نظم مجلس شباب الثورة بمحافظة المهرة فعالية خطابية وفنية احتفالا بالذكرى الستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، تحت شعار "لن ترى الدنيا على أرضي وصيا".

وفي الفعالية التي أقيمت بمدينة الغيضة عاصمة المحافظة، قال مجلس شباب الثورة في كلمة ألقاها القيادي عبدالله سالم كلشات، إن ذكرى ثورة أكتوبر تذكر الجميع برفض الأجداد للتدخلات الخارجية التي لا تتسق مع تطلعات الشعب في السيادة على أرضه ومقدراته وثروته.

وأكد على أهمية التمسك بأهداف ثورة أكتوبر ومبادئها السامية الرافضة لمظاهر الاحتلال الخارجي والتدخلات السافرة التي تنتهك السيادة الوطنية.

ودعا المواطنين على امتداد الوطن لمواصلة النضال لتحقيق أهداف ثورتي أكتوبر وسبتمبر. وجدد رفض المجلس لأي تسوية للأزمة اليمنية لا تستند على المرجعيات والثوابت الوطنية. وثمن جهود السلطة المحلية بالمحافظة في تعزيز الأمن، مشيدا بموقفها الرافض لأي تشكيلات مسلحة خارج سلطة الدولة.

وحث السلطة المحلية بالمحافظة على تحسين الخدمات الأساسية وتفعيل الرقابة والمحاسبة وتعيين الشباب من الكفاءات في الإدارات والمؤسسات.

وأدانت الفعالية المجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد المدنيين في فلسطين، مستنكرا الانحياز الأمريكي والغربي إلى جانب الاحتلال.

ودعت إلى اتخاذ موقف عربي وإسلامي لوقف العدوان على غزة ومجازر الصهاينة اليومية ضد المدنيين، مؤكدة على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الكيان الغاصب وتحرير كل شبر من أرضه.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

عودة الظل القديم: خطاب البرهان وإعادة بناء السلطة على أنقاض الثورة

طلال نادر
كاتب وصحافي من السودان

بينما يقترب السودانيون من الذكرى السادسة لفض اعتصام القيادة العامة، اللحظة التي أعلن فيها الجيش انحيازه الصريح للثورة ومشروعها المدني، خرج الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بخطابٍ في بورتسودان بدا فيه التباعد مع تلك اللحظة التاريخية لا تخفيه الكلمات، بل تؤكده الصياغة والمضمون. لم يكن الخطاب مناسبة عابرة، بل إعلان سياسي عن شكل الحكم القادم، حيث تعود السلطة إلى نقطة الارتكاز القديمة: البندقية، لا الشراكة؛ مركز القرار الأحادي، لا الإرادة الجماعية.

الخطاب جاء في توقيت رمزي محمّل بالذاكرة الوطنية، في لحظة يتصاعد فيها الانهيار المؤسسي، ويتعمق فيها الشرخ بين السلطة والمجتمع. لكنه لم يحمل أي نبرة نقد ذاتي، أو إشارة إلى مسؤولية سياسية عن الحرب الجارية أو الانقلاب على مسار الانتقال. بل بدا الخطاب، من بدايته إلى نهايته، تعبيرًا صريحًا عن مشروع مضاد للثورة، يُعيد تعريف مفاهيم الشرعية والهيبة الوطنية على أسس القوة لا الحوار، ويفتح الباب لترميم النظام القديم بآليات جديدة.

تكمن خطورة خطاب البرهان في كونه يمثل تتويجًا لمسار بدأ منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021

في خضم الخطاب، قال البرهان عبارته الأكثر وضوحًا وصراحة: "ما في مجد للساتك تاني.. المجد للبندقية بس". لا يمكن اعتبار هذه الجملة مجرد سخرية من أسلوب احتجاجي شعبي. بل إنها، بما تحمله من دلالات، إعلان سياسي صريح عن نهاية عهد الاحتجاج السلمي بوصفه مصدرًا للشرعية، وتأكيدٌ أن السلاح هو من يقرر من يحكم، ومن يُسمع صوته، ومن يُقصى. جاءت العبارة في لحظة متعمدة، وتكررت بصيغة تؤكد أنها ليست انفعالًا خطابيًا، بل موقفًا يُراد له أن يُكتب كعنوان للمرحلة القادمة.

التحوّل الخطابي في هذا المستوى لا يُقرأ بمعزل عن مسار ما بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، حين أُطيح بالحكومة المدنية وشُطبت الوثيقة الدستورية عمليًا، وعادت السلطة إلى قبضة العسكر دون شراكة. منذ ذلك الحين، مضى الجيش في إعادة هندسة الحقل السياسي، فتم تعطيل المؤسسات، وتفكيك القوى المدنية، ثم جاءت الحرب في أبريل 2023 لتكمل ما بدأه الانقلاب، هذه المرة من داخل المعسكر العسكري نفسه. وفي هذا السياق، لا يبدو خطاب البرهان الأخير إلا تتويجًا لهذا المسار، وشرعنة لغوية للعنف بوصفه أداة الحكم الوحيدة.

وفي مقابل هذا التمركز حول السلاح، قدّم البرهان تطمينات شكلية حين نفى وجود أي تحالف مع عناصر النظام السابق، قائلاً: «ما يُشاع عن دور المؤتمر الوطني أو الإسلاميين في هذا الصراع عارٍ عن الصحة». لكنه، وفي السياق ذاته، دعا إلى «إشراك كل المكوّنات، حتى من غادروا مواقعهم يوم الاعتصام». هذا التناقض لا يمكن فصله عن محاولة تبييض التحالفات القديمة، وتقديمها هذه المرة تحت لافتات الوحدة الوطنية والمصالحة المجتمعية، من دون أي التزام بالعدالة أو الاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبتها تلك القوى.

