(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول مصير عملية السلام في اليمن بعد توقف الأنباء والمعلومات عن آخر تطوراتها..

ما تأثيرات أحداث غزة على مجريات هذه التسوية السياسية؟

هل هناك تفاهمات من تحت الطاولة حول توقف الحرب بشكل كلي؟

هل نتجه إلى حالة اللاسلم واللاحرب.. وما خطورة هذا الوضع المتذبذب؟

هل نحن أمام إعلان قريب لتفاهمات نهائية تحت وطأة المتغيرات الأخيرة؟

ماذا لو استمر الوضع على ما هو عليه دون أي حسم أو سلام؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

حظيت عملية السلام في اليمن والجهود المبذولة إقليميا ودوليا وأمميا بزخم كبير خلال الشهور الماضية، غير أن هذا الزخم ما لبث أن تراجع بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، خاصةً قبيل وبُعيد الهجوم الذي استهدف جنودا بحرينيين على الحدود الجنوبية للسعودية مع شمال اليمن.

الفتور الذي تشهده عملية السلام في اليمن حاليا يعتبره البعض بأنه توقف شامل على كافة الصعد، غير أن الأطراف المعنية بالمفاوضات التي تمت في الرياض بين السعوديين والحوثيين تحدثت عن إمكانية استئنافها، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، بالتزامن مع أنباء عن رفض بعض الأجنحة الحوثية فكرة التقارب مع المملكة، وتجلى هذا الرفض في تصريحات معادية للرياض صادرة عن بعض قيادات الجماعة، كللتها بالهجوم المسلح على الحد الجنوبي للسعودية.

ويرى مراقبون أن المفاوضات بين الحوثيين والسعودية التي استضافتها الرياض توصلت إلى مراحل متقدمة من بناء الثقة والتفاهم على الكثير من الملفات، وعلى رأسها الإنسانية منها، وهو ما استدعى أن يقوم كل طرف بعرض ما تم التوصل إليه للمعنيين، حيث يحتاج الحوثيون لعرض التفاهمات على أصحاب القرار وكافة الأجنحة بالجماعة، كما تحتاج السعودية عرضها على الحكومة الشرعية كونها الطرف المعني المباشر.

ويبدو أن وجود رفض داخل أروقة بعض الأجنحة المتشددة في جماعة الحوثي، أدى إلى هذا الفتور في التسوية، في ظل إدراك تلك القيادات (الصقور) الحوثية أن مصير الجماعة سيصبح في مهب الريح إن هي جنحت للسلم، فهو أولى مراحل دخولها إلى موت سريري، كونها جماعة تعتاش على الحرب والأزمات، واي استقرار سيُعجل بزوالها، بعد أن افتضح عند عامة الشعب اليمني.

وما يؤكد ذلك، أن مفاوضات الرياض شرعت في وضع معالم هدنة دائمة تُمهّد لوقف شامل الحرب وإطلاق النار في كل البلاد، والعمل على تفاهمات إنسانية اقتصادية كصرف المرتبات وفتح الطرقات والمطارات والموانئ، وهي كلها مبررات كثيرا ما تمسك بها الحوثيون لتبرير حربهم وقصفهم، وإذا ما تم التوصل لاتفاقيات تعمل على تنفيذ كل تلك الاشتراطات، فإن الحوثيين سيخسرون أهم أسباب بقائهم، الأمر الذي سيُسرع من زوالهم، شعبيا ومجتمعيا على الأقل.

هذا ما يمكن الإشارة إليه في معرض الحديث عن أسباب توقف مفاوضات السلام وتعثرها في اليمن، وهو أمر مرتبط برفض الحوثيين لأي استقرار يهدد بقاءهم، غير أن ثمة عوامل وأسباب أخرى يعتقد مراقبون أنها ألقت بظلالها على سير عملية السلام في اليمن، منها عوامل داخلية وأخرى إقليمية ودولية.

> تأثير أحداث غزة

من الطبيعي أن يتأثر اليمن ويؤثر بمحيطه الإقليمي والدولي، كونه أحد الدول المهمة على الخارطة الجيوسياسية في المنطقة، وأية مجريات سياسية أو عسكرية تحدث خارج اليمن تلقي بظلالها على الأزمة اليمنية، تماما كما تؤثر الأحداث داخل اليمن على الإقليم والعالم برمته.

