طوفان الأقصى وهوان الأنظمة العربية في اللحظة التاريخية!
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
حتى اليوم التاسع للعدوان على غزة لم تقم الأنظمة العربية الرسمية التي ترتبط بعلاقات مع العدو بطرد سفير صهيوني واحد ولا بإغلاق بوابة سفارة واحدة، ولا بموقف يدين ما يرتكبه العدو.
العدوان الصهيوني الفاشي على قطاع غزة أباد عوائل بأكملها ودمر أحياء عن بكرة أبيها في غزة، وعدد الشهداء يزيد عن 2700 شهيد وآلاف الجرحى، ولا زال موقف هؤلاء غائباً سوى بعض حديث حول التهجير، وتكريس التعبير الأمريكي اليهودي الفاشي بالحديث عن إدانة مقتل مدنيين من الطرفين حد تعبيرهم، دون تدقيق في مخاطر ما لتلك العبارة من تبعات على مسار العدوانية القائمة، وعلى مسار القضية برمتها، وعلى مسار تكريس معادلة خائبة بين شعب يقاوم ويقاتل دفاعا عن حقه المشروع، وبين كيان فاشي يجلب مستوطنين من كل الأصقاع وينصبهم في بلدات ومناطق الشعب الفلسطيني.
هذا الخذلان والتيه والانحراف يعبِّر عن خيبة كبيرة فيما كان المأمول أن تفتح طوفان الأقصى مسارا عربيا فاعلا بما أحدثته من تداعيات على كيان العدو الصهيوني.
ومن المخزي أن يتموضع الموقف الرسمي لهذه الأنظمة ببعض جولات مكوكية تركز على البعد الإنساني، وتترقب موافقة الكيان الفاشي للسماح بإدخال المساعدات، وبانتظار بلينكين وبما يأتي به، هذا الهزال والضعف في التعامل مع ما يقوم به الكيان اليهودي الفاشي من إبادة في غزة يعري هؤلاء.
لم يعودوا عرباً بالمطلق، وإلا كان عليهم أن يدركوا قيمة الموقف العربي في مواجهة العدو اليهودي الذي ضرب بمبادرات السلام وكل القيم والاعتبارات الإنسانية عرض الحائط، وأن هذا الخذلان يُسقط كل المنطقة العربية ويكشف ظهرها للكيان اليهودي الذي يشن حروبه على المنطقة برمتها ويعيد توزيع أدواره من خلالها بما يحقق له وهم “إسرائيل من المحيط إلى الخليج”.
هذا السلوك الخائب أسبابه تعود إلى ما حدث من خلل استراتيجي في التعاطي مع القضية الفلسطينية العربية الإسلامية، هذا الضعف ما كان له أن يحصل لولا سيرك الانكفاء عن المواجهة بالسلاح بدءاً بكامب ديفيد وأوسلو وصولا إلى السلام العربي، وتحولا إلى تطبيع بعض الخونة الأدعياء، وما تبقى من هزال اليوم هو هش وضعيف.
على الرغم من أن (طوفان الأقصى) بعثت طوفانا من الأمل والاستنهاض من حالة الدعة والهزيمة لكل الأنظمة العربية، غير أن معظم الزعماء باتوا دون أن يدركوا تلك القيمة ولا أهميتها، حتى البيان الذي صدر عن الخارجيات في الجامعة العربية ساوى في الإدانة بين الصهاينة وبين المقاومين الفلسطينيين، ما عدا الجزائر التي رفضت البيان وقالت إنها توجه إدانتها للعدو الصهيوني فحسب، وأكدت بأن الشعب الفلسطيني ومقاومته في حالة دفاع ومواجهة لاحتلال غاصب، وهذا الموقف مشرف للجزائر.
حالة الانهزام والهشاشة هذه في لحظة غير مسبوقة تعبير عن الانحدار الذي وصلت إليه هذه الأنظمة، ، على الرغم من أن (طوفان الأقصى) وضعت فرصة مميزة لاستعادة قوة الموقف، وترميم الإهانات التاريخية التي وصمت هذه الأنظمة بالانتكاسات التي تتالت طيلة عقود.
لم يكن من المتوجب أن تنتظر مصر أو تركيا حتى أو غيرهما أن تستسمح العدو الفاشي اليهودي إرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، كان يكفي أن تحرك المساعدات وقوافلها وإبلاغ الكيان وداعميه بأن أي قصف للمساعدات سيقابل بعمل مماثل أو حتى بطرد السفراء وتفعيل أوراق ضاغطة وهي كثيرة جدا جدا وفي أيدي هؤلاء الحكام.
