في اليوم العالمي للغذاء: لبنان يعيش اسوأ ازماته الاقتصادية والارقام خطيرة!
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
تفيد كافة التقارير الصادرة مؤخرا عن جهات اممية بما يختص بالغذاء في لبنان، بأنّ البلد يواجه واحدة من اسوأ الازمات الاقتصادية على مستوى الوصول الى الغذاء من جهة والامن الغذائي من جهة اخرى. وتنحو الارقام في اتجاه خطير بعد تقرير صدر في اب المنصرم عن برنامج الامم المتحدة للامن الغذائي، يفيد بانّ أكثر من مليون ونصف مليون شخص يعيشون في انعدام لامنهم الغذائي في لبنان خلال السنوات الثلاث الاخيرة.
وفي اليوم العالمي للاغذية الذي يصادف في 16 من شهر تشرين الاول في كل عام، أين أصبح موقع لبنان على خارطة السلامة الغذائية، وأي تحديات يواجهها في ظل استمرار الازمة الاقتصادية المحلية من جهة وتأثيرات الوضع الاقليمي والعالمي على الحصول على الغذاء من جهة اخرى؟
يقدّم الدكتور محمد الابيض، البروفسور في تصنيع وتغليف الاغذية ومدير مختبرات البيئة والغذاء في الجامعة الاميركية في بيروت، قراءة شاملة في حديث مع "لبنان 24" عن وضع الامن الغذائي في لبنان، وأي واقع نعيش، وما الحلول المطروحة وخصوصا لناحية دعم المزراعين الصغار في الارياف.
التوافر والاستقرار
ينطلق الابيض في مقاربته من تقسيم وتوصيف الواقع الغذائي الى قسمين، بما يتعلق بالامن اولا وثانيا سلامة الغذاء، مشيرا الى وجود اربعة ابعاد للامن الغذائي وهي: التوافر والوصول للطعام والاستخدام الآمن والاستقرار. يقول الابيض: "يعني التوافر ضمان توفير الغذاء للجميع وبالتالي القدرة على الوصول للمواد الغذائية، والاستفادة لاحقا من النوعية الغذائية السليمة. امّا الاستقرار فيكمن في توافر العناصر السابقة بشكل مستدام وعلى مدة زمنية كافية.
وبالنسبة الى لبنان، يشير الابيض الى تقرير اخير صادر عن برنامج الامم المتحدة للغذاء في اب المنصرم، ويفيد بوجود حوالى مليون ونصف مليون شخص في لبنان يعيشون في انعدام لأمنهم الغذائي، وحوالي 112 الف حالة طارئة وأكثر من مليونين ونصف مليون مواطن يعيشون في ضائقة مالية.
السلة الغذائية
ويتحدث عن الاسباب قائلا: "طبعا السبب الاول هو الازمة الاقتصادية وخسارة الليرة لقيمتها وتدني المعدل الاستهلاكي للفرد. يلي ذلك تضخم اسعار المواد الغذائية الاولية عالميا، وفي لبنان تشير الارقام الى تضخم المأكولات الاساسية بحوالي 304 بالمئة. وبالتالي في عملية حسابية، فانّ سلة الحد الادنى للانفاق للشخص الواحد للبقاء على قيد الحياة هي حوالى 87 دولار، اي بمعدل 450 دولار لعائلة مكونة من 4 الى 5 اشخاص، وطبعا جميعنا يعلم انّ العدد الاكبر من العائلات اللبنانية تعيش دون هذا المستوى، وبالتالي، لا قدرة لكل اللبنانيين الى الوصول الى الغذاء الآمن والسليم". ويتابع الابيض:" يُضاف الى ذلك التأثيرات الاقتصادية عالميا، وخصوصا لناحية الحروب في المنطقة، ولبنان من بين الدول التي تستورد مجمل ما تستهلك من الخارج. وعلى سبيل المثال نذكر القمح، فنحن نستورد 80 الى 90 بالمئة من القمح من روسيا واوكرانيا، ولكن هذه الدول خففت صادراتها وبالتالي أدى ذلك الى نقص في القمح في وقت يرتفع الطلب، وبالتالي رفع سعر القمح بشكل يفوق قدرة الدولة والمواطن على الدفع".
