غدا سيقول بعض أبناء جلدتنا، وما هم منا ولا نحن منهم، كما يقولون كل يوم، فَرَّ الفلسطينيون وفرطوا في أرضهم! فلتشهد الأمة كلها، إن كان فيها نزر من همة أو رعشة من حمية حتى للشهادة بأضعف الإيمان، أن الفلسطينيين نفروا وتقدموا نحو عدوهم وسطروا التاريخ بدمائهم.
غدا سيقول المتعاقلون من أبناء جلدتنا، وما هم منا ولا نحن منهم، أساء الفلسطينيون الحساب وألقوا بأنفسهم إلى التهلكة، فلتشهد الأمة كلها، إن كانت فيها بقية من عقل أو ومضة من رشد، أن أبناءنا أحسنوا الحساب، وأفقدوا عدوهم رشده، لكن ذلك كله لم يوقظ في الأمة وعيا، ولم يبعث في الجموع حياة فاعلة تنفر بهم كما نفر الفلسطينيون وأهل غزة، وهم يعلمون يقينا ألا منجد سيأتي من القفار حولهم، فمنذ متى تثور القبور ومنذ متى يهب العدم؟!
غدا سيرد علينا الخائفون من أبناء جلدتنا، وما هم منا ولا نحن منهم، ويقولون أنتم الفلسطينيين ضيعتم أنفسكم أولا، فهل تريدون منا اليوم أن ننتحر ونضيع كما ضيعتم؟ فلتقرأ الأمة التاريخ، إن كانت تحسن القراءة والفهم بحد أدنى، أن الدنيا اجتمعت على فلسطين بعد حربين عالميتين وزرعت فيها سرطان إسرائيل والأمة تنظر، فما ارعوت وما استخلصت العبر، وما أدركت قبل فوات الأوان أن الداء الدفين ينخر الجسد كله، مهما تباعدت عنه الأحشاء والأطراف، ولكن منذ متى كان لجرح بميت إيلام؟!
غدا سيقول لنا أهل الملذات من أبناء جلدتنا، وما هم منا ولا نحن منهم، هذه قضيتكم فليكن الألم ألمكم، ولتكن الجراح جراحكم.
فلتسامحوني إن قلت إن جهادنا اليوم جهاد فرض عين وكفاية عنا نحن فحسب، ولن يكون فرض كفاية عن الأمة حتى نرى قوافل المجاهدين تؤم فلسطين
فلتشهد الأمة ومن فيها، ممن لا يؤثرون الملذات على الجهاد، والخنوع على الهمة، والتخمة على الجوع، والسبات على اليقظة، فلتشهد إن استطاعت بأضعف الإيمان، أننا نستعذب أوجاع الجهاد منذ 100 عام أو يزيد، فما خنعنا وما استكنا، وصبرنا على برد الخيام وعري أطفالنا، سكنا المخيمات ومنع منا فيها الكلام والعمل، وانتقصت حقوقنا، فما خضعنا ولا تسولنا، وصبرنا على الجوع وعسر الحال، فحملت أرحام أمهاتنا، عاما بعد عام، في الشتات وفي الوطن، أجيالا من الثائرين ومن المعلمين والعلماء والأطباء والمهندسين والفلاحين والفنيين والكادحين، بلا كلل أو ملل في كل الميادين، وفي كل الدروب، وفي كل الصنائع وشهدت لهم الدنيا كلها، وشهدت لهم الأمة حيث حلوا وأقاموا وعملوا، فأحسنوا وأتقنوا.
غدا سيقول المجحفون من أبناء جلدتنا، وما نحن منهم ولاهم منا، أين ثروات أغنيائكم في نواحي الأرض؟ فلماذا تطلبون الغوث من غيركم وتضنون بما لديكم؟ نعم أين ثروات أغنيائنا فهذا زمانها وأوانها، وإن ضن بها بعض هؤلاء أيضا فما هم منا كذلك، ولا نحن منهم.
غدا سيُذَكِّرنا الشامتون من أبناء جلدتنا بنفر منا اشتروا بوطنيتهم خدمة عدوهم، فهم اليوم صم بكم عمي عن ساحات الجهاد، ينتظرون عند الحواجز تنسيقا، ويمترون الذل والهوان، وهؤلاء ما هم منا ولا نحن منهم.
غدا سيقول أبناء جلدتنا المخلصون، عاتبين على قول كل ما سلف، لِمَ تتنكرون للفضل وأهله ولمن ضحوا بدمائهم من أبناء الأمة؟
فلتشهد الأمة أننا ما تنكرنا يوما لمعروف، وما تغافلنا عن فضل، ولا قللنا من جهد. نعرف أن كثيرا من أبناء أمتنا قضوا شهداء في سبيل الله من أجل فلسطين، وهؤلاء منا ونحن منهم.
