(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول مصير عملية السلام في اليمن بعد توقف الأنباء والمعلومات عن آخر تطوراتها..

ما تأثيرات أحداث غزة على مجريات هذه التسوية السياسية؟

هل هناك تفاهمات من تحت الطاولة حول توقف الحرب بشكل كلي؟

هل نتجه إلى حالة اللاسلم واللاحرب.. وما خطورة هذا الوضع المتذبذب؟

هل نحن أمام إعلان قريب لتفاهمات نهائية تحت وطأة المتغيرات الأخيرة؟

ماذا لو استمر الوضع على ما هو عليه دون أي حسم أو سلام؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

حظيت عملية السلام في اليمن والجهود المبذولة إقليميا ودوليا وأمميا بزخم كبير خلال الشهور الماضية، غير أن هذا الزخم ما لبث أن تراجع بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، خاصةً قبيل وبُعيد الهجوم الذي استهدف جنودا بحرينيين على الحدود الجنوبية للسعودية مع شمال اليمن.

الفتور الذي تشهده عملية السلام في اليمن حاليا يعتبره البعض بأنه توقف شامل على كافة الصعد، غير أن الأطراف المعنية بالمفاوضات التي تمت في الرياض بين السعوديين والحوثيين تحدثت عن إمكانية استئنافها، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، بالتزامن مع أنباء عن رفض بعض الأجنحة الحوثية فكرة التقارب مع المملكة، وتجلى هذا الرفض في تصريحات معادية للرياض صادرة عن بعض قيادات الجماعة، كللتها بالهجوم المسلح على الحد الجنوبي للسعودية.

ويرى مراقبون أن المفاوضات بين الحوثيين والسعودية التي استضافتها الرياض توصلت إلى مراحل متقدمة من بناء الثقة والتفاهم على الكثير من الملفات، وعلى رأسها الإنسانية منها، وهو ما استدعى أن يقوم كل طرف بعرض ما تم التوصل إليه للمعنيين، حيث يحتاج الحوثيون لعرض التفاهمات على أصحاب القرار وكافة الأجنحة بالجماعة، كما تحتاج السعودية عرضها على الحكومة الشرعية كونها الطرف المعني المباشر.

ويبدو أن وجود رفض داخل أروقة بعض الأجنحة المتشددة في جماعة الحوثي، أدى إلى هذا الفتور في التسوية، في ظل إدراك تلك القيادات (الصقور) الحوثية أن مصير الجماعة سيصبح في مهب الريح إن هي جنحت للسلم، فهو أولى مراحل دخولها إلى موت سريري، كونها جماعة تعتاش على الحرب والأزمات، واي استقرار سيُعجل بزوالها، بعد أن افتضح عند عامة الشعب اليمني.

وما يؤكد ذلك، أن مفاوضات الرياض شرعت في وضع معالم هدنة دائمة تُمهّد لوقف شامل الحرب وإطلاق النار في كل البلاد، والعمل على تفاهمات إنسانية اقتصادية كصرف المرتبات وفتح الطرقات والمطارات والموانئ، وهي كلها مبررات كثيرا ما تمسك بها الحوثيون لتبرير حربهم وقصفهم، وإذا ما تم التوصل لاتفاقيات تعمل على تنفيذ كل تلك الاشتراطات، فإن الحوثيين سيخسرون أهم أسباب بقائهم، الأمر الذي سيُسرع من زوالهم، شعبيا ومجتمعيا على الأقل.

هذا ما يمكن الإشارة إليه في معرض الحديث عن أسباب توقف مفاوضات السلام وتعثرها في اليمن، وهو أمر مرتبط برفض الحوثيين لأي استقرار يهدد بقاءهم، غير أن ثمة عوامل وأسباب أخرى يعتقد مراقبون أنها ألقت بظلالها على سير عملية السلام في اليمن، منها عوامل داخلية وأخرى إقليمية ودولية.

