الدوحة ـ دمج التقنيات الحديثة مع منظومة التمويل الإسلامي لإيجاد حلول مبتكرة لتحديات عصر الرقمنة، كان المحور الرئيس لجلسات المؤتمر الدولي السادس للتمويل الإسلامي المقام بالدوحة تحت شعار "النهوض بالاقتصاد الأخلاقي والمستدام: حلول التمويل الإسلامي للتحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية في العصر الرقمي".

ويأتي المؤتمر- يقول خبراء- تزامنا مع بروز التمويل الإسلامي خلال السنوات الأخيرة كأداة تمويل أخلاقية وشاملة ومسؤولة اجتماعيا، بما يملكه من مبادئ قائمة على العدالة وتقاسم المخاطر والاستقرار.

وأجمع المشاركون في المؤتمر الذي تنظمه جامعة حمد بن خليفة -عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع- على أن التمويل الإسلامي لا يركز على الجانب الديني فقط، وإنما يسعى للتأثير في مختلف المجالات البيئية والاجتماعية والاقتصادية.

شانتورك يشير إلى دور التمويل الإسلامي في الوصول إلى استدامة اقتصادية (الجزيرة) ظاهرة عالمية

وأوضح عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، الدكتور رجب شانتورك أن التمويل الإسلامي ظاهرة عالمية لا يمكن غض الطرف عنها، متوقعا أن تصل الأصول المالية الكلية للتمويل الإسلامي على مستوى العالم في المدى القريب إلى نحو 10 تريليونات دولار.

وقال شانتورك للجزيرة نت إن التمويل الإسلامي مبني على الأسس والقيم الإسلامية بشكل حقيقي، ويركز في تأثيراته على المستوى القريب والبعيد على البيئة والمجتمع والاقتصاد، مضيفا أن اقتصادا بدون قيم أخلاقية مضر للمجتمع.

وأشار إلى أن المؤتمر يستعرض حلولا للمشكلات والتحديات البيئة والاجتماعية والاقتصادية من منظور إسلامي.

ووضح الدور المحوري الذي يمكن أن يضطلع به التمويل الإسلامي في الوصول إلى استدامة اقتصادية وأخلاقية باعتبار أن أي اقتصاد بدون قيم يكون مصيره الفشل.

واستعرضت جلسات المؤتمر تطور السرد الأخلاقي والتمويل الإسلامي في عالم مستدام، فضلا عن الابتكارات والتحديات والإستراتيجيات التي تواجه التمويل الإسلامي والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى جهود توحيد معايير هذا النوع من التمويل.

كولاكليكايا يؤكد أن قطاع التمويل الإسلامي في توسع كبير (الجزيرة) 6 تريليونات دولار

بدوره، يرى مساعد الأمين العام مدير قسم الإدارة والمالية في منظمة التعاون الإسلامي، السفير موسى كولاكليكايا أن قطاع التمويل الإسلامي في توسع كبير وتطور مستمر خلال السنوات الأخيرة.

وقال كولاكليكايا -خلال كلمته في المؤتمر -إن الأصول المالية الكلية للتمويل الإسلامي في العالم حسب الإحصاءات الرسمية، وصلت إلى تريليوني دولار خلال عام 2021، وستصل إلى 6 تريليونات دولار عام 2026.

وشدد على أهمية الجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة لتعزيز التمويل القائم على القيم، مما سيسهم في تحقيق شمول مالي أكبر ووصول أوسع للتمويل الإسلامي، في وقت يشكل الاقتصاد الأخلاقي ضرورة ملحة لبقاء كوكب الأرض.

من جهته، شدد ناصر الطويل نائب الرئيس التنفيذي وأمين سر مجلس إدارة مركز قطر للمال، على أهمية التنسيق من أجل تسريع "الاقتصاد الأخلاقي المستدام" المستند على التمويل الإسلامي من خلال الاعتماد على الابتكارات التقنية.

وقال الطويل -خلال كلمته- إن الجوانب التنظيمية والابتكارات والتقنية بمقدورها العمل على تسهيل إجراءات الأعمال الخاصة بالخدمات المالية الإسلامية بطريقة أكثر فاعلية.

وأضاف أن إطلاق التمويل الإسلامي في مختلف القطاعات من الأمور المحفزة للرفاهية، خاصة في ظل قيامه على تقاسم المخاطر وتحقيق العدالة والاستقرار وتعزيز النمو.

الخلاوي: التمويل الإسلامي تحول إلى صناعة عالمية (الجزيرة) تشريعات ملائمة

من جهته، يرى الدكتور يوسف الخلاوي، الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، أن التمويل الإسلامي تحول إلى صناعة عالمية تجاوزت حدود العالم الإسلامي، إذ باتت مفهوما عالميا له مصادر قوة ضخمة، بالرغم من أن الطريق مازال طويلا لتفعيل مختلف الإمكانات والطاقات الموجودة فيه.

وقال الخلاوي للجزيرة نت إن عمر التمويل الإسلامي لم يتجاوز 50 عاما، وكثير من دول المنطقة ليس فيها أنظمة تشريعية تتلاءم مع هذا التمويل، لذلك لم تتح الفرصة له على الأقل للمساواة بالاقتصاد الوضعي.

وأشار إلى أهمية الآثار الإيجابية البيئية والاجتماعية للتمويل الإسلامي، مشددا على أن نسبة الأصول المالية الكلية لهذا النوع من التمويل في العالم ما زالت ضعيفة مقارنة بالاقتصاد العالمي، بيد أنه شدد على أنه ينمو بمعدلات تفوق المنظومة الاقتصادية العادية.

بدورها، اعتبرت دلال عسولي أستاذة مساعدة في التمويل الإسلامي المستدام بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة  أن صناعة التمويل الإسلامي تعد من أبرز الصناعات عامة، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن بينها دولة قطر، في ظل نشأة مجموعة من المراكز الخاصة به.