ونعرف أن كثيرا من أصحاب المال من أبناء أمتنا قدموا بلا حدود طلبا لرضا الله من أجل فلسطين، وهؤلاء منا ونحن منهم.
ونعرف أن أمهاتنا وحرائرنا من المحيط إلى الخليج يذرفن دمعهن مدرارا لما أصابنا من قروح، ويتألمن لما أصاب الأمة من وهن وخور، وهن منا ونحن منهن.
ونعلم أن شيوخنا وآباءنا من أمتنا يتوقون للرباط في سبيل الله ومن أجل فلسطين لو فتحت أمامهم الحدود والأبواب، وهم منا ونحن منهم.
ونعرف أن شباب أمتنا سيصولون يوما ويجولون، حين يدعو داعي الجهاد تحت رايات الإسلام والعروبة والحرية، ولن يرغبوا بأنفسهم عن أنفسنا، وهم منا ونحن منهم.
ولكن فلتسامحوني إن قلت إن جهادنا اليوم جهاد فرض عين وكفاية عنا نحن فحسب، ولن يكون فرض كفاية عن الأمة حتى نرى قوافل المجاهدين تؤم فلسطين وتملأ تكبيراتهم الكون كل الكون، وعندها ستصدقون أن عدونا خَوَّار يبحث عن مغارات يلجأ إليها حين البأس وحين يسمع "الله أكبر".
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: " العشوائيــــــات " فى عقول المصريين
أصبحت العشوائيات من سمات المحروسة،ولا أقصد بعشوائياتنا فى الأحياء السكنية،مثل الدويقة،ومنشية ناصر،والمجاورين، وباب الوزير، والمغربلين، والسلام،والعرب بالمعادى،وبولاق الدكرور ( الصين الشعبية) وطره وبقية 68 حى عشوائى بالقاهرة،تضم أكثر من 4 مليون نسمه، بما فيهم المقابر بحى الجمالية،ومدينة نصر،وكذلك إمتداد العشوائيات على كل الطرق المنشئة بما فيها الطريق الدائرى والدولى من غرب مصر إلى شرقها!!
ولكن أقصد عشوائيات القرارات الإدارية،وعشوائية السياسات فى قطاعات مثل المرور والمرافق والمياه،والصرف الصحى،والطرق والتراخيص وتشغيل وتراخيص مبانى،وإدارات صحية،وتموين ومواصلات … الخ.
وإستمرت هذه العشوائية منذ الستينيات من القرن الماضى إلى الحاضر فى القرن الواحد والعشرين وحتى بعد قيامنا بإنتفاضات شعبية وثورتين.
والمصيبة الأكبر أن أكثر ما يضير الأمة،أن العشوائية إنتقلت من القدم إلى الركبة،إلى الجسد،ووصلت إلى رأس الأمة،وأقصد به "التعليم الجامعى "وما بعده فى مراحل "الدراسات العليا "من ماجستير ودكتوراه،فأصبحت سمة العشوائية فى كل ما تتناوله رأس الأمة،من بحوث علمية غير ذى قيمة أو ذى فائدة تعود على الجميع.
وترجع خطورة إنتقال هذه السمة إلى هذا الجزء من "جسد الأمة " إلى المثل القائل بأن "السمكة تفسد من رأسها !!
والخوف كل الخوف،بأن ما يتم، وما نأمل فيه من إصلاح سياسى وإقتصادى، يقابله إستهتار إجتماعى شديد الضراوة،والشراسة،وتزداد سمة العشوائية ترسيخًا،فى وجدان هذه الأمة،مما يجعلنى أستصرخ الناس والقادة،والمسئولين عن ثقافة هذه الأمة بأن العشوائيات ستكون سببًا فى إنهيارنا.
ماذا لو أغلقنا كل الأبواق المزايدة،على مصالح ضيقة وخلافات حزبية،ووهم دينى متعصب أعمى فى المجتمع،وواجهنا جميعًا،إدارة وشعب،ما وصلنا إليه من هذا المرض العضال وهو " العشوائية فى مصر" وما السبيل إلى الإستشفاء حتى لو كان ذلك بتدخل جراحى،وإن إستدعى الأمر إستجلاب أطباء غير مصريين لإنقاذ جسد الأمة من الإنهيار،إذا كنا قد فقدنا الثقة فى أطباء وعقلاء هذا الوطن!!.
فلنا أن نستعين بأجانب للمساعدة مثما نفعل فى ( كرة القدم ) على سبيل المثال،ومثلما نفعل فى إدارة شئون الإقتصاد فى الدولة، حيث نستعين بمن يرى أننا نستحق المساعدة من العرب والأصدقاء.
نحن فى أشد الإحتياج للإهتمام بعقول هذا الوطن، وعشوائيات البشر حيث هؤلاء هم الذين نعمل على تنمية إقتصادهم ووسائط حياتهم، ولكن نسينا الإهتمام بعقولهم وهذا الأهم !!