يؤدى القطاع المصرفى دوراً مهماً فى تحقيق الاقتصاد المصرى لمعدلات نمو جيدة، وعلى مدار السنوات التسع الماضية تمكنت مصر من تدشين قطاع مصرفى قادر على المساهمة فى دعم خطط التنمية، والصمود أمام التحديات والأزمات المتعدّدة، حيث عملت مصر على تطويع أدوات السياسة النقدية على زيادة ثقة المتعاملين مع القطاع المصرفى وتعزيز نِسب الشمول المالى والرقمى، فضلاً عن تعبئة المدخرات المحلية والأجنبية وتحقيق الحماية المالية للعملاء والمستثمرين، بما جعل القطاع المصرفى يتمتّع بالسيولة والربحية، ويسهم فى تحقيق حالة من الاستقرار المالى والنقدى، للوصول إلى نمو اقتصادى مستدام.

ويُعد القطاع المصرفى المصرى أحد أهم المكونات الرئيسية للقطاع المالى، حيث يشمل الأخير القطاع المصرفى والقطاع غير المصرفى والمتضمّن سوق رأس المال والتأمين والتمويل العقارى والتمويل متناهى الصغر، والتأجير التمويلى والتخصيم.

وأظهر القطاع المصرفى قدرته على الصمود أمام التحديات الإقليمية والدولية، حيث توضّح مؤشرات السلامة المالية منذ يونيو 2022 قطاعاً مصرفياً عالى السيولة، ولديه مستويات كافية من رأس المال، وحصص منخفضة من القروض المتعثّرة.

ورغم أن جائحة كورونا دفعت البنوك فى عدد من دول العالم إلى إغلاق بعض فروعها، فإن البنوك المصرية نجحت فى تعزيز وجودها، ومن المتوقّع أن تصمد نسب رأس المال التنظيمى للبنوك المصرية، لكونها مدعومة بتوليد رأسمال داخلى قوى فى ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، وأهمهما الصراع الروسى - الأوكرانى، الذى أثر بالسلب على معظم اقتصادات العالم، ومنها مصر.

ويلاحظ تنامى ثقة المصريين فى البنوك، حيث حقّقت الودائع أرقاماً قياسية ليزيد الإجمالى بأكثر من 5 أضعاف، وبلغ إجماليها 9.2 تريليون جنيه فى مارس 2023، مقابل 1.4 تريليون جنيه فى مارس 2014.

وعن التوزيع النسبى للودائع فى مارس 2023 بالعملة المحلية والأجنبية، فقد شكل القطاع العائلى 59.2%، والقطاع الحكومى 22.2%، وقطاع الأعمال الخاص 15.6%، وقطاع الأعمال العام 2.3%، وقطاع العالم الخارجى 0.6%، والشيكات والحوالات المشتراة 0.1%.

ويظهر ثبات صافى الاحتياطيات الدولية وكفاية عدد شهور تغطية الواردات، حيث زاد صافى الاحتياطيات الدولية بنسبة 108.4%، لتبلغ 34.8 مليار دولار فى يونيو 2023، مقابل 16.7 مليار دولار فى يونيو 2014 وزيادة عدد شهور الواردات السلعية التى يغطيها صافى الاحتياطيات الدولية، لتبلغ 5.6 شهر فى أبريل 2023، مقابل 3.5 شهر فى أبريل 2014، كما تطور هيكل إجمالى الاحتياطيات الرسمية من العملات الأجنبية، وبلغ 26.2 مليار دولار فى أبريل 2023، مقابل 13.5 مليار دولار فى أبريل 2014، وبالنسبة للذهب فقد بلغ 8 مليارات دولار فى أبريل 2023، مقابل 2.7 مليار دولار فى أبريل 2014.

وللقطاع المصرفى المصرى دور كبير فى رفع معدل النمو الاقتصادى فى مصر، وذلك لأن مؤشرات الأداء المصرفى المصرى تتميز بالكفاءة، سواء المتعلقة بالكثافة المصرفية والسيولة، ومؤشرات كفاية رأس المال وجودة الأصول والوساطة المالية والربحية.

