كتب الفريق ركن متقاعد موسى العدوان –

مركز الثقل هو مصطلح عسكري يستخدم في التخطيط العسكري الاستراتيجي والعملياتي للحرب. ويمكن توضيحه بصورة مبسّطة بالقول : أنه العمود الفقري الذي ترتكز عليه جميع النشاطات العسكرية، والذي يجب أن توجه نحوه كافة الطاقات المتوفرة، بغرض تدميره أو احتلاله لإسقاط مقاومة العدو.

وقد يكون هذا المركز قوة عسكرية، أو تحالفا عسكريا، أو قوة اقتصادية، أو منطقة حيوية، أو عاصمة معينة، أو شخصية معينة. وعرّف الخبير العسكري الاستراتيجي البروسي ” كارل فون كلاوزفتز ” قبل أكثر من قرنين مركز الثقل : ” بأنه محور الطاقة والحركة التي يعتمد عليها كل شيء “.

وإذا ما تمعّنا في عملية “طوفان الأقصى” التي نفّذها رجال المقاومة الفلسطينيون الأبطال يوم 7 أكتوبر 2023، وحققوا خلالها مفاجأة استراتيجية للعدو، عندما هاجموا وسيطروا – ولو مؤقتا – على مواقع عسكرية معادية وأسروا بعض العسكريين، إضافة لسيطرتهم على مستوطنات أخرى، أقيمت على أرض فلسطين المغتصبة.

مقالات ذات صلة جيش الاحتلال يزعم: إجلاء 600 ألف من سكان غزة إلى مناطق الجنوب 2023/10/15

وبهذا العمل استطاع رجال المقاومة أن يكسروا “هيبة الجيش الذي لا يقهر” وأن يلفتوا أنظار العالم لقضيتهم العادلة، إضافة لكشف انحياز ودعم العالم الغربي، خاصة أمريكا وبريطانيا لإسرائيل، سياسيا وعسكريا ومعنويا، متجاهلين حق الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه المغتصبة.

ومن المهم عند التفكير في القيام بأي حرب أو عملية قتالية، سواء كانت من قبل قوات عسكرية أو من قبل منظمات مقاومة، عليها أن تأخذ في اعتبارها تحديد “مركز الثقل لدى العدو” وتوجيه كافة الجهود لإسقاطه أو تحجيمه على الأقل. وفي الوقت نفسه عليها حماية مركز الثقل لدى قواتنا.

ففي عملية “طوفان الأقصى” يظهر أن مركز الثقل لدى العدو هو “سلاح الجو وقدرته على إيقاع الدمار والقتل، واستهداف المنشآت والسكان المدنيين”.

وكان هذا العمل يتطلب من المقاومة الفلسطينية، التخطيط لتحجيم (على الأقل) قدرات مركز الثقل المعادي في عمليات القصف الجوي، وحماية السكان المدنيين في غزة، وذلك باتخاذ الإجراءات التالية، رغم صعوبة تحقيق البعض منها، بسبب الحصار المفروض عليهم منذ 17 عاما، وعدم توفر الإمكانيات المالية لشراء أو صناعة المطلوب :

إيجاد ملجأ لكل منزل على حدة، يقوم سكانه بتزويده بوسائل الإنارة البسيطة، وكميات من الطعام المُعلب والماء تكفي لمدة مناسبة، إضافة لبعض العلاجات الأولية. تأمين وسائل الإنذار والإبلاغ المحلي للسكان من قبل المعنيين، عن أي هجوم جوي محتمل، والطلب منهم الدخول في الملاجئ، أو الخروج من المنازل إلى الخلاء، قبل وقوع الغارات الجوية، للتخفيف من الإصابات. تدعيم أعمدة وأسقف المنازل في الطوابق السفلية، بحيث تتحمل انهيار الطوابق العليا إذا حدثت، حماية لسكانها عند تواجدهم في الطوابق السلفية. الحصول على صواريخ ضد الجو محمولة على الكتف، موجهة بالأشعة تحت الحمراء ( ستنجر أو ستريلا ) على الأقل، والتي يتراوح مداها الجوي بين 4 – 5 كيلومترا من دول صديقة، لمقاومة الطيران المنخفض، وخاصة ضد الطائرات العمودية المسلحة. الحصول على قنابل تدمير مدارج الطائرات، واستنباط وسائل إلقائها، والتي قد تكون بالطائرات المسيرة أو خلافها، لتعطيل المدارج عن استخدام الطائرات المعادية، أو تدمير الطائرات نفسها على المدارج قبل إقلاعها. محاولة الحصول على وسائل التشويش الإلكتروني إذا أمكن، لتضليل الطائرات عن الأهداف المنوي قصفها.

أما من ناحية تحديد مركز الثقل لدى المقاومة، والذي يتمثل بِ ” قدرة المقاومة على الانتشار والقتال داخل المنطقة المبنية بعد إخلائها مؤقتا من السكان “. وعليهم أن يستعدوا لاستقبال العدو في العمليات البرية، وتحويل المدينة إلى منطقة تقتيل تكبد العدو خسائر كبيرة بالأفراد والمعدات.

