيا.
قال وزير الخارجية الأوكراني الأسبق بافلو كليمكين: "نحن الآن في مرحلة جديدة". وقال في مقابلة: "أصبحت البيئة الجيوسياسية برمتها أكثر تنوعاً وأكثر فوضى". وأضاف كليمكين أن أوكرانيا ستحتاج إلى مواجهة الجهود الروسية لتحريض معارضي استمرار المساعدات العسكرية في أوروبا والولايات المتحدة، بينما يجري حلفاء كييف الديمقراطيون انتخابات.
داخلياً، تابع كليمكين، يبنغي على أوكرانيا تسريع إنتاج الأسلحة المحلية، للمساعدة في الاستعداد لحرب طويلة وانحراف الانتباه الدولي. ولفت إلى أن "أولئك الذين يشكلون القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية (في الولايات المتحدة) لديهم 24 ساعة فقط في اليوم للاهتمام بالكوكب بأكمله". وقال إن حرباً أخرى تعني "وقتاً أقل بالنسبة إلينا".
Ukraine worries that the sudden war in Gaza, the slow military progress and domestic politics among key allies may drain attention from its battle with Russia. https://t.co/D0KSEiuG4Z
— New York Times World (@nytimesworld) October 15, 2023 قلققال مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف، في حديث إلى وسائل إعلام أوكرانية إنه إذا انتهى القتال في غزة بسرعة فلن يؤثر ذلك على المساعدات المقدمة إلى كييف. وأضاف: "لكن إذا طال الوضع فمن الواضح تماماً أنه ستكون هناك مشاكل معينة مع واقع أنه سيكون من الضروري توفير الأسلحة والذخائر ليس لأوكرانيا وحدها".
وقال هينادي دروزينكو، مدير منظمة غير حكومية تقدم الرعاية الطبية للجيش، في منشور على فيس بوك، إنه كلما أسرعت القوات الإسرائيلية بإلحاق الهزيمة بحماس، تضاءلت فترة صرف العالم الحر اهتمامه عن أوكرانيا.
ماذا عن زيلينسكي؟منذ اليوم الأول للغزو الروسي الواسع النطاق، أعطى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأولوية لحشد الدعم الدولي. لتحقيق هذه الغاية، أعلن أن دفاع أوكرانيا يشكل أهمية محورية لأمن أوروبا وأن نضال بلاده يشكل رمزاً للسعي إلى الحرية في جميع أنحاء العالم.
منذ نهاية الأسبوع الماضي، قدم زيلينسكي أوكرانيا على أنها صديقة لإسرائيل وأدان الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس والذي شبهه بالإرهاب الروسي في أوكرانيا. حجته هي أن موسكو لاعب خبيث في الشرق الأوسط، بعد أن تدخلت في سوريا، وأنها تستورد من إيران، الدولة الداعمة لحماس، المعدات العسكرية، ومن ضمنها طائرات بدون طيار.
وقال في مقابلة مع قناة فرانس 2 التلفزيونية: "إذا تحول الاهتمام الدولي عن أوكرانيا، فستكون له عواقب بطريقة أو بأخرى". وأشار إلى أن "روسيا تحتاج إلى وقفة للحرب في أوكرانيا من أجل الاستعداد بشكل أفضل لغزو جديد وأكبر ومن ثم مهاجمة جيران أوكرانيا، وهم أعضاء في الناتو. أعتقد أن روسيا ستستغل هذا الوضع، هذه المأساة".
