تقرير: لماذا توقفت عملية السلام الأخيرة التي كادت تعلن هدنة دائمة وتفاهمات إنسانية في اليمن؟
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
تقرير يتناول مصير عملية السلام في اليمن بعد توقف الأنباء والمعلومات عن آخر تطوراتها..
ما تأثيرات أحداث غزة على مجريات هذه التسوية السياسية؟
هل هناك تفاهمات من تحت الطاولة حول توقف الحرب بشكل كلي؟
هل نتجه إلى حالة اللاسلم واللاحرب.. وما خطورة هذا الوضع المتذبذب؟
هل نحن أمام إعلان قريب لتفاهمات نهائية تحت وطأة المتغيرات الأخيرة؟
ماذا لو استمر الوضع على ما هو عليه دون أي حسم أو سلام؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
حظيت عملية السلام في اليمن والجهود المبذولة إقليميا ودوليا وأمميا بزخم كبير خلال الشهور الماضية، غير أن هذا الزخم ما لبث أن تراجع بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، خاصةً قبيل وبُعيد الهجوم الذي استهدف جنودا بحرينيين على الحدود الجنوبية للسعودية مع شمال اليمن.
الفتور الذي تشهده عملية السلام في اليمن حاليا يعتبره البعض بأنه توقف شامل على كافة الصعد، غير أن الأطراف المعنية بالمفاوضات التي تمت في الرياض بين السعوديين والحوثيين تحدثت عن إمكانية استئنافها، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، بالتزامن مع أنباء عن رفض بعض الأجنحة الحوثية فكرة التقارب مع المملكة، وتجلى هذا الرفض في تصريحات معادية للرياض صادرة عن بعض قيادات الجماعة، كللتها بالهجوم المسلح على الحد الجنوبي للسعودية.
ويرى مراقبون أن المفاوضات بين الحوثيين والسعودية التي استضافتها الرياض توصلت إلى مراحل متقدمة من بناء الثقة والتفاهم على الكثير من الملفات، وعلى رأسها الإنسانية منها، وهو ما استدعى أن يقوم كل طرف بعرض ما تم التوصل إليه للمعنيين، حيث يحتاج الحوثيون لعرض التفاهمات على أصحاب القرار وكافة الأجنحة بالجماعة، كما تحتاج السعودية عرضها على الحكومة الشرعية كونها الطرف المعني المباشر.
ويبدو أن وجود رفض داخل أروقة بعض الأجنحة المتشددة في جماعة الحوثي، أدى إلى هذا الفتور في التسوية، في ظل إدراك تلك القيادات (الصقور) الحوثية أن مصير الجماعة سيصبح في مهب الريح إن هي جنحت للسلم، فهو أولى مراحل دخولها إلى موت سريري، كونها جماعة تعتاش على الحرب والأزمات، واي استقرار سيُعجل بزوالها، بعد أن افتضح عند عامة الشعب اليمني.
وما يؤكد ذلك، أن مفاوضات الرياض شرعت في وضع معالم هدنة دائمة تُمهّد لوقف شامل الحرب وإطلاق النار في كل البلاد، والعمل على تفاهمات إنسانية اقتصادية كصرف المرتبات وفتح الطرقات والمطارات والموانئ، وهي كلها مبررات كثيرا ما تمسك بها الحوثيون لتبرير حربهم وقصفهم، وإذا ما تم التوصل لاتفاقيات تعمل على تنفيذ كل تلك الاشتراطات، فإن الحوثيين سيخسرون أهم أسباب بقائهم، الأمر الذي سيُسرع من زوالهم، شعبيا ومجتمعيا على الأقل.
هذا ما يمكن الإشارة إليه في معرض الحديث عن أسباب توقف مفاوضات السلام وتعثرها في اليمن، وهو أمر مرتبط برفض الحوثيين لأي استقرار يهدد بقاءهم، غير أن ثمة عوامل وأسباب أخرى يعتقد مراقبون أنها ألقت بظلالها على سير عملية السلام في اليمن، منها عوامل داخلية وأخرى إقليمية ودولية.
