نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا قالت فيه إن دولة الاحتلال الإسرائيلي تستعد لغزو بري لقطاع غزة، من أجل تحقيق هدف واحد واضح، وهو تدمير قدرة حماس على الحكم هناك، إلا أنها لم توضح ما يمكن أن يحدث بعد ذلك؛ حيث لا توجد سيناريوهات جيدة.

ونقلت الصحيفة تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، التي أدلى بها، الجمعة الماضية، بعد اجتماعه مع وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في تل أبيب؛ حيث قال: "سوف ندمر حكم حماس، سنقضي على القدرات العسكرية لحماس، وسوف نتأكد من عدم وجود هذا التهديد على حدودنا، وسوف تكون طويلة، سيكون قاتلًا، وسوف تكون قوية، وسيكون كذلك إلى الأبد".



وأكدت الصحيفة، أنه يتعين على القادة الإسرائيليين أن يجيبوا على سؤال مهم آخر: ماذا يأتي بعد حماس؟؛ حيث أنه بالنسبة لهم، لا توجد بدائل جيدة، كما يقول مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون، وتتراوح الاحتمالات بين إعادة احتلال عسكري إسرائيلي مباشر لغزة، أو الانسحاب الكامل بعد الحرب والسماح للفلسطينيين بإدارة الأمر بأنفسهم.

ولفتت الصحيفة إلى أن معاقبة المسؤولين عن الهجوم على مستوطنات غلاف غزة الذي أسفر عن مقتل حوالي 1300 إسرائيلي خلال عطلة نهاية الأسبوع أكثر أهمية بالنسبة لكثيرين في جميع أنحاء إسرائيل من معرفة ما سيحدث بعد حماس.

وقال جاكوب ناجل، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو على اتصال بالمسؤولين الحكوميين: "أنا لا أهتم.. من الأهم بكثير التصرف وإنهاء المشكلة، وبعد ذلك يمكننا أن نقرر ما يجب القيام به".


وأضاف ناجل: "كنت أقول: فكر ثم اعمل، ما حدث في نهاية هذا الأسبوع غيّر كل قواعد اللعب"، وتجد وجهة نظره صدى لدى القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين من مختلف الأطياف السياسية.

وأفادت الصحيفة أن أحد المسؤولين الأميركيين، قال "إنه لا توجد مناقشات تذكر حتى الآن مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن اليوم التالي، مبينة أن المعضلة التي واجهت قادة الولايات المتحدة بعد الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/ سبتمبر 2001، عندما مهّد الهجوم الذي شنه تنظيم القاعدة في أفغانستان الطريق أمام أمريكا لغزو العراق، الذي أصبح احتلالاً مكلفاً لمدة 10 سنوات. 

وأضاف المسؤول أنه يتعين على إسرائيل أن تفكر في العواقب وألا تتسرع في حرب بدون استراتيجية خروج، مبرزا أنه "لا توجد خطة، إذا دمرتم حماس، ما الذي سيملأ الفراغ؟ أنت تدمر القاعدة وتحصل على داعش، إذا دمرت حماس، فستحصل على نسخة جديدة من حماس".

وأضافت الصحيفة أن "إسرائيل خاضت أربع حروب في قطاع غزة مع حماس منذ أن سيطرت الجماعة المقاومة على القطاع المعزول في البحر الأبيض المتوسط في عام 2007، إلا أن هذه المرة ستكون مختلفة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل لم تسعى، في الماضي، إلى تحقيق نصر حاسم في غزة، لقد تعاملت إسرائيل مع حماس فعلياً باعتبارها شراً لا بد منه على حدودها الجنوبية، وعدواً خطيراً لم تتمكن من القضاء عليه خوفاً من أن يحل محلها شيء أسوأ".


وذكرت الصحيفة أنه "خلال السنوات الستة عشر من حكم حماس في غزة، نجح القادة الإسرائيليون في تحقيق انفراجة غير مستقرة مع مقاتلي حماس، وتبنوا فكرة مفادها أن هدف الجماعة المتمثل في تدمير إسرائيل سوف يتراجع مع اكتسابها السلطة السياسية ومسؤوليات حكم غزة، وسمحت إسرائيل لقطر ودول أخرى في المنطقة بضخ مليارات الدولارات إلى غزة لضمان حصول سكانها على الغذاء والطاقة والمياه النظيفة".