Ukraine Worries That Prolonged War in Gaza May Dilute Global Support - Slow military progress and cracks in the backing of key allies could also drain vital attention from Ukraine’s battle with Russia, some fear. via @nytimes:https://t.co/dEWEG8OAz2
— Olav Mitchell Underdal (@omunderdal) October 15, 2023 من فقدان المبادرة إلى هجوم مضادسيعزز تقدم ملموس في ساحة المعركة الحجة التي يقدمها حلفاء أوكرانيا للناخبين، وهي أن دعمهم يثمر نتائج. وقال زيلينسكي في اجتماع لوزراء دفاع الأسبوع الماضي إن روسيا "فقدت المبادرة" في الحرب. ولكن منذ شهر يونيو (حزيران)، حين بدأت أوكرانيا هجوماً مضاداً يهدف إلى تقسيم جنوب أوكرانيا المحتل إلى منطقتين، لم يتقدم الجيش الأوكراني سوى نحو 10 أميال في موقعين.
كان قيام روسيا بزرع الألغام واستخدام طائرات بدون طيار لاستهداف المدفعية سبباً في إبطاء القوات الأوكرانية، وثمة احتمال ضئيل لتحقيق الهدف العسكري. سيطرت القوات الأوكرانية على قرية روبوتين الصغيرة في أواخر أغسطس (آب)، واخترقت قوات المشاة خط الدفاع الروسي الرئيسي، لكن الأوكرانيين لم يتمكنوا من التقدم أبعد بالمركبات المدرعة، أو من المناورة خلف الخطوط الروسية، أو من نقل المدفعية إلى مسافة تكفي لاستهداف طرق الإمداد الرئيسية والسكك الحديدية في الجنوب.
ويبدو أن القوات الروسية بدأت في الأيام الأخيرة هجوماً منسقاً في شرق أوكرانيا على مشارف بلدة أفدييفكا، الأمر الذي ولد شعوراً بالتأرجح في القتال، مع عدم تغير السيطرة على الأرض إلا قليلاً. قال مايكل كوفمان، الخبير في الشؤون العسكرية لروسيا وأوكرانيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "يجب أن يكون التخطيط الآن جاهزاً لصراع طويل الأمد".
أحداث سلبيةجاءت خيبات الأمل العسكرية عقب شهر سيئ بالفعل. بعد أن رفع الاتحاد الأوروبي القيود الموقتة المفروضة على واردات الحبوب الأوكرانية في سبتمبر (أيلول)، قالت بولندا (وهي حليف رئيسي لأوكرانيا في جوانب أخرى) إنها لن تلتزم بقرارات الاتحاد الأوروبي. ولم يؤدِّ اقتراح زيلينسكي خلال خطاب ألقاه في الأمم المتحدة بأن الحظر البولندي كان مجرد تملق ما قبل الانتخابات إلا إلى تأجيج التوترات.
في الوقت نفسه، تخيم أسئلة جديدة على المساعدات العسكرية الأمريكية المستقبلية لأوكرانيا، حيث لا يزال مجلس النواب بلا رئيس مع تزايد الشكوك حول المساعدات بين بعض الجمهوريين.
ليست كل الأنباء تشاؤميةبالرغم مما سبق، لم تنفجر كل الأمور بعكس مصالح أوكرانيا. قال كليمكين، وزير الخارجية الأوكراني الأسبق، إن الحرب في غزة يمكن أن تعيد تركيز الاهتمام الغربي على التنمية الصناعية العسكرية التي من شأنها أن تفيد أوكرانيا أيضاً. أعادت أوكرانيا تشكيل المعركة البحرية على البحر الأسود في الأسابيع الأخيرة، حيث وجهت ضربة بمسيرة بحرية مصممة حديثاً وهزت قبضة البحرية الروسية على البحر الذي سيطرت عليه لعقود من الزمن.
في الأسبوع الماضي فقط، أعلنت أوكرانيا مسؤوليتها عن هجومين ناجحين بمسيّرة جديدة عبارة عن قارب سريع يتم التحكم به عبر الأقمار الاصطناعية ومعبأ بالمتفجرات. كما ضربت أوكرانيا بالصواريخ مقر أسطول البحر الأسود الروسي في شبه جزيرة القرم المحتلة. وثمة أيضاً أسباب للاعتقاد بأن تحالفات أوكرانيا راسخة بما فيه الكفاية بحيث من غير المرجح أن تتعثر، حسب إيفو دالدر، سفير الولايات المتحدة الأسبق لدى الناتو ورئيس مجلس شيكاغو للشؤون العالمية.
