الإسرائيليون ما زالوا يرصدون أوجه الفشل في هجوم طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
بعد تسعة أيام على هجوم طوفان الأقصى ما زال الإسرائيليون يرصدون أبرز جوانب الفشل والإخفاق، وسلوك الخداع الذي مارسته حماس، مقابل الوهم الذي وقع فيه الاحتلال في حبّ التكنولوجيا التي قامت حماس بتعطيلها بسهولة عن طريق ضرب تقاطعات الاتصالات بمساعدة الطائرات بدون طيار والقناصين، والنتيجة تمثلت في سيطرة مطلقة لمقاتلي الحركة في الميدان، وتحرك بقوات زائدة، ونصب كمائن عند مفترق الطرق.
رون بن يشاي الخبير العسكري الإسرائيلي ذكر أنه "في اليوم التاسع من القتال، ما زالت تتضح الأبعاد القاتلة للضربة التي تعرضنا لها، لقد ذهبت إلى كيبوتس زيكيم، أردت أن أعرف بنفسي لماذا وكيف لم يعرف الجيش، ولم يتحرك بسرعة لوقف ما حصل، خاصة بعد أن تبين أن جميع المعسكرات العسكرية تعرضت للهجوم، عبر وصول سيارة ركاب مغلقة من نوع "سافانا"، شوهد فيها رجال مسلحون يصلون الجزء الغربي من الكيبوتس، حتى اعتقد عدد من المستوطنين أنهم جنود إسرائيليون".
نقاط الضعف
وأضاف في مقال مطول نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أنني "من خلال تجوالي في مستوطنات قطاع غزة، ظهرت أمامي صورة مزعجة عن استهانتنا بخطورة حماس وتعقيدها من ناحية، ومن ناحية أخرى تقييم حماس الدقيق لنقاط ضعفنا، وللنظام التكنولوجي الذي غالبا ما افتخر به الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية، مع أن هذا ليس السبب الوحيد المتسبب في الفشل الذريع، بل النقص التام في فهم جوهر وطبيعة العدو الذي يقف أمامنا، ولعلنا بسبب كثرة الأشجار، لم نر الغابة التي تنمو تحت أنوفنا".
وأشار إلى أن "الخطأ الاستراتيجي الأول للاحتلال كان سياسيا، فقد انتهج نتنياهو سياسة واضحة تحافظ على حماس كحكومة في غزة، وسلطة محمود عباس كحكومة في الضفة الغربية، حتى يتمكن من إيصال فكرة خطأ حلّ الدولتين، والخطأ الثاني أن إسرائيل سمحت لحماس بتنفيذ عملية احتيال استراتيجي عليها، فقد خلقت الحركة انطباعًا منذ عملية حارس الأسوار في أيار/ مايو 2021 بأن كل ما تريده هو تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية لسكان قطاع غزة، وأن أحداث الإرباك الليلي في الأشهر الأخيرة لم يكن هدفها سوى تخفيف الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة".
وأوضح أن "حماس مارست علينا خداعا كبيرا بالتظاهر بأنها حكومة لا يهمها سوى رفاهية سكانها، وجعل إسرائيل تنام، والسماح لحماس بالتخطيط، وجمع المعلومات الاستخبارية، والتدريب على الضربة الكبيرة التي ستوجه لإسرائيل، ولهذا السبب تظاهرت حماس بأنها فتى طيب، وتجنبت مساعدة الجهاد الإسلامي التي هاجمتها إسرائيل في العديد من عمليات اغتيال القادة في السنوات الأخيرة، حتى بات الجيش الإسرائيلي يسوّق أطروحة "حماس المردوعة" على المستوى السياسي، التي اشترتها بفارغ الصبر في السنوات الثلاث الماضية".
اقتحام السياج
وأكد أن "الخطأ الثالث الذي ارتكبته إسرائيل اعتمادها أكثر من اللازم على التكنولوجيا، واعتبار العائق الحدودي وأجهزة الإنذار لا يمكن تجاوزها، فيما استعدت حماس لاقتحام السياج، ومحاولة احتلال المستوطنات حول غزة، ولم تخف هذا الأمر أبدا، بل تدربت عليه، وبثّت مقاطع فيديو، لكننا اعتقدنا أنه إذا قامت بشيء ما لغزو المستوطنات، فستفعل ذلك عبر الأنفاق، أو ثغرة في مكان أو مكانين، من قوات صغيرة، مع بضع عشرات من قوة النخبة، لاختراق مستوطنة واحدة أو قاعدة عسكرية، ولم يقدر أحد في مجتمع الاستخبارات أن هذه القوة ستكون هائلة، يتراوح عددها بين ألف إلى ألفي مقاتل مدرب، وغنية بالأسلحة والمعدات القتالية المتطورة".