وتابعت الصحيفة أن "إسرائيل ردت على الهجمات الكبرى بحملات عسكرية عقابية تهدف إلى ردع حماس وإضعاف قدرة الجماعة المسلحة على تنفيذ ضربات مستقبلية"؛ ولقد أطلق المسؤولون الإسرائيليون على هذه استراتيجية اسم "قص العشب"، وهي طريقة لتقليص المشكلة التي لم تعالج القضايا الأساسية، وقد تبنى القادة الإسرائيليون من كافة وجهات النظر السياسية هذا التوجه، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قلة البدائل الجيدة.

وزعمت الصحيفة أن الهجوم على الإسرائيليين، في نهاية الأسبوع الماضي، قد أدى إلى تغيير هذه الاستراتيجية. والآن، تستعد إسرائيل لأكبر حملة عسكرية لها على الإطلاق في غزة، وهي حملة تهدف إلى إنهاء حكم حماس بشكل حاسم. وإذا تمت الإطاحة بحماس فعلياً، فإن أحد الخيارات يتلخص في أن ترسل إسرائيل قواتها لإعادة احتلال قطاع غزة، كما فعلت حتى عام 2005.

وقالت الصحيفة إن "إسرائيل سيطرت على قطاع غزة لعقود من الزمن بعد أن استولت عليه من مصر خلال حرب الأيام الستة عام 1967. وتخلت عن السيطرة السياسية على القطاع للفلسطينيين في التسعينيات وسحبت إسرائيل كل قواتها العسكرية وآلاف المستوطنين في عام "2005.


وأكدت الصحيفة أن إسرائيل لا ترغب في إرسال قوات عسكرية مرة أخرى لفرض حكم عسكري على قطاع غزة.

وقال مستشار الأمن القومي السابق، ناجل، : "لا نريد أن نحكم غزة، هذا أمر مؤكد"؛ بينما قال الخبير في الشؤون الفلسطينية وضابط المخابرات الإسرائيلي السابق في الجيش الإسرائيلي الذي يعمل الآن في جامعة تل أبيب، مايكل ميلشتين، "إن الفكرة تنطوي على إشكالية".

وأضاف: "هذا يعني أن إسرائيل يجب أن تكون مسؤولة عن 2.2 مليون شخص، معظمهم فقراء للغاية، وبالطبع سيكون هناك الكثير من المقاومة، وسيكون الأمر مشابهاً إلى حد كبير للوضع في العراق بعد عام 2003، عندما استولت أمريكا على الدولة، ولا أعتقد أن إسرائيل تريد إعادة خلق هذا الوضع".

وبحسب الصحيفة؛ فإن "هناك فكرة أخرى تكتسب المزيد من الاهتمام وهي أن تقوم إسرائيل بسحق حماس، والخروج من غزة، والسماح للفلسطينيين ومؤيديهم بمعرفة ما سيحدث بعد ذلك. ويأتي هذا الخيار مصحوبًا بمجموعة من التحديات الخاصة به، مما قد يمهد الطريق أمام المزيد من القوى المتطرفة لملء فراغ السلطة".


وقال مستشار سابق آخر للأمن القومي لنتنياهو، ياكوف أميدرور، إنه: "في ظل هذا السيناريو، ستنفصل إسرائيل عن قطاع غزة، وهذه ليست مسؤوليتنا، وعلى عكس الماضي، لن نقدم أي شيء للفلسطينيين في قطاع غزة، سيكون عليهم الاعتناء بأنفسهم"، مضيفًا: "لن يكون لإسرائيل سوى علاقة واحدة مع قطاع غزة: منع أي شخص من بناء أي قدرة عسكرية هناك".

وبينت الصحيفة أن "إسرائيل لا تزال مسؤولة عن رعاية قطاع غزة بموجب القانون الدولي، وقد تواجه انتقادات واسعة النطاق إذا حاولت التنصل من واجباتها لضمان حصول الفلسطينيين في غزة على الغذاء والماء وغيرها من ضروريات الحياة". والاحتمال الثالث هو أن تقوم إسرائيل بتمهيد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تحكم الضفة الغربية.