> تأثير أحداث غزة

من الطبيعي أن يتأثر اليمن ويؤثر بمحيطه الإقليمي والدولي، كونه أحد الدول المهمة على الخارطة الجيوسياسية في المنطقة، وأية مجريات سياسية أو عسكرية تحدث خارج اليمن تلقي بظلالها على الأزمة اليمنية، تماما كما تؤثر الأحداث داخل اليمن على الإقليم والعالم برمته.

بدا هذا الأمر ظاهرا في الحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت الوضع المعيشي والإنساني في اليمن، كما لا يمكن نسيان أن الحرب اليمنية الراهنة أساس قيامها التوتر في المنطقة بين السعودية وإيران، وخشية الرياض من تمدد الحوثيين باعتبارهم أداة إيرانية إلى حدود المملكة وتهديد أمنها القومي.

ويتكرر هذا التأثر اليوم مع أحداث غزة وفلسطين الأخيرة، التي يتوقع مراقبون يمنيون أن تعمل على التأثير في مستقبل التسوية السياسية للأزمة والحرب في اليمن، في ظل استغلال خبيث من قبل الحوثيين لما يجري في غزة، ومحاولات الجماعة الانقلابية استعادة شعبيتها التي تراجعت بشكل حاد مؤخرا في مناطق سيطرتها؛ نتيجة ممارسات التضييق التي تمارسها.

وهنا مربط الفرس الذي قد يهدد عملية السلام بشكل كامل في اليمن، خاصة مع عودة التهديدات الحوثية (كظاهرة صوتية) ومحاولة استغلال أحداث غزة لصالحها، ليس فقط من قبل الحوثيين أنفسهم، بل حتى من قبل القوى الإقليمية الكبرى التي تعمل على نفس الغاية الحوثية، من خلال ركوب موجة ما يجري في فلسطين لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية.

ومن غير المستبعد أبدا، أن تقوم دولة مثل إيران باستخدام كافة أدواتها وجماعاتها التي تدعمها في المنطقة، وتوجيه كامل طاقاتها لاستغلال الوضع المتوتر في فلسطين، وهو ما تم فعلا من خلال زيارة قيادات سياسية إيرانية إلى لبنان، بغية الإسراع في استثمار هذا التوتر لرفع أسهم حزب الله اللبناني، بعد أن تراجعت شعبية كافة قوى وأدوات طهران في المنطقة.

وهذا الفعل من المحتمل أن يتكرر في اليمن، عبر قيام إيران بتحريك أداتها الحوثية لذات الغرض، لكن هذه المرة ليس ضد الكيان الصهيوني كما يفعل حزب الله المتاخم للحدود الإسرائيلية، ولكن قد يكون ضد الجارة السعودية تحت ذريعة صمت الأنظمة العربية على ما يجري في فلسطين، وإذا حدث أمر كهذا فإنه من المؤكد أن يقف عملية السلام والتسوية السياسية في اليمن.

وإيران وأدواتها، وعلى رأسهم الحوثيون، لا يسعون من وراء كل هذا نصرة فلسطين أو غزة، كما يخيل إلى البعض، ولكن الغاية هي الفوز بمكاسب سياسية، سواءً كانت دولية بالنسبة لإيران، أو محلية بالنسبة للحوثيين، من الضروري أن يكون هذا على حساب السلام والاستقرار في اليمن، والظهور بموقف النصرة أمام مؤيديهم يداوي بعضا من التراجع لشعبية التيار الممانع في المنطقة.

> من تحت الطاولة

الصمت المطبق والفتور الذي طغى على مآلات المفاوضات في الرياض بين السعوديين والحوثيين صنفه كثير من المتابعين على أنه يأتي في إطار الترتيبات النهائية لإعلان التوافق الأكيد حول ما تم في العاصمة السعودية من تفاهمات، ويستدل أصحاب هذا الطرح بما يجري من تصعيد على الحدود السعودية من قبل بعض الأجنحة داخل جماعة الحوثي ترفض التسليم بالسلام.