دارسات
وكانت الجامعة الاميركية في بيروت أجرت العديد من الدراسات حول الامن الغذائي وسلامة الغذاء. واحدى الدراسات متعلقة بهدر الطعام، وهي من ابرز العوامل التي تساهم بانعدام الامن الغذائي. ويقول الابيض: "قمنا باجراء اكثر من دراسة وجمعنا معلومات من المدن الكبيرة مثل بيروت، وتوصلنا الى عدة استنتاجات. وواحدة من الدراسات عن الهدر في المطاعم، بينت انّ كل شخص يجلس على مائدة في مطعم يهدر حوالي 280 غراما من الطعام ما بين "مازات" ووجبة رئيسية، وبالتالي كل 5 اشخاص قد يهدرون ما بين الكيلو و4 كيلو من الطعام، ولنقل انّه بالحد الادنى يتم هدر 2 كيلو من على كل مائدة في مطعم. امّا دراسة اخرى اجريت على المنازل، فبينت انّ كل شخص موجود في المنزل يهدر يوميا حوالي 200 غرام من الطعام".
ويبدي الابيض استغرابه، فبينما كان يعتقد المتابعون انّ يقل هدر الطعام مع بداية الازمة، الا انّ الارقام بقيت متشابهة، وهنا يضيف الابيض عاملا اخرا الى الهدر وهو انقطاع الكهرباء. ويقول: "لا يمكن تجاهل مشكلة انقطاع الكهرباء عن ثلاجات اللبنانيين لوقت طويل وهذا ما يؤدي الى رمي الطعام الفاسد، او للاسف تناول الطعام بعدما يكون قد فقدا عناصر سلامته دون معرفة العائلة بذلك".
سلامة الغذاء
وهذا ما يفتح باب النقاش على موضوع سلامة الغذاء، ويشير الابيض هنا الى ضرورة تفعيل الرقابة على المعامل المصنعة، وكذلك الرقابة على مستوردي المواد الغذائية. ويقول: "عندما بدأت الاسعار بالارتفاع، عمد مصنعون كثر في المعامل الى استخدام محضرات غذائية والتي دخلت في صناعة الكثير من المواد. وهذه المحضرات لا قيمة غذائية لها ابدا وتسبب الامراض لاحتوائها على زيوت ودهون".
يُضاف الى ذلك استخدام المبيدات غير المرخصة في الزراعات او الافراط في استخدامها ما يؤدي الى ارتفاع نسبة الامراض السرطانية. ويتابع الابيض: "وهنا يجب القاء الضوء على اهمية التوجيه الزراعي للمزارعين من قبل المؤسسات الرسمية المعنية، لتوجيههم بكيفية استخدام المبيدات وما هي المبيدات المسموح استخدامها وكذلك توعية المزارع ودعمه للسير قدما بتغيير قواعد اللعبة بهذا القطاع بشكل جذري".
اصلاحات
ويختم الابيض قراءته بالتأكيد على ضرورة الحاجة الى اصلاحات تشريعية وعملانية تضمن شروط تطبيق المعايير السليمة للزراعات وتعزيز الامن الغذائي، ووضع اطار تنظيمي لضمان هذه السلامة".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الامن الغذائی فی لبنان من جهة
إقرأ أيضاً:
الريفية ، النيل الابيض والدويم شمال
(الريفية ، النيل الابيض والدويم شمال) هذا الثالوث شكل معملا تجريبيا عبقريا لمعهد بخت الرضا فقد تميز طلاب هذه المدارس الوسطي الثلاث بالفهم والتجربة والمعلم من المتدربين إذا كان له معهم ( حصة ) فعليه أن يراجع حساباته قبل أن يدخل الي عش الدبابير !!..
لنبدأ اليوم بشهر رمضان المبارك الذي وافقت فيه بدايته مع الشهر الميلادي ونعود بكم للعام ١٩٧٤ الميلادي الموافق للعام ١٣٩٤ الهجري حيث توافق الشهران رمضان ( الشهر التاسع العربي ) وسبتمبر ( الشهر التاسع الميلادي ) مع اختلاف في البداية والنهاية بينهما .
لنبدأ القصة من ذاك الزمان الذي مضي وقد تابطت كراسة تحضيري وكل مايلزم من وسائل الإيضاح لدرس في مادة التاريخ عن طريق السرد وليس عن طريق كتاب التلميذ والفرق أن حصة السرد وانت تدخل علي تلاميذ غاية في اللباقة والمتابعة ولايخلو البعض منهم من ( تعمد لإحراج المتدرب المسكين ) إذا منحهم الفرصة بتردده أو عدم ثقته في نفسه وقد يحدث له كل هذا اذا طارت منه معلومة أو إذا فقد الخيط وهو ماض في دروب الحكي من الرأس مباشرة خاصة وأن مجموعته من زملائه من المعلمين لايقلون عن العشرة بمجرد أن يفتتح برنامجه بالسلام وكتابة التاريخ والعنوان تبدأ أقلامهم في حركة نشطة لا تنقضي إلا بقرع جرس الختام وهنالك الأستاذ المشرف علي المسألة برمتها هو بدوره الأخطر في تدوين الملاحظات التي ستناقش في نهاية المطاف مع المتدرب ويكون النقد من جانبه إن وجدت هنات قاسيا وحتي زملائه يكيلون له كيلا ولن يجد منهم لارافة ولا شفقة والنتيجة أما امتياز أو علي الاقل أن يعود في السنة القادمة بسبب القصور في الأداء وعدم تحقيق مايرجي من معلم الوسطي الذي سيعهد إليه تدريس الصف الاول كمؤسس لهؤلاء الصغار القادمين من المرحلة الأولية وايضا ينال ثقة تدريس الصف الرابع المتطلع لجلوس امتحان الشهادة الوسطي التي ستؤهله للدخول الثانوي الذي كان عبارة عن معركة حامية الوطيس والمنافسة شرسة غاية الشراسة .