بدا هذا الأمر ظاهرا في الحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت الوضع المعيشي والإنساني في اليمن، كما لا يمكن نسيان أن الحرب اليمنية الراهنة أساس قيامها التوتر في المنطقة بين السعودية وإيران، وخشية الرياض من تمدد الحوثيين باعتبارهم أداة إيرانية إلى حدود المملكة وتهديد أمنها القومي.

ويتكرر هذا التأثر اليوم مع أحداث غزة وفلسطين الأخيرة، التي يتوقع مراقبون يمنيون أن تعمل على التأثير في مستقبل التسوية السياسية للأزمة والحرب في اليمن، في ظل استغلال خبيث من قبل الحوثيين لما يجري في غزة، ومحاولات الجماعة الانقلابية استعادة شعبيتها التي تراجعت بشكل حاد مؤخرا في مناطق سيطرتها؛ نتيجة ممارسات التضييق التي تمارسها.

وهنا مربط الفرس الذي قد يهدد عملية السلام بشكل كامل في اليمن، خاصة مع عودة التهديدات الحوثية (كظاهرة صوتية) ومحاولة استغلال أحداث غزة لصالحها، ليس فقط من قبل الحوثيين أنفسهم، بل حتى من قبل القوى الإقليمية الكبرى التي تعمل على نفس الغاية الحوثية، من خلال ركوب موجة ما يجري في فلسطين لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية.

ومن غير المستبعد أبدا، أن تقوم دولة مثل إيران باستخدام كافة أدواتها وجماعاتها التي تدعمها في المنطقة، وتوجيه كامل طاقاتها لاستغلال الوضع المتوتر في فلسطين، وهو ما تم فعلا من خلال زيارة قيادات سياسية إيرانية إلى لبنان، بغية الإسراع في استثمار هذا التوتر لرفع أسهم حزب الله اللبناني، بعد أن تراجعت شعبية كافة قوى وأدوات طهران في المنطقة.

وهذا الفعل من المحتمل أن يتكرر في اليمن، عبر قيام إيران بتحريك أداتها الحوثية لذات الغرض، لكن هذه المرة ليس ضد الكيان الصهيوني كما يفعل حزب الله المتاخم للحدود الإسرائيلية، ولكن قد يكون ضد الجارة السعودية تحت ذريعة صمت الأنظمة العربية على ما يجري في فلسطين، وإذا حدث أمر كهذا فإنه من المؤكد أن يقف عملية السلام والتسوية السياسية في اليمن.

وإيران وأدواتها، وعلى رأسهم الحوثيون، لا يسعون من وراء كل هذا نصرة فلسطين أو غزة، كما يخيل إلى البعض، ولكن الغاية هي الفوز بمكاسب سياسية، سواءً كانت دولية بالنسبة لإيران، أو محلية بالنسبة للحوثيين، من الضروري أن يكون هذا على حساب السلام والاستقرار في اليمن، والظهور بموقف النصرة أمام مؤيديهم يداوي بعضا من التراجع لشعبية التيار الممانع في المنطقة.

> من تحت الطاولة

الصمت المطبق والفتور الذي طغى على مآلات المفاوضات في الرياض بين السعوديين والحوثيين صنفه كثير من المتابعين على أنه يأتي في إطار الترتيبات النهائية لإعلان التوافق الأكيد حول ما تم في العاصمة السعودية من تفاهمات، ويستدل أصحاب هذا الطرح بما يجري من تصعيد على الحدود السعودية من قبل بعض الأجنحة داخل جماعة الحوثي ترفض التسليم بالسلام.

لكن هؤلاء يرون أن هذه التفاهمات لم يكتب لها الإعلان الرسمي بعد، وأنها تمت بالفعل ويراد لها جمع أكبر قدر من التوافق الداخلي والخارجي قبل البوح بها، وهذا التوافق يستوجب جمع كل القوى داخل جميع الأطراف المعنية، حتى ينجح الأمر بتمرير ما تم الاتفاق عليه، وعلى سبيل المثال، فإن أي تسوية تحتاج إلى ضمان كافة قوى الشرعية بمن فيهم المجلس الانتقالي الجنوبي، كما هو حال الأجنحة الرافضة السلام في جماعة الحوثي، والتي يجب أن تنصاع هي الأخرى.

فالوضع العام، سواءً لليمن أو للإقليم وللعالم، لا يحتمل مزيدا من الرفض أو وجود حجر عثرة في طريق أية تفاهمات أو تسويات، وهذا ما يبدو أنه خلص إليه المراقبون عند تحليل وتفسير الفتور في المفاوضات، وعدم وضوح أي نتائج حتى الآن حولها.