والذهاب لهذا الخيار سيقوي هذه الأنظمة في مواجهة عدو فاشي متربص بكل عربي مسلم، وسيمكنهم من فرض منطق مختلف على مسار الحرب المتواصلة، وفرض منطق مختلف على مسار الحرب العدوانية المتواصلة، وسيكون نقلة نوعية في سياق الصراع.
(طوفان الأقصى) فتحت فرصاً للخائبين والمهزومين من رؤساء وزعماء الأنظمة العربية، لكن الواضح أنهم قد خذلوا جميعاً وأشتاتاً.
الوقت ما زال مواتيا للخطوات وأبرزها سحب جماعي للسفراء العرب وممثليهم المتواجدين لدى العدو في تل أبيب، ووقف كل أشكال العلاقات مع العدو الصهيوني اليهودي على أقل حال حتى يرضخ لوقف العدوان على غزة، ويذهب نحو طريق السلام العربي المنبطح في الحد الأدنى، وليس إلى ما نراه نحن الشعوب العربية من حتميات لا بد منها وأولها زوال الكيان الصهيوني، ومع ذلك لم يفعلوا!
هذا الهوان وهذا الاستلاب في اللحظة التاريخية يشير إلى انحراف عصف بهذه الأنظمة المتحدرة عن بعضها، وبكل تأكيد فإن سحب السفراء وطردهم، وتجميد العلاقات على الأقل، لا يضيف قيمة للمقاومة الفلسطينية في غزة، فالمقاومون معتمدون على الله وعلى أحرار الأمة، لكنه سيمنح هؤلاء الحكام قيمة سياسية أفضل من حال كهذا، على الأقل لتتحرك بنصف ما يتحرك به وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان، وليستعيد هؤلاء بعضا من ملامح عروبتهم، لكنهم لم يفعلوا وبكل أسف.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
جيش الحاويات
#جيش_الحاويات
أ.د رشيد عبّاس
قد يستغرب البعض من هذا المصطلح المثير للجدل, مع أن كثير من دول العالم خارج عالمنا العربي, جعلت وتجعل من جيوشها النظامية أعداد لا بأس بها من هذا النوع من جيوش الحاويات, فما هي طبيعة هذه الجيوش؟ وكيف تتشكل؟ ومن أين أتوا بها؟ وكيف تعمل هذه الجيوش وتؤدي دورها في الحروب؟
لكي أوضّح هذه التساؤلات, لا بد لي من الوقوف على كثير من الحقائق المادية في هذا العالم الواسع وفي هذا المجال بالذات, دون التطرّق لأي دولة بعينها, مراعياً في ذلك مبدأ التعميم, مع التأكيد أن هذه المعلومات تعود إلى ما إشارة إليه بعض التقارير الغربية, وأن هذه الظواهر بدأت تتسع مساحتها لتطال كثير من دول العالم, وذلك لأحجام شباب بعض الدول للالتحاق بجيوش دولهم النظامية, وهناك مطالبات دولية لوضع قوانين وأنظمة وتعليمات ناظمة بهذا الشأن.
مقالات ذات صلةفي كثير من دول العالم هناك فتيات على امتداد تلك الدول ليس لديهن ضوابط أخلاقية أو دينية أو حتى اجتماعية, هؤلاء يقمن بممارسة الرذيلة مع شباب منحرفين أخلاقياً, ومع وجود موانع وواقيات الحمل, إلا أن ذلك يؤدي أحياناً إلى إنجاب إطفال لقطاء مجهولي الهوية, الأمر الذي يدفع بتلك الفتيات إلقاء هؤلاء الأطفال في الطرقات والأزقة والحاويات وعلى حواف المستشفيات والمساجد هناك على أمل أن يتم التقاط هؤلاء الأطفال اللقطاء من قبل جمعيات ومنظمات إنسانية, للعمل على رعايتهم وتربيتهم حتى سن الـ(18) عام.
في تلك الدول هناك جولات يومية لسيارات متخصصة لهذا الغرض تجوب شوارع وطرق وأزقة تلك المدن, وتحمل أرقام هواتف لتتلقى عليها اتصالات تبليغ من قبل المجتمع المحلي عن وجود إطفال مجهولي الهوية ومُلقى بهم في الطرقات والأزقة والحاويات وعلى حواف وأطراف المستشفيات والمساجد هناك.