دخلت الفصل ووضعت حاجياتي علي الطاولة والقيت بالتحية علي حسب البروتوكول علي الأستاذ المشرف وعلي الزملاء ومن ثم علي الأبناء الصغار وتوجهت الي السبورة وكتبت التاريخ بالهجري وتعمدت أن لا اكتب التاريخ بالميلادي وجاء كالآتي:
١٣٩٤/٩/١٣ ... طبعا كما قلت في البداية كان هنالك تطابق في الشهر ( شهر ٩ في كلا التاريخين ) وهؤلاء الصغار الاذكياء الذين لا تضيع منهم شاردة ولا واردة وقع أحدهم في الفخ مع كامل ارتياحي لما حدث وقد نبهتكم في البداية أن حصة السرد في مادة التاريخ وأمام طلاب غاية في الحصافة ومراقبة لصيقة من زملاء مع استاذ مشرف صارم القسمات يكاد يحاصرك بعيون صقر ويكاد يحصي عليك انفاسك
وكأننا في برلمان ينظر في طرح الثقة علي حكومة أداؤها لم يكن علي حسب المطلوب !!..
وقف التلميذ الصغير وخاطبني بجرأة يحسد عليها :
( يا استاذ التاريخ دا غير صحيح الليلة ما يوم ١٣ الليلة يوم ٢١ ) !!..
قلت له بكل هدوء وقد نسيت مشكلة السرد التي كنا نطلق عليها ( الزرد) بمعني أن الجو اثناء السرد يكون خانقا فيه التوجس مخافة أن يقف حمار الشيخ في العقبة وتطير المعلومات ولا يبق إلا التلفت في بلاهة أمام كتيبة من الطلاب لايرحمون وإشراف أدق من السيف علي عنق الضحية !!..
قلت له بكل هدوء كلامك يكون صحيح لو قصدت شهر سبتمبر الذي نحن فيه الآن نعم اليوم به ٢١ ولكني اقصد شهر رمضان واليوم الذي نحن فيه كما موضح امامك هو يوم ١٣ رمضان والسنة المكتوبة امامك هي ١٣٩٤ وليست ١٩٧٤ واردفت قائلا ووجدتها فرصة للزوغان من السرد وافهمته وكنت في غاية الحماس وانا أتحدث عن اهمالنا لتراثنا العربي الإسلامي وافتنانا بكل ماهو غربي وكان الواجب علي الاقل أن نكتب التاريخ العربي اولا علي اليمين ثم نكتب مايوافقه بالتاريخ الميلادي علي الشمال وذكرت له أن البعض منا لايكاد يعرف التاريخ الهجري إلا في رمضان وحسنا فعلت المملكة العربية السعودية أن جعلت ديوان عملها يسير بالتاريخ الهجري ولكن الشركات الخاصة كانت تعمل بالتاريخ الميلادي.
وفي السعودية علي النطاق الرسمي تصرف المرتبات بالشهر العربي .
المهم أنني قلبت الحصة رأسا علي عقب وهربت من السرد ودوشته وتحدثت بحماس طاغي وصدق عن تراثنا العربي والإسلامي وضرورة الاهتمام به علي الاقل نحن في أي شهر منه أن لم يكن في رمضان المبارك.
وانتهت الحصة وجئنا للنقاش مع لجنة التحكيم المكونة من الأستاذ المشرف والزملاء ... المهم لقد رأيت الرضا باد علي وجوهم وقد استحسنوا هذه المبادرة مني لكي ارسخ للصغار مفهوم الاهتمام بالتراث والعض عليه بالنوجذ ... ويومها اخذت تقديرا جيدا وهربت بجلدي من ( الزرد ) وهذه الكماشة التي كنت ساجد نفسي بين فكيها ولافكاك !!..
التحية لبخت الرضا وقد تعلمنا منها الكثير ونتمني أن تعود مثلما كانت معهدا قدم للتعليم الكثير في تجرد ونكران ذات وخبرة لا تحدها حدود !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com