لكن هؤلاء يرون أن هذه التفاهمات لم يكتب لها الإعلان الرسمي بعد، وأنها تمت بالفعل ويراد لها جمع أكبر قدر من التوافق الداخلي والخارجي قبل البوح بها، وهذا التوافق يستوجب جمع كل القوى داخل جميع الأطراف المعنية، حتى ينجح الأمر بتمرير ما تم الاتفاق عليه، وعلى سبيل المثال، فإن أي تسوية تحتاج إلى ضمان كافة قوى الشرعية بمن فيهم المجلس الانتقالي الجنوبي، كما هو حال الأجنحة الرافضة السلام في جماعة الحوثي، والتي يجب أن تنصاع هي الأخرى.

فالوضع العام، سواءً لليمن أو للإقليم وللعالم، لا يحتمل مزيدا من الرفض أو وجود حجر عثرة في طريق أية تفاهمات أو تسويات، وهذا ما يبدو أنه خلص إليه المراقبون عند تحليل وتفسير الفتور في المفاوضات، وعدم وضوح أي نتائج حتى الآن حولها.

وجود تفاهمات من تحت الطاولة، لم يعلن عنها بعظ، تحدث عنه السياسي اليمني البارز، ووزير الخارجية اليمني الأسبق الدكتور أبوبكر القربي الذي علق على اجتماع مجلس أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في الرياض بهدف مناقشة آخر المستجدات على الساحة اليمنية.

وقال القربي في منشور له على منصة "أكس" تويتر سابقًا، رصدته (عدن الغد)، إن سفراء العالم يتداولون أن اجتماع المجلس الرئاسي بحث نتائج توافق السعودية والحوثيين حول صرف المرتبات ووقف الحرب ومشاركة جماعة الحوثي في مفاوضات الحل الشامل بعد إتمام اتفاقهم مع السعودية، وأشار القربي إلى أن السفراء توقعوا أن "اجتماع المجلس بحث تشكيل حكومة جديدة، واختيار أعضاء الفريق المشارك في مفاوضات الحل السياسي الشامل".

وما أورده السياسي اليمني القربي دليل كافٍ على أن المفاوضات بين الرياض وصنعاء لم تتوقف، ولكنها وصلت مستويات متقدمة، تحتاج إلى أن تتم طباختها -إن جاز التعبير- على نار هادئة؛ لتنضج فصولها وتقبل بها جميع القوى والتيارات التي تنتمي إلى الأطراف السياسية الرئيسية، كما يكشف اجتماع المجلس الرئاسي حرصه على التوافق العام بكل قواه وقبولها بالتسوية القادمة.

الأمر الذي يؤكد أن اليمن أمام إعلان قريب لتسوية وتفاهمات نهائية تحتاج فقط إلى تهيئة الأجواء المحلية والإقليمية والدولية المناسبة لإعلانها، وتجاوز المتغيرات السياسية والعسكرية الحالية في المنطقة حتى تمضي التفاهمات نحو أهدافها.

> خطورة حالة اللاسلم واللاحرب

من الضروري أن تصل الأوضاع في اليمن إلى مرحلة من السلام والتوافق، لأن بقاء الوضع متذبذبا كما هو الأمر الآن بين حالتي اللاسلم واللاحرب التي لها من المعضلات والتبعات المؤلمة الكثير، ما ينعكس على واقع البسطاء والسواد الأعظم من المواطنين المتضررين.

وما يتوق من تلك التبعات هو مزيد من التفاقم المعيشي والاقتصادي لملايين المدنيين المكتوين بنيران الحرب، الآملين في أن تضع أوزارها حتى تستطيع البلاد برمتها تحسين الوضع المعيشي، وإنقاذ اليمنيين من الجوع والعوز، وضياع المستقبل.

فمن غير المعقول أن يستمر الوضع على ما هو عليه، من عدم الاستقرار، والتذبذب ما بين حالتي اللاسلم واللاحرب، دون حسم عسكري أو سلام شامل، وهو وضع لا يِسعد إلا المستفيدين من الحرب الذين أثروا منها وباتوا قيادات ورجال أعمال، لا يستشعرون معاناة عامة البسطاء المطحونين.
 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: عملیة السلام فی الیمن جماعة الحوثی فی المنطقة أحداث غزة ما یجری من قبل

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي يحذر من ارتفاع معدل انعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال 2025

حذر تقرير أممي من أن توقعات الأمن الغذائي، خلال الربع الأول من العام الجاري 2025، في جميع أنحاء اليمن "مثيرة للقلق"، في ظل ارتفاع الاسعار وعدم كفاية الدخل.