> تأثير أحداث غزة
من الطبيعي أن يتأثر اليمن ويؤثر بمحيطه الإقليمي والدولي، كونه أحد الدول المهمة على الخارطة الجيوسياسية في المنطقة، وأية مجريات سياسية أو عسكرية تحدث خارج اليمن تلقي بظلالها على الأزمة اليمنية، تماما كما تؤثر الأحداث داخل اليمن على الإقليم والعالم برمته.
بدا هذا الأمر ظاهرا في الحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت الوضع المعيشي والإنساني في اليمن، كما لا يمكن نسيان أن الحرب اليمنية الراهنة أساس قيامها التوتر في المنطقة بين السعودية وإيران، وخشية الرياض من تمدد الحوثيين باعتبارهم أداة إيرانية إلى حدود المملكة وتهديد أمنها القومي.
ويتكرر هذا التأثر اليوم مع أحداث غزة وفلسطين الأخيرة، التي يتوقع مراقبون يمنيون أن تعمل على التأثير في مستقبل التسوية السياسية للأزمة والحرب في اليمن، في ظل استغلال خبيث من قبل الحوثيين لما يجري في غزة، ومحاولات الجماعة الانقلابية استعادة شعبيتها التي تراجعت بشكل حاد مؤخرا في مناطق سيطرتها؛ نتيجة ممارسات التضييق التي تمارسها.
وهنا مربط الفرس الذي قد يهدد عملية السلام بشكل كامل في اليمن، خاصة مع عودة التهديدات الحوثية (كظاهرة صوتية) ومحاولة استغلال أحداث غزة لصالحها، ليس فقط من قبل الحوثيين أنفسهم، بل حتى من قبل القوى الإقليمية الكبرى التي تعمل على نفس الغاية الحوثية، من خلال ركوب موجة ما يجري في فلسطين لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية.
ومن غير المستبعد أبدا، أن تقوم دولة مثل إيران باستخدام كافة أدواتها وجماعاتها التي تدعمها في المنطقة، وتوجيه كامل طاقاتها لاستغلال الوضع المتوتر في فلسطين، وهو ما تم فعلا من خلال زيارة قيادات سياسية إيرانية إلى لبنان، بغية الإسراع في استثمار هذا التوتر لرفع أسهم حزب الله اللبناني، بعد أن تراجعت شعبية كافة قوى وأدوات طهران في المنطقة.
وهذا الفعل من المحتمل أن يتكرر في اليمن، عبر قيام إيران بتحريك أداتها الحوثية لذات الغرض، لكن هذه المرة ليس ضد الكيان الصهيوني كما يفعل حزب الله المتاخم للحدود الإسرائيلية، ولكن قد يكون ضد الجارة السعودية تحت ذريعة صمت الأنظمة العربية على ما يجري في فلسطين، وإذا حدث أمر كهذا فإنه من المؤكد أن يقف عملية السلام والتسوية السياسية في اليمن.
وإيران وأدواتها، وعلى رأسهم الحوثيون، لا يسعون من وراء كل هذا نصرة فلسطين أو غزة، كما يخيل إلى البعض، ولكن الغاية هي الفوز بمكاسب سياسية، سواءً كانت دولية بالنسبة لإيران، أو محلية بالنسبة للحوثيين، من الضروري أن يكون هذا على حساب السلام والاستقرار في اليمن، والظهور بموقف النصرة أمام مؤيديهم يداوي بعضا من التراجع لشعبية التيار الممانع في المنطقة.
> من تحت الطاولة
الصمت المطبق والفتور الذي طغى على مآلات المفاوضات في الرياض بين السعوديين والحوثيين صنفه كثير من المتابعين على أنه يأتي في إطار الترتيبات النهائية لإعلان التوافق الأكيد حول ما تم في العاصمة السعودية من تفاهمات، ويستدل أصحاب هذا الطرح بما يجري من تصعيد على الحدود السعودية من قبل بعض الأجنحة داخل جماعة الحوثي ترفض التسليم بالسلام.