وقال إن المساعدات العسكرية ستستمر في التدفق مشيراً إلى اقتراح في الكونغرس بأن يتم دمج المساعدات الطويلة المدى لأوكرانيا مع المساعدات لإسرائيل وتايوان. لقد أصبحت منتديات المساعدات الغربية، مثل مجموعة الاتصال الشهرية لوزراء الدفاع في رامشتاين التي تقدم الدعم لأوكرانيا، ذات طابع مؤسسي وسوف تستمر بغض النظر عن الأزمات الأخرى.
وقال دالدر في مقابلة: "لقد أصبح دعم أوكرانيا روتينياً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة المساعدات العسکریة فی غزة
إقرأ أيضاً:
اليمن ضمن محور المقاومة
محمد بن سالم البطاشي
في موضوع مُساندة معركة طوفان الأقصى وإسناد الشعب الفلسطيني، فإنَّ المرء يحار من أين يبدأ وأين ينتهي؛ ذلك أن محور المقاومة- ومعه كل شرفاء الأمة- قد انخرطوا في هذه المعركة بنسب متفاوتة وكان لكل مُشارك نصيب من الجهد قلَّ أو كثر من أجل نصرة الأقصى ومشاغلة الأعداء المتحالفين ضد هذه الأمة.
فقد أراد الله أن تكون معركة طوفان الأقصى كاشفة فاضحة يمحص بها الله الغث من السمين والحق من الباطل، وقد حصحص الحق وبان وارتفعت رايته، وارتكس أصحاب الظلم وأرباب الباطل وانتكسوا، وارتقى منصة الشرف والرجولة والفداء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
لقد أدى محور المقاومة دورًا بارزًا ومُشرِّفًا في نصرة إخوانهم المرابطين في أرض الرباط فمن بلاد الرافدين مرورا ببلاد الأرز إلى اليمن السعيد اشتعلت الجبهات وشاغلت العدو واستنزفت قواه التي أضحت خائرة وبثت الرعب في نفوس مستوطنيه، وأحالتهم إلى الملاجئ والخيام ليذوقوا وبال أمرهم، وتمَّ إخلاء المغتصبات من كامل الحدود شمالها وجنوبها، وعطلت الموانئ والمطارات والمصانع والمدارس والجامعات وغيرها من المرافق الحيوية، ومع كامل التقدير لكل محور المقاومة ولدورهم المشرف الذي سيسطره التاريخ بأحرف من نور، فإنَّ مقالنا هذا سيتطرق إلى دور اليمن السعيد في معركة طوفان الأقصى وكيف قلب هذا الدور كل الموازين وأربك كل الحسابات.
إنَّ اليمن عبر التاريخ دوخ أشاوس اليمن أعتى الجيوش وأشدها، وأحالوها ركاماً وجثثاً متناثرة تتوسل من يدفنها، ولك أيها القارئ الكريم أن تتصور مسيرة الشعب اليمني الحافلة بالانتصارات منذ الألفية الثانية قبل الميلاد وحتى القرن السابع بعده، ممثلًا في مملكة سبأ ومملكة حضرموت ومملكة قتبان ومملكة معين ومملكة حِميَر، إنه تاريخ حافل بالفخار والأمجاد يتوارثه اليمنيون كابراً عن كابر.
وفي العصر الحديث تعتبر تجربة اليمن في المقاومة نموذجًا يحتذى به لبقية الدول العربية حيث إن الهجمات اليمنية على المصالح الأمريكية والإسرائيلية ليست وليدة طوفان الأقصى أو ردة فعل عليه، بل هي قبل ذلك بكثير ربما منذ عام 1963 ضد الاستعمار البريطاني لبلاد اليمن وما خاضه اليمنيون من قتال مرير توجت بانتصار الإرادة اليمنية مما دفع بالاستعمار البريطاني ليحمل عصاه ويرحل غير مأسوفٍ عليه، أما في السنوات الأخيرة التي سبقت طوفان الأقصى نفذ أنصار الله عدة هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد الأهداف الإسرائيلية والأمريكية، دفاعاً عن أرضه وشعبه من هجمات العدوان ومكائدهم ومحاولات تركيعهم.
