تحتفل سلطنة عمان الثلاثاء بمناسبة يوم المرأة العمانية وسط الكثير من الإنجازات التي حققتها المرأة العمانية في مختلف المجالات، أثبتت عبرها أنها النصف المشرق من المجتمع. ولا يمكن النظر إلى هذه المناسبة من الزاوية الرمزية، بل هي أبعد من ذلك بكثير، فهي شهادة على المكانة التي تحتلها المرأة في المجتمع وعلى حجم التضحيات التي قدمتها من أجل أن تسهم في بناء المجتمع العماني عبر التاريخ الطويل، حيث كانت شريكا أساسيا للرجل في مختلف المجالات.
إن السرديات المتداولة في سلطنة عمان تؤكد المكانة الكبيرة للمرأة العمانية ضمن نسيج المجتمع فقد تبوأت أرفع المستويات في مسيرة البناء، وفي العصر الحديث نالت المرأة العمانية كل الحقوق التي يتمتع بها الرجل دون أي تمييز. وعرف مجتمعنا القيمة الحقيقية للمرأة في ترسيخ القيم والأخلاق في نفوس الناشئة.
إن الجهود التي تبذلها سلطنة عمان في مجال تمكين المرأة ليست مجرد إشارة رمزية إلى الاتجاه العالمي نحو المساواة بين الجنسين. فعمان دولة تعي تماما عبر تاريخها أهمية إشراك المرأة في عملية البناء: بناء الفرد وبناء الأسرة وبناء المجتمع وبناء الدولة.
لذلك لا غرابة أن نجد أن المرأة تتمتع بكل حقوقها ومندمجة في جميع قطاعات المجتمع، فهي وزيرة ووكيلة وسفيرة وهي أكاديمية ورائدة أعمال وكاتبة رواية وشاعرة وفنانة تشكيلية وطبيبة ولاعبة كرة قدم.. وغيرها من الرياضات الأخرى، ولكنها قبل كل ذلك هي ربة بيت ومربية فاضلة لكل أجيال عمان.
ومن ينظر إلى نساء عمان من مختلف الأعمار يجدهن مفعمات بالطموح ومليئات بالحيوية والإلهام ومتحققات على كل الأصعدة وغير مشتغلات بفكرة المساواة لأنها متحققة في الأساس. إنهنّ يتحدثن عن دولة تدعمهن وتمكن طموحاتهن التي لا حدود لها.. وهن في الوقت نفسه نساء يعتززن بقيم المجتمع وتقاليده وينظرن إليها باعتبارها ميزة وليست أغلالا تقيد مسيرتهن نحو المستقبل.
والمرأة العمانية ملهمة بطبيعتها، ملهمة أينما كانت، وفي أي عمل؛ لذلك فإن قصص الإلهام التي نستطيع أن نقرأها في تجارب المرأة العمانية تخرج من كونها تجارب محلية إلى الإقليمية، ما يعني أن يوم المرأة العمانية ليس مجرد يوم للعمانيات فقط، إنه يوم تستطيع المرأة العربية أن تستلهم منه تجارب نساء عمانيات تستحق تجاربهن الحياتية أن تكون نموذجا يحتذى.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرأة العمانیة
إقرأ أيضاً:
الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!
الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن! لحظة صراحة قاسية مع النفس والي البطولة المزعومة
في أرضٍ تُقاس فيها الفحولة بعدد الطلقات، والنضال بعدد اللايكات، يتكرر المشهد نفسه: رجال يتحدثون عن "تحرير الوطن"، بينما النساء يحررن الحياة من ركام الخراب. في السودان، البطولة ليست مجرد شجاعة، بل استعراض ذكوري تتراقص فيه البنادق، بينما تواصل النساء رقصة البقاء على الهامش، حاملاتٍ ما تبقى من البلاد فوق أكتافهن المتعبة.
"الشهيد… صورة فوتوشوب ثورية!"
لا شك أننا جميعًا تأثرنا بصور الشهداء التي تنتشر كالنار في الهشيم: وجوه مضاءة، ابتسامات خجولة، وكأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم ليتحولوا إلى أيقونات رقمية! لكن، هل تساءل أحد عن الأمهات اللواتي حملنَ هؤلاء الأبطال؟ عن النساء اللواتي دفعنَ الثمن قبل الرصاص وبعده؟ لا أحد يكتب عنهن، فالتاريخ – كما العادة – يهوى الأبطال، لكنه يتجاهل من صنعوهم!