لكن هؤلاء يرون أن هذه التفاهمات لم يكتب لها الإعلان الرسمي بعد، وأنها تمت بالفعل ويراد لها جمع أكبر قدر من التوافق الداخلي والخارجي قبل البوح بها، وهذا التوافق يستوجب جمع كل القوى داخل جميع الأطراف المعنية، حتى ينجح الأمر بتمرير ما تم الاتفاق عليه، وعلى سبيل المثال، فإن أي تسوية تحتاج إلى ضمان كافة قوى الشرعية بمن فيهم المجلس الانتقالي الجنوبي، كما هو حال الأجنحة الرافضة السلام في جماعة الحوثي، والتي يجب أن تنصاع هي الأخرى.
فالوضع العام، سواءً لليمن أو للإقليم وللعالم، لا يحتمل مزيدا من الرفض أو وجود حجر عثرة في طريق أية تفاهمات أو تسويات، وهذا ما يبدو أنه خلص إليه المراقبون عند تحليل وتفسير الفتور في المفاوضات، وعدم وضوح أي نتائج حتى الآن حولها.
وجود تفاهمات من تحت الطاولة، لم يعلن عنها بعظ، تحدث عنه السياسي اليمني البارز، ووزير الخارجية اليمني الأسبق الدكتور أبوبكر القربي الذي علق على اجتماع مجلس أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في الرياض بهدف مناقشة آخر المستجدات على الساحة اليمنية.
وقال القربي في منشور له على منصة "أكس" تويتر سابقًا، رصدته (عدن الغد)، إن سفراء العالم يتداولون أن اجتماع المجلس الرئاسي بحث نتائج توافق السعودية والحوثيين حول صرف المرتبات ووقف الحرب ومشاركة جماعة الحوثي في مفاوضات الحل الشامل بعد إتمام اتفاقهم مع السعودية، وأشار القربي إلى أن السفراء توقعوا أن "اجتماع المجلس بحث تشكيل حكومة جديدة، واختيار أعضاء الفريق المشارك في مفاوضات الحل السياسي الشامل".
وما أورده السياسي اليمني القربي دليل كافٍ على أن المفاوضات بين الرياض وصنعاء لم تتوقف، ولكنها وصلت مستويات متقدمة، تحتاج إلى أن تتم طباختها -إن جاز التعبير- على نار هادئة؛ لتنضج فصولها وتقبل بها جميع القوى والتيارات التي تنتمي إلى الأطراف السياسية الرئيسية، كما يكشف اجتماع المجلس الرئاسي حرصه على التوافق العام بكل قواه وقبولها بالتسوية القادمة.
الأمر الذي يؤكد أن اليمن أمام إعلان قريب لتسوية وتفاهمات نهائية تحتاج فقط إلى تهيئة الأجواء المحلية والإقليمية والدولية المناسبة لإعلانها، وتجاوز المتغيرات السياسية والعسكرية الحالية في المنطقة حتى تمضي التفاهمات نحو أهدافها.
> خطورة حالة اللاسلم واللاحرب
من الضروري أن تصل الأوضاع في اليمن إلى مرحلة من السلام والتوافق، لأن بقاء الوضع متذبذبا كما هو الأمر الآن بين حالتي اللاسلم واللاحرب التي لها من المعضلات والتبعات المؤلمة الكثير، ما ينعكس على واقع البسطاء والسواد الأعظم من المواطنين المتضررين.
وما يتوق من تلك التبعات هو مزيد من التفاقم المعيشي والاقتصادي لملايين المدنيين المكتوين بنيران الحرب، الآملين في أن تضع أوزارها حتى تستطيع البلاد برمتها تحسين الوضع المعيشي، وإنقاذ اليمنيين من الجوع والعوز، وضياع المستقبل.
فمن غير المعقول أن يستمر الوضع على ما هو عليه، من عدم الاستقرار، والتذبذب ما بين حالتي اللاسلم واللاحرب، دون حسم عسكري أو سلام شامل، وهو وضع لا يِسعد إلا المستفيدين من الحرب الذين أثروا منها وباتوا قيادات ورجال أعمال، لا يستشعرون معاناة عامة البسطاء المطحونين.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: عملیة السلام فی الیمن جماعة الحوثی فی المنطقة أحداث غزة ما یجری من قبل
إقرأ أيضاً:
مستشار رئيس حكومة سلوفاكيا: الوضع في أوكرانيا يستنزف موارد أوروبا
قال يان ماغوت عضو برلمان سلوفاكيا ومستشار رئيس حكومتها في مقابلة مع تاس، إن الدول الأوروبية استنفدت مواردها المالية والعسكرية بسبب الدعم الذي تقدمه لأوكرانيا.