وأشار إلى أن "الجيش والمخابرات باتوا مقتنعين بأهمية وديمومة قوة الحاجز الحدودي المكون من عدة شرائح من السياج والجدران، مثبت عليه كاميرات ورادارات، وتحذر من تحرك الأشخاص نحو السياج، حتى في الأحوال الجوية السيئة والضباب الكثيف، كما لا يمكن قطعه بمقصّ سلكي، وإنشاء نقاط المراقبة تمكن جنود المراقبة من ملاحظة أي حركة، وتفعيل المدافع الضوئية الموضوعة على الأبراج في الميدان عن بعد، لكن هذه المجموعة التكنولوجية لها عيب رئيسي واحد إذ يمكن تحييدها عن بعد، عبر قنص الكاميرات، أو شعاع الليزر الذي يعمي البصر، والرادار الذي يعطّل الرادارات الإسرائيلية، وباتت هذه التقنيات معرضة للهجمات السيبرانية".
وأوضح أن "الشاحنات الصغيرة التي استخدمتها حماس في بعض الأماكن في الهجوم المفاجئ وصلت قطاع غزة عبر ميناء أسدود كمركبات مدنية، ولذلك فقد اقتنعت المؤسسة الإسرائيلية بأن أنظمتنا الحدودية التكنولوجية، التي لا مثيل لها في العالم، ولا حتى في كوريا الشمالية، يسمح لنا بالحفاظ على الحدود مع غزة بأقلّ قدر من القوات، لكن الفشل الأكبر على الإطلاق كان في عدم التحذير من الهجوم، الذي شارك فيه نحو 1500 مقاتل من قوة النخبة لحماس، ومئات آخرون يجمعون المعلومات الاستخبارية والتخطيط والتدريب".
وأكد أننا "حتى لو افترضنا أن حماس أخفت المعلومة عن الجميع، وعدم إخبارهم عن الهدف من التدريب خلال الـ48 أو 24 ساعة قبل العملية، لكن عندما دخل مقاتلوها لنقاط الإعداد كان يجب على أجهزة الأمن المختلفة أن تدرك أن شيئًا غير عادي يحدث، وأن تصدر تحذيرًا، لكنه لم يكن واضحا، رغم أنه في يوم الجمعة الذي سبق الهجوم، اكتشف الشاباك والجيش نشاطًا مكثفًا غير عادي لحماس في المنطقة القريبة من السياج، وظهر انه غير عادي لدرجة أنه في فرقة غزة، وربما في القيادة الجنوبية، أجروا تقييما للوضع لمعرفة ما تعنيه هذه العلامات، وكان الاستنتاج أن العلامات غامضة، لكنهم في النهاية قدروا أن هذا تمرين آخر لحماس".
تعطيل الاتصالات
ونقل عن ضباط كبار في الشاباك أن "حماس ربما تعلمت تجاوز أساليب جمع المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، ولذلك فإن إجابة السؤال عن عدم تمكن الجيش من الوصول لفترة طويلة أن نظام الإنذار والكاميرات لم يتوقف عن العمل فحسب، بل تعطلت الاتصالات وإدارة القتال لمدة 24 ساعة الأولى على الأقل، مما أسفر عن وقوع كارثة أكبر، بدليل أن كميات الأسلحة والذخائر والمواد الغذائية بحوزة المسلحين، يبدو أنهم كانوا يعتزمون البقاء في الميدان لمدة 48 ساعة، والقتال مع الجيش عندما يأتي لتحرير المستوطنات التي احتلتها حماس، بهدف إلحاق خسائر بقوات الجيش".
وأوضح أن "الهدف العام لحماس كان إذلال إسرائيل بشكل جدّي، وتقويض الشعور بالأمن لدى مستوطنيها، والدخول في مفاوضات حول رفع الحصار عن غزة من موقع القوة، وأن تصبح الطرف المهيمن على الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية أيضا، كما تأثر توقيت الهجوم المفاجئ بالوضع الداخلي الإسرائيلي، وافتراض أن الحكومة الحالية لن تكون قادرة على الرد بكامل قوتها بسبب الانقسام، مما يؤثر سلباً على الجيش، بجانب توقعات حماس بانضمام المزيد من القوات إليها في لبنان خاصة، لاسيما حزب الله كجزء من عقيدة الحرب المتعددة الساحات التي تشجعها إيران".