جانب من المشاركين في مؤتمر التمويل الإسلامي المنعقد بالدوحة (الجزيرة)

 

وقالت عسولي للجزيرة نت إن الأهداف الأخلاقية للتمويل الإسلامي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لكن هناك بعض المشاريع التي لا نجد لها تمويلا كافيا بطريقة إسلامية لحلها أو التصدي لها، ومنها مشاكل تحقيق الأمن الغذائي.

وأضافت أن أكبر تحديات التمويل الإسلامي تتمثل في كيفية الدمج بين الرقمنة والاستدامة، والتحول إلى الاقتصاد الأخلاقي الرقمي المستدام، وذلك من أجل الوصول إلى منتجات مبتكرة تساعد في تحقيق التنمية المستدامة.

وأوضحت أن التمويل الإسلامي يضم العديد من القطاعات، منها القطاع البنكي الذي يسهم بما بين 70% إلى 80% من الصناعة التمويل الإسلامية بصفة عامة، بالإضافة إلى قطاع صناديق الاستثمار، وقطاع التكافل، وقطاع التمويل الاجتماعي الإسلامي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: البیئیة والاجتماعیة التمویل الإسلامی فی للتمویل الإسلامی

إقرأ أيضاً:

سلطنة عُمان تدعو لعقد مؤتمر دولي للسلام من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة


القاهرة - العُمانية

شاركت سلطنة عُمان في أعمال القمة العربية غير العادية، التي عقدت في العاصمة المصرية القاهرة اليوم، بحضور عدد من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية ورؤساء الوفود، وذلك لبحث تطورات القضية الفلسطينية والتصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية.

ترأس وفد سلطنة عُمان في القمة معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، وزير الخارجية، حيث ألقى معاليه كلمة نقل خلالها تحيات حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى القادة المشاركين، معربًا عن بالغ الشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية، ودولة فلسطين، ومملكة البحرين على جهودهم في تنظيم هذا اللقاء العربي المهم، الذي ينعقد في وقت تتفاقم فيه التحديات التي تهدد القضية الفلسطينية وتطلعات الشعب الفلسطيني في تحقيق العدالة وإقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين الصامدة.

وأكد معاليه في كلمته رفض سلطنة عُمان القاطع للتصريحات والتوجهات التي تدعو إلى تهجير سكان قطاع غزة تحت ذريعة “إعادة الإعمار”، معتبرًا ذلك جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

كما أشار إلى أن الحرب الإسرائيلية الغاشمة كشفت عن “مشهد مظلم في تاريخ الإنسانية”، نتيجة سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، فضلًا عن آلاف المفقودين، والدمار الهائل الذي ألحقته بالبنية الأساسية والمرافق الحيوية في قطاع غزة.

وأضاف معاليه أن إسرائيل ما زالت تواصل انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار بشكل يومي، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية، وتُصر على قتل وتشريد المدنيين في غزة والضفة الغربية، مع استمرارها في مصادرة الأراضي واحتجاز الفلسطينيين بأعداد تتجاوز من تُطلق سراحهم. مشيرًا إلى أن عامًا قد مضى منذ أن حثّت محكمة العدل الدولية على اتخاذ كل الخطوات الممكنة لمنع هذه الجرائم، دون أن يكون هناك أي التزام حقيقي من قِبل الاحتلال.

وشدد معاليه على أن قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية هي أراضٍ فلسطينية، وأن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق الشرعي في تقرير مصيره ومستقبل أرضه.

داعيًا المجتمع الدولي إلى تحرك فوري لإنهاء الظلم التاريخي الواقع على هذا الشعب، حتى ينال حقه الأصيل في الحرية والاستقلال. كما أكد على أهمية تثبيت وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وتأمين الدخول الآمن والكامل للمواد الإغاثية والإنسانية إلى القطاع، دون أي شروط أو قيود.

وفي هذا السياق، شدد معاليه على ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام، يكفل تنفيذ القرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، استنادًا إلى حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو 1967، وذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة.

كما ثمّن معاليه اللقاء الأخوي الذي جرى بين عدد من قادة الدول العربية في الرياض بتاريخ 21 فبراير 2025، بضيافة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية، والذي عكس موقفًا موحدًا ومؤيدًا للعدالة والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وفي ختام كلمته، أشاد معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، بالجهود المبذولة، معربًا عن الأمل في أن تُترجم هذه القمة إلى خطوات عملية تلبي تطلعات الشعوب العربية. كما رحّب بالخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، متمنيًا لها النجاح والتأييد.

وضمّ وفد سلطنة عُمان المشارك في القمة كلًا من: سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وسعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، وعدد من المسؤولين بوزارة الخارجية.

مقالات مشابهة

  • قرض الذهب من دار التمويل: حلول نقدية فورية لتلبية احتياجاتك المالية العاجلة
  • اقرأ غدا في "البوابة".. مؤتمر دولي بالقاهرة لإعادة إعمار غزة أبريل المقبل
  • سلطنة عُمان تدعو لعقد مؤتمر دولي للسلام من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
  • ذي قار تقر توزيع أراضٍ للمحاضرين وتنظيم مؤتمر دولي
  • منظمة المؤتمر الإسلامي تؤكد دعم فلسطين وتطالب بإنهاء الاحتلال
  • منظمة المؤتمر الإسلامي: ندين كل خطط تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
  • منير أديب يكتب: سوريا بلا حوار
  • مدبولي يستعرض ملامح خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025 /2026 مع مختلف الوزارات
  • رئيس الوزراء يستعرض خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2026
  • رئيس الوزراء يستعرض مع وزيرة التخطيط ملامح خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية