المثلث – نبض السودان

في ظل هذا الوضع البائس الذي يمر به السودان من جراء الحرب المفتوحة التي قامت بها المليشيا المتمردة وحولت حياة السودانيين الي جحيم ، فقد الناس الأرواح والممتلكات والامن والصحة والتعليم ومصادر الرزق، وشرد الالاف في اصقاع مختلفة من دول الجوار والعالم.

تتداعى الحكومة بشقيها المدني والعسكري علي المواطن المغلوب علي أمره في ظل هذه الظروف بالغة البؤس والتعقيد لتزيد من معاناته وآلامه ، حيث تضاعفت كل الرسوم الحكومية في كل مناحي الخدمات ان وجدت بدلا من تخفيضها او اعفاءها وليس آخرها تكلفة الجواز الإلكتروني الفلكية في ظل عجز تام عن توفير المساعدات الانسانية والصحية للمتضررين واللاجئين والمشردين في الخرطوم والولايات وضعف اداء الجهاز التنفيذي بشكل عام .

وفي الوقت الذي انشغل فيه الجيش السوداني والاجهزة النظامية الاخرى بمحاربة التمرد في عاصمة البلاد وعدد من الولايات والمحاور المختلفة إختارت الحركات الموقعة علي سلام جوبا موقف الحياد والادانة الخجولة من بعض الحركات فيما جاهرت حركات اخرى بدعمها للقوات المتمردة ، ولم تشارك بقواتها في دحر التمرد.

وبحسب معلومات وردت لـ«نبض السودان» ان هناك حركات مسلحة موقعة على اتفاق السلام سارعت بالحصول علي غنائم الدعم السريع ، في منطقة المثلث اقصى شمال السودان الحدودية بين السودان ومصر وليبيا والتي تعتبر معبر حدودي ومنطقة تجارية وموقع للمعدنين عن الذهب .

فقد وصلت احدى الحركات واستقرت بالمنطقة بدواعي المساهمة في تأمين المنطقه ، لخداع الجيش، لكن سرعان ما تحولت الي وحدة جباية ، فبعد ان استولت علي غنائم الدعم السريع من مقار ومحال تجارية وآليات وطواحين للذهب واكوام من كرتة الذهب ، ومناجم وغيرها وقامت بالتصرف فيها ، ولم يفوت عليها ان تفرض رسوم علي كل عربة خارجه من المثلث متجهة للولايات والتي ساهمت في فك الاختناق الناتج من الحرب في توفير المواد الغذائية والمواد البترولية تتجاوز مبلغ ثلاثمائة الف جنيه بداعي التأمين نسبة لظهور حالات نهب في هذا الطريق ، ومن ثم فرضوا ايضا رسوم علي العربات المتجهة الي الولاية الشمالية وسرعان ما توسعت الرسوم لتشمل كل العربات القادمة والخارجه ، فضلا عن فرض رسوم عينية علي العربات القادمة من ليبيا كمثال تفريغ برميل جازولين لصالح الحركات من كل سيارة تورد الوقود ، ولم تكتفي بذلك فرفعت علي القادمين من ليبيا برميلين من الوقود واي نوع من البضائع القادمة من دولة ليبيا لها رسوم عينية دون أسس محدده ، وبعد استقرار إحدى الحركات بالمنطقة تناسلت العديد من الحركات في المنطقة المدرة للمال ، وبدأت في تجنيد أفراد لها من المنطقة وكونت قوة مشتركة لحركات الكفاح المسلح .

لكن الاخطر من ذلك فان المجموعات المتواجده حاليا ظلت تتوسع في الصلاحيات لتقوم بالتفتيش والمداهمة والمصادرة، مما ينذر باندلاع تفلتات في المنطقه خاصة وان الحركات ليس لديها تنسيق محكم فيما يبدو مع قيادة القوات المسلحة السودانية بالمنطقه وتحاول منازعتها الصلاحيات ، ومن الواضح ان الجيش يفضل الانحناء ، للعاصفه لان الوضع لا يحتمل اي ثغرات تزيد من جراح الوطن .

لكن يبقي السؤال الملح الذي يجب أن تكون له إجابة هل تعمل الحركات المسلحة للمصلحة العامة أو الخاصة وماهي المهام الموكلة إليها والصلاحيات؟

حتي لا نتفاجأ بمنتج آخر من الدعم السريع!

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: الجيش تخدع حركات مسلحة

إقرأ أيضاً:

اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع

"إذ نؤمن بضرورة رفع المعاناة عن كاهل شعبنا والتوصل إلى حلول للأزمة السودانية، تنهي الحرب التي بدأت في الخامس عشر من إبريل 2023، والتي يستلزم وقفُها تكاتف أبناء الشعب السوداني بمختلف مكوناته وانتماءاته. وإذ نقرّ بأن الأزمة السودانية منذ الاستقلال هي أزمة سياسية، وأمنية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية شاملة يجب الاعتراف بها وحلّها حلاً جذرياً. وإذ ندرك أنّ الحرب الحالية قد سبّبت خسائر مروّعة في الأرواح ومعاناة إنسانية لم يسبق لها مثيل، من حيث اتّساع النطاق الجغرافي، وأنها دمّرت البنيات التحتية للبلاد، وأهدرت مواردها الاقتصادية، لا سيّما في الخرطوم ودارفور وكردفان. وإذ نؤكد رغبتنا الصادقة في تسوية النزاع المستمر على نحوٍ عادل ومستدام عبر حوار سوداني/ سوداني، يُنهي جميع الحروب والنزاعات في السودان بمعالجة أسبابها الجذرية، والاتفاق على إطار للحكم يضمن لكل المناطق اقتسام السلطة والثروة بعدالة، ويعزّز الحقوق الجماعية والفردية لكل السودانيين" ... بهذه الديباجة، وأكثر، تبدأ اتفاقية المنامة الموقّعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 20 يناير/ كانون الثاني 2024، وجاءت بعد خمسة أيام من رفض قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان لقاء قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتأكيده أنه لا حاجة لأيّ تفاوض جديد، بل يجب تنفيذ نتائج قمة "الإيقاد"، التي عُقدت في جيبوتي في ديسمبر/ كانون الأول 2023، على نحوٍ طارئ لمناقشة حرب السودان. وخلصت إلى التزام من قائد الجيش وقائد "الدعم السريع" بالاجتماع الفوري ووقف الأعمال العدائية.

في خطابه إلى القمة العربية الطارئة، أكد البرهان أن أولوليات حل الأزمة (الحرب) هي الالتزام بإعلان جدّة للمبادئ الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وإزالة معوقات تقديم المعونات الإنسانية، وتعقب ذلك عملية سياسية شاملة للتوصل إلى توافق وطني لإدارة المرحلة الانتقالية ثم الانتخابات، لكن في 20 يناير 2024، وفي يوم توقيع اتفاق المنامة الذي وقّعه عن القوات المسلّحة الفريق أول شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش، وعن الدعم السريع "الفريق"(!) عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، الذي حصل مثله ومثل غيره من قادة المليشيات على رتب عسكرية من الجيش السوداني، في اليوم نفسه، جمّد السودان عضويته في منظمة الإيقاد! وتحوّلت المنظمة التي كانت قبل أيام "صاحبة دور مهم في الوصول إلى السّلام" إلى "منظمة الجراد" في الخطابات الشعبوية التي تطلقها السلطة العسكرية.

مرّ اتفاق المنامة من دون ضجيج. وربما لو لم يتسرّب خبر التفاوض الذي أكده بعد ذلك تصريح أميركي، لظلّ الأمر في دائرة الشائعات. رغم الحضور الدولي والمخابراتي في التفاوض.

اتفق الطرفان، في البند السابع من وثيقة المنامة، على "بناء وتأسيس جيش واحد مهني وقومي، يتكوّن من جميع القوات العسكرية (القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، وحركات الكفاح المسلح)، ولا يكون له انتماء سياسي أو أيديولوجيّ، يراعي التنوع والتعدّد، ويمثل جميع السودانيين في مستوياته كافّة بعدالة، وينأى عن السياسة والنشاط الاقتصادي"، واتفق الطرفان في البند 11 على "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 في مؤسسات الدولة كافّة"، أما البند 19 فقد نصّ على "حوار وطني شامل للوصول إلى حل سياسي، بمشاركة جميع الفاعلين (مدنيين وعسكريين)، دون إقصاء لأحد، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية التابعة له وواجهاته، بما يؤدي إلى انتقال سلمي ديمقراطي".

بمقارنة اتفاق المنامة بين الجيش و"الدعم السريع" مع إعلان أديس أبابا الموقّع بين تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية و"الدعم السريع" في 2 يناير 2024 (قبل 18 يوم من توقيع اتفاق المنامة) يصعب فهم إدانة الجيش إعلان أديس أبابا! فالإعلان نصّ على أن التفاهمات الواردة فيه "ستطرح بواسطة تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية لقيادة القوات المسلحة لتكون أساساً للوصول إلى حل سلمي ينهي الحرب"، وهو الحل السلمي نفسه الذي نصّت عليه اتفاقية المنامة قائلة: "نجدّد قناعتنا بأن التفاوض هو السبيل الأفضل والأوحد للتوصل إلى تسوية سياسية، سلمية شاملة للنزاعات والحروب في السودان"، وهو ما أكده قائد الجيش في خطابه إلى قمة "الإيقاد"، قبل أن ينقلب على المنظمة ويجمّد عضوية السودان فيها، مدّة قاربت العام.

... سيبقى ما حدث لغزاً للسودانيين فترة طويلة، ضمن ألغاز أخرى تحيط بهذه الحرب. كيف دار هذا التفاوض؟ لماذا لم يجرِ الإعلان عنه، لماذا وقّع عليه نائبا البرهان وحميدتي ثم تجاهله الجميع؟

نقلا عن العربي الجديد  

مقالات مشابهة

  • تصاعد حدة معارك السودان.. قتلى بهجمات «الدعم السريع» على نهر النيل
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • الدعم السريع تقصف قاعدة جوية والكلية الحربية بأم درمان
  • مقتل و إصابة «33» مدنياً بطائرة «مسيّرة» للدعم السريع استهدفت دار إيواء بـ «عطبرة»
  • الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 60 عنصراً من قوات الدعم السريع في الفاشر
  • مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان
  • الجيش السوداني: مقتل 60 عنصرا من "الدعم السريع" بهجوم على الفاشر