"النساء… مقاومة خلف الكواليس"
بينما يعتلي الرجال المنصات الثورية، ويخطبون عن التضحية والنضال، تعمل النساء بصمت يُشبه المعجزة: يطهون طعامًا من لا شيء، يهربن الأطفال من الموت، ويحملن الوطن على ظهورهن دون أن ينتظرن تصفيقًا. لكن لا بأس، فالنضال كما يخبرنا "المنظرون"، هو فقط لمن يحملون السلاح، أما من يحملون الحياة… فهم مجرد تفاصيل!
"المجتمع الذي لا يكفّ عن معاقبة النساء"
إن نجت المرأة من الحرب، وجدت نفسها في معركة أخرى، حيث يتحول جسدها إلى محكمة، وشرفها إلى تهمة، وخياراتها إلى خيانة للأعراف. إن قاومت، اتُّهمت بالتمرد. إن سكتت، صارت مجرّد ضحية أخرى في أرشيف الظلم السوداني الممتلئ عن آخره.
"اغتصابٌ على هامش الحرب: سلاح الجبناء!"
عندما يعجز الذكور عن النصر، يقررون أن يجعلوا أجساد النساء ساحة للمعركة. في السودان، كما في كل حرب خاسرة، يُستخدم الاغتصاب كسلاح لإذلال المجتمعات، وكأن المرأة ليست سوى مرآة لشرف الرجل. المضحك المبكي أن ذات المجتمع الذي يبكي على "العار"، لا يبكي على النساء أنفسهن، بل على اسمه الذي تلطخ!
"الحركة النسوية؟ لنترك الرجال يقررون!"
ما إن تجرؤ امرأة على المطالبة بحقها، حتى يتزاحم حولها الرجال، كلٌّ بطريقته: "المناضل التقدمي" يخبرها أنه سيتحدث نيابة عنها، و"التقليدي المحافظ" يأمرها أن تعود للمطبخ. وبين هذا وذاك، تُواصل النساء نضالهن الحقيقي، بينما يمضي الرجال في صراعاتهم حول "من الذي يفهم المرأة أكثر!"
"الكرن: حين ترقص الأرض وترتعد الذكورة!"
في حفلات الكرن، حيث تتحدث الأجساد بلغة الأرض، تبدو النساء أكثر حريةً من أي وقت. لكن، ما إن ينتهي الاحتفال، حتى يعود الرجال إلى لعبتهم الأزلية: "من الأكثر فحولة؟". ربما لو أدركوا أن القوة ليست في البندقية، بل في الأرحام التي تُنجب الأبطال وتدفن الجبناء، لاختلفت معايير البطولة لديهم!
"هل الحرب حكر على من يطلق النار؟"
عندما يُقال إن الرجال "يحاربون"، فهم يفعلون ذلك بحمل البنادق، بينما النساء يحاربن باللحم والدم والدموع. في البيوت، في الأسواق، في المعسكرات، في الطرقات التي صارت أفخاخًا للأجساد الهشة. ومع ذلك، لا تُمنح المرأة صكوك البطولة، فهي مجرد "مرافقة"، مجرد ظلٍّ للحدث، مجرد تفصيلة ثانوية في رواية الرجال.
"أيها الرجال، تخيلوا يومًا بلا امرأة سودانية!"
تخيلوا صباحًا بلا أم تجهّز لكم الطعام رغم أنها لم تتذوق شيئًا.
تخيلوا شارعًا بلا امرأة تبيع الشاي، بلا أرملة تحفر في الأرض لتُخرج لأطفالها وجبة اليوم.
تخيلوا بيتًا بلا جدة تحكي الحكايات، بلا أخت تقف في صفوف الرغيف، بلا فتاةٍ تحمل حقيبة المدرسة رغم القهر.
تخيلوا وطنًا بلا امرأةٍ تشدّ الجراح وتجمع الحطام وتحوّل الخوف إلى أغنية صمود.
"خاتمة: متى تصبح المرأة مواطنة كاملة؟"
ربما عندما يكف الرجال عن اعتبارها مجرّد مرحلة انتقالية في نضالاتهم.
ربما عندما تُذكر النساء في كتب التاريخ كقائدات، وليس كمجرّد شهيدات وأمهات شهداء.
ربما عندما يُنظر إلى وجودها ليس كترف، بل كأساسٍ لوجود الوطن نفسه.
وحتى يحين ذلك اليوم، ستظل المرأة السودانية تحارب بصمت… بينما يستمر الرجال في صناعة الحروب والقصائد عن أنفسهم.
أنها لحظة صراحة قاسية مع النفس والي البطولة المزعمة أيضا.
zuhair.osman@aol.com