أمام جائحة مدمرة للقطاع الاقتصادى عالمياً وتلتهم موارده، وتضخّم غير مسبوق آتٍ من الخارج، وحرب ضروس فى شرق أوروبا، تقف السياسة النقدية بأدواتها كلاعب رئيسى فى مواجهة التحديات، التى يتعرّض لها الاقتصاد، مستهدفة كبح جماح التضخّم والحفاظ على التشغيل ودفع نموه، بجانب تنظيم عمل البنوك العاملة فى الأسواق والإشراف عليها.

وفى مصر، أدى البنك المركزى المصرى، بقيادة المحافظ حسن عبدالله، وبخبرته المصرفية الطويلة، أدواراً بارزة فى دعم الاقتصاد، والحفاظ على نموه، وضبط منظومة الصرف الرسمية. وكان القطاع المصرفى المصرى السند وقت الشدة والداعم وقت الرخاء، وقد ساق إلى القطاعات الاقتصادية الكثير من المبادرات، بهدف توسيع مساهمة هذه القطاعات فى الناتج المحلى الإجمالى.

وفى الوقت ذاته، تشير مؤشرات السلامة المالية إلى قطاع مصرفى قوى وصلب بشهادة المؤسسات الدولية، واحتياطى أجنبى آخذ فى النمو للشهر العاشر على التوالى، ومعدلات سيولة وودائع وإقراض وكفاية رأس المال مثيرة للإعجاب، وبينما قطعت السياسة النقدية أشواطاً يتبقى الكثير لتقدمه فى ولاية ثانية لمحافظ البنك المركزى المصرى بعد تجديد الثقة به من قِبل القيادة السياسية.

«الوطن» تفتح ملف القطاع المصرفى السند، لتلقى الضوء على مبادراته وجهوده، وتتحدث مع الخبراء والتنفيذيين والمصرفيين، فى مسعى للوقوف على حجم ما بُذل وما يتوقع ويُرجى بذله وتقديمه مستقبلاً وفق تطلعات الجميع.

«المركزى المصرى».. يقدم الخدمات للقطاعات الإنتاجية.. ويواجه التضخم

على مدار السنوات الأخيرة، استخدم البنك المركزى ما فى جعبته من أدوات السياسة النقدية لدعم النشاط الاقتصادى، والحفاظ على الشمول المالى والعمل على توسيع نطاق توصيل الخدمات المصرفية لأكبر عدد من المواطنين.

كما واجه «المركزى» تحديات خارجية وداخلية عدة بكفاءة عالية، مستوعباً الآثار السلبية الناجمة عن هذه التحديات، وكان تحقيق سلامة النظام النقدى والمصرفى واستقرار الأسعار هو ما يهدف إليه البنك المركزى، فى إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة وفق قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020، وفى ضوء هذا يلتزم البنك المركزى بالحفاظ على معدل تضخّم ومستقر على المدى المتوسط.

بلوغ الشمول المالى وتحقيق سلامة النظام النقدى واستقرار الأسعار.. أبرز مستهدفات «البنك»

ولتحقيق البنك المركزى أهدافه يباشر جميع الاختصاصات اللازمة، التى من ضمنها وضع السياسة النقدية وتنفيذها، وإصدار الأوراق والأدوات المالية، بما يُلائم طبيعة أمواله ونشاطه والدخول فى عمليات السوق المفتوحة، وأيضاً وضع وتنفيذ نظام سياسة سعر الصرف الأجنبى، وتنظيم سوق الصرف الأجنبى ورقابته، وكى يحقق البنك المركزى هدفه فى استقرار الأسعار يعمل على تقليل تقلّبات التضخّم عن المستوى، الذى يُعتبر متوافقاً مع استقرار الأسعار «فجوة التضخم»، بالإضافة إلى التقليل من تقلبات النشاط الاقتصادى الحقيقى عن طاقته الإنتاجية الكاملة «فجوة الإنتاج».