وجود تفاهمات من تحت الطاولة، لم يعلن عنها بعظ، تحدث عنه السياسي اليمني البارز، ووزير الخارجية اليمني الأسبق الدكتور أبوبكر القربي الذي علق على اجتماع مجلس أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في الرياض بهدف مناقشة آخر المستجدات على الساحة اليمنية.

وقال القربي في منشور له على منصة "أكس" تويتر سابقًا، رصدته (عدن الغد)، إن سفراء العالم يتداولون أن اجتماع المجلس الرئاسي بحث نتائج توافق السعودية والحوثيين حول صرف المرتبات ووقف الحرب ومشاركة جماعة الحوثي في مفاوضات الحل الشامل بعد إتمام اتفاقهم مع السعودية، وأشار القربي إلى أن السفراء توقعوا أن "اجتماع المجلس بحث تشكيل حكومة جديدة، واختيار أعضاء الفريق المشارك في مفاوضات الحل السياسي الشامل".

وما أورده السياسي اليمني القربي دليل كافٍ على أن المفاوضات بين الرياض وصنعاء لم تتوقف، ولكنها وصلت مستويات متقدمة، تحتاج إلى أن تتم طباختها -إن جاز التعبير- على نار هادئة؛ لتنضج فصولها وتقبل بها جميع القوى والتيارات التي تنتمي إلى الأطراف السياسية الرئيسية، كما يكشف اجتماع المجلس الرئاسي حرصه على التوافق العام بكل قواه وقبولها بالتسوية القادمة.

الأمر الذي يؤكد أن اليمن أمام إعلان قريب لتسوية وتفاهمات نهائية تحتاج فقط إلى تهيئة الأجواء المحلية والإقليمية والدولية المناسبة لإعلانها، وتجاوز المتغيرات السياسية والعسكرية الحالية في المنطقة حتى تمضي التفاهمات نحو أهدافها.

> خطورة حالة اللاسلم واللاحرب

من الضروري أن تصل الأوضاع في اليمن إلى مرحلة من السلام والتوافق، لأن بقاء الوضع متذبذبا كما هو الأمر الآن بين حالتي اللاسلم واللاحرب التي لها من المعضلات والتبعات المؤلمة الكثير، ما ينعكس على واقع البسطاء والسواد الأعظم من المواطنين المتضررين.

وما يتوق من تلك التبعات هو مزيد من التفاقم المعيشي والاقتصادي لملايين المدنيين المكتوين بنيران الحرب، الآملين في أن تضع أوزارها حتى تستطيع البلاد برمتها تحسين الوضع المعيشي، وإنقاذ اليمنيين من الجوع والعوز، وضياع المستقبل.

فمن غير المعقول أن يستمر الوضع على ما هو عليه، من عدم الاستقرار، والتذبذب ما بين حالتي اللاسلم واللاحرب، دون حسم عسكري أو سلام شامل، وهو وضع لا يِسعد إلا المستفيدين من الحرب الذين أثروا منها وباتوا قيادات ورجال أعمال، لا يستشعرون معاناة عامة البسطاء المطحونين.
 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: عملیة السلام فی الیمن جماعة الحوثی فی المنطقة أحداث غزة ما یجری من قبل

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة

بدأت أصوات كبار جنرالات جيش الاحتلال بالتعالى، مطالبة بهدنة قريبة للقتال في قطاع غزة، بسبب نقص الذخائر، وحالة الإرهاق التي يعاني منها جنود الاحتلال.

وتزداد الفجوة بين قادة الجيش من جهة، والحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو من الجهة الأخرى، بشأن طريقة التعامل مع الحرب في قطاع غزة، فبينما يصر نتنياهو على "تحقيق النصر المطلق"، يرى الجنرالات أن هذا الهدف أصبح مستحيلا مع دخلو الحرب شهرها التاسع.

وقال الكاتب الإسرائيلي، بصحيفة "نيويورك تايمز"، رونين بيرغمان، إن قادة الجيش يضغطون نحو هدنة للقتال، حتى لو بقيت حركة حماس في السلطة في الوقت الحالي، وذلك في توجه وقناعة جديدة، تشي بتآكل أهداف الحرب بشكل كبير.


