أبدت قطر استعدادها للوساطة بين واشنطن وحماس

مع تصاعد القتال والحرب الحالية بين إسرائيل وحركة حماس، بدأ تركيز جهود الوساطة منصبا على دفع الجانبين إلى البدء في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل محتمل للأسرى والمخطوفين.

ويقول مراقبون إن الجولة الأولى من المحادثات ترمي إلى الوقوف حيال واقعية إبرام تبادل للأسرى والمخطوفين تشهد الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين  والأجانب الذين تحتجزهم حماس  في  قطاع غزة  مقابل إطلاق سراح النساء والأطفال الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.

وأبدت مصر - أولى الدول العربية التي وقعت على اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979 وتتقاسم الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة – استعدادها للتوسط بين طرفي الأزمة.

ولم يتوقف الأمر على  مصر  بل دخلت تركيا على خط الوساطة في ضوء تحسن علاقاتها مع  إسرائيل  وعلاقاتها الوثيقة مع  حركة حماس، التي تصنفها ألمانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

بيد أن مراقبين يرون أن عودة  قطر  التي توسطت في السابق بين حماس وإسرائيل في عدة جولات كان أخرها عام 2014، إلى طاولة المفاوضات يضيف زخما جديدا إلى جهود التهدئة.

يأتي ذلك رغم أن قطر قد جمدت علاقاتها مع إسرائيل عام 2009 ومازالت الممول الرئيسي للحركة الإسلاموية المسلحة. وحمّلت قطر إسرائيل مسؤولية هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل الذي أسفر عن مقتل حوالي 1300 شخص.

لكن مع تجدد الصراع من هجوم حماس، قال مصدر مطلع لرويترز إن وسطاء قطريين أجروا اتصالات عاجلة مع قيادات في حركة حماس لمحاولة التفاوض على إطلاق سراح نساء وأطفال إسرائيليين تحتجزهم الحركة في غزة مقابل إطلاق سراح 36 امرأة وطفلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.

وأكدت وزارة الخارجية القطرية لرويترز انخراطها في  محادثات وساطة مع حماس ومسؤولين إسرائيليين  تشمل تبادلا محتملا للأسرى. وأضاف المصدر المطلع على سير المحادثات أن المفاوضات التي تجريها قطر بالتنسيق مع الولايات المتحدة "تمضي بشكل إيجابي".

وقال ماجد الأنصاري المتحدث باسم وزارة الخارجية لرويترز دون الخوض في تفاصيل "نحن على اتصال مستمر مع كل الأطراف في الوقت الراهن. أولوياتنا هي وقف إراقة الدماء والإفراج عن الأسرى والتأكد من احتواء الصراع قبل أن يتوسع في المنطقة".

وقال مسؤول إسرائيلي لرويتزر إنه "لا توجد مفاوضات جارية". وقال المصدر المطلع على المحادثات التي تقودها قطر بين حماس وإسرائيل لرويترز "لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الأمور اللوجستية أو آلية للإفراج".

وردا على سؤال عن تنسيق الولايات المتحدة مع قطر بشأن تبادل محتمل للأسرى، أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى مكالمة هاتفية جرت السبت بين وزير الخارجية أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء القطري اتفقا فيها على "بقاء التنسيق بشكل وثيق".

من جانبها، أشارت سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام هاوس البحثي ومقره لندن، إلى أن قطر تعد وسيطا حيويا بين إسرائيل وحماس.

بثت قناة الجزيرة كلمة رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، الذي اشاد فيها بالهجوم الإرهابي للحركة على إسرائيل

وفي مقال نشره موقع تشاتام هاوس، أضافت إنه ينبغي لدول الشرق الأوسط أن تأخذ زمام المبادرة في جهود وقف التصعيد.

وفي حوار مع DW، أوضحت فاكيل أن قطر "لديها علاقات براغماتية منذ وقت طويل حيث استخدمت حوافز مالية لإدارة وتهدئة جولات مختلفة من التوترات والعمليات العسكرية بين إسرائيل وحماس. قطر تعد وسيطا بالسليقة لتأمين حياة الرهائن وإيجاد نقاط لبدء خطوات خفض التصعيد وحماية الأشخاص على الأرض مع تفاقم المشكلة الإنسانية."