وحسب تقرير الشمول المالى الصادر عن البنك المركزى، فإن هذا الهدف يتم العمل على تحقيقه بالتوازى مع التحول إلى نظام استهداف معدلات التضخّم المرن، بما يتوافق مع تحرير سوق الصرف الأجنبى، الأمر الذى يجعل البنك المركزى يضع عدة مستهدفات للتضخّم، حتى ينتقل الاقتصاد بشكل تدريجى من معدل التضخّم المستهدف حالياً حتى يصل إلى المستوى المُقدّر له على المدى المتوسط.

ووفقاً لتقرير لـ«المركزى»، ففى عام 2005، أعلن البنك المركزى إطاراً تشغيلياً جديداً حتى يجرى تنفيذ السياسة النقدية، يتمثل فى التحول من الإطار التشغيلى الكمى «فائض الاحتياطيات»، إلى الإطار التشغيلى السعرى «سعر العائد فى سوق الإنتربنك لليلة واحدة» والمعروف بنظام الكوريدور، إذ كانت تعاملات البنك المركزى مع البنوك التجارية تشمل سعرين للعائد لليلة واحدة، أحدهما للإيداع وآخر للإقراض، ويكون سعر عائد الإيداع هو الحد الأدنى لسعر العائد بالكوريدور، أما سعر عائد الإقراض فهو الحد الأقصى له.

نظام الكوريدور الذى أعلنه البنك المركزى فى عام 2005 يساعد فى التغلب على تذبذبات أسعار العائد فى سوق الإنتربنك لليلة واحدة، وأى تغييرات فى نطاق السعر يُعلن عنها البنك المركزى، بالإضافة إلى سعر العملية الرئيسية واتفاقية إعادة الشراء وعمليات السوق المفتوحة وفقاً لحالة السيولة فى السوق.

اتخذ «المركزى» مساراً تنازلياً لبلوغ مستهدفات التضخّم بهدف السيطرة على توقعات التضخّم منذ مايو 2017، وهو الوقت الذى أعلن خلاله البنك المركزى عن معدل التضخم المستهدف، فيما حدّدت لجنة السياسة النقدية فى ديسمبر 2022 معدلات التضخّم المستهدفة خلال الفترة المقبلة عند مستوى 7٪ فى المتوسط، وذلك فى فترة الربع الرابع من عام 2024، وعند مستوى 5٪ فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.

ويدعم احتواء التضخم، علاوة على ذلك تنافسية السلع والخدمات المصرية، وهو ما يعمل على تقليل الضغوط على سعر الصرف على المدى المتوسط.

وتوضع السياسة النقدية على أساس مستقبلى، نظراً لأن إجراءات السياسة النقدية تتطلب وقتاً لانتقال تأثيرها الكامل على مستوى الأسعار ومعدلات التضخّم، إذ تعتمد اللجنة فى عملية صُنع القرار على توقّعات الاقتصاد الكلى والتضخّم وتوازن المخاطر.

وسبق أن تحدث حسن عبدالله، محافظ البنك المركزى فى أحد المؤتمرات الاقتصادية، عن ربط الدولار بالجنيه المصرى، بأن جزءاً من نجاح الدولة هو تغيير الثقافة والفكر بارتباطنا به، مشيراً إلى أنه سبق وزادت عملتنا على الإسترلينى واليورو والليرة التركية، ولكن البعض لا يرون ذلك.

وفى تقرير البنك المركزى، أظهر أن معدل النشاط الاقتصادى الحقيقى ظل دون تغيير، مسجّلاً 3.9% خلال الربع الأول من عام 2023، مقارنة بالربع الرابع من عام 2022، وسجل معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى 4.1% فى المتوسط خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالى 2022/ 2023، فيما تشير البيانات التفصيلية الواردة حتى الربع الأول من عام 2023 إلى أن النشاط الاقتصادى خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالى 2022/ 2023 قد جاء مدفوعاً بالمساهمة الموجبة لقطاعات تجارة الجملة والتجزئة والزراعة والتشييد والبناء.

