مواطن غزي: لن أرحل ولن أترك أهلي يواجهون مصيرهم وحدهم
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
استيقظ محمد الغلاييني على صوت صواريخ تنطلق من غزة، كان ذلك في الساعة السادسة من صباح السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبدا الصوت كالحلم في سماء مدينة غزة الصباحية الجميلة.
ولكنه سرعان ما أدرك أن الأمور ستكون مختلفة هذه المرة، وليس كالمرات السابقة عندما شنت إسرائيل هجماتها على القطاع.
يقول الغلاييني -في تحقيق صحفي أجرته جريدة أوبزرفر البريطانية التي تصدر كل أحد عن مجموعة غارديان الإعلامية- "عندما شاهدت مقاطع فيديو لأسرى إسرائيليين يُجلبون إلى غزة والمركبات العسكرية الإسرائيلية التي تم الاستيلاء عليها، أدركت أن الأمر كبير".
وفي تلك الأثناء، تساءلت منى والدة الغلاييني وشقيقته سندس بهلع ما إذا كان عليهم المغادرة. وبينما كانوا في خياراتهم، إذا بِدويِّ انفجار وصوت تحطم زجاج يخترق أسماعهم من مبنى لا يبعد سوى 100 متر منهم تعرض للاستهداف.
استهداف المدنيين
وما كان منهم ومن جيرانهم إلا أن يُهرعوا إلى خارج شققهم السكنية في الطابق العاشر من مبنى مطل على واجهة غزة البحرية، خوفا من تعرضهم لما كانوا يعرفون أنه سيحدث لهم أيضا.
كان أزيز الطائرات المسيرة يشق عنان سماء المنطقة أثناء انشغالهم بتعبئة حقائبهم بجوازات السفر والأدوية وما استطاعوا حمله من كتب وملابس وأدوات نظافة وأجهزة شحن.
يقول الغلاييني "من الصعب أن تترك منزلك ولا تعرف ما إذا كنت ستعود إليه". وما درى أن هذه ستكون المرة الأولى التي يهرب فيها من 3 مرات خلال أسبوع واحد.
وكان الغلاييني (44 سنة) العالم في جودة الهواء قد عاد إلى مدينة غزة، مسقط رأسه، في سبتمبر/أيلول المنصرم قادما من مدينة مانشستر البريطانية حيث يقيم، وكان ينوي البقاء في غزة مدة 3 أشهر.
وقال إن السفر إلى غزة صعب بسبب القيود المصرية والإسرائيلية، "لذا لم أزرها سوى 3 مرات فقط طيلة 20 سنة تقريبا، ولأقل من شهر في كل مرة".
مسؤولية
وأحس الغلاييني بنوع من المسؤولية تدفعه لاستغلال عمله في التواصل مع الآخرين في غزة في محاولة منه لتحسين رائحة الهواء النفاذة التي تخيم على القطاع المكتظ بنحو 2.3 مليونا من السكان.
وأضاف بعد يوم من بدء إسرائيل غاراتها الجوية في أعقاب توغل مسلحي حركة حماس داخل إسرائيل، "كنت أستعد لتقديم ندوة بحثية، وتحديد من سأدعوه لحضورها، لكن كل شيء ذهب الآن أدراج الرياح".
وما لبث أن فرت والدته وشقيقته عبر معبر رفح الحدودي إلى مصر يوم الأحد، بعد حصولهما على إذن بالمغادرة في اللحظة الأخيرة. أما الغلاييني نفسه فقد لجأ هو ووالده إلى مركز صحي في مدينة غزة.
وانتقل هو ووالده وعمه وبعض أبناء عمومته بعد ذلك إلى فندق المشتل، الذي بدأ في تقنين إمدادهم بالطعام. وفي اليوم التالي توقفت محطة توليد الكهرباء في غزة عن العمل.
وتلقى الغلاييني رسالة نصية من صديق، تصف أنباء الحديث عن ممر إنساني يسمح للفلسطينيين بمغادرة القطاع. وقال غاضبا "لماذا دار الحديث حول السماح للفلسطينيين بالخروج، وليس حول وقف القنابل التي تنهمر على القطاع برا وبحرا وجوا؟ لقد جعل ذلك دمي يغلي. لا نريد المزيد من الحرمان".