تاليا نص مقال رونين بيرغمان:
يريد كبار جنرالات إسرائيل بدء وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أبقى ذلك حماس في السلطة في الوقت الحالي، وهو ما يزيد من الفجوة بين الجيش ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي عارض هدنة تسمح لحماس بالبقاء على قيد الحياة في الحرب.

ويعتقد الجنرالات أن الهدنة ستكون أفضل وسيلة لتحرير حوالي 120 إسرائيليًا ما زالوا محتجزين – سواء كانوا أحياء أو أمواتًا – في غزة، وفقًا لمقابلات مع ستة من المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين.

ويرى الجنرالات – الذين يفتقرون إلى التجهيزات اللازمة لمزيد من القتال بعد أطول حرب لإسرائيل منذ عقود – أيضًا أن قواتهم بحاجة إلى وقت للتعافي في حالة اندلاع حرب برية ضد حزب الله – الميليشيا اللبنانية التي تخوض قتالًا منخفض المستوى مع إسرائيل منذ تشرين الأول/ أكتوبر – حسبما قال العديد من المسؤولين.

ومن الممكن أيضًا أن تجعل الهدنة مع حماس من الأسهل الوصول إلى اتفاق مع حزب الله؛ وفقًا للمسؤولين، ومعظمهم تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لكونهم يناقشون مسائل حساسة تتعلق بالأمن. وقال حزب الله إنه سيستمر في ضرب شمال إسرائيل حتى توقف إسرائيل القتال في قطاع غزة.

وتتشكل القيادة العسكرية الإسرائيلية المعروفة بشكل جماعي باسم منتدى هيئة الأركان العامة من حوالي 30 من كبار الجنرالات، بما في ذلك رئيس أركان الجيش الفريق هرتسي هاليفي، وقادة الجيش والقوات الجوية والبحرية، ورئيس الاستخبارات العسكرية.


ويعكس موقف الجيش الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار تحولًا كبيرًا في تفكيره خلال الأشهر الأخيرة مع تزايد وضوح رفض نتنياهو صياغة خطة لما بعد الحرب أو الالتزام بها. وقد أدى هذا القرار بشكل أساسي إلى خلق فراغ في السلطة في القطاع أجبر الجيش على العودة والقتال في أجزاء من غزة التي كان قد أخلاها بالفعل من مقاتلي حماس.

وقال إيال حولاتا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إسرائيل حتى بداية السنة الماضية، والذي يتحدث بانتظام مع كبار المسؤولين العسكريين: “الجيش الإسرائيلي يؤيد بالكامل اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار”.

وأضاف حولاتا: "إنهم يعتقدون أن بإمكانهم دائمًا العودة ومواجهة حماس عسكريًا في المستقبل. إنهم يدركون أن التوقف في غزة يجعل تهدئة التوترات في لبنان أكثر احتمالًا؛  حيث إن لديهم ذخائر أقل وقطع غيار أقل وطاقة أقل مما كان لديهم من قبل، لذا فهم يعتقدون أيضًا أن التوقف في غزة يمنحنا المزيد من الوقت للتحضير في حالة اندلاع حرب أكبر مع حزب الله". 

وليس من الواضح إلى أي مدى عبّرت قيادة الجيش الإسرائيلي عن آرائها لنتنياهو في الجلسات الخاصة، ولكن كانت هناك تلميحات عن الإحباط في العلن، بالإضافة إلى إحباط رئيس الوزراء من الجنرالات.

ورفض مكتب نتنياهو التعليق على هذا المقال، وفي بيان بعد نشر المقال عبر الإنترنت، أكد نتنياهو على أن إسرائيل لن تنهي الحرب "إلا بعد تحقيق جميع أهدافها، بما في ذلك القضاء على حماس وإطلاق سراح جميع الرهائن".

ويتخوف نتنياهو من قبول هدنة تُبقي على حماس في السلطة لأن هذا الاحتمال قد يؤدي إلى انهيار تحالفه الحكومي، الذي قال بعض أعضائه إنهم سيغادرون التحالف إذا انتهت الحرب دون هزيمة حماس.

وحتى فترة قريبة؛ كان الجيش يؤكد علنًا أن من الممكن تحقيق الهدفين الرئيسيين للحكومة في الحرب: هزيمة حماس وإنقاذ الرهائن الذين أسرتهم عليهم حماس وحلفاؤها خلال الهجوم الذي وقع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل. أما الآن؛ فقد خلصت القيادة العسكرية العليا إلى أن الهدفين غير قابلين للتوفيق بينهما، بعد عدة أشهر من بداية الشكوك لدى الجنرالات.

