حكم الشرع في تبديل النذر وإخراج القيمة.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
قالت دار الإفتاء إن تغيير جنس النذر أو صفته إلى ما هو أفضل منه من الأمور الجائزة، وكذا إخراج قيمة هذا النذر بما يزيد على ثمنه؛ لأن ذلك كلَّه أنفع للفقراء والمحتاجين، غير أنه لا يجوز الإبدال بما هو أدنى منه، أو بقيمةٍ أقل، حتَّى لا تقل منفعة النذر؛ فقد أوجب الشرع الشريف على المُكلَّف الوفاء بنذر الطاعة عند القدرة عليه.
واوضحت الدار عبر الفيسبوك أن الأصل أن يفي الناذر بعين ما نذر إذا كان طاعة لله وقربًا، وليس له أن يستبدل به غيرَه ما دام قادرًا على الوفاء به، إلَّا إذا أوفاه بغير جنسه للمصلحة الراجحة؛ فكثير من الفقهاء والمحققين يرون جواز ذلك إذا كان أفضلَ منه؛ نظرًا للمصلحة الراجحة في زيادة نفع المساكين.
النذر
وقالت دار الإفتاء، إنه يختلف حكم النذر قبل التلفظ به عن حكمه بعد التلفظ به، وتفصيل ذلك فيما يلي: أولًا: حكم النذر قبل التلفظ به: أي قبل أن يتلفظ به المكلف، فالحكم الشرعي هنا هو الكراهة؛ لأن المسلم لا ينبغي له الاشتراط على الله حتى يتقرب إليه، وإنما يفعل ذلك البخلاء؛ لحديث ابْن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: «إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحهما".
وأضافت: ثانيًا: حكم النذر بعد التلفظ به، أي بعد أن يفعله المكلف وينطق به، فالحكم الشرعي هو وجوب الوفاء بمعنى أنه يجب على المسلم الوفاء بنذره، وقد امتدح الله تعالى الموفين بنذرهم؛ فقال تعالى: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا» [الإنسان: 7]، بل أمر الله تعالى أمرًا جازمًا بالوفاء بالنذر؛ فقال تعالى: «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ» (الحج: 29)
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النذر حكم النذر دار الإفتاء دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
الفرق بين سجود الشكر وصلاة الشكر
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"أرى بعض الناس يصلون ركعتين ويقولون: "أُصَلِّي لله ركعتي الشُّكْر"، فأرجو بيان هل هناك فرق بين سجود الشكر وصلاة الشكر؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أن "سجود الشكر" سجدة واحدة يؤديها المسلم عند حصول نعمةٍ له ونزولها به، أو بأحد المسلمين، أو عند اندفاع نقمةٍ وانكشافها عنه أو عن غيره من المسلمين؛ حمدًا لله تعالى وشكرًا وثناء وتَعبُّدًا، وهي مشروعة من حيث كونها قُرْبةً؛ لا سيما وأنَّ الله تعالى أوجب على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وإذا كانت هذه السجدة مشروعة عند حصول سببها، فإنَّ المسلم إذا فعل ما هو أعلى منها رُتْبة في الفَضْل والأجر لكان حَسَنًا، كصدقةٍ أو صلاةٍ، لكن لا يُسَمِّي منها شيئًا بإضافته إلى الشكر، فليس هناك صلاة مخصوصة تُسَمَّى بصلاة الشكر، وإنما يُسَنُّ إمَّا سجود الشُّكْر بسببه، أو ما يقوم مقامه كصلاةٍ أو صدقة أو نحوهما مِن سائر الطاعات.
كيفية سجود الشكر وسببه وأدلته
سجود الشكر سجدة واحدة يؤديها المسلم عند حصول نعمةٍ له ونزولها به، أو بأحد المسلمين، أو عند اندفاع نقمةٍ وانكشافها عنه أو عن غيره من المسلمين؛ حمدًا لله تعالى وشكرًا وثناء وتَعبُّدًا.
وقد أوجب الله تعالى على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وقَرن سبحانه الذكر بالشكر في كتابه الكريم حيث قال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، مع علو مكانة الذكر التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]، ووعد الله تعالى بنجاة الشاكرين من المؤمنين وجزائهم خير الجزاء حيث قال: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ [النساء: 147]، وقال تعالى: ﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]، وقال تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].
ولوجوب شكر نعمة الله تعالى على عباده شُرِعت سجدة الشكر عند حدوث نعمةٍ أو دفعِ بليةٍ، فعن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاء الشيء يُسَرُّ به خَرَّ ساجدًا شُكْرًا لله تعالى» رواه أبو داود، والترمذي -واللفظ له-، وابن ماجه في "سننهم".
