كفّوا عبَرات اليأس فإنها تعصف بأحبتكم
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
قال موسى عليه السلام في أسوأ لحظات اليأس والكرب، فالبحر أمامهم والعدو من خلفهم:(كلا إن معي ربي سيهدين) .
وقالها محمد عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسّليم لصاحبه إذ هما في الغار،مطارديْن لا يملكان من العدّة والعتاد شيئاً :(لا تحزن إن الله معنا). لكنهم ملكوا الثقة بالله التي معها تتلاشى الأحزان وتحلّ محلها العزيمة والثبات.
وثقوا بالله وأحسنوا به الظن فكان عزّ وجلّ عند ظنهم به.
إن النظرة السوداوية للأمور، والحزن لكل ما يخسره الإنسان من ماديات أو أشخاص، والخوف من المستقبل، كل تلك المشاعر تدمِّر النفسيات ،وتستهلك القدرات إذا ما تجاوزت المعقول، والإستسلام لها يُنسي صاحبها كل النعم التي ينعم بها.
كلنا مررنا بلحظات حزنٍ مريرة ، فمن منا مَن لم يذرف دموع الألم ساعاتٍ أو أياماً أو ربما شهوراً، لكنها مرَّت واستطعنا تجاوزها بفضل الله .
أتحدث هنا عن أولئك الذين أسلموا زمام حياتهم للأحزان، فأصبحت الكآبة جزءاً لا يتجزأ من أرواحهم..أتحدث عن أولئك الذين صبَغت الهموم حياتهم بصبغة اليأس من رحمة الله وفرجه وعطائه
اللامحدود..أتحدث عن ذلك الإبن أو الابنة أو الزوج أو الزوجة أو أيٍ من أفراد العائلة الذين التحفوا الحزن والأسى حتى صارت الضحكة في حياتهم نادرة ندرة النجوم في ضوء النهار..أتحدث بألم عن أولئك الذين مرُّوا بتجارب قاسية موجعة تركت في حياتهم آثاراً
أسرتهم بقيود لم يتمكنوا من الفكاك منها..أتحدث عن أولئك الذين فشلوا وتعثّروا ثم لعنوا الظلام ولم ينهضوا ،متناسين أن الحياة مستمرة لاتقف منتظرة من اختار: (مكانك سر) !
قد لا يعلم هؤلاء أنهم يجرحون أحبتهم ويكسرون قلوبهم ، فما أصعب أن يرى الإنسان حبيباً له ، أو قريب هو جزء من روحه ، يعيش حالات ممتدة من الألم والإنكسار وهو يرفض الخلاص منها !!
وأنا أكتب مقالي هذا ، مرّت بخاطري هذه الكلمات الرائعة التي جادت بها قريحة الأمير خالد الفيصل -حفظه الله-:
يا ضايق الصدر بالله وسع الخاطر دنياك يا زين ما تستاهل الضيقه
الله على ما يفرج كربتك قادر والله له الحكم في دبرة مخاليقه
كلمات هي من أجمل الكلمات..، كلمات نقولها لمن نحب حين تأخذهم الأحزان بعيداً عنا وهم معنا ..، كلمات نقولها لمن تعصف بهم الأفكار السلبية وتأخذهم إلى فضاءات ضبابية أو سوداء . ففعلاً الله سبحانه وتعالى له الحكم في تدبير شؤون العباد. وقد قيل:
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطىً مشاها
وليتذكّر المحزون والمهموم ،أن مغبّة الحزن والهمّ شديدة أليمة فلا يركن إليهما ،وليدعو الله دوماً متعوِّذاً به منهما :(اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن) ،فالحزن والهمّ من أمراض القلوب ، تشلّ تفكير الإنسان ، وقدرته على التعاطي مع حياته ،وتشوِّه حتّى قراراته وأحكامه.
إن تمسُّك الإنسان بحالات الحزن وخيّبات الأمل التي مرّت به ،هي حالات مؤلمة لمحبيه ،فكم هو صعب على الوالدين أو الأبناء والأحباب عموماً ، إنغماس أحبتهم في الأحزان .فرفقاً أيُّها المهمومون بأنفسكم وأحبتكم ولا تنسوا أن الله قريبٌ مجيب الدعوات. ودمتم.
@almethag
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: عن أولئک الذین
إقرأ أيضاً:
كيف أتعلم القناعة والرضا بقضاء الله؟ أمين الفتوي يوضح
ردًا على سؤال حول كيفية التعود على القناعة والرضا بقضاء الله، خاصة إذا كان الإنسان يشعر بالبعد عن ربه، أوضح الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الوصول إلى الرضا ليس مجرد فكرة ذهنية أو وعظ لحظي، بل هو نمط حياة وممارسة يومية.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة «مع الناس»، المذاع على قناة «الناس»، اليوم الأربعاء: «الرضا الحقيقي هو ما نُسميه الرضا الحياتي، يعني مش مجرد فكرة أقتنع بيها، ولكن حالة أعيشها، أمارسها كل يوم، وأبدأ بها في تفاصيل حياتي الصغيرة قبل الكبيرة».
وأضاف أن أول خطوة للوصول إلى الرضا والقناعة هي أن يبدأ الإنسان بما في يده، وأن يسعى نحو ما يتمناه باستخدام ما يملكه فعلاً، لا ما ينقصه. واستشهد بقول النبي ﷺ: «ارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس»، موضحًا أن هذه ليست دعوة للتوقف، بل دعوة للاستثمار فيما وهبك الله إياه.
وأكد أن الرضا لا يعني الاستسلام، بل يعني السعي بكل ما أوتي الإنسان من قوة، ثم ترك النتائج لله، مضيفًا: «أنا أعمل ما أستطيع، والله يتفضل علي بالعطاء، ويملأ قلبي بالرضا والبركة والنور».
وتابع: «الرضا لا يُطلب مرة واحدة، لكنه يُمارَس، ويُدرَّب عليه القلب، حتى يصبح الإنسان قريبًا من الله، مطمئنًا بما لديه، ومستبشرًا بما هو آتٍ».
اقرأ أيضاًعضو بمركز الأزهر: القناعة والرضا سر السعادة والراحة النفسية.. «فيديو»
الجندي: حياة سيدنا النبي تعلمنا دروس عظيمة في الصبر والرضا |فيديو
أهمية الرضا الوظيفي