وعزّز القطاع المصرفى قوة الاقتصاد الكلى لمصر، مما مهّد الطريق لمواجهة تحديات وتغيّرات اقتصادية دولية نتيجة عوامل خارجية بالأساس، وكان لمكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ عام 2016 بالغ الأثر فى حماية الاقتصاد من التقلبات والأزمات، حيث ركز على دعم الاستقرار النقدى والمالى.

وأطلق البنك المركزى المصرى الكثير من المبادرات التى أثرت إيجاباً على تمويل المشروعات، مما أسهم فى توفير فرص عمل، ومن بينها مبادرة تمويل الشركات من القطاع الخاص العاملة فى الأنشطة الصناعية والزراعية، لدعم القطاعات الإنتاجية بسعر عائد مخفّض 11% متناقص، بقيمة إجمالية 150 مليار جنيه، وهذه المبادرة ساعدت فى توفير تمويل بأسعار فائدة منخفضة مقارنة بالأسعار الحالية فى البنوك، وبما يدعم القطاعات الصناعية والزراعية، ويُعزّز خطط زيادة الصادرات، ومن ثم توفير العملة الأجنبية.

واستجابت السياسة المصرية للمتغيرات العالمية بكل جوانبها وأبرزها الصراع الروسى - الأوكرانى والتوترات الصينية الأمريكية والصراعات الإقليمية، خاصة فى السودان والنيجر وليبيا واليمن وسوريا، وتعاملت معها بمهنية وتوازن وفاعلية لتحقيق المصلحة العامة لمصر.

ومع تحسّن إيرادات المصادر التقليدية المصرية للنقد الأجنبى من زيادة الحركة السياحية والاستثمارات الأجنبية وبرنامج الطروحات، مما يوفّر النقد الأجنبى، ويساعد فى تحسّن المؤشرات الكلية للاقتصاد.

الجدير بالذكر أن التمويل المستدام يلعب دوراً رئيسياً فى دعم الاستقرار المالى والمصرفى وتحقيق الالتزامات الدولية المتعلقة بأهداف المناخ والاستدامة، بالإضافة إلى خفض التكاليف وزيادة الكفاءة وتخفيف المخاطر وخلق أسواق جديدة، وبما يتفق مع رؤية مصر والتزاماتها بأجندة التنمية المستدامة من خلال تصديقها على اتفاقية باريس للمناخ، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، التى كان من شأنها إطلاق استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، واستضافة مؤتمر التغيرات المناخية فى شرم الشيخ.

الوزير المفوض وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاقتصاد رأس المال

إقرأ أيضاً:

التعاون الدولي: تنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري وتمكين القطاع الخاص

أعلنت وزارة التعاون الدولي، موافقة مجلس إدارة مجموعة البنك الدولي، على تقديم تمويل بقيمة 700 مليون دولار للحكومة المصرية، في إطار برنامج تمويل سياسات التنمية (DPF)، لدعم تحول البلاد نحو مشاركة أكبر للقطاع الخاص، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وتحقيق مسار نمو يتسق مع التحول الأخضر.

وقد شرعت وزارة التعاون الدولي، في التفاوض نيابة عن الحكومة، وبالتنسيق مع الأطراف الوطنية ذات الصلة، مع مجموعة البنك الدولي حول برنامج تمويل سياسات التنمية، والذي يتسق مع إطار الشراكة الاستراتيجية مع بين مصر والبنك الدولي للفترة من 2023-2027، ويعمل على دعم جهود الدولة لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزز تنافسية الاقتصاد، وتحفز مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية، اتساقًا مع وثيقة سياسة ملكية الدولة.

وتُعد آلية تمويل سياسات التنمية DPF، إحدى أدوات مجموعة البنك الدولي، التي تعمل على دعم الموازنة في الدول الأعضاء، لمساندة مساعيها من أجل تنفيذ الإصلاحات المختلفة، وذلك بناءًا على مجموعة من السياسات والإجراءات التي تعمل الدول على تنفيذها بما يعزز استقرار الاقتصاد الكلي، ويحقق نتائج وآثارًا إيجابية على عدة مستويات.

ويستهدف برنامج تمويل سياسات التنمية الذي وافق عليه البنك الدولي، تحقيق 3 محاور رئيسية وهي تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وتحسين بيئة الأعمال، ودعم صمود الاقتصاد الكلي، وتحفيز التحول الأخضر، وذلك من خلال مصفوفة من الإجراءات والسياسات تحت كل هدف من هذه الأهداف، عملت الحكومة على تنفيذها خلال الفترة الماضية.

وكشفت وزارة التعاون الدولي، أنه تم التنسيق مع الجهات الوطنية ذات الصلة وهي وزارات الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمالية، والعدل، والكهرباء والطاقة المتجددة، والبيئة، وهيئة الرقابة المالية، وجهاز حماية المنافسة، ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، من أجل تنفيذ مصفوفة الإجراءات المتفق عليها في إطار البرنامج بما يدعم الإصلاحات الهيكلية في مصر.

أولًا: تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وتحسين بيئة الأعمال

• إحالة مشروع قانون بإنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة إلى مجلس النواب، بما يعزز تنفيذ أهداف وثيقة سياسة ملكية الدولة، ويعمل على حوكمة تواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وتركيز تدخلها على ضخ الاستثمارات في القطاعات الحيوية.

• تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بما يعزز سياسات المنافسة والحياد التنافسي

• إحالة مسودة قانون المنازعات البسيطة إلى مجلس النواب لتعزيز العدالة التجارية

ثانيًا: تعزيز صمود واستقرار الاقتصاد الكلي

• تحسين جهود حشد الموارد المحلية من خلال إلغاء الإعفاءات الضريبية والإعفاءات من الرسوم لهيئات الدولة فيما يخص الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية

• تعزيز القدرة التنافسية لسوق الدين المحلي من خلال إصدار قرار المتعاملين الرئيسيين بما يشمل القواعد والحوافز لتحسين التنافسية والشفافية وتعزيز السوق الثانوي

• تعزيز الشفافية ومتابعة الموقف المالي من خلال تعديلات قانون المالية الموحد وتضمين الهيئات الاقتصادية في تعريف الحكومة العامة

ثالثًا: دعم التحول الأخضر

• إصدار قرار بشأن نظام الرصد والإبلاغ والتحقق الوطني MRV وذلك بما يسمح بوجود قاعدة بيانات حول انبعاثات الغازات الضارة ومتابعة التقدم بشأن سوق الكربون بما يعزز التنمية منخفضة الكربون والقدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية

• تطوير سوق ائتمان الكربون في مصر

• خلق بيئة مواتية لدعم الانتقال الأخضر وتشجع مشاركة القطاع الخاص من خلال تفعيل التعامل فيما بين المنتجين من القطاع الخاص والمستهلكين فيما يتعلق بتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة

• تحسين الحوكمة والجدوى المالية لمرافق الطاقة الوطنية من خلال خطة الحد من خسائر التوزيع لشركات التوزيع المملوكة للشركة القابضة للكهرباء في مصر

• دعم قطاع المياه والصرف الصحي من خلال إحالة مسودة قانون تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي لمجلس النواب

مقالات مشابهة

  • محكمة التمييز الكويتية تؤيد حبس أحد أفراد الأسرة الحاكمة 10 سنوات
  • بـ مليار و447 مليون دولار.. «المركزي لـ الإحصاء» يكشف عن صادرات السلع الغذائيةفي الربع الأول من 2024
  • «المركزي المصري»: أصول القطاع المصرفي ترتفع بنسبة 26% خلال الربع الأول 2024
  • ارتفاع أصول البنك المركزى المصرى
  • ارتفاع الأصول المملوكة لـ البنك المركزي المصري إلى 5.93 تريليون جنيه
  • د. منجي علي بدر يكتب: ثورة 30 يونيو وسنوات البناء وتحديات المستقبل
  • ارتفاع إجمالي رصيد الائتمان الممنوح من قبل القطاع المصرفي العماني بنسبة 2.6%
  • نائب: مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي يعكس ثقة العالم في اقتصاد الدولة
  • دور تاريخي وحيوي في مساندة ودعم الاقتصاد.. 126 عاما على تأسيس البنك الأهلي المصري أحد القلاع الاقتصادية والمالية العريقة
  • التعاون الدولي: تنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري وتمكين القطاع الخاص