وحصل البنك المركزى المصرى على جائزتين دوليتين هذا العام لمساهماته الفعّالة فى تعزيز الشمول المالى ودعم التمكين الاقتصادى للمواطنين والشركات، وفاز بجائزتى الشمول المالى للشباب والقيادة الفنية فى المنطقة العربية، وذلك من بين خمس جوائز يقدّمها التحالف الدولى للشمول المالى سنوياً، إذ إن «المركزى» بذل مجهوداً واسعاً فى دعم كبير من مختلف مؤسسات الدولة المعنية بالشمول المالى، والتعاون المثمر مع جميع الجهات والمؤسسات على المستويين الدولى والمحلى، والذى كان له أكبر الأثر فى تحقيق هذه النتائج المميزة، بما يعكس حجم المجهود الذى يتم بذله لتعزيز رؤية مصر 2030.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاقتصاد السیاسة النقدیة المرکزى المصرى البنک المرکزى الشمول المالى التضخ م من عام

إقرأ أيضاً:

"المصرفيين العرب” يكرم وزير التموين بجائزة التميز والانجاز المصرفي العربي للعام 2024

شارك الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، في فعاليات ملتقى الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب والمنعقد اليوم بالقاهرة بعنوان البنك المستدام: دورالتدقيق الداخلي وإدارة المخاطر والامتثال لضمان الازدهار والاستقرار"، وذلك خلال الفترة من 20-21 نوفمبر 2024، ويهدف الملتقي إلى تسليط الضوء على أهمية التدقيق الداخلي في القطاع المصرفي في ظل التحولات المالية السريعة التي يشهدها القطاع.  


هذا وقد قام الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، بتكريم  الدكتور شريف فاروق - وزير التموين والتجارة الداخلية، بجائزة التميز والانجاز المصرفي العربي للعام 2024.

وقدم الدكتور شريف فاروق وزير التموين والتجارة الداخلية، الشكر للقائمين علي اقامة هذا الملتقى وتقديره لهذا التكريم، وقد تناول السيد الدكتور الوزير في كلمته أهمية تعزيز الرقابة والشفافية في القطاع المالي والتجاري، وأشاد الدكتور شريف فاروق إلى الدور الحاسم الذي يلعبه التدقيق الداخلي في ضمان النزاهة والكفاءة داخل المؤسسات، مؤكدًا على أهمية تبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين الدول لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، كما أشار إلى الجهود المبذولة من قبل وزارة التموين والتجارة الداخلية في تحسين نظم الرقابة وتطوير البنية التحتية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

 

يعد هذا اللقاء فرصة كبيرة لتبادل الخبرات والمعرفة بين كبار الخبراء والمصرفيين في العالم العربي، بما يسهم في تطوير وتحسين ممارسات التدقيق الداخلي في القطاع المصرفي وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات المستقبلية، وكذلك فرصة لتبادل الأفكار والرؤى بين الخبراء والمختصين لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجالات التدقيق والتمويل.

مقالات مشابهة

  • حتى لا تكبر هذه الأزمات
  • المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ويدرس تحولات القطاع المصرفي
  • عاجل | “السياسة النقدية” تقرر تثبيت الفائدة عند 27.25%.. قرار مفاجئ من البنك المركزي
  • تقرير البنك الدولي بشأن الدور المحوري للقطاع المصرفي في تمويل الأنشطة المناخية
  • "المصرفيين العرب” يكرم وزير التموين بجائزة التميز والانجاز المصرفي العربي للعام 2024
  • فيتش: القطاع المصرفي المصري يحافظ على أداء مالي قوي
  • عاجل - هل يخفض البنك المركزي سعر الفائدة؟.. توقعات اجتماع السياسة النقدية المقبل
  • عاجل - موعد اجتماع البنك المركزي القادم وتوقعات بتغييرات جذرية في السياسة النقدية
  • الأتربي: أصول القطاع المصرفي المصري بلغت 18 تريليون جنيه
  • جولدمان ساكس: توقعات قياسية لأسعار الذهب في 2025 مدفوعة بمشتريات البنوك المركزية وتيسير السياسة النقدية