ومنذ اجتياح غزة في تشرين الأول/ أكتوبر، تغلبت إسرائيل تقريبًا على جميع كتائب حماس واحتلت معظم القطاع في بعض مراحل الحرب، لكن لا يزال ما يقرب من نصف الرهائن الـ250 الذين أُخذوا إلى غزة في تشرين الأول/ أكتوبر في الأسر، وتخشى القيادة العليا أن المزيد من العمليات العسكرية لتحريرهم قد تعرض حياة الآخرين للخطر.

ومع رفض نتنياهو علنًا الالتزام باحتلال غزة أو نقل السيطرة إلى قادة فلسطينيين بديلين، يخشى الجيش الإسرائيلي من حرب طويلة الأمد تستنزف طاقته وذخيرته تدريجيًا بينما يظل الرهائن محتجزين وزعماء حماس طلقاء. وفي مواجهة هذا السيناريو؛ يبدو أن إبقاء حماس في السلطة في الوقت الحالي مقابل استعادة الرهائن هو الخيار الأقل سوءًا بالنسبة لإسرائيل، حسبما قال حولاتا، واتفق مع ذلك أربعة مسؤولين كبار تحدثوا بشرط عدم الكشف عن أسمائهم.


وعندما طُلب من الجيش التعليق على ما إذا كان يدعم الهدنة، أصدر بيانًا لم يتطرق مباشرةً إلى السؤال، وقال البيان إن الجيش يعمل “وفقاً لتوجيهات المستوى السياسي على تحقيق أهداف الحرب”، بما في ذلك تدمير “قدرات حماس العسكرية والحُكمية، وعودة الرهائن وعودة المدنيين الإسرائيليين من الجنوب والشمال بأمان إلى منازلهم”.

وبعد نشر هذا التقرير، أصدر الجيش بيانًا مماثلًا ردًا عليه، متجنبًا مسألة دعمه لوقف إطلاق النار مرة أخرى، ولكن في بيانات ومقابلات أخرى أجريت مؤخراً، أعطى القادة العسكريون تلميحات علنية حول ما توصلوا إليه بشكل سري.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاغاري في مقابلة تلفزيونية في 19 حزيران/يونيو: “أولئك الذين يعتقدون أننا نستطيع أن نجعل حماس تختفي مخطئون، حماس فكرة، حماس حزب سياسي، إنها متجذرة في قلوب الناس”، وفي انتقاد مبطن للسيد نتنياهو، قال الأدميرال هاغاري إن الإيحاء بغير ذلك هو “ذرّ الرمال في عيون الجمهور”.

وأضاف: “ما يمكننا القيام به هو إقامة شيء آخر، شيء يحل محلها، شيء يجعل السكان يعرفون أن هناك من يوزع الطعام، شخص آخر يقدم الخدمات العامة، من هو هذا الشخص! وما هو هذا الشيء! هذا ما يقرره صناع القرار”. 

وحاول الجنرال هاليفي، رئيس هيئة الأركان، في الآونة الأخيرة التباهي بإنجازات الجيش، فيما قال بعض المحللين إنها محاولة لخلق ذريعة لإنهاء الحرب دون فقدان ماء الوجه.

ومع تقدم القوات الإسرائيلية عبر مدينة رفح جنوب قطاع غزة في 24 حزيران/يونيو، قال الجنرال هاليفي إن الجيش “يقترب بوضوح من النقطة التي يمكننا القول فيها إننا فككنا لواء رفح، أي أنه هزم، ليس بمعنى أنه لم يعد هناك المزيد من الإرهابيين، ولكن بمعنى أنه لم يعد بإمكانه العمل كوحدة قتالية”.

ويقدر الجيش الإسرائيلي أنه قتل ما لا يقل عن 14 ألف مقاتل – الجزء الأكبر من قوات حماس ـ لكن المسؤولين يعتقدون أيضًا أن عدة آلاف من مقاتلي حماس لا يزالون طلقاء، مختبئين في أنفاق محفورة في أعماق الأرض تحت سطح غزة، يحرسون مخزونات الأسلحة والوقود والغذاء وبعض الرهائن.


ورفض مكتب السيد نتنياهو التعليق على هذا التقرير، وقال في بيان له يوم الإثنين إن إسرائيل كانت على وشك “القضاء على جيش حماس الإرهابي”، لكنه لم يذهب إلى حد القول إن هذا سيسمح لإسرائيل بإنهاء الحرب في غزة.

