لجريدة عمان:
2025-01-16@19:39:18 GMT

هي الصوت مهما تلوّنت الأصداء

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

أجيال من الشباب العربي ولدت وكبرت وتفرقت بها السبل فلم تعرف لمفهوم القضية معنى سوى فلسطين، ولم تحمل هذه المفردة «القضية» ارتباطا بسياق إلا استحضرنا فلسطين، كما لم يكن للمقاومة ارتباط دلالي في ذاكرة الشباب العربي إلا وجاء متصلا بالدفاع عنها في استنكار ورفض للتسليم بنسيانها أو تناسيها، ولا لمفردة العدوان ارتباط إلا بإسرائيل احتلالا غاشما وتهجيرا قسريا لأهل الأرض من سكانها الأوائل، رغم مرور الوطن العربي بالكثير من القضايا الفارقة والمؤثرة على الصعيدين السياسي والاجتماعي إلا أن فلسطين تبقى صوت الوحدة العربي والإسلامي مهما تلونت الأصوات وتشعبت السبل.

رغم كل جهود إسرائيل العالمية للتطبيع وتوجيه الشعوب العربية لنسيان القضية بشغلهم بقضايا مصطنعة وحروب عبثية، وأعداء وهميين تماما كمراوح «دون كيشوت» الهوائية التي ظنها عمالقة مهاجمين، وتمر العقود فتتضاعف جهود إسرائيل في التركيز على انتزاع فلسطين بكاملها وتهجير أهلها بكل ما قد تحمل تلك الجهود من تجييش إعلامي مدعوم مكثّف لكافة الوسائل التقليدية وغير التقليدية، وعلاقات دولية ثنائية أو جماعية؛ إقليمية أو دولية، معلنة أو مستترة، وتوظيف صريح لطاقات القوى الناعمة ثقافيا كاللغة والرياضة وغيرها من جسور ثقافية دولية معلومة، وتحالفات أمنية عسكرية وأخرى اقتصادية معلنة أو مستترة كذلك.

وتمر السنوات وتتوالى العقود لتتبدل مستويات وعي الشعوب بقضية فلسطين وحق شعبها في وطنه، ومن عجب أننا نجد أن تعاطفا دوليا نشأ وتنامى بشكل جلي في أماكن مختلفة من العالم الغربي الذي كان مع إسرائيل برمته، وما ذلك التعاطف إلا تأسيس من قبل المعنيين بالقضية سواء من أهلها أو من القرّاء والباحثين الذين وصلوا انفعالهم الآني بفضول معرفي قادهم للبحث والتقصي بلوغا لمفاد من واقع القصة الحقيقية تاريخيا وإنسانيا، وواقعا منطقيا لا يقبل الشك أو الإنكار، ومن عجب أنه حين تكبر القضية غربيا فيتزايد مناصروها، ويكثر مؤيدوها تصغر أصداؤها في العالم العربي الإسلامي بين أجوف متسلق على مصداقيتها وتعاطف الناس معها ليصل إلى منافع شخصية، أو جاهل استجاب لآلة الترويج الإسرائيلية بأدوات عربية فمُسِخَ متحولا -لا إلى صامت أو ميت- بل إلى بوق مردد أكاذيب العامة في إسرائيل من أنها قضية فردية وليست جماعية، قضية شعب واحد لا أمة كاملة، والحق أقول: لم يَعْدُ هذا قصة «الثور الأبيض» الذي أُكِلَ حقيقة يوم تصفيقه لتصفية باقي أصحابه.

وتأتي لحظة مواجهة مدويّة صادمة لتختبر عقودا من التعاطف الشعبي الغربي، والاتحاد الشعبي العربي لتسقط قامات وترتفع هامات، وما تلك إلا لحظة إعلان المواجهة بين حماس وإسرائيل في إحدى تصادمات الواقع العربي (لا أقول الفلسطيني وحسب) يوم السبت الماضي مع الحرب التي أعلنتها إسرائيل في قطاع غزة ردا على هجوم حماس الذي أسمته «طوفان الأقصى» حاملا معه طوفانا حقيقيا من كل شيء، بين تكهنات عربية أو غربية، وتحليلات غربية وأخرى شرقية، عربية أو عبرية، مهاجمة أو متعاطفة أو مشككة في الهجوم وإمكانياته في تجاوز قدرات إسرائيل العسكرية والأمنية الاستخباراتية بأن ما هو إلا طعم تقدمه إسرائيل للعالم تبريرا لما تحاوله وتريده من تجريف للأرض تماما وتهجير أهالي غزة في ما تريد له أن يكون مشهدا لردة فعل لفعل سابق، متناسية ذاكرةً حقيقيةً لأمة بأكملها، ثم لشعب فلسطين بأن الحكاية لم تبدأ من هنا، وإنما بدأت منذ ما يزيد عن ربع قرن من المآسي المتوالية في محاولات مستمرة لخلق كيان حقيقي لمتغيرات زائلة لا محالة.

