لماذا تخلى عنا العالم؟ غزة تناشد قطرة ماء وحبة قمح ومساحة آمنة لجسد علي الأرض
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
رصدت صحيفة فاينانشال تايمز، الوضع المأساوي في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، وسط غزة، حيث لم يعد هناك مكان في المشرحة للأشخاص الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي للقطاع، لذلك وضع الموظفون 20 جثة في سيارات نقل الآيس كريم، والتي لسخرية الوضع، مزينة بصور الأطفال السعداء بالأيس كريم.
عثر على ما لا يقل عن 10 جثث ملفوفة بالأغطية على أرض قريبة.
تستمر إسرائيل في قصفها العسكري رغم تزايد المخاوف من تصاعد كارثة إنسانية في غزة، ورغم الضغوط التي تواجهها من الدول الغربية لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في القطاع المحاصر، وللسماح للناس بالانتقال إلى مناطق آمنة ومنح حق الوصول للمساعدة، إلا أنها قصفت مدنيين عزل كانوا في طريقهم للفرار.
قطعت إسرائيل إمدادات الكهرباء والمياه والسلع عن غزة، وهي إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم. ويعاني نحو 2.3 مليون شخص في القطاع الفلسطيني الذي يبلغ طوله 40 كيلومترا، نصفهم تقريبا من الأطفال، من نقص مياه الشرب والأغذية الطازجة والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات.
قال مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد: شبح الموت يخيم على غزة. وبدون ماء ولا كهرباء ولا طعام ولا دواء، سيموت الآلاف.
بعد أن أمرت إسرائيل بإخلاء الأجزاء الشمالية من غزة، فر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الجنوب. وقد أدى النزوح إلى زيادة العبء على مدارس الأمم المتحدة وغيرها من المرافق غير المجهزة للتعامل مع التدفق الهائل من الناس.
قال مصباح بلعواي، 45 عاماً: أحاول شراء حاوية غاز منذ يومين. لدي 70 شخصاً في المنزل وبالكاد نتمكن من توفير الخبز وبعض الجبن. في بعض الأحيان ينام الأطفال جائعين. حياتنا مأساوية. لماذا تخلى عنا العالم؟
وقف إبراهيم بربخ، 37 عاماً، في طابور لشراء المياه العذبة. وقال الحيوانات تعيش أفضل منا. لم يكن لدينا ماء للشرب أو الاستحمام منذ أيام. علينا أن نشرب الماء المالح. لقد ارتفعت الأسعار وليس لدينا المال.
قالت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، إن الحصار الإسرائيلي يجب رفعه. وأضاف: لم نتمكن من جلب حبة قمح واحدة خلال الأيام الثمانية الماضية.
نقلت الوكالة عملياتها إلى مستودع في رفح حيث قالت إن آلاف الأشخاص لجأوا إليه. إنها مساحة لوجستية وليس المقصود منها إيواء الناس، ولا توجد مراحيض هناك. وحذرت توما من انتشار المرض بسبب نقص المياه.
أضافت أن موظفي الأونروا يضطرون إلى تقنين استهلاكهم للحصول على لتر من مياه الشرب يوميا، مضيفة أن محطات تحلية المياه التي توفر المياه لغزة لا تستطيع العمل نتيجة لنقص الوقود.
تبدو مثل هذه الضغوط واضحة في جميع أنحاء غزة. وفي مستشفى دار الشفاء في شمال غزة، انتقل نحو 40,000 نازح إلى المستشفى بحثًا عن ملجأ من الغارات الجوية.
قال غابرييل نعمان، مسؤول المناصرة في منظمة أطباء بلا حدود في القدس، إن الظروف في المستشفى كانت “فظيعة”. "الإمدادات تنفد، والوقود قليل جدًا لتشغيل المولدات، والأطباء على وشك الانهيار".
في مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس، قال يوسف العقاد، مدير المستشفى، إن المدنيين الذين أصيبوا في الغارات الجوية فقدوا في كثير من الأحيان منازلهم وعائلات بأكملها، لذا يطلبون البقاء في المستشفى.
وأضاف: "لقد عقدنا صفقة معهم". بعد بضعة أيام من تحسن حالتهم، يمكنهم النوم على الأرض وترك سريرهم لشخص مصاب حديثاً. لم يتمكن المستشفى من تقديم الطعام للمرضى، وسوف ينفد مخزون الوقود في غضون أيام قليلة.
في علامة على تفاقم الأزمة في غزة، أضاف لفاينانشال تايمز: مولداتنا قديمة ومتهالكة، إذا توقفت في أي لحظة، سيموت 20 شخصا في وحدة العناية المركزة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شهداء الأقصى القصف الإسرائيلي القصف الإسرائيلي على قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
فايننشال تايمز: حرب ترامب التجارية تهدد الاقتصاد العالمي
حذّرت صحيفة فايننشال تايمز من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أطلق شرارة ما قد يتحول إلى حرب تجارية مدمرة، مشيرةً إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها على المكسيك وكندا والصين ستؤدي إلى صدمة اقتصادية فورية، تهدد عقوداً من التكامل الاقتصادي الذي عزّز الازدهار في الولايات المتحدة والعالم.
الحرب التجارية هي عَرَض لقضية أكبر في أمريكا برئاسة ترامب
وأشارت الصحيفة إلىأن هذه التدابير تفتقر إلى أي مبرر اقتصادي، إذ تُستخدم كأداة للضغط السياسي الداخلي، بهدف انتزاع تنازلات من الجارين الأمريكيين، رغم أنهما قد لا يكونان قادرين على تقديمها.
واعتبرت الصحيفة أن المفارقة الكبرى تكمن في أن الولايات المتحدة نفسها ستكون من أبرز المتضررين من هذه السياسة، سواء على مستوى اقتصادها أو مكانتها الدولية.
The absurdity of Donald Trump’s trade war https://t.co/PGNSP5Wrtm | opinion
— Financial Times (@FT) February 2, 2025 الاكتفاء بالتهديد كان كافياًروّج ترامب لمبررات وهمية بشأن حبه للرسوم الجمركية، زاعماً أنها ستعيد القاعدة الصناعية الأمريكية، وتُعوِّض ضريبة الدخل، بل وتسدد ديون البلاد. وبرر قراراته الأخيرة بالحاجة إلى الحد من "التهديد الرئيسي المتمثل في المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات القاتلة"، بما في ذلك الفنتانيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن مجرد تهديد ترامب بفرض العقوبات دفع كندا والمكسيك إلى اتخاذ تدابير لتعزيز حدودهما، وهو ما كان سيستمر حتى لو لم يُقدم على تنفيذ قراراته. وأكدت أن قدرة الدولتين على تلبية مطالبه تبقى محدودة، لا سيما كندا، التي تسهم بجزء ضئيل فقط من الهجرة غير النظامية وتدفق الفنتانيل مقارنة بالمكسيك.
هل تمنعه السلطتان التشريعية والقضائية؟طرحت الصحيفة تساؤلات بشأن شرعية الخطوة التي اتخذها ترامب، مشيرةً إلى أنه استند إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، الذي يُمنح للرئيس لمواجهة تهديدات غير عادية تتعلق بالاقتصاد أو الأمن. غير أن هذا القانون لم يُستخدم من قبل لفرض تعريفات جمركية، ما يثير الشكوك حول قانونية القرار، ويضع مسؤولية إيقافه على عاتق الكونغرس والمحاكم.
وحذّرت الصحيفة من أنه في حال عدم تحرك السلطتين التشريعية والقضائية، فسيكون الضرر هائلًا، إذ ستؤدي الرسوم الجمركية إلى تفاقم التضخم الأمريكي المرتفع وإبطاء النمو الاقتصادي. كما أن الردود الانتقامية المتوقعة من الدول المتضررة ستضاعف التأثيرات السلبية، في وقت يراهن فيه ترامب على أن الضرر الذي ستلحقه هذه الإجراءات بكندا والمكسيك، نظرًا لاعتمادهما الكبير على التجارة، سيدفعهما إلى تقديم تنازلات.
لكن الصحيفة شددت على أن الأمر لا يتعلق فقط بالاقتصاد، بل يمس سيادة الدولتين، إذ إن ترامب لا يهدد مصالحهما التجارية فحسب، بل يستفزّ أيضًا كرامتهما الوطنية. وأضافت أن تفكيك سلاسل التوريد والتجارة الحرة في أمريكا الشمالية، التي استغرقت عقودًا لبنائها، سيُحدث ضررًا جسيمًا بالمستهلكين والشركات الأمريكية، خصوصًا في قطاعات تكرير النفط، وصناعة السيارات، والأدوية، والزراعة.
ماذا عن الصين؟أشارت الصحيفة إلى أن تحركات ترامب تجاه الصين تبدو أقل دراماتيكية حاليًا، لكنها قد تكون مقدمة لإجراءات أكثر شمولًا في المستقبل. فالدول الثلاث المستهدفة تشكل مجتمعة ما يقرب من نصف إجمالي واردات الولايات المتحدة، ما يجعل التداعيات المحتملة على الاقتصاد الأمريكي باهظة، إذ يُقدَّر أن الرسوم الإضافية ستكلف نحو 100 مليار دولار.
ضرر دبلوماسي وثقة مهزوزةلم تقتصر تحذيرات فايننشال تايمز على الجانب الاقتصادي، بل تطرقت أيضًا إلى الضرر الذي لحق بالقوة الدبلوماسية الأمريكية. فالمكسيك وكندا راهنتا لعقود على التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وصولًا إلى توقيع اتفاقية نافتا عام 1994، التي جلبت فوائد اقتصادية كبيرة، خصوصاً لكندا. وفي ولايته الأولى، أجبر ترامب الدولتين على إعادة التفاوض على الاتفاق، ليتم التوصل إلى اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA). غير أن قراره الأخير بتجاهل الاتفاق المنقح يبعث برسالة واضحة مفادها: لا يمكن الوثوق بكلمة أمريكا.
ترامب وسياسة الإكراه الاقتصادي: ضغوط على الحلفاء والخصوم - موقع 24منذ عودته إلى البيت الأبيض، تبنّى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهجاً قائماً على القوة بدلاً من المساومة لتحقيق أهداف سياسته الخارجية.
وفي هذا السياق، طرحت وزيرة المالية الكندية السابقة، كريستيا فريلاند، التي تسعى لخلافة جاستن ترودو في منصب رئاسة الوزراء، فكرة فرض تعريفات جمركية انتقامية تستهدف قطاعات حيوية تدعم ترامب، مثل صناعة السيارات، بما في ذلك تيسلا المملوكة لإيلون ماسك.
أزمة أعمق من مجرد حرب تجاريةخلصت الصحيفة إلى أن الحرب التجارية ليست سوى عرض لمشكلة أعمق داخل أمريكا في ظل رئاسة ترامب، إذ ينفرد الرئيس باتخاذ القرارات، ويختار القضايا التي يريد التركيز عليها، ويضخمها، ثم يفرض حلولًا قسرية تتسم بالخشونة.
وكما هو الحال في قراراته المتعلقة بتجميد المنح وطرد العمال الفيدراليين، تبدو أدواته غير مدروسة، ما يهدد بتفاقم الفوضى، لتكون الحرب التجارية مجرد بداية لأزمة أوسع نطاقًا.