وفي مقابلة تلفزيونية نادرة في أواخر حزيران/يونيو، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الاقتراحات القائلة بضرورة إنهاء الحرب، لكنه أقرّ بأن على الجيش أن يخفض وجوده في غزة من أجل “نقل جزء من قواتنا إلى الشمال”.

ووفقاً للمسؤولين العسكريين، فإن هذه الخطوة ضرورية لمساعدة الجيش على التعافي في حال اندلاع حرب أوسع نطاقاً مع حزب الله، وليس لأن إسرائيل تستعد لغزو لبنان قريباً، ومع ذلك فقد أشارت تقارير إخبارية أخرى إلى أن إسرائيل ربما تخطط لغزو في الأسابيع المقبلة.

وبعد مرور ما يقرب من تسعة أشهر على الحرب التي لم تخطط لها إسرائيل، يعاني جيشها من نقص في قطع الغيار والذخائر والدوافع وحتى القوات، حسبما قال المسؤولون.

وتعد هذه الحرب هي أعنف صراع خاضته إسرائيل منذ أربعة عقود على الأقل، وأطول حرب خاضتها في غزة، وفي جيش يعتمد إلى حد كبير على جنود الاحتياط، فإن بعض جنوده يؤدون جولتهم الثالثة منذ تشرين الأول/أكتوبر ويكافحون من أجل تحقيق التوازن بين القتال والتزاماتهم المهنية والعائلية.

ووفقًا لأربعة مسؤولين عسكريين فإن عددًا أقل من جنود الاحتياط يلتحقون بالخدمة، كما يتزايد انعدام ثقة الضباط في قادتهم، وسط أزمة ثقة في القيادة العسكرية دفعها جزئيًا فشلها في منع الهجوم الذي قادته حماس في تشرين الأول/أكتوبر، وفقاً لخمسة ضباط.

وقد قُتل أكثر من 300 جندي في غزة، وهو أقل مما توقعه بعض المسؤولين العسكريين قبل اجتياح إسرائيل للقطاع، لكن أكثر من 4000 جندي أصيبوا منذ تشرين الأول/أكتوبر، وفقًا للإحصاءات العسكرية، وهو ما يعادل 10 أضعاف العدد الإجمالي خلال حرب 2014 في غزة التي استمرت 50 يومًا فقط، ويعاني عدد غير معروف من الآخرين من اضطرابات ما بعد الصدمة.

وبحسب ضابطيْن فإن بعض الدبابات في غزة غير محملة بكامل حمولتها من القذائف التي تحملها عادة؛ حيث يحاول الجيش الحفاظ على مخزونه في حال اندلاع حرب أكبر مع حزب الله، وأكد خمسة مسؤولين وضباط أن الجيش يعاني من نقص في القذائف، كما أنه يفتقر إلى قطع الغيار لدباباته وجرافاته العسكرية وعرباته المدرعة، وفقاً لعدد من هؤلاء المسؤولين.

وقال جميع الضباط، بالإضافة إلى السيد حولاتا، إن إسرائيل لديها ما يكفي من الذخائر للقتال في لبنان إذا ما اعتقدت أنه لا بديل عن ذلك.

وقال هولاتا: "إذا ما تم جرنا إلى حرب أكبر، فلدينا ما يكفي من الموارد والقوة البشرية، لكننا نرغب في القيام بذلك في أفضل الظروف الممكنة، وفي الوقت الحالي، ليست لدينا أفضل الظروف". 

مقالات مشابهة

  • بنات الموديلز في اليمن.. صدام مع المجتمع وقيود العادات والتشريع الديني (تقرير خاص)
  • أمير قطر يؤكد سعي بلاده لوقف الحرب على قطاع غزة.. الوضع مأساوي
  • قبل انتهاء المهلة .. السعودية تعلن استعداها لتنفيذ خارطة السلام في اليمن
  • وسط تحذيرها من محاولات العبث بالاقتصاد اليمني.. أي قواعد اشتباك تفرضها صنعاء؟
  • مصر ماذا تريد!!
  • جعجع: الوضع مجنون.. لم لبنان بمفرده في عين العاصفة؟
  • قرارات جديدة تخص فئات مسموح لها بتحويل الزيارة إلى إقامة دائمة في السعودية
  • مصر ماذا تريد !!
  • تقرير لـNewsweek: لماذا على إسرائيل شنّ حرب على حزب الله وإيران؟
  • جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة