استيقظ محمد الغلاييني على صوت صواريخ تنطلق من غزة، كان ذلك في الساعة السادسة من صباح السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبدا الصوت كالحلم في سماء مدينة غزة الصباحية الجميلة.

ولكنه سرعان ما أدرك أن الأمور ستكون مختلفة هذه المرة، وليس كالمرات السابقة عندما شنت إسرائيل هجماتها على القطاع.

يقول الغلاييني -في تحقيق صحفي أجرته جريدة أوبزرفر البريطانية التي تصدر كل أحد عن مجموعة غارديان الإعلامية- "عندما شاهدت مقاطع فيديو لأسرى إسرائيليين يُجلبون إلى غزة والمركبات العسكرية الإسرائيلية التي تم الاستيلاء عليها، أدركت أن الأمر كبير".

وفي تلك الأثناء، تساءلت منى والدة الغلاييني وشقيقته سندس بهلع ما إذا كان عليهم المغادرة. وبينما كانوا في خياراتهم، إذا بِدويِّ انفجار وصوت تحطم زجاج يخترق أسماعهم من مبنى لا يبعد سوى 100 متر منهم تعرض للاستهداف.


استهداف المدنيين

وما كان منهم ومن جيرانهم إلا أن يُهرعوا إلى خارج شققهم السكنية في الطابق العاشر من مبنى مطل على واجهة غزة البحرية، خوفا من تعرضهم لما كانوا يعرفون أنه سيحدث لهم أيضا.

كان أزيز الطائرات المسيرة يشق عنان سماء المنطقة أثناء انشغالهم بتعبئة حقائبهم بجوازات السفر والأدوية وما استطاعوا حمله من كتب وملابس وأدوات نظافة وأجهزة شحن.

يقول الغلاييني "من الصعب أن تترك منزلك ولا تعرف ما إذا كنت ستعود إليه". وما درى أن هذه ستكون المرة الأولى التي يهرب فيها من 3 مرات خلال أسبوع واحد.

وكان الغلاييني (44 سنة) العالم في جودة الهواء قد عاد إلى مدينة غزة، مسقط رأسه، في سبتمبر/أيلول المنصرم قادما من مدينة مانشستر البريطانية حيث يقيم، وكان ينوي البقاء في غزة مدة 3 أشهر.

وقال إن السفر إلى غزة صعب بسبب القيود المصرية والإسرائيلية، "لذا لم أزرها سوى 3 مرات فقط طيلة 20 سنة تقريبا، ولأقل من شهر في كل مرة".


مسؤولية

وأحس الغلاييني بنوع من المسؤولية تدفعه لاستغلال عمله في التواصل مع الآخرين في غزة في محاولة منه لتحسين رائحة الهواء النفاذة التي تخيم على القطاع المكتظ بنحو 2.3 مليونا من السكان.

وأضاف بعد يوم من بدء إسرائيل غاراتها الجوية في أعقاب توغل مسلحي حركة حماس داخل إسرائيل، "كنت أستعد لتقديم ندوة بحثية، وتحديد من سأدعوه لحضورها، لكن كل شيء ذهب الآن أدراج الرياح".

وما لبث أن فرت والدته وشقيقته عبر معبر رفح الحدودي إلى مصر يوم الأحد، بعد حصولهما على إذن بالمغادرة في اللحظة الأخيرة. أما الغلاييني نفسه فقد لجأ هو ووالده إلى مركز صحي في مدينة غزة.

وانتقل هو ووالده وعمه وبعض أبناء عمومته بعد ذلك إلى فندق المشتل، الذي بدأ في تقنين إمدادهم بالطعام. وفي اليوم التالي توقفت محطة توليد الكهرباء في غزة عن العمل.

وتلقى الغلاييني رسالة نصية من صديق، تصف أنباء الحديث عن ممر إنساني يسمح للفلسطينيين بمغادرة القطاع. وقال غاضبا "لماذا دار الحديث حول السماح للفلسطينيين بالخروج، وليس حول وقف القنابل التي تنهمر على القطاع برا وبحرا وجوا؟ لقد جعل ذلك دمي يغلي. لا نريد المزيد من الحرمان".


تهجير

وفي صبيحة الجمعة، استيقظ الغلاييني على وقع خبر صادم إذ أمر الجيش الإسرائيلي جميع سكان شمال غزة البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة بالفرار إلى الجنوب، قيل إن التحذير أُرسل لهم عبر رسائل نصية باللغة العربية، إلا أنها لم تصله.

وفي فندق المشتل، كان المشهد متسما بالفوضى حيث احتمى المئات بالردهة والممرات وهم يحاولون يائسين تحديد أقرب مكان آمن يلتجئون إليه، وما إذا كانت هناك أي غرف خالية في مستشفى قريب.

وبحلول يوم السبت، تسربت أنباء عن إمكانية السماح للبعض، بمن فيهم مزدوجي الجنسية مثل الغلاييني، بالعبور إلى مصر. ورغم كل ذلك، كان الغلاييني في صراع عميق حول فكرة الرحيل.

"عمي وعمتي وأبناء عمي موجودون هنا. لن أبرحهم ولن أتركهم هنا ليواجهوا مصيرهم. أشعر بأن لدي واجبا تجاههم هنا. إنه لأمر مفزع أن اضطر للاختيار بين حياتي وبيتي"، قالها الغلاييني بأسى.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بغزة

غزة - متابعة صفا

استشهد عدد من المواطنين وأصيب آخرون يوم الأربعاء، إثر قصف إسرائيلي في مناطق متفرقة من قطاع غزة، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية لليوم الـ271 على التوالي.

أفاد مراسل وكالة "صفا"، باستشهاد مواطنين اثنين إثر قصف إسرائيلي في شارع القدس بحي تل السلطان غربي مدينة رفح.

ولفت مراسلنا إلى أن طواقم الدفاع المدني تمكنت من انتشال 5 شهداء آخرين تعرضوا للقصف في مناطق عدة من حي تل السلطان غربي رفح.

وذكر مراسلنا في المنطقة الوسطى، بأن عددًا من المواطنين استشهدوا وأصيب آخرون بقصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في عمارة الوادية بشارع الزهور بمخيم النصيرات وسط القطاع.

ونوّه إلى استشهاد اثنين من المواطنين اليوم، جراء قصف طائرة مسيرة إسرائيلية لمجموعة من المواطنين جنوبي المغازي وسط القطاع، لافتًا إلى وصول جثامين 3 شهداء أيضًا إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح إثر قصف الاحتلال سيارة شرقي مخيم المغازي.

وقال مراسلنا، إن الشهداء الذين ارتقوا بغارتين إسرائيليتين منفصلتين على مخيم المغازي هم: "عبد الرحمن أحمد إبراهيم الترهوني، عمر إسماعيل جمعة أبو منديل، ياسر مصطفى حسين أبو عيسى، وائل علي خالد العفش، فايز العفش".

وأوضح أن الطيران المروحي أطلق النار شرق مخيم البريج وسط القطاع، في ظل تواصل القصف المدفعي الإسرائيلي شمالي النصيرات.

فيما أفاد مراسلنا في غزة، باستشهاد 4 مواطنين وإصابة 17 آخرين في قصف إسرائيلي لمجموعة من المواطنين حاولوا العودة لحي الشجاعية شرقي مدينة غزة.

وأشار مراسلنا، إلى أن طائرات الاحتلال قصفت شقة سكنية قرب مسجد التابعين في حي الدرج وسط مدينة غزة، منوهًا إلى أن طائرة مروحية إسرائيلية أطلقت النار صوب الأحياء الجنوبية لمدينة غزة.

في حين أوضح مراسلنا في شمال القطاع، إن قصفًا مدفعيًا متقطعًا منذ الصباح استهدف المناطق الشمالية الشرقية لمخيم جباليا في محيط دوار حمودة وتلة قليبو.

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 37925 مواطنا، وإصابة 87141 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.

مقالات مشابهة

  • «الوطني للعمل»: ارتفاع أعداد العاملين في القطاع الخاص إلى 11.4 مليون شخص في يونيو
  • شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بغزة
  • السعودية.. هكذا علّق أهلي جدة على تألق مدافعه التركي في كأس أمم أوروبا
  • دراسة: ليس البشر وحدهم يتقنون عمليات بتر الساق إنقاذا للحياة
  • أهلي جدة والأهلي المصري يودعان” خالد مسعد” نوفمبر المقبل
  • السودان.. الفارون من قتال سنار وسنجة يواجهون اوضاعا مأساوية
  • شهداء وإصابات في خانيونس وإخلاء مستشفى غزة الأوروبي
  • شهداء وإصابات في خان يونس وإخلاء مستشفى غزة الأوروبي
  • دي بروين: لن أرحل عن مانشستر سيتي هذا الصيف
  • إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة على مدينة غزة شمال القطاع