 

وقالت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة -في نشرة "السوق والتجارة اليمنية"- التابعة لها إن "الاقتصاد بشكل عام لا يزال هشًا، خاصة مع خطر حدوث المزيد من الاضطرابات في سلاسل الإمداد الغذائية".

 

وتوقعت النشرة أن تواجه الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وتلك الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، "تحديات واسعة.

 

وعبَّرت عن قلقها من أنّ تصاعد النزاع "سيؤدي إلى مزيد من زعزعة استقرار المنطقة، وزيادة التحديات المتعلقة

 

وقالت "على الرغم من بعض الاستقرار في أسعار المواد الغذائية، فإن مستويات التضخم المرتفعة وضعف القوة الشرائية ستستمر في تقليص الوصول إلى الغذاء للعديد من الأسر بشكل كبير".

 

كما توقعت أن تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة اليمن زيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية، لافتة إلى أن "الأسعار كانت في ديسمبر 2024 أعلى بنسبة 36%، مقارنة بالمتوسط السنوي لثلاث سنوات، كما ارتفعت الأسعار بنسبة 24-37% مقارنة بالعام السابق.

 

وتابعت "المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي "شهدت استقرارًا نسبيًا في الأسعار"، مستدركة بالقول: "ومع ذلك، فإن المشاكل الاقتصادية المستمرة والحظر الجديد على استيراد دقيق القمح قد تؤدي إلى تفاقم الوضع من خلال التسبب في اضطرابات في الإمدادات".

 

وأشارت إلى أن "تكلفة سلة الغذاء الأساسية ارتفعت في مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بنسبة 27% على أساس سنوي، و33% مقارنة بالمتوسط السنوي لثلاث سنوات، مما يعكس زيادة أسعار المواد الغذائية وتدهور الريال اليمني".

 

ولفتت إلى أن "المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي شهدت انخفاضًا في تكلفة سلة الغذاء الأساسية بنسبة 8%، مقارنة بالعام الماضي و14%، مقارنة بالمتوسط السنوي لثلاث سنوات".

 

وأكدت أنه "رغم ذلك لا تزال العديد من الأسر ذات الدخل المنخفض في كلا المنطقتين تكافح لتغطية تكلفة سلة الغذاء الأساسية؛ بسبب ضعف القوة الشرائية".

 

وفيما يتعلق بالعملة المحلية (الريال)، قالت منظمة "الفاو" إن الريال اليمني تدهور بشكل كبير في مناطق الحكومة اليمنية، حيث فقد 26% من قيمته، مقارنة بالعام الماضي، موضحة أن "هذا التدهور أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار الوقود (الديزل والبنزين) بنسبة 6-32%، مقارنة بالعام الماضي".

 

 


مقالات مشابهة

  • تقرير أممي: نزوح نحو 200 فرد في اليمن خلال أسبوع
  • مجلس الأمن يناقش الوضع في لبنان والجولان المحتل
  • إنجاز طبي في السعودية.. عملية جراحية أجريت باستخدام الروبوت
  • تقرير أممي يحذر من ارتفاع معدل انعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال 2025
  • تقرير أممي: أكثر من 60 ألف مهاجر إفريقي وصلوا إلى اليمن خلال 2024
  • اليمن يرحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتدعو لتحقيق السلام الشامل
  • حزب الوعي: اتفاق هدنة غزة نجاح للدبلوماسية المصرية وانتصار للإنسانية
  • لماذا تتحفظ مصر على الوضع في سوريا؟
  • الجيل: مصر تلعب دورا محوريا لفرض هدنة إنسانية في غزة ووقف دائم لإطلاق النار
  • في ذكرى ميلاد سمير غانم.. لماذا توقفت دلال عبد العزيز عن شراء هدايا له؟