وأضاف: "كل أوروبا، والاتحاد الأوروبي بأكمله، وكذلك الولايات المتحدة تدعم أوكرانيا ليس فقط ماليا، ولكن أيضا من خلال الوسائل العسكرية. ولكن ذلك استنزف مواردنا بالكامل من حيث المعدات العسكرية والأسلحة وما إلى ذلك. وبالتالي فإن الدعم المالي والعسكري ليس هو السبيل لإحلال السلام في أوكرانيا".
وأشار ماغوت في حديثه، على هامش المؤتمر الدولي حول آفاق التعاون بين "بريكس" والدول الأوروبية الذي يعقد في سوتشي، إلى أن بلاده تأمل في تحسن الوضع في العالم بعد استلام دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة.
وقال: "الوضع في سلوفاكيا، يشبه كثيرا الوضع في هنغاريا تحت قيادة رئيس الوزراء فيكتور أوربان. والسبب يكمن ليس فقط في السيد فيتسو، بل لأن حزبنا بأكمله بقي ثابتا في خطواته السياسية. وهذا يتعارض بطريقة أو بأخرى مع سياسات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. آمل أنه في عهد الرئيس دونالد ترامب، سيصبح الوضع أفضل ليس فقط بالنسبة لسلوفاكيا، ولكن أيضا بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وفي نهاية المطاف لكل العالم".
ولدى تطرقه إلى محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو في مايو الماضي، أشار المستشار إلى أن احتمال تكرار محاولات الاغتيال يبقى قائما.
"هآرتس": ثلث قتلى الحرب الإسرائيليين من قوات الاحتياط وتحذيرات من عبء غير مسبوق
أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الأحد، بأن ثلث الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا خلال العمليات العسكرية الأخيرة هم من أفراد قوات الاحتياط، مشيرة إلى أن العديد منهم يعيلون عائلات، مما يجعل العبء الملقى على عاتقهم في هذه الحرب غير مسبوق.
ذكرت الصحيفة أن الحرب الحالية شهدت تعبئة واسعة لقوات الاحتياط الإسرائيلية، إذ تم استدعاء عشرات الآلاف من الجنود للمشاركة في العمليات العسكرية، سواء داخل الأراضي المحتلة أو على الجبهات الخارجية، وأوضحت أن هذا العدد الكبير من الاستدعاءات يعكس حجم التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل في هذه المرحلة.
وفقًا للتقرير، فإن عددًا كبيرًا من الجنود الذين لقوا مصرعهم هم من الأشخاص الذين لديهم أسر وأطفال يعتمدون عليهم، ووصفت الصحيفة هذا الأمر بأنه يضيف أبعادًا اجتماعية واقتصادية خطيرة للحرب، حيث ستترك هذه الخسائر تأثيرات طويلة الأمد على العائلات التي فقدت معيلها الأساسي.
أكدت هآرتس أن قوات الاحتياط تواجه ضغوطًا نفسية ولوجستية كبيرة، خاصة أن معظمهم تركوا وظائفهم وحياتهم اليومية فجأة للانضمام إلى العمليات العسكرية، وأشارت إلى أن العبء الذي يتحمله هؤلاء الجنود في الميدان يترافق مع نقص في التجهيزات أحيانًا، ما يزيد من التحديات التي يواجهونها.
دعت جهات عسكرية وسياسية إسرائيلية إلى ضرورة إعادة تقييم سياسة استدعاء قوات الاحتياط وإدارة العمليات العسكرية، مشيرة إلى أهمية تخفيف الضغط على هذه الفئة التي تلعب دورًا حاسمًا في العمليات، ولكنها تواجه تحديات كبيرة على المستويين الشخصي والمهني.
تأتي هذه التقارير في وقت تواصل فيه إسرائيل عملياتها العسكرية وسط تصاعد الخسائر البشرية والمادية، مما يثير جدلًا داخليًا حول إدارة الحرب وتأثيراتها على المجتمع الإسرائيلي، خاصة في ظل الخسائر المتزايدة بين أفراد قوات الاحتياط.