وقال العقيد المتقاعد وخبير الأمن القومي، كوبي ماروم: "سيكون ذلك في مصلحة إسرائيل، إن خيار سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة أفضل بكثير من سيطرة جنودنا على 2.2 مليون شخص، نحن لسنا مهتمين بالتمسك بتلك المنطقة، كل ما نريده هو وضع هادئ لشعبنا".

وأضافت الصحيفة أن "السلطة الفلسطينية الضعيفة، ومقرها مدينة رام الله بالضفة الغربية على بعد 50 ميلاً، لم تعد إلى غزة منذ طردها منها على يد مقاتلي حماس في عام 2007".

واعتبرت الصحيفة أنه "من المشكوك فيه أن تتمكن المجموعة، بقيادة رئيسها محمود عباس البالغ من العمر 87 عاماً، من تعزيز سلطتها في قطاع غزة. وقد فشلت الجهود السياسية للسماح لها بالعودة إلى الحكم في غزة مراراً وتكراراً. كما لا تحظى السلطة الفلسطينية بشعبية بين الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ حيث تشتهر بالفساد وعدم الفعالية".

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الذي يشغل الآن منصب زعيم المعارضة، يائير لابيد، السبت الماضي، إن "المجتمع الدولي قد يحتاج إلى مساعدة السلطة الفلسطينية في الحكم على المدى القصير".


وأضاف لابيد، لشبكة "سي إن إن": "أحد الأشياء التي تعلمناها هو أنك لا تدخل في عملية عسكرية دون أن تكون لديك استراتيجية خروج واضحة. إن استراتيجية الخروج، في رأيي، ولكن لا يزال هذا الأمر قيد المناقشة، هي إيجاد طريقة لإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة".

وذكرت الصحيفة أن الاحتمال الآخر هو أن تقوم قوة حفظ سلام دولية بالسيطرة على غزة، على الأقل مؤقتا. ولكن ليس من الواضح على الإطلاق ما هي الدول، إن وجدت، التي ستكون مستعدة لإرسال عدد كبير من القوات للمساعدة في تحقيق الاستقرار في غزة التي مزقتها الحرب.

وأضافت أن "هناك أيضًا سيناريو خامس، وهو السيناريو الذي يصبح فيه الوضع الإنساني في غزة سيئًا للغاية، مما يدفع المدنيين إلى الفرار بأعداد كبيرة إلى مصر المجاورة".

وقالت المستشارة القانونية السابقة لعباس، ديانا بوتو، إن "إسرائيل تبدو عازمة على محاولة خلق أزمة مترامية الأطراف تجبر الفلسطينيين على إخلاء قطاع غزة" مشيرة إلى أنه "لا يوجد شيء اسمه تدمير حماس، لقد أصبحت حماس بمثابة رمز لغزة، إنهم يريدون السيطرة على غزة".

واختتمت الصحيفة تقريرها مؤكدة أن "مصر وحماس لا يريدان أن يهرب الفلسطينيون عبر الحدود، ويخشى العديد من سكان غزة من أنهم إذا غادروا، فلن يتمكنوا أبدًا من العودة". بينما صرح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، عميدرور، بأن "إسرائيل لا تريد طرد الفلسطينيين من قطاع غزة، مضيفًا: "لا يمكننا إجبارهم على المغادرة. إذا أرادوا ذلك فسنساعدهم، أنا متأكد من أنه لن يبكي أحد في إسرائيل إذا فعلوا ذلك".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة الفلسطينية فلسطين غزة طوفان الاقصي طوفان القدس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة الأمن القومی الصحیفة أن قطاع غزة لا توجد فی غزة

إقرأ أيضاً:

تقرير جديد لـ معلومات الوزراء حول تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً حول "تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة"، تناول من خلاله أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة في ظل تزايد معدل الطلب عليها عالميًّا، والعلاقة بين الظواهر المناخية المختلفة ومصادر الطاقة، وكيف تؤثر تلك الظواهر على قطاعات الطاقة المختلفة كلٌّ على حدة.

فضلاً عن انعكاسات تغير المناخ على البنية التحتية لقطاع الطاقة، وتحليل فجوة العرض والطلب على مصادر الطاقة، مع استعراض مستقبل الطاقة في مصر في ظل تغير المناخ من خلال الإسقاط على التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في مصر، وأبرز الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع.

