لجريدة عمان:
2025-02-05@08:27:48 GMT

ما تفعله إسرائيل الآن تطهير عرقي وتكرار لـ 48

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

تطالب الحكومة الإسرائيلية أكثر من مليون فلسطيني بأن يغادروا منازلهم في شمال غزة وأن يهربوا إلى الجنوب، وهي مطالبة تردد أصداء مروعة من الماضي.

لقد عملتُ صحفية في المنطقة في التسعينيات، وفي السنوات الأخيرة أنفقت قدرا كبيرا من الوقت في غزة وإسرائيل، أبحث في تاريخ مليونين وثلاثمائة ألف لاجئ في غزة.

كل سكان غزة تقريبا لاجئون من واحدة من مائتي قرية عربية، كانت تقع آنذاك في جنوب فلسطين ودمَّرتها القوات الإسرائيلية في عام 1948 عندما نشأت الدولة اليهودية. وما تبقى من بعض هذه القرى يقع ضمن مسافة عشرة أميال من حدود غزة. بل إن بعض اللاجئين يستطيعون رؤية أراضيهم من خلال السياج.

ولقد كان من السهل التنبؤ بالمرحلة الأولى من انتقام إسرائيل من الأعمال التي ارتكبتها حماس ـ فهذه المرحلة هي القصف الجوي المكثف الذي شهدناه خلال الأيام القليلة الماضية. فكان من المحتم على كل فلسطيني بريء في غزة أن يدفع الثمن المروع، وقد دفعه الآلاف بالفعل.

ومع ذلك فإنني لم أتوقع من الغرب في هذه المرة أن يمنع حدوث ذلك ـ وهو ما تكرَّر من الغرب عدة مرات من قبل - بل إنه سوف يهتف لإسرائيل، ويرسل الأسلحة ويعدها فعليا بالإفلات من العقاب أمام القانون الدولي، ويتخلى عن الفلسطينيين تاركا إياهم يواجهون محنتهم.

في ظل الضوء الأخضر من حلفاء إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الجمعة أنه سوف يتم «إجلاء» مليون ومائة ألف من سكان غزة من شمال غزة إلى جنوبها. يريدنا نتنياهو أن نصدق أن اهتمامه الأساسي هو إبقاء المدنيين بعيدا عن الخطر أثناء الغزو البري المتوقع من الشمال، فبهذه الطريقة يفترض أنه يخطط «لسحق» حماس أخيرا. ولا تصدر هذه الادعاءات الفارغة ـ وقد لقي ألف وثمانمائة فلسطيني مصرعهم حتى كتابة هذه السطور بالفعل ـ إلا على أمل تحصين إسرائيل من الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولكن من شأن دفع مليون شخص إلى الجنوب أن يتسبب في المزيد من الرعب، فنحن نعلم جميعا بالفعل أنه ما من مكان آمن يمكن أن يفر المدنيون إليه أو يلوذون به.

عندما قامت القوات الإسرائيلية بـ «تطهير» القرى المجاورة عام 1948، بدأت العملية بمثل الحرب النفسية التي نشهدها اليوم، أي بإنذارات تدعو إلى الفرار، وإلقاء منشورات، وتهديدات بما قد يحدث في حال عدم الامتثال للإنذارات. تعرضت قرى لقصف عام قبل دخول القوات البرية، ولقي العديد من المدنيين مصرعهم، ووقعت مجازر. وكانت القرية تتعرض في العادة للحصار، في ما عدا مخرجا واحدا يبقى مفتوحا ليهرب الفلسطينيون عبره. وفي نهاية المطاف، ذهب الناجون إلى قطاع غزة، إذ كان يعد منطقة آمنة. ومنحهم قرار الأمم المتحدة رقم 194، الصادر في ديسمبر 1948، حق العودة، ورفضته إسرائيل.

في حال استمرار نتنياهو في خطة «الإخلاء»، فإننا نعلم من التاريخ والأحداث على الأرض أنه بعد الإنذارات والتفجيرات التي نشهدها بالفعل، سوف يهرب اللاجئون، كما فعلوا في عام 1948. والمخرج المحتمل الوحيد لهم هو مصر. وبرغم أن مصر تعارض بشدة قبول اللاجئين، لعلمها أنها بذلك ستكون متعاونة في تطهير عرقي دائم، فإن هذا قد يتغير إذا ما تصاعدت الأزمة الإنسانية على حدودها. وفي حال تدفق سكان غزة بالفعل إلى سيناء، فقد لا يُسمح لهم بالعودة.

إن المخاطر التي يواجهها نتنياهو هائلة، وليس أقل أسباب ذلك أن في داخل غزة رهائن إسرائيليين. ولكن نظرا لأن مستقبله السياسي يبدو منتهيا بصورة شبه مؤكدة على أي حال، فقد يقدِّر أنه لم يبقَ لديه ما يخسره. ولطالما ضغط اليمين الإسرائيلي من أجل طرد سكان غزة إلى سيناء.

بعبارة أخرى، إذا لم يتحرك الغرب وغيره من الجهات الفاعلة المؤثرة لوقف هذا «الإخلاء»، فقد تكون عملية تطهير عرقي جارية بالفعل، جالبة في ثناياها مخاطر نشوب حريق إقليمي.