اليمن ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها، أثبت أنه يمتلك إرادة قوية وقدرة على مواجهة التحديات، ذلك أن التصدي للاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد قضية يمنية، بل هو جزء من النضال العربي المشترك، فكلما نجح اليمن في كسر أنف إسرائيل، فإنَّ ذلك يُساهم في تعزيز روح المقاومة في جميع أنحاء العالم العربي.
لم يكن أرباب العدوان وأساطين الظلم يتوقعون أن يدخل اليمن في معركة طوفان الأقصى نظرا للبعد الجغرافي الشاسع وما كانوا يظنونه من بساطة الأدوات العسكرية التي يمتلكها رجال اليمن وقلة حيلتها، ليفاجئهم اليمن بما لم يخطر على بالهم، ويثبت لكل العالم من جديد أنه بلاد الحكمة والشكيمة القوية والعقيدة الراسخة والتصميم الذي يقهر الجبال.
لقد دخل اليمن معركة طوفان الأقصى نصرة للقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى ودفاعاً عن قطاع غزة، حتى يتم وقف المجازر والإبادة الجماعية التي ترتكب ضدهم، وكان شعاره واضحا وبسيطا (أوقفوا جرائمكم في غزة نرفع حصارنا عن موانئكم ونوقف بطشنا بكم بحرا وجوا). وبالرغم من الأساطيل التي حشدوها والطيران الذي يشن غاراته آناء الليل وأطراف النهار، فإنَّ اليمني هيهات أن تلين له قناة أو ترهبه المدافع والصواريخ والطائرات، أو يساوم على المبادئ، فقد صادف المعتدون أنفساً باعت أرواحها الطاهرة لله في تجارة رابحة، نصرة للدين والمسلمين والمقدسات.
إنَّ الدعم الذي يُقدمه اليمن أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل، حيث تمكن من تطوير قدراته العسكرية بشكل ملحوظ، مما جعله قادرًا على استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية بشكل فعّال الأمر الذي سبب حالة من القلق في تل أبيب، حيث بدأت إسرائيل تدرك أن اليمن يمكن أن يكون جزءًا من محور المقاومة الذي يهدد مصالحها بشدة وقد جربت كل الوسائل السياسية والعسكرية سواء بالهجوم المباشر أو عن طريق رعاتها من دول حلف الناتو وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية الذين جاؤوا إلى المنطقة بقضهم وقضيضهم تصحبهم حاملات الطائرات والمدمرات وأحدث الطائرات وقصفوا ودمروا وأرعدوا وأزبدوا على أمل أن يتراجع رجال اليمن عن مناصرة إخوانهم في غزة، ولكن هيهات فقد صادفوا همما تقتلع الجبال الرواسي ورجال مسلحون بصواريخ فرط صوتية كأنها البرق الخاطف تباغت العدو ولا يدري متى ومن أين تأتي، وطائرات كالرعد القاصف تدك غرفة نوم نتنياهو ولا تبالي.
ومن نافلة القول إنَّ اليمن الذي كسر أنف العدو هو رمز للصمود، وبفعله هذا فهو يعكس إرادة الشعب اليمني في الدفاع عن حقوقه واستعادة سيادته، ومع استمرار الدعم العربي والتضامن، يمكن لليمن أن يصبح مثالًا يُحتذى به في مواجهة الظلم والاحتلال؛ فالتاريخ يُعلِّمُنا أن الشعوب التي تصمد أمام التحديات هي الشعوب التي تُكتب اسمها بأحرف من نور في صفحات التاريخ.
رابط مختصر