أوضح التقرير أنه في ضوء ما يعانيه العالم من تغير مناخي حاد وما يصاحبه من ظواهر متطرفة، أثرت بالطبع على جميع مقدرات الحياة ومفاتيح التنمية والتطور والتقدم، بل أصبحت تهدد حياة الإنسان واستقراره وأمنه، ولما كانت الطاقة هي جوهر عملية التنمية الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم، وهي السبيل لرفاهية الإنسان ورخائه واستقراره المادي والاجتماعي.

نظرًا لأهميتها في خلق فرص عمل عديدة تُسهم في الحد من البطالة، وقدرتها على دعم الصناعات والاستثمارات والابتكارات والخطط والبرامج والاستراتيجيات الجديدة بما يعود بالنفع والفائدة على البشرية- كان لزامًا أن يتم التطرق لتأثير التغيرات والظواهر المناخية عليها.

وذلك في ظل ما تجابهه من تحديات أخرى مرتبطة بالسياقات الدولية المختلفة بما تتضمنه من تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي وإمدادات الطاقة، والأزمة الروسية - الأوكرانية، والصراع في غزة وتأجج منطقة البحر الأحمر والذي أثر بدوره على تلك الإمدادات.

وقد أشارت مجموعة البنك الدولي بأهمية الطاقة المتجددة مثل (الشمس والمياه والرياح) لأن تكون مصدرًا بديلًا للوقود الأحفوري الناضب؛ إذ من الممكن أن تساعد البلدان على التخفيف من تبعات تغير المناخ، كما أنها من الممكن أن تكون حلًّا مناسبًا بحلول عام 2030 لتعويض الفجوة في قطاع الطاقة.

لكن هذه الطموحات باتت مُهددة بفعل موجات الطقس غير المعتادة والظواهر المناخية المتطرفة (ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف، والفيضانات، والأعاصير، وتباين معدل هطول الأمطار، وغيرها)، فأصبح مستقبل الطاقة سواء كانت متجددة أو تقليدية مهددًا على نحو مباشر بسبب تلك الحوادث، والأمر ينطبق كذلك على الإنتاجية والاستهلاك.

وأضاف التقرير أنه في ظل زيادة الطلب العالمي على مصادر الطاقة المختلفة لتلبية احتياجات التنمية والتطوير المستمر وللحاق بركب التطور التكنولوجي والمعلوماتي، تأتي أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة وذلك على النحو التالي:

أولاً: أهمية الوقود الأحفوري كمصدر رئيس لإمدادات الطاقة عالميًّا: تنبع أهمية الوقود الأحفوري من كونه المصدر الرئيس لإمدادات حوالي 80% من الاحتياجات العالمية للطاقة، كما أنه يمثل الداعم الأول للاقتصاديات العالمية لأكثر من 150 عامًا، بل إنه كان الركيزة الأساسية التي قامت عليها الثورة الصناعية وكان له الدور البارز في النمو الاقتصادي الذي حدث منذ ذلك الحين.

وقد أبرز التقرير أهمية الوقود الأحفوري في تعزيز نهضة المجتمعات وتطورها على النحو التالي:

1-المصدر الأول لإنتاج الطاقة ولاسيما الكهربائية، والمصدر الأول للوقود لوسائل النقل المختلفة: وهناك العديد من الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري كمصدر رئيس لإنتاج الطاقة الكهربائية ويتم قياسها كنسبة مئوية من إجمالي الكهرباء المنتجة في العالم، لعل أبرزها: روسيا التي تعتمد على الوقود الأحفوري لإنتاج نحو 64% من الكهرباء، والصين 64.7%، بالإضافة إلى اعتماد الهند في 78% من إنتاجها على الوقود الأحفوري، وكازاخستان 87.2%، ومنغوليا 89.3%، وإيران 93.8%، والمملكة العربية السعودية 99.8%، وسلطنة عمان 99.4%، وليبيا 100%، والجزائر 99.2%، والنيجر 93.7%، وتشاد 94.3%، ومصر 88.2%، وإيطاليا 56.3%، والولايات المتحدة الأمريكية 59.1%

2-تعزيز القطاع الطبي بالتقنيات الحديثة، حيث يتم من خلال المشتقات البترولية انتاج العديد من المواد اللازمة للجراحة كالمعقمات وخيوط الجراحة المتطورة التي ساهمت في الارتقاء بهذا القطاع ليعود بالنفع على الإنسان.