وروى الإمام أحمد في "المسند" بسنده عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتوجَّه نحو صدقته، فدخل فاستقبل القبلة، فخرَّ ساجدًا فأطال السجود، حتى ظننت أن الله عز وجل قد قَبض نفسَه فيها، فدنوتُ منه فجلستُ، فرفع رأسه، فقال: «من هَذا؟»، قلت: عبد الرحمن، قال: «ما شأنك؟»، قلت: يا رسول الله، سجدتَ سجدةً خشيتُ أن يكون الله عز وجل قد قَبض نفسك فيها، فقال: «إنَّ جبريل عليه السلام أتاني فبشرني فقال: إن الله عز وجل يقول: مَن صَلَّى عليك صليتُ عليه، ومَن سَلَّم عليك سلمتُ عليه، فسجدت لله عزَّ وجل شكرًا».
وروى أبو داود بسنده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبًا من عَرْوَزا -بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الواو، هضبة الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة- نزل فرفع يديه فدعا الله تعالى ساعة ثم خر ساجدًا فمكث طويلًا، ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجدًا فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه قال: «إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت لربي شكرًا، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدًا لربي».
حكم سجدة الشكر والفرق بينها وبين صلاة الشكر
لهذه الأحاديث -السابقة- وغيرها ذهب الشافعية والحنابلة ومحمد وأبو يوسف من الحنفية -وعلى قولهما الفتوى في مذهب الحنفية- إلى أَنَّ سجدة الشكر من السُّنَن المستحبة، على خلافٍ بينهم وبين المالكية القائلين بالكراهة -في المشهور عندهم. ينظر: "رد المحتار" لابن عابدين (2/ 119، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 308، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 447، و"الإنصاف" للمرداوي (2/ 200، ط. دار إحياء التراث العربي).
وسبب الخلاف بينهم نظرتهم لسجدة الشكر هل هي عبادة مقصودة أم لا؟ فمَن ذهب إلى قَصْديتها وكونها قُرْبة قال بسُنِّيَّتها، ومن نَظَر إلى عدم قَصْديتها وعدم كونها قُرْبة نَفَى السُّنِّيَّة، أو نَفَى المشروعية مطلقًا. وأيًّا يكن الخلاف: فإنَّ سجدة الشكر لا تخرج عن كونها مشروعةً، فالكراهة -عند مَن قال بها- وإن كان فيها اللومُ على الفعل والحَثُّ على عدم الإقدام عليه، إلَّا أنَّ الأصوليين نَصُّوا على أنَّها لا تخرج عن دائرة المشروعية، بمعنى عدم تَرتُّب الإثم الأخروي، والمعنى مِن ذلك أنَّ المسلم لا يَلْحقه الإثم في فِعْلها.
وإذا كانت هذه السجدة مشروعة عند حصول سببها، فإنَّ المسلم إذا فعل ما هو أعلى منها رتبة في الفضل والأجر، أو ضَمَّ إليها صلاة أو صدقة لكان حَسَنًا، لكن لا يُسَمِّي منها شيئًا باسم الشكر، أي: صدقة الشكر، أو صلاة الشكر، بل ينوي بهذا الفعل التطوع لله عز وجل على حصول سبب هذا التطوع من حدوث النِّعَم أو دفعِ البلايا، وهذا المعنى هو ما نَصَّ عليه الإمام محيي الدين النووي في "المجموع" (4/ 69، ط. دار الفكر) حيث قال: [لو تَصدَّق مَن تجدَّدت له النعمة، أو اندفعت عنه النِّقْمة، أو صَلَّى شكرًا لله تعالى كان حَسَنًا، يعني: مع فعله سجدة الشكر] اهـ.
وزاد ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (2/ 217، ط. المكتبة التجارية) على هذا المعنى أنَّه: [لو ضَمَّ للسجود صدقةً أو صلاةً كان أولى، أو أقامهما مقامه فحَسَنٌ] اهـ.
قال الشِّرْواني مُحَشِّيًا: [قد يوهم أنَّه ينوي بالصلاة الشكر، لكن في "ع ش" -حاشية الإمام الشبراملسي على نهاية المحتاج- خلافه، عبارته قوله: "أو صلاة"، أي: بنية التطوع، لا بنية الشكر؛ أخذًا مما ذَكَره في الاستسقاء من أنَّه ليس لنا صلاة سببها الشكر] اهـ.
الخلاصة
بناء على ذلك: فـ"سجود الشكر" سجدة واحدة يؤديها المسلم عند حصول نعمةٍ له ونزولها به، أو بأحد المسلمين، أو عند اندفاع نقمةٍ وانكشافها عنه أو عن غيره من المسلمين؛ حمدًا لله تعالى وشكرًا وثناء وتَعبُّدًا، وهي مشروعة من حيث كونها قُرْبةً؛ لا سيما وأنَّ الله تعالى أوجب على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وإذا كانت هذه السجدة مشروعة عند حصول سببها، فإنَّ المسلم إذا فعل ما هو أعلى منها رُتْبة في الفَضْل والأجر لكان حَسَنًا، كصدقةٍ أو صلاةٍ، لكن لا يُسَمِّي منها شيئًا بإضافته إلى الشكر، فليس هناك صلاة مخصوصة تُسَمَّى بصلاة الشكر، وإنما يُسَنُّ إمَّا سجود الشُّكْر بسببه، أو ما يقوم مقامه كصلاةٍ أو صدقة أو نحوهما مِن سائر الطاعات.