وهذا يتطلب عمل مخططات مصغرة للمدينة، وتقسيمها إلى قطاعات محددة، مع تعيين قائد مسؤول لكل منها، وزرع الألغام ضد الآليات، وتركيز أسلحة مقاومة الدروع قصيرة ومتوسطة المدى على المقتربات، التي يحتمل استخدامها من قبل آليات العدو. كما عليهم الابتعاد عن التجمعات مهما صغر عددها، لتقليل الإصابات الجماعية.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : هل يستطيع العدو تحقيق هدفة المعلن، في القضاء على حماس والمنظمات الفلسطينية ؟ وجوابي على ذلك أنه لن يستطيع تحقيق هدفه المعلن، رغم تجاوز كل قوانين وأعراف الحروب العالمية، واتباع سياسة الأرض المحروقة ؟ وذلك لأربعة أسباب رئيسية.

أن رجال المقاومة ومن خلفهم كامل الشعب الفلسطيني، وصلوا بعد ما يزيد على ثلاثين عاما من المفاوضات السياسية العبثية، إلى استحالة تحقيق السلام مع الإسرائيليين، الطامعين بالتوسع على حساب دول الجوار. والدليل على ذلك إمعانهم في اقتحام المدن الفلسطينية في مختلف المناسبات، وقتل الرجال والنساء والأطفال، إضافة لمحاولاتهم المتكررة في السيطرة على المسجد الأقصى. إيمان الشعب الفلسطيني بالصمود في أراضيهم وعدم الهجرة منها، ومهما كانت الضغوطات عليهم، ومهما كلفهم الثمن. سقوط مقولة ” الجيش الذي لا يقهر” بعد أن تمكن المقاومون، من اقتحام المواقع العسكرية والمستوطنات في العمق الإسرائيلي وأسر العديد من جنوده، وما حققوه بهذا الانتصار العظيم والمفاجئ، الذي سيسجله التاريخ كعملية نادرة في حرب المقاومة الشعبية. لم يحدث في التاريخ أن استطاعت دولة معينة، إنهاء مقاومة وطنية قبل تحقيق أهدافها، لأن رجالها يحملون رسالة شريفة، يتناقلونها جيلا بعد جيل مهما طال الزمن، كما يفعل المقاومون الفلسطينيون الأحرار، الصامدون على أرضهم المباركة هذه الأيام.

رحم الله الشهداء وأسكنهم فسيح جناته، مع التمنيات بالشفاء للمصابين في هذه الحرب الظالمة، وعاشت فلسطين حرة عربية، رغم أفعال المجرمين، في مختلف أرجاء العالم..!

التاريخ : 15 / 10 / 2023

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: من قبل

إقرأ أيضاً:

تدشين المرحلة الثانية من دورات “طوفان الأقصى” في مديرية معين

الثورة نت/..

نظمت التعبئة العامة في مديرية معين بأمانة العاصمة اليوم، اللقاء المجتمعي الموسع لتدشين المرحلة الثانية من دورات “طوفان الأقصى” في أحياء شملان ومذبح.

وخلال التدشين أشاد وكيل أول أمانة العاصمة خالد المداني، بجهود أبناء مديرية معين ودورهم السباق في التحشيد والالتحاق بالدورات العسكرية المفتوحة لردع العدوان الصهيو أمريكي، إسناداً ونصرة لغزة والشعب الفلسطيني المظلوم.

وأشار إلى أن دورات التعبئة والتدريب والتأهيل تأتي انطلاقاً من المسؤولية الإيمانية والإنسانية التي يجسدها الشعب اليمني وقيادته الحكيمة في الدفاع عن قضايا الأمة المصيرية ومواجهة الأعداء ومؤامراتهم التي تستهدف الإسلام والمسلمين كافة.

وأكد الوكيل المداني، ضرورة الاستعداد ورفع الجهوزية الكاملة، بما يحتمه على الجميع الواجب الديني والأخلاقي نصرة لإخواننا المظلومين في غزة وفلسطين ولبنان ودعم ومساندة أبطال المقاومة لردع العدو الصهيوني المجرم.

من جهته أشار وكيل أمانة العاصمة المساعد سامي شرف الدين، إلى أهمية تعزيز جهود التعبئة العامة والدفع بالمجتمع للالتحاق بالمرحلة الثانية من دورات التدريب والتأهيل لطوفان الأقصى، استعداداً لخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.

ولفت إلى أن موقف اليمن قيادة وشعباً في نصرة قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية هو منطلق لتوحيد الموقف والمصير وانعكاس لمفهوم الأخوة العربية والإسلامية.

تخللت اللقاء الذي حضرته قيادات محلية وتنفيذية ووجهاء وعقال وشخصيات اجتماعية، فقرات انشادية وشعرية.

مقالات مشابهة

  • طوفان الأقصى ومستقبل المنطقة ووضع الفصائل الفلسطينية: متغيرات جيو-استراتيجية
  • اختتام الدورة الثالثة “طوفان الأقصى” لموظفي وزارة الشباب
  • تدشين المرحلة الرابعة من دورات “طوفان الأقصى” في مديرية الجبين
  • أمسية ثقافية في المشنة بإب تحت شعار “طوفان الأقصى جهادٌ وانتصار”
  • مسير لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في الزيدية بالحديدة
  • فوز “طوفان الأقصى والسنوار” في الجولة الثانية من بطولة كرة السلة لذوي الإعاقة
  • تدشين المرحلة الثانية من دورات “طوفان الأقصى” في مديرية معين
  • صنعاء .. تدشين دورات “طوفان الأقصى” في مديرية الوحدة لتعزيز الجهوزية العسكرية
  • فعالية تحشيدية في المحويت لدعم معركة “طوفان الأقصى”
  • اختتام دورات “طوفان الأقصى” في إدارات أمن مديريات الضالع