أما على صعيد الإصلاح المؤسسي، فقد تحدّث البرهان عن "مراجعة الأنماط العقيمة" في الخدمة المدنية، في تكرار لعبارات فضفاضة تُلقى في كل خطاب رسمي منذ عقود. لم يتضمن الطرح أي التزام زمني أو خطة عملية أو مساءلة سياسية عن مسؤولية الحكم الحالي في ما وصلت إليه مؤسسات الدولة. وكأن الأزمة الإدارية نشأت من ذاتها، لا من قرارات سياسية تفتقر للشفافية والمهنية والعدالة في التوزيع. وفي مقطع آخر، عرض البرهان استعداد الدولة للعفو عن من "يضع السلاح ويتبرأ من الذنوب"، في إشارة إلى عناصر الدعم السريع. لم تأت هذه المبادرة في سياق تسوية سياسية متكاملة، بل كترتيب أمني هدفه اختراق صف الخصم وتفكيكه. لا حديث عن محاكم، أو تحقيقات، أو تعويضات، أو حتى إطار عدالة انتقالية يحترم ذاكرة الضحايا. كل شيء في الخطاب ينتمي إلى منطق الغلبة العسكرية، لا التفاوض أو الإصلاح.

تكمن خطورة خطاب البرهان، إذًا، لا فقط في عباراته اللافتة أو في نزعته الواضحة لتمجيد القوة، بل في كونه يمثل تتويجًا لمسار بدأ منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، حين قررت المؤسسة العسكرية إجهاض الشراكة الانتقالية مع القوى المدنية، وأغلقت الباب أمام مشروع تأسيس دولة قائمة على المشاركة والتوازن. ذلك الانقلاب لم يكن مجرد لحظة تعطيل دستوري، بل كان الترس الأول في ماكينة إعادة إنتاج السلطة الأحادية، التي لا ترى في المدنيين شركاء، بل خصومًا أو ديكورًا مؤقتًا.

الآن، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على ذلك المسار، وبعد اندلاع الحرب التي فجّرت تناقضات التحالف العسكري – الأمني، يبدو أن خطاب البرهان الأخير ليس إلا إعادة ترسيمٍ علني لهندسة سياسية تُقصي الثورة وتُعيد تموضع الجيش كمركز القرار المطلق. أما "المجد للبندقية" فليست فقط عبارة قيلت في لحظة تعبئة، بل شعار المرحلة القادمة: مرحلة يُعاد فيها تعريف الوطنية من منظور عسكري صرف، وتُعاد فيها كتابة الرواية الرسمية للتاريخ، بحيث يُمحى صوت الشارع، ويُختصر الوطن في فوهة بندقية.

ما يجعل هذا الخطاب أكثر إرباكًا وخطورة هو توقيته، الذي يتزامن مع اقتراب ذكرى مجزرة القيادة العامة، ومع استمرار النزوح الجماعي وانهيار الاقتصاد والمؤسسات. فبدلاً من الاعتراف بالأخطاء، أو تقديم رؤية سياسية تفتح الباب أمام تسوية وطنية شاملة، اختارت السلطة أن تصعّد خطابها وتُحكِم قبضتها، وتستبدل شعار الثورة بآخر مضاد له تمامًا. في هذا السياق، يبدو أن المستقبل الذي يُراد للسودانيين أن يدخلوا إليه ليس امتدادًا لأحلام ديسمبر، بل انقطاعٌ حادٌ عنها. إنه مستقبل تُفرَغ فيه الثورة من مضمونها، وتُعاد فيه النخب القديمة بمسميات جديدة، وتُرسم فيه العلاقة بين المواطن والدولة على أساس الطاعة لا المشاركة، وعلى أساس المجد للبندقية لا للمبادئ.

لم يكن الخطاب مناسبة عابرة بل إعلان سياسي عن شكل الحكم القادم حيث تعود السلطة إلى نقطة الارتكاز القديمة

يبقى السؤال المفتوح: كيف يمكن لقوى الثورة، التي صنعت التاريخ في الشارع لا في مكاتب التفاوض، أن تواجه هذه الموجة المضادة؟ وهل يُمكن لنداءات الحرية والسلام والعدالة أن تستعيد صوتها وسط ضجيج الرصاص؟ ما هو مؤكد حتى الآن، أن السلطة اختارت موقعها بوضوح، ولم تعد تناور: لقد قالتها صراحةً، إن المجد للبندقية… فهل سيقبل الناس بذلك؟

 

نقلا عن "ألترا صوت"

   

مقالات مشابهة

  • اتحاد نقابات عمال مصر يكشف أهمية إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسلامة المهنية
  • وزير خارجية سوريا: لا مكان للتدخلات الخارجية في مسارنا الوطني
  • الوزير الشيباني: إن أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، وتجارب المنطقة والعالم شاهدة على الكلفة الباهظة التي دفعتها الشعوب جراء التدخلات الخارجية، والتي غالباً ما تُبنى على حساب المصالح الوطنية، وتخدم أ
  • عودة الظل القديم: خطاب البرهان وإعادة بناء السلطة على أنقاض الثورة
  • ثنائي الابادة
  • البديوي يؤكد أهمية القطاع الخاص في تعزيز جهود العمل الخليجي
  • وزير التربية والتعليم‏ يؤكد أهمية تعزيز بيئة مدرسية آمنة تدعم السلم الأهلي
  • كيزانيات-٦: الخطر القادم (الحركة الوطنية للبناء و التنميًة)
  • نهيان بن مبارك يؤكد أهمية التطوير المستدام للكفاءات الوطنية الشابة
  • رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي يؤكد أهمية المواقع التاريخية في تقديم الإرث السوري للعالم