ومع التكهن بالمؤامرة وتحليل تشكلات الحرب من قبل أحلافها في كل مكان تتزايد الأطروحات وتتبدل درجات الوعي، وتتغير التعاقدات لما قد يظهر أو يتراءى أو يتماهى، أو حتى يخفى من تقنع الساسة بألف وجه، وتلبس الإقطاعيين بألف زي سعيا لمنالهم الشخصي ومصالح دولهم أو مؤسساتهم المرسومة.

سواء كانت مواجهة السبت كمينا مصنوعا أم مقاومة حقيقية، فإن اليقين في أن القضية قضية حقيقة أمر لا جدال فيه ولا مراء، ولم يبق حينها لأي متلوّن إلا الخباء حتى يعبر الرعاء فـ(لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)، أما الجهر بالجهل أو التجاهل من عربي في مثل هذا التوقيت ما هو إلا عداء معلن، واستلاب مستهجن لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال؛ إذ يمكننا مناقشة أساليب الدعم إنسانيا واجتماعيا وثقافيا أو حتى عسكريا إن أمكن مع الاستفادة من دروس العقود الماضية في ضرورة الحذر من إغناء الأفراد على حساب قضية إنسانية جماعية، ويمكننا اقتراح وسائل للتحليل أو طرق للتعبير، كما يمكننا الاختلاف أو الاتفاق مع الحاصل من واقع الحرب الحالية، أما المأمول فلا يمكن أن يكون أقل من نصرة كاملة لقضية عادلة مهما تقادمت أو تبدلت أشكال وألوان وأصداء معتنقيها أو أسلحة مناهضيها.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

القضية الفلسطينية على رأس أولويات القيادة السياسية.. القاهرة أفشلت مخطط إسرائيل

على مدار التاريخ الحديث مرت المنطقة العربية بالكثير من الأزمات والحروب والصراعات التي عصفت بأمنها ونهمت من خيراتها وأعادتها سنوات إلى الوراء، ومهما كانت طبيعة الأزمات لم تنأى مصر بنفسها أبدا، حسبما جاء في قناة «القاهرة الإخبارية»، عبر تقرير تلفزيوني بعنوان «القضية الفلسطينية تأتي دوما على رأس أولويات اهتمام القيادة المصرية».

جهود مصرية متواصلة في الدفاع عن سيادة أشقائها

وأشار التقرير، إلى أنّ مصر اختارت أن تكون دائمًا في مقدمة صفوف المدافعين عن سيادة أشقائها وكرامة وحقوق شعوبهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضية العرب الأولى وهي فلسطين، والتي تأتي دوما على رأس أولويات اهتمام القيادة السياسية المصرية الممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي.

نقطة تحول مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

وأوضح التقرير، أنّ السابع من أكتوبر وعملية طوفان الأقصى وما تبعها من عدوان إسرائيلي غير مسبوق على قطاع غزة، كان نقطة تحول مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ تبعته تداعيات خطيرة أدت إلى اتساع رقعة الصراع وفتح جبهات جديدة للمواجهة في لبنان والعراق واليمن وسوريا.

        

مصر تسعى لوقف فوري ودائم لإطلاق النار

ولفت التقرير، إلى أنّه منذ اللحظة الأولى كانت مصر ولا زالت حاضرة عبر اتصالاتها وتحركاتها المكثفة في كل الاتجاهات؛ لاحتواء التصعيد ومنع خروج الوضع عن السيطرة، وجاءت في صدارة الجهود الإقليمية والدولية الدافعة نحو تنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، فضلا عن صد كافة المحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • الحكومة الفلسطينية تعقد اجتماعاً مهماً استعداداً لوقف الحرب على قطاع غزة
  • "سياحة النواب": فلسطين قضية مصر الأولى ووقف النار تتويج لحكمة السيسي
  • النائب محمد عبد العزيز: مصر أفشلت مخطط إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية
  • عضو حزب حماة الوطن: مصر تثبت مجددا دورها الريادي في دعم قضية فلسطين
  • حزب المصريين الأحرار: مصر تثبت دوما أن فلسطين «قضية القضايا»
  • القضية الفلسطينية على رأس أولويات القيادة السياسية.. القاهرة أفشلت مخطط إسرائيل
  • رئيس البرلمان العربي يشيد بدور الأزهر ومواقفه تجاه القضية الفلسطينية
  • «البرلمان العربي» يشيد بالدور التنويري للأزهر الشريف ومواقفه تجاه القضية الفلسطينية
  • السفير العكلوك: الدعم العربي ضروري لإغاثة فلسطين وتحقيق الاستقلال
  • أثقال قضية فلسطين والتساهل في حمل العبء