3-تُسهم في صناعة الأنسجة والملابس من خلال الألياف الاصطناعية المشتقة من الوقود الأحفوري.

4-كما تدخل في نطاق صناعة الأسمدة ودعم قطاع الزراعة.

5-يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى الدخل: لاسيما للعاملين في قطاعات النفط والغاز الطبيعي والفحم؛ حيث أن هذه القطاعات ترفع من نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، وتحسن من مستوى الرفاهة الاجتماعية، كما أنه يسهم في عدة قطاعات كصناعة السيارات، وصناعة الحديد والصلب، والأسمدة، والمنسوجات، والبتروكيماويات.

ثانياً: أبرز التقرير أهمية الطاقة المتجددة (الشمس والرياح والمياه) كمصدر ثانٍ لإمدادات الطاقة عالميًّا: فعلى الرغم من الأهمية المحورية للوقود الأحفوري كمصدر أولي للطاقة، فإن السياقات الراهنة المرتبطة بأنه مصدر ملوث للبيئة وغير متجدد وله دور في تغير المناخ وكمياته المحدودة -بسبب استنزاف احتياطاته-، دعت إلى الانتقال نحو طاقة نظيفة، صديقة للبيئة وغير ناضبة، أو ما يمكن أن يطلق عليه الطاقة المتجددة ممثلة في (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، وطاقة المد والجزر، والطاقة الحرارية الأرضية).

وقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أنه رغم اعتماد 80% من سكان العالم -أي ما يقرب من 6 مليارات نسمة- على الوقود الأحفوري كمصدر للطاقة، وأن 80% من الإنتاج العالمي للطاقة يأتي من خلال مصادر الطاقة التقليدية، فإن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة كمصدر بديل للطاقة أصبح محل اهتمام من العالم، لا سيما أن 29% من الكهرباء المتولدة في العالم تأتي من خلال الطاقة المتجددة.

وترى الوكالة أنه بحلول عام 2050 يمكن أن يتم توليد 90% من الطاقة الكهربائية من خلال مصادر الطاقة المتجددة، لذا فأهميتها تنبع من كونها: مصادر متجددة (مستدامة) للطاقة، صديقة للبيئة غير ملوثة، تحافظ على الصحة العامة، وتكاليف الاستثمار فيها منخفضة مقارنة بالوقود الأحفوري، وتُسهم في خلق فرص عمل جديدة وآمنة للحد من معدلات البطالة.

وقد أوضح التقرير أن الظواهر المناخية المتطرفة التي تنتج عن التغيرات الحادة في الطقس أثرت على قطاع الطاقة بشكل بيِّن، خاصة قطاع توليد الطاقة الكهربائية من خلال الوقود الأحفوري، ومحطات الطاقة الحرارية، والكهرومائية، ومحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ وبالتالي تأثر قطاع الطاقة من حيث البنية التحتية، ومعدل الطلب على الطاقة، وانخفاض قدرة المحطات وما إلى ذلك من ظواهر.

وقد استعرض التقرير تأثير الظواهر المصاحبة لتغير المناخ على قطاع الطاقة وذلك على النحو التالي:

-تأثر البنى التحتية الحيوية لقطاع الطاقة ولا سيما الوقود الأحفوري: فقد تأثر قطاع الطاقة فعليًّا من الظواهر المناخية المتطرفة على مستوى البنى التحتية وعمليات الإنتاج والتكرير للوقود الأحفوري، فغالبًا ما تتم العملية التي يتم فيها استخراج النفط والغاز الطبيعي في المياه أو المناطق الساحلية والصحراوية، وبالتالي قد يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف والأعاصير إلى التأثير على مصافي التكرير الموجودة على طول السواحل كتأثر الساحل الأمريكي بالأعاصير المدمرة.

كما تأثرت البنية التحتية للطاقة، وتحديدًا قطاع النقل المتمثل في الطرق والسكك الحديدية، بالإضافة إلى خطوط الأنابيب الناقلة للنفط والغاز والتي تُعد الأساس لقطاع الطاقة؛ لأنها تنقل الوقود الأحفوري إلى محطات المعالجة والتكرير ومنه للتوزيع وتبدأ بنطاق صغير وصولًا إلى النقل عبر القارات.

-خلل منظومة العرض والطلب في قطاع الطاقة نظرًا لاعتبارات (التكلفة، التخزين، التوليد).

-تهديد إنتاجية الطاقة المتجددة (الحرارية، الكهرومائية، الطاقة الشمسية، طاقة الرياح): فقد تتأثر إنتاجية الطاقة الحرارية وتتأثر كفاءة المولدات بفعل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدل البخر للمياه المستخدمة في التبريد؛ مما قد يترتب عليه ضعف القدرة الإنتاجية لتلك المحطات، وخاصة أن تكاليف إنشاء طرق بديلة لتبريد المولدات من غير الاستعانة بالمياه مكلفة للغاية؛ مما يفرض تحديًا على هذا القطاع.

واستعرض التقرير أبرز إجراءات التكيف التي تم اتخاذها في قطاع الطاقة لمجابهة هذا التغير والتكيف مع تداعياته السلبية، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

-إدراج قطاع الطاقة النووية كأحد إجراءات التخفيف لمجابهة تغير المناخ.

-إجراءات التكيف في قطاع الطاقة المتجددة (الكهرومائية والشمس والرياح): والتي تتمثل في: بناء السدود والخزانات كبيرة الحجم لأجل الاستفادة من فائض المياه الناتج عن الأمطار والفيضانات.

-إجراءات التخفيف في قطاع الوقود الأحفوري: على الرغم من التأثير السلبي للوقود الأحفوري على تغير المناخ من ناحية ارتفاع نسبة المساهمة في الانبعاثات الكربونية، فإنه تأثر كذلك بفعل ذلك التغير، وكان لازمًا أن يتم اتخاذ عدد من الإجراءات تتضمن التخفيف للحد من الانبعاثات الناتجة عن هذا القطاع، والتي من ضمنها أن يتم تخفيض غاز الميثان -العنصر الأساسي في تكوين طبقة الأوزون الأرضي، بالإضافة إلى كونه مسببًا رئيسًا في تغير المناخ وتلوث الهواء- من عملية إنتاج الوقود الأحفوري.

التغيرات المناخية ومصر

وأشار التقرير إلى مستقبل قطاع الطاقة في مصر ومدى تأثره بفعل التغيرات المناخية، حيث أشار إلى تمتع مصر على مدار تاريخها بالمناخ المعتدل في ظل درجات حرارة غير مرتفعة، وأجواء شتوية دافئة، لكن مع بداية الألفية الجديدة شهدت مصر سياقات مغايرة على صعيد المناخ؛ فمن المناخ المعتدل إلى موجات الحر وارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وموجات البرد التي تصل حد الصقيع أحياناً في عدد من المحافظات.

حيث ارتفعت درجات الحرارة في الفترة ما بين عام 1901 وعام 2013 بمعدل 0.1 درجة مئوية لكل عشرة أعوام وتسارعت وتيرتها في الفترة ما بين 2000 إلى 2020 بمتوسط 0.38 درجة مئوية لكل عقد، وهو أعلى من المتوسط العالمي لكل عقد والبالغ 0.31 درجة مئوية، كما أن المتوسط العالمي لتلك الظاهرة خلال العام الواحد في تلك الفترة 0.03 درجة مئوية لكل سنة.

في حين أن متوسط الاحتباس الحراري في مصر يبلغ نحو 0.04 درجة مئوية لكل سنة. وهو مرتفع نسبيًّا مقارنة بالمتوسط العالمي خلال تلك الفترة، وهو ما يظهر تأثير تغير المناخ على مصر بداية من الألفية الجديدة.

وأوضح التقرير أن تلك السياقات المناخية تؤثر بدورها على قطاع الطاقة باعتباره أحد أبرز القطاعات المتأثرة في مصر بفعل تلك الظواهر، وذلك في ظل ارتفاع معدل الطلب على الطاقة داخل الدولة لتلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد والتنمية.

وهو ما أقرته دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة؛ حيث أفادت الدراسة أن 50% من إجمالي الكهرباء التي يتم استهلاكها خلال أشهر الصيف في القاهرة تأتي من خلال استخدام أجهزة تكييف الهواء. وهو ما يشكل ضغطًا على قطاع الطاقة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وما يصاحبها من ظواهر مناخية ذات صلة، إضافة إلى زيادة الطلب على الطاقة في فترات موسمية (الصيف) على حساب أخرى.

وقد استعرض التقرير التحديات التي تواجه مستقبل الطاقة بالدولة المصرية، ومنها: تغير المناخ، وتحديات مرتبطة بالانتقال والتحول للطاقة المتجددة، وندرة الموارد الطبيعية، مشيراً إلى أنه برغم تلك التحديات قامت الدولة المصرية بجهود حثيثة في قطاع الطاقة لأجل تحسين إنتاجية هذا القطاع من جانب، والحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عنه من جانب آخر، والنهوض باتجاه مشروعات جديدة تُسهم في تحقيق الانتقال العادل للطاقة، ولعل أبرز تلك الإسهامات:

تشييد محطة الطاقة النووية في الضبعة لتوليد الكهرباء.

-اتخاذ قطاع الكهرباء عددًا من الإجراءات للحفاظ على البيئة وضمان استدامتها إذ اعتمدت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة خطة طوارئ لمكافحة تلوث مياه النيل الناتج عن المحطات التي تقع على جانبي النهر.

-تعزيز القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة كالمياه والشمس والرياح بتشييد وبناء المحطات الجديدة

-دعم البنية التحتية لقطاع الطاقة وذلك لترشيد الاستهلاك؛ حيث تم دعم الجهد الفائق والعالي لمحطات الطاقة بإجمالي 50 ألف كيلومتر من الخطوط الهوائية والكابلات الأرضية، إضافة إلى استبدال العدادات الذكية بعدادات القراءة التقليدية، فحتى تاريخه تم تركيب نحو 9.9 ملايين عداد مسبوق الدفع بشركات توزيع الكهرباء، إضافة إلى الاتفاق على إنشاء شبكات الاتصال ومراكز البيانات الخاصة بها.

وأفاد التقرير في ختامه أن تغير المناخ وما يصاحبه من ظواهر مناخية متطرفة تؤثر تأثيرًا بيِّنًا على مستقبل قطاع الطاقة في مختلف دول العالم ومنها بالتأكيد مصر، فبرغم الجهود الدولية لأجل التخفيف والتكيف مع الطقس المتطرف في هذا القطاع، فإن التأثيرات بالغة في عدد من قطاعات الطاقة وعلى وجه التحديد قطاع الطاقة المتجددة.

بل قد وصلت في بعض الأحيان بتهديد إنتاجية الطاقة في ظل الطلب المتزايد على مصادرها بفعل السياقات الدولية المتغيرة واحتياجات التنمية والتطوير المستمر؛ لذا يتعين أن تتضافر الجهود الدولية والوطنية لأجل التحرك جماعيًّا من خلال الاتفاقات والسياسات والبرامج والخطط والاستراتيجيات لإنقاذ مستقبل الطاقة في العالم، وذلك باعتبار أن المناخ ظاهرة فاقت حدود وإمكانات وقدرات الدول على مواجهتها فرادى دون تضافر الجهود معًا.

مقالات مشابهة

  • توقعات بتدمير في الأرض خلال العام 2182.. .. ماذا سيحدث؟
  • دبي تحقق نمواً 3.1% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024
  • «الخارجية الفرنسية»: مستقبل غزة يجب أن يكون في إطار الدولة الفلسطينية
  • تقرير جديد لـ معلومات الوزراء حول تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة
  • حماس ترد على تصريحات ترامب بشأن مستقبل غزة
  • وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو: يجب تحرير غزة من حماس
  • نتنياهو: ترامب يرى مستقبلًا مختلفاً لقطاع غزة
  • كاتب صحفي: إسرائيل فشلت في القضاء على حماس
  • صحف عبرية: إسرائيل قد تطلب مغادرة قادة "حماس" من قطاع غزة
  • ‏حماس: إسرائيل تتعمّد تأخير وعرقلة دخول المتطلبات الأكثر أهمية وخاصة الخيام والبيوت الجاهزة والوقود والمعدات الثقيلة لرفع الأنقاض