على مدى سنوات، انتهج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ما كان يسميه علاقة "معقدة" مع الكرملين، محافظاً على علاقات ودية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تزداد عزلته الدولية.  

وكتب آلان كوليسون وتوماس غروف في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أنه حتى مع الغزو الروسي لأوكرانيا وتوطيد العلاقات مع إيران، العدو القديم لإسرائيل، لم ينقلب التعاون بين الجانبين.

وواصل القادة الاتصالات عبر الهاتف، وأعلن نتانياهو مساراً محايداً حيال الحرب في أوكرانيا، رافضاً إرسال مساعدات فتاكة أو أجهزة للدفاع الجوي إلى كييف، على رغم الضغط الغربي.   
الآن، وبسبب هجوم حماس المدعومة من إيران على اسرائيل، فإن الاتصالات بدا وكأنها توقفت. وبوتين هو واحد من قلة قادة الدول الرئيسية في العالم الذين لم يتصلوا بنتانياهو لتقديم التعازي بمقتل أكثر من 1300 إسرائيلي في هجوم حماس.     
ولاحظت فيرا ميشلين، المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والتي تتولى الآن منصب المديرة التعليمية في سيمبوديوم، المؤسسة البحثية التي تتخذ المملكة المتحدة مقراً لها، أن "بوتين ونتانياهو كانا يتواصلان مراراً...إن الصمت الحالي هو مؤشر إلى المقاربة الروسية الأوسع".     

تحول جذري 

إن انتهاء الوفاق بين روسيا وإسرائيل يسلط الضوء على أن ثمة تحولاً جذرياً جارياً في الدور الروسي بالشرق الأوسط منذ أطلق بوتين حربه في أوكرانيا.   
إن موسكو تضع اليوم الأسس لعلاقة استراتيجية مع إيران، التي زودت موسكو بآلاف المسيّرات الانتحارية من طراز شاهد منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، بهدف تقويض وتدمير البنية التحتية لجارتها، والتي تزود الآن موسكو بمكونات من أجل تجميع المسيّرات داخل روسيا. وفي المقابل، عمدت روسيا إلى تزويد إيران بطائرات تدريب من طراز "ياك-130" وهي تدرس اتفاقاً لتزويد إيران بمقاتلات "سو-35"، التي يمكن أن تغير ميزان القوة الجوية في الشرق الأوسط.      ولسنوات، وطدت روسيا وإيران علاقاتهما، لكن هذه العلاقات كانت مشوبة بعدم الثقة لأن كل طرف كان يتطلع لعلاقات أفضل مع الغرب. أما الآن، فإن كلتاهما منبوذتين من الغرب ومحشورتان في الزاوية نفسها، وفق ما يرى محللون.  

"مشاعر مناهضة للغرب"

ويقول الخبير في العلاقات الروسية-الإيرانية في جامعة قطر نيكولاي كوزانوف، إن "روسيا تتطلع إلى شريك يكون في إمكانه توفير الأسلحة، لكن توجهها نحو إيران مدفوع أيضاً بمشاعر مناهضة للغرب على نطاق أوسع".   
وامتد التعاون إلى حماس التي ترعاها إيران، حيث سافر العام الماضي وفدان من الحركة إلى موسكو لإجراء محادثات على مستوى عال.   
والأسبوع الماضي، نشرت حماس على قناتها على تلغرام رسالة تشيد فيها بموقف بوتين من العنف المتصاعد.      
ولم تندد روسيا بهجوم حماس. وكتب عضو لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي أندريه غورليف، أن فاعلية حماس في التغلب على الدفاعات الإسرائيلية يمكن أن تتعلم من الطريقة التي تمت فيها وكذلك من الرد الإسرائيلي. وتساءل "من هو حليف إسرائيل؟ إنه الولايات المتحدة الأمريكية...ومن حليف إيران والعالم الإسلامي المحيط بها؟ إنه نحن".   إن علاقات موسكو الوطيدة مع إيران، وكذلك جهودها لبناء علاقات أقوى مع جيران إسرائيل العرب، هو بطريقة ما تكرار لموقف الاتحاد السوفياتي حيال إسرائيل إبان الحرب الباردة. وقتذاك، أدت رغبة الاتحاد السوفياتي في الحفاظ على موطئ قدم في اقتصادات الدول الأفقر في العالم، إلى تسليح ألد أعداء إسرائيل، مما أدى إلى حرب الأيام الستة في 1967 ويوم الغفران بعد 6 سنوات.    
ومنذ عطلة نهاية الأسبوع الماضي، تراجعت الحرب الروسية في أوكرانيا عن العناوين الرئيسية للصحف في أنحاء العالم وكذلك داخل روسيا، حيث تحولت وسائل الإعلام الرسمية من الحرب في أوكرانيا، إلى اسرائيل وغزة.         