وكما كان الحال عند عمليات الطرد التي نفذتها إسرائيل في عام 1948، فإن قيادتها اليوم سوف تطرح بعد ذلك سردية مفادها أنه ما من مستقبل آمن لإسرائيل ما لم يتم طرد سكان غزة بالكامل بشكل دائم. ثم تبدأ بعد ذلك المفاوضات على ما إذا كان للاجئين الحق في العودة إلى غزة، التي كانت بالفعل منفى لهم.

قد يبدو هذا السيناريو متشائما للغاية، ولكن كما يعلم اللاجئون الفلسطينيون تمام العلم، هو ليس كذلك. لطالما رجت إسرائيل أن يطوي النسيان قصة التطهير العرقي الذي قامت به للقرى الفلسطينية عام 1948. ومنذ الأيام الأولى لحرب عام 1948، اختلقت إسرائيل سرديتها الخاصة لتلك الأحداث، زاعمة أن الفلسطينيين فروا بأوامر من القيادة العربية. وعندما حاولوا العودة إلى قراهم بعد الحرب، تم تصنيفهم باعتبارهم «متسللين» ثم «إرهابيين».

منذ أن حاصرت إسرائيل ومصر قطاع غزة في ما بين 2006 و2007، عازلة إياها عن العالم، ترى إسرائيل داعيا للأمل في أن تظل قصة عام 1948 مخفية أيضا. فتم حجب الأرشيف، وتدمير آخر بقايا القرى. ولكن الأمر لا يقتصر على أن العديد من سكان غزة اليوم يتذكرون عام 1948، بل إنهم يشعرون وكأنهم رجعوا إليه مرة أخرى.

لقد تحدثت إلى أصدقاء داخل القطاع فقالوا إنهم مصرون على عدم اقتلاعهم مرة أخرى من جذورهم، وأنهم يفضلون البقاء في بيوتهم والموت فيها.

قالت لي إحدى الأمهات، وتدعى «عدالة» وتعيش في وسط غزة: «لن أتحرك. سيقتلونني في بيتي ومع أهلي». ويقع بيت عدالة على الشاطئ مطلا على البحر، حيث تتحرك دوريات الزوارق الحربية الإسرائيلية. قالت لي «عدالة» إنها جمعت كل أفراد عائلتها في البيت لا تريد إلا أن يموتوا معا.

سارة هيلم مراسلة صحفية سابقة من الشرق الأوسط ومحررة دبلوماسبة لصحيفة (إندبندت).

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سکان غزة عام 1948

إقرأ أيضاً:

محلل سياسي فلسطيني: ترامب يسعى لتغيير حدود إسرائيل خارج اتفاقيات 1948

أكد المحلل السياسي الفلسطيني، المستشار طه الخطيب، أن الولايات المتحدة الأمريكية والمؤسسات الأمريكية هي من تقود العالم وتقرر من يحكم في إسرائيل. 

وأشار الخطيب خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “حضرة المواطن” المذاع عبر قناة “الحدث اليوم”، إلى أن المندوب الأمريكي، الذي سيكون له دور كبير في توجيه الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، سيواصل التأثير بشكل كبير في العاصمة الإسرائيلية تل أبيب.

وفي حديثه عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أضاف الخطيب أنه على الرغم من مرور أربع سنوات على حكمه، كان قد أعلن في وقت سابق أن إسرائيل تعد دولة ذات مساحة صغيرة في منطقة الشرق الأوسط. 

وأضاف أن ترامب قد عاد إلى الساحة مجددًا بتصريحات درامية، مشيرًا إلى أنه يستخدم قلمه الرائع لتوقيع القرارات، مبررًا ذلك بتشبيه إسرائيل بالذكاء والعلماء، بينما شبه مكتبه في واشنطن بمنطقة الشرق الأوسط كمعادلة خاسرة.

وحذر الخطيب من أن ترامب يسعى لتغيير بعض الحدود الخاصة بالدولة الإسرائيلية خارج إطار اتفاقيات الهدنة الموقعة عام 1948. 

وأوضح أن هذا التغيير سيشمل مناطق محددة في شمال الضفة الغربية، وبالتحديد في الجنوب الشرقي من لبنان والجنوب الغربي من سوريا، بما في ذلك منطقة جبل الشيخ.

مقالات مشابهة

  • صدمة لـ«نتنياهو» .. «ترامب»: مصر والأردن رفضا بالفعل استقبال سكان غزة
  • سكان جباليا لا يجدون شيئا في بيوتهم التي دمرها الاحتلال
  • محلل سياسي فلسطيني: ترامب يسعى لتغيير حدود إسرائيل خارج اتفاقيات 1948
  • أمير هشام: فلوروتش مرشح بالفعل للأهلي لكن لم يتم تقديم عرض رسمي لضمه
  • إيران تحذر من خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين .. تطهير عرقي
  • إيران تحذر من خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين.. تطهير عرقي
  • إيران: اقتراح ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة "تطهير عرقي"
  • الرئاسة الفلسطينية تتهم إسرائيل بارتكاب تطهير عرقي في الضفة الغربية
  • رئيس المجلس الوطني الفلسطيني: تفجيرالاحتلال للمنازل في مخيمي جنين وطولكرم تطهير عرقي
  • صحافة العالم: موقف عربي موحد ضد تهجير سكان غزة.. اقتراح ترامب تطهير عرقي.. إسرائيل تخترق المنطقة العازلة بسوريا