وأوضح أن "استعدادات حماس للهجوم بدأت في نهاية 2021 وبداية 2022، وقامت بجمع المعلومات الاستخبارية بجدّ، معظمها من مصادر مرئية، مما مكنها من تحديد نقاط الضعف في النظام الإسرائيلي، وروتين عمليات قواتها في فترات مختلفة، خلال أيام السبت والأعياد وفي أيام الأسبوع وأثناء الأزمة السياسية، ومن أبراج المراقبة التي أهملناها، جمعت الحركة الكثير من المعلومات عما يحدث داخل المستوطنات ومعسكرات الجيش والبؤر الاستيطانية المحاذية للسياج، راقبوها ليلاً ونهاراً، وأثناء الاضطرابات، وتعرفت على رد فعل الجيش وعدد القوات، ومناطق التجمع وطرق وصول القوات، وعمل الكاميرات وأنظمة الإنذار الأخرى".
وأكد أنه "بناء على هذه المعلومات، قامت حماس بتكييف الوسائل لتحييد نظام الإنذار واختراق الجدار، وفي الوقت نفسه طورت قدرات سيبرانية هجومية، ربما بمساعدة إيران، فيما كان الجيش مخموراً ومغرورا بأنظمة الإنذار، ولم يأخذ في الاعتبار، ربما من باب الاستهانة بالعدو، أنه يمكن إحداث الشلل فيه، بضرب عدد صغير من نقاط الاتصال المحلية، من قبل القناصين والطائرات بدون طيار المزودة بكاميرات، ولعل العدد الكبير، حوالي 1500 مقاتل، الذين اخترقوا في نفس الوقت على طول حدود غزة، أحد العوامل التي منعت الجيش من وقف الموجة الأولى من الهجوم على السياج، أو من إيقافها، وجاء الرد ضعيفاً للغاية مقارنة بالقوة المهاجمة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة حماس الاستخبارات حماس استخبارات طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعلومات الاستخباریة وأوضح أن
إقرأ أيضاً:
"طوفان الأقصى" تعصف باستقرار المستوطنين وتدفعهم للهجرة
الضفة الغربية - خاص صفا
عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، دخلت "إسرائيل" منعطفاً لم تسلكه منذ عام 1948، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أماناً، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.
وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون "إسرائيلي" بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد "الإسرائيليين" الذين قرروا العيش خارج حدود دولة الاحتلال أعداد العائدين بنسبة 44%.
وأظهرت البيانات انخفاضاً بنسبة 7% في عدد العائدين إلى "إسرائيل" بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفاً و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفاً و214 في العقد الماضي.
وتتصاعد الهجرة العكسية في "إسرائيل" لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقل الدولة اليهودية.
وأفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، بأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي "الإسرائيلي" من خلال مشروع الانقلاب القضائي.
وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعت فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم.
أن صواريخ ومسيرات المقاومة وصلت كافة الأراضي المحتلة، وخلقت واقعاً يتنافى مع العقيدة الأمنية للاحتلال، التي ترتكز على تحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.
وأشار أبو غوش إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في انفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.
وبيّن أن الهجرة الداخلية من القدس إلى تل أبيب، كانت دائماً موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين "الحريديم" على الحياة اليومية.
وتتركز الهجرة في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش، مرجحاً الأسباب إلى اتساع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة، وكلفة الحرب وتبيعاتها الاقتصادية التي يدفع فاتورتها المستوطنين.
وأكد على أن الهجرة العكسية هي الكابوس الأكبر الذي من شأنه أن ينهي حلم الدولة للكيان الصهيوني، إذ تتحول "إسرائيل" تدريجياً إلى دولة متطرفة لا ديموقراطية فيها، بعدما كان نظامها الليبرالي الديموقراطي أبرز عناصر قوتها وجذبها ليهود العالم.
وأضاف "إن هيمنة اليهود المتدينين وتغلغلهم في الحكم، وهم فئة غير منتجة ومساهمتها صفرية في الاقتصاد، إلى جانب رفضها الانضمام إلى الجيش، ستحول إسرائيل إلى دولة عالم ثالث تعتمد على المساعدات".
وهدمت الحرب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأظهرت ضعف "إسرائيل" واعتمادها التام على الدعم الأمريكي، وكشفت حقيقة الاحتلال المجرم للعالم، وفق أبو غوش، مبيّناً أن كل هذه العوامل أسقطت ثقة المستوطنين في حكومتهم ودفعتهم إلى الهجرة إلى أماكن أكثر أماناً واستقراراً.
ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفاً وتراجعاً في الرغبة بالعيش داخل "إسرائيل".
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف "إسرائيلي" هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف إسرائيلي على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 "إسرائيلي" بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
وأفاد تقرير لـ "هآرتس" بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في "إسرائيل" للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في "إسرائيل" من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.