"ضربة لهيبة أمريكا" 

ويلمح المسؤولون الروس الكبار إلى أنهم يرون فوائد أخرى في الأشهر المقبلة، واصفين تفجر القتال بأنه ضربة لهيبة الولايات المتحدة، وبأن واشنطن يتعين عليها إعادة تقويم مدى ما يمكن أن تقدمه من إمدادات لأوكرانيا لمقاتلة القوات الروسية في الوقت الذي تمد فيه إسرائيل بالسلاح.      وبحسب فيرا ميشلين، فإن "هذا كان أول رد فعل روسي، على أن هذه الحرب مفيدة لهم، لأنها تخفف عنهم الضغط بطرق مختلفة".  
وأعرب معلقون بارزون موالون للكرملين عن اعتقادهم، بأن القتال قد يعني أن حليفين للولايات المتحدة قد يكونان عاريين من الدفاعات. وأعاد مقدم البرامج التلفزيونية فلاديمير سولوفيوف نشر مقالة تحدثت في يناير (كانون الثاني) عن قرار أمريكي بنقل 300 ألف قذيفة مدفعية من عيار 155 مللميتراً من مستودعات كانت مخزنة فيها بإسرائيل وإرسالها إلى القوات المسلحة الأوكرانية. وقال سولوفيوف إن اسرائيل هي الآن من دون "بوليصة تأمين".  
كما أن وسائل الإعلام الرسمية غطت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في لندن ونيويورك، حيث اندلعت مواجهات مع الشرطة.   
وبحسب توماس غراهام، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية، فإن وسائل الإعلام الروسية التابعة للدولة، تنقض على الأرجح على أي تطورات فوضوية في إسرائيل أو في أي مكان من العالم من شأنها تشتيت الانتباه عن المشاكل الداخلية في روسيا.           

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة فی أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

أجهزة الأمن بألمانيا تحقق في هجمة إلكترونية وتتهم روسيا بتدبيرها

تجري السلطات الأمنية في ألمانيا تحقيقًا في هجوم إلكتروني يُشتبه في تنفيذه بتوجيه من روسيا، استهدف الجمعية الألمانية لدراسات أوروبا الشرقية (DGO). 

وأكّد كل من المكتب الاتحادي لأمن تكنولوجيا المعلومات (BSI) والمكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) مشاركتهما في تحليل الحادث ومعالجته.

ووفقًا لصحيفة بيلد الألمانية، التي كانت أول من كشف عن الحادثة، يُعتقد أن الهجوم نُفذ بواسطة مجموعة القرصنة المعروفة باسم "APT29" أو "كوزي بير" (الدب الدافئ)، وهي مجموعة يشتبه في خضوعها لإشراف جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي (SVR)، وتُعرف كذلك بلقب "قراصنة الكرملين". 

وتشير تقارير إلى أن هذه المجموعة سبق أن استهدفت أحزابًا سياسية ألمانية باستخدام برمجيات خبيثة.

وكانت الجمعية الألمانية قد أعلنت عن الهجوم في نهاية مارس الماضي، بعدما تمكن القراصنة من اختراق خادم البريد الإلكتروني الخاص بها. 

وصرّح متحدث باسم الجمعية أنه تم اكتشاف التسلل بعد رصد محاولات متكررة للدخول إلى الخادم من عنوان IP معروف بمشاركته في هجوم سابق العام الماضي.

كما أشار المتحدث إلى أن منظمات أخرى في برلين تعمل في قضايا تتعلق بروسيا وبيلاروس تعرضت بدورها لانتهاكات أمنية، شملت سرقة وسائط تخزين بيانات ومضايقات فعلية.

 وأكد أن الجمعية، رغم تعزيزها لإجراءات الأمن السيبراني عقب الهجوم الأول، إلا أنها تواجه صعوبات في التصدي لهجمات قراصنة محترفين، نظرًا لمحدودية عدد موظفيها مقارنة بعدد أعضائها الكبير.

وكان جهاز حماية الدستور قد وجّه قبل أسابيع قليلة تحذيرًا إلى حوالي 70 مؤسسة علمية وجمعية ألمانية من احتمال تعرضها لهجمات إلكترونية روسية.

الجدير بالذكر أن الجمعية الألمانية لدراسات أوروبا الشرقية صُنّفت في فبراير 2024 كمنظمة "غير مرغوب فيها" في روسيا، قبل أن تُدرج لاحقًا في يوليو من نفس العام ضمن قائمة "المنظمات المتطرفة". 

ويُعد هذا التصنيف بمثابة حظر رسمي لنشاط المنظمة داخل الأراضي الروسية، كما قد يعرض أي تعاون معها من قبل مواطنين روس للمساءلة القانونية.

وتجدر الإشارة إلى أن التصعيد الروسي تجاه المؤسسات الألمانية ازداد حدة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث صُنّفت أغلب المؤسسات السياسية الألمانية العاملة في روسيا، ومن بينها معهد التاريخ الألماني في موسكو والجمعية الألمانية للسياسة الخارجية (DGAP)، كمنظمات "غير مرغوب فيها".

مقالات مشابهة

  • أجهزة الأمن بألمانيا تحقق في هجمة إلكترونية وتتهم روسيا بتدبيرها
  • موسكو تعلن استعادة كورسك وزيلينسكي يعلن اعتقال صينيين يقاتلان مع روسيا
  • روسيا: أي هجوم أمريكي محتمل على إيران يهدد بعواقب وخيمة على المنطقة
  • صاحب خطة الجنرالات: ثلاثة أسباب لفشل “إسرائيل” في الحرب على غزة
  • حماس تنفي صحة وثائق إسرائيلية تزعم تورط إيران في هجوم 7 أكتوبر
  • الدفاع الروسية: الجيش الأوكراني نفّذ سبع هجمات على منشآت الطاقة الروسية
  • حماس تطلق أكبر وابل من الصواريخ على إسرائيل منذ استئناف هجوم غزة
  • إسرائيل تكشف عن رسائل سرية بين إيران والسنوار.. وطلب بـ500 مليون دولار
  • الدفاع الروسية: الجيش الأوكراني نفذ سبع هجمات على منشآت الطاقة الروسية خلال آخر يوم
  • روسيا: اسقاط عدد من المسيّرات الاوكرانية فوق الأراضي الروسية