علاقات قطر مع كافة الأطراف السياسية

بدوره يرى غيدو شتاينبرغ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ومقره في برلين، أن دور الوساطة القطرية في الصراع الحالي يعد ممكنا ومناسبا بالنظر إلى علاقات الدوحة القوية مع كافة الأطراف المتصارعة.

يشار إلى أن قطر تحتضن أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، في الوقت الذي عمدت فيه إلى تحسين علاقاتها مع العدو اللدود لواشنطن، إيران، التي تعد أحد الداعمين الرئيسيين لحركة حماس.

وقبل هجوم حماس، ساعدت الوساطة القطرية في إبرام صفقة تبادل سجناء بين طهران وواشنطن وتحويل أرصدة إيرانية بقيمة 6 مليارات دولار كانت مجمدة في إطار العقوبات من سويسرا إلى الدوحة.

لكن بعد الهجوم، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الخميس (12 أكتوبر / تشرين الأول) بحدوث تفاهم بين قطر والولايات المتحدة يقضي "بمنع وصول هذه الأموال إلى طهران".

وفيما يتعلق بحماس، تستضيف قطر المكتب السياسي للحركة التي تدير قطاع عزة، فيما يتنقل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، بين الدوحة وأنقرة منذ عام 2020.

وفي مقابلة مع DW، قال شتاينبرغ، الذي ألف عدة كتب عن الإرهاب في الشرق الأوسط، إن قناة الجزيرة الممولة من الحكومة القطرية أذاعت كلمة متلفزة لإسماعيل هنية أشاد فيها بهجوم حماس في بث مباشر مدته 30 دقيقة "دون أي تعليق من مسؤولي التحرير بالقناة".

وذهب الباحث إلى القول بأن هنية "يُفترض أنه كان على علم مسبق بالهجوم مما يعني أن بعض المعلومات على الأقل حول الهجوم الوشيك كانت متاحة في الدوحة"، لكنه شدد على أنه "لا يمكن الإدعاء بأن الحكومة القطرية كانت على علم مسبق بالهجوم."

المستشار الألماني أولاف شولتس يؤكد لأمير قطر أن "حماس تتحمل المسؤولية الكاملة عن سلامة الرهائن"

"علاقات ضعيفة"

وتتفق مع هذا الرأي سينزيا بيانكو، الزميلة الزائرة في فرع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين، رغم أنها ترى سببا آخرا وراء عدم تمكن قطر من معرفة هجوم حماس مسبقا.

وفي مقابلة مع DW، قالت إن قطر "قد وافقت على  تحجيم علاقاتها مع حماس إلى الحد الأدنىكجزء من اتفاق المصالحة مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر عام 2021 والذي أنهى عزلة قطر التي استمرت أربع سنوات".

وأضافت "شمل ذلك وقف التدفقات المالية إلى قطاع غزة. وعلى وقع ذلك، لم يعد لدى قطر نفوذها الكبير على حماس كما كان في السابق"، مشيرة إلى أن هذا الأمر قد يلقى بظلاله على نفوذ قطر على الحركة عند الجلوس على طاولة المفاوضات.

وقالت إن أهمية قناة الجزيرة باتت محدودة مقارنة بسابق عهدها، مضيفة: "مازالت القناة أداة قوية، لكنها ليست بنفس القوة التي كانت عليها قبل وسائل التواصل الاجتماعي".

وربما من اللافت الإشارة إلى أن الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، شقيقة أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، قد لجأت إلى منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن أسفها لما يحدث في قطاع غزة.

ففي منشور على حسابها على موقع انستغرام الذي يحظى بمتابعة أكثر مليون شخص، نشرت الشيخة المياسة صورة متحف قطر الوطني وهو يتزين بالعلم الفلسطيني مصحوبا بعبارة "اللهم استودعناك فلسطين وشعبها".

يأتي ذلك في وقت قال فيه وزير الاتصالات الإسرائيلي الأحد (15 أكتوبر/ تشرين الثاني) إنه يسعى للحصول على موافقة مجلس الوزراء على مقترح بإغلاق مكتب قناة الجزيرة، واتهم القناة الإخبارية القطرية بالتحريض المؤيد لحركة حماس وتعريض الجنود الإسرائيليين لخطر هجمات محتملة من غزة.