تهجير
وفي صبيحة الجمعة، استيقظ الغلاييني على وقع خبر صادم إذ أمر الجيش الإسرائيلي جميع سكان شمال غزة البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة بالفرار إلى الجنوب، قيل إن التحذير أُرسل لهم عبر رسائل نصية باللغة العربية، إلا أنها لم تصله.
وفي فندق المشتل، كان المشهد متسما بالفوضى حيث احتمى المئات بالردهة والممرات وهم يحاولون يائسين تحديد أقرب مكان آمن يلتجئون إليه، وما إذا كانت هناك أي غرف خالية في مستشفى قريب.
وبحلول يوم السبت، تسربت أنباء عن إمكانية السماح للبعض، بمن فيهم مزدوجي الجنسية مثل الغلاييني، بالعبور إلى مصر. ورغم كل ذلك، كان الغلاييني في صراع عميق حول فكرة الرحيل.
"عمي وعمتي وأبناء عمي موجودون هنا. لن أبرحهم ولن أتركهم هنا ليواجهوا مصيرهم. أشعر بأن لدي واجبا تجاههم هنا. إنه لأمر مفزع أن اضطر للاختيار بين حياتي وبيتي"، قالها الغلاييني بأسى.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
270 طفلاً بسجون الاحتلال يواجهون مرحلة أكثر دموية بظل الحرب
رام الله - صفا
قال نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، "إن الأطفال الفلسطينيين يواجهون مرحلة هي الأكثر دموية بحقهم في تاريخ قضيتنا، مع استمرار حرب الإبادة وعمليات المحو الممنهجة، اللتين أدتا إلى استشهاد الآلاف منهم، إلى جانب آلاف الجرحى، والآلاف ممن فقدوا أفرادا من عائلاتهم أو عائلاتهم بشكل كامل".
وأضافت النادي والهيئة في بيان مشترك، صدر لمناسبة اليوم العالمي للطفل، الذي يوافق العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام "أن مستوى التوحش الذي يمارسه الاحتلال بحق أطفالنا، يشكل أحد أبرز أهداف حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 411 يوما، لتكون هذه المرحلة من التوحش امتداداً لسياسة استهداف الأطفال التي يمارسها الاحتلال منذ عقود طويلة، إلا أن المتغير اليوم، هو مستوى الجرائم الراهنة وكثافتها".
وأشارا إلى أن قضية الأطفال المعتقلين شهدت تحولات هائلة منذ بدء حرب الإبادة، فقد تصاعدت حملات الاعتقال بحقهم، سواء في الضفة التي سُجل فيها ما لا يقل عن (770) حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، إضافة إلى أطفال من غزة لم تتمكن المؤسسات من معرفة أعدادهم، في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري، ويواصل الاحتلال اليوم اعتقال ما لا يقل عن (270) طفلا يقبعون بشكل أساسي في سجني (عوفر، ومجدو)، إلى جانب المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، ومنها معسكرات استحدثها بعد الحرب، مع تصاعد عمليات الاعتقال التي طالت آلاف المواطنين.
واستعرضا جملة من المعطيات والحقائق عن واقع عمليات الاعتقال للأطفال، وظروف احتجازهم:
وبينا أنه ومنذ بدء حرب الإبادة، تعرض ما لا يقل عن 770 طفلاً من الضفة تقل أعمارهم عن 18 عاما، للاعتقال على يد قوات الاحتلال، ولا يشمل ذلك من أبقى الاحتلال على اعتقاله، ومن أفرج عنه لاحقاً.
ولا يزال ما لا يقل عن 270 طفلاً معتقلين في سجون الاحتلال وتتراوح أغلبية أعمارهم بين (14-17) عاماً، مع الإشارة إلى أنه لا معطى واضح عن أعداد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال من غزة، في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقهم داخل المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.