يتم التقاط هؤلاء الأطفال وايداعهم في مراكز تابعة لجمعيات ومنظمات إنسانية, للعناية بهم صحياً وتعليمياً حتى سن الـ(18) عام, ليحصل هؤلاء بعد ذلك على بطاقات شخصية تحمل المعلومات الخاصة بهم, وتحمل معلومات عن خصائصهم النفسية والسلوكية, بعد ذلك يتم تسريحهم, مع وجود آليات لمتابعة شؤونهم الحياتية لاحقاً وفق أنظمة وقوانين معينة, وتجدر الإشارة هنا أنه وقبل تسريحهم بشهر تقريباً تُرسل بعض الدول مندوبين لها لمقابلة هؤلاء اللقطاء واختيار مجندين من بينهم, ليشكّلوا بذلك جيوش مرتزقة لاستخدامهم كمقاتلين في دولهم.
لكم أن تتصوروا أن كثير من العلماء والمفكرين والفلاسفة والفنانين المشهورين في عالم الغرب من هؤلاء اللقطاء, وكثير من قادة الجيوش المشهورين في عالم الغرب من هؤلاء اللقطاء, وكثير من الجيوش المرتزقة في هذا العالم الواسع من هؤلاء اللقطاء, ويبقى السؤال المحوري هنا, ما هي طبيعة سلوك وتصرفات مثل هذه الجيوش المرتزقة أو بما يسمى بجيوش الحاويات؟
المراكز التابعة للجمعيات وللمنظمات الإنسانية تلك التي ترعى وتعتني بهؤلاء اللقطاء حتى سن الـ(18) عام, غير معنية بغرس منظومة قيم أخلاقية عند هؤلاء, وغير معنية في بناء أية أيدولوجيات أو عقائد دينية لديهم, إنما ترعاهم وتعتني بهم صحياً وتعليماً كالقراءة والكتابة فقط, لذلك عند استخدامهم كجيش مرتزق من قبل بعض الدول يتم وضعهم في مقدمة الجيوش كقوة استهلاكية.. لكونهم ليس لديهم أية منظومة قيم أخلاقية, وليس لديهم أية عقائد دينية, الأمر الذي يجعلهم غير ملتزمين بقوانين وأنظمة وأخلاقيات الحرب, وليس لدى هؤلاء مفاهيم حول الحلال والحرام عند قتل الأطفال والشيوخ والنساء, وليس لدى هؤلاء مفاهيم حول الحلال والحرام عند اغتصاب النساء, وعند اغتصاب الأولاد والفتيات الصغار أيضاً.
هؤلاء لا يأخذوا إجازات أسبوعية أو شهرية أو حتى سنوية في الدولة التي يقاتلوا فيها كجيش مرتزق, ويبقوا في الثكنات العسكرية يأكلوا ويشربوا ويمارسوا الرذيلة لحين الزّج بهم في ساحات القتال والحروب, وعندما يُقتل هؤلاء تقام لهم مراسم تشييع ومآتم عزاء صورية فقط, وعندما يؤسروا يُطالب بهم حسب أعراف الدولة التي يقاتلوا فيها بطريقة صورية فقط, كل ذلك لكونهم لقطاء مجهولي الهوية, ليس لديهم أباء ولا أمهات ولا عائلات معروفين ينتمون لها.
هؤلاء تتخلص منهم باعات الهوى ليلاً بعد أن تحرروا من موانع وواقيات الحمل في لحظة الرذيلة, هؤلاء بدأت ساعاتهم الأولى في الحاويات, وانتهت حياتهم كجيوش مرتزقة في الدولة التي يقاتلوا فيها, بعد أن تربوا في مراكز تابعة لجمعيات ومنظمات إنسانية خاصة باللقطاء.
هذا في جانب الذكور من هؤلاء اللقطاء, أما في جانب الإناث من هؤلاء اللقطاء, فقد اشارة بعض التقارير الغربية أن جزء من هؤلاء البنات بعد تسريحهن على سن الـ(18) يصبحن باعات هواء على الطرقات, وجزء آخر يقيمن في بيوت الدعارة, وأخريات يصبحن مغنيات وممثلات, وهناك جزء لا بأس فيه يلتحقن بالجيوش المرتزقة في الدولة التي يقاتلوا فيها لاستكمال دائرة الرذيلة هناك, مع أن هناك جزء يسير أكمل دراستهن والتحقن في الجامعات واصبحن طبيبات ومهندسات وممرضات مشهورات يجبن العالم في علمهن.
وبعد..
من نعم الله علينا نحن العرب, أن جيشنا جيش عربي, ومن يقاتل ويدافع عنا ليس من جيوش الحاويات, إنما هو جيش عربي مؤصّل أب عن جد, وحتى لو انتصر اليوم أعدائنا علينا (بجيوش الحاويات), فأن نصرهم علينا مؤقت ومزيّف, وإننا في نهاية الأمر سننتصر عليهم بإذن الله بجيوشنا الشريفة العفيفة.