وقال الوزير شلومو قرعي إن اقتراح إغلاق قناة الجزيرة درسه مسؤولون أمنيون إسرائيليون ويقوم بدراسته خبراء قانونيون، مضيفا أنه سيعرضه على مجلس الوزراء في وقت لاحق. ولم يكن لدى الجزيرة أو الحكومة في الدوحة تعليق فوري.

وقال قرعي لراديو الجيش الإسرائيلي: "هذه محطة تحرض، هذه محطة تصور القوات في مناطق التجمع (خارج غزة)... تحرض ضد مواطني إسرائيل - بوق دعائي". وأضاف: "من غير المعقول أن تمر رسالة المتحدث باسم حماس عبر هذه المحطة". وتابع: "آمل أن ننهي ذلك الأمر اليوم". ولم يتضح ما إذا كان تعليقه الأخير يشير إلى مناقشة الاقتراح في مجلس الوزراء أو تنفيذ الإغلاق.

جنيفر هولايس / م.ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: قطر حركة حماس الإرهابية قطر حركة حماس الإرهابية الشرق الأوسط قناة الجزیرة علاقاتها مع بین إسرائیل هجوم حماس قطاع غزة أن قطر إلى أن

إقرأ أيضاً:

4 بدائل “قاتمة” تنتظر إسرائيل في غزة

#سواليف

حددت دراسة أمنية إسرائيلية 4 #بدائل وصفتها بالقاتمة أمام #تل_أبيب للتعامل مع قطاع #غزة تمثلت في #حكم_عسكري مطول أو #تهجير_السكان أو إقامة #حكم_فلسطيني “معتدل” أو بقاء الوضع القائم.

وقال معهد دراسات الأمن الإسرائيلي (غير حكومي) في دراسة بعنوان ” #البدائل_الإستراتيجية لقطاع غزة” إنه بعد مرور عام ونصف العام تقريبا على #الحرب على قطاع غزة تقف إسرائيل عند مفترق طرق، وعليها صياغة إستراتيجية مناسبة لمستقبل القطاع.

وأعد الدراسة الباحث في معهد دراسات الأمن القومي عوفير غوترمان الذي عمل سابقا محللا أول في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة “أونروا”: نفاد إمدادات الدقيق في قطاع غزة 2025/04/24

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- ونحو 11 ألف مفقود، وتفرض حصارا مطبقا على جميع الإمدادات والمساعدات الإنسانية، مما تسبب بمجاعة قاسية.

بدائل “قاتمة”

وترى الدراسة أن إسرائيل “تواجه مجموعة من البدائل القاتمة، جميعها إشكالية في آثارها وجدواها، وأول تلك البدائل: تشجيع الهجرة الطوعية، وهو خيار لم تُدرس عواقبه الإستراتيجية بدقة في إسرائيل، وإمكانية تحقيقه ضعيفة”.

أما البديل الثاني فهو “احتلال القطاع وفرض حكم عسكري مطول، ومع أن ذلك قد يُضعف حماس بشدة لكنه لا يضمن القضاء عليها وينطوي على خطر تعريض الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس للخطر، وتكبد تكاليف باهظة أخرى طويلة الأجل”.

وعن البديل الثالث أوضحت الدراسة “إقامة حكم فلسطيني معتدل في القطاع بدعم دولي وعربي، وهو خيار تكاليفه على إسرائيل منخفضة، لكنه يفتقر حاليا إلى آلية فعالة لنزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس العسكرية، وأخيرا احتمال فشل مبادرات الاستقرار السياسي والعسكري، مما يترك حماس في السلطة”.

كما أشارت إلى البديل الرابع، وهو “استمرار الوضع الراهن، وينبع هذا البديل أساسا من واقع تمتنع فيه إسرائيل عن الترويج لمبادرات عسكرية أو سياسية في قطاع غزة، أو تفشل في المبادرات التي تسعى إلى تنفيذها”.

وقال غوترمان إن قائمة البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة صممت من خلال دراسة استقصائية شاملة لمختلف الخيارات المطروحة في الخطاب الإسرائيلي والعربي والدولي، سواء مبادرات عملية طرحتها جهات رسمية أو اقتراحات من معاهد بحثية ومحللين.

إستراتيجية ثنائية الأبعاد

وتوصي الدراسة بتنفيذ إستراتيجية ثنائية الأبعاد تجمع بين العمل العسكري والسياسي، وهي “جهد عسكري مكثف ومتواصل لا يهدف فقط إلى تقويض حماس وقدراتها، بل أيضا إلى إرساء أسس استقرار بديل حاكم لحماس، وبالتوازي مع ذلك، مبادرة سياسية لبناء بديل حاكم معتدل تدريجيا في قطاع غزة من شأنه أيضا دعم وتسريع نجاح الجهد العسكري”.

ورأت الدراسة أن هذه الإستراتيجية “تتطلب تعاونا وثيقا مع الدول العربية، وينبغي أن تكون جزءا من اتفاق إقليمي يشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي”.

وقالت إنه بالنسبة للفلسطينيين فإن الأفق السياسي المتوخى في هذه الإستراتيجية هو “أفق استقلال وسيادة محدودين”.

أما بالنسبة لإسرائيل -وفقا للدراسة ذاتها- فتحافظ الخطة على الحرية الأمنية والعملياتية والجهود المستمرة للقضاء على حماس وإحباط التهديدات الناشئة في القطاع من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.

واعتبرت الدراسة أن “هذه الإستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدا في التنفيذ مقارنة بالبدائل أحادية البعد التي تناقش حاليا في إسرائيل، ولكنها واقعية من حيث جدواها العملية، وعلى النقيض من البدائل الأخرى”.

حماس متجذرة

ولفتت الدراسة إلى أنه “من المهم الإدراك أن حماس ليست ظاهرة خارجية أو جديدة أو عابرة في التجربة الفلسطينية -خاصة بقطاع غزة- بل هي متجذرة بعمق وجوهر فيه”، وفق تعبيرها.

وقالت إن حماس وُلدت في قطاع غزة، وأعضاؤها محليون لا يعملون من خلال شبكات تنظيمية فحسب، بل أيضا من خلال شبكات عائلية.

وأشارت إلى أنه على مدار عقود من وجودها نجحت حماس بترسيخ وعيها السياسي الديني والقومي في المجتمع الفلسطيني من خلال نشاط مكثف في جميع مجالات الحياة.

وأضافت الدراسة أن الجيل الذي نشأ في قطاع غزة على مدى العقدين الماضيين لا يعرف بديلا لحماس.

واعتبرت أن الوضع المدني في قطاع غزة غير قابل للاستمرار دون إعادة إعمار واسعة النطاق، لكن مستقبل إعادة الإعمار غير واضح، وفق تعبيرها.

ورأت الدراسة أن إسرائيل قادرة على قمع حماس في غزة بالوسائل العسكرية وحدها، لكنها لن تقضي عليها.

وفي بداية حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حددت حكومة بنيامين نتنياهو أهدافا لها، أبرزها: تفكيك قدرات “حماس” وحكمها للقطاع، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، لكنها لم تنجح في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها.

وتقول المعارضة الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو لم تنجح بالحرب ولا تملك إستراتيجية لليوم التالي لها.

مقالات مشابهة

  • 4 بدائل “قاتمة” تنتظر إسرائيل في غزة
  • وساطة عربية فاشلة لا تخدم غزّة
  • 4 بدائل قاتمة تنتظر إسرائيل في غزة
  • ساعر يطلب من بنك إسرائيل إلغاء فئة الـ200 شيكل بسبب حماس والأخير يرد
  • سجال بين فتح وحماس بعد اجتماع المجلس المركزي برام الله
  • موقف مثير ومفاجئ من إسرائيل حول وفاة بابا الفاتيكان
  • وساطة سعودية بين جنبلاط وأورتاغوس
  • هكذا علقت إسرائيل على الغارات الأميركية التي تشنها على اليمن 
  • بنكيران يصف الدعوات التي ترفض استقبال ممثل عن حماس بالمغرب بـقلة الحياء (شاهد)
  • اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة قد يمتد لسنوات