لجريدة عمان:
2024-12-28@00:55:29 GMT

ما تفعله إسرائيل الآن تطهير عرقي وتكرار لـ 48

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

تطالب الحكومة الإسرائيلية أكثر من مليون فلسطيني بأن يغادروا منازلهم في شمال غزة وأن يهربوا إلى الجنوب، وهي مطالبة تردد أصداء مروعة من الماضي.

لقد عملتُ صحفية في المنطقة في التسعينيات، وفي السنوات الأخيرة أنفقت قدرا كبيرا من الوقت في غزة وإسرائيل، أبحث في تاريخ مليونين وثلاثمائة ألف لاجئ في غزة.

كل سكان غزة تقريبا لاجئون من واحدة من مائتي قرية عربية، كانت تقع آنذاك في جنوب فلسطين ودمَّرتها القوات الإسرائيلية في عام 1948 عندما نشأت الدولة اليهودية. وما تبقى من بعض هذه القرى يقع ضمن مسافة عشرة أميال من حدود غزة. بل إن بعض اللاجئين يستطيعون رؤية أراضيهم من خلال السياج.

ولقد كان من السهل التنبؤ بالمرحلة الأولى من انتقام إسرائيل من الأعمال التي ارتكبتها حماس ـ فهذه المرحلة هي القصف الجوي المكثف الذي شهدناه خلال الأيام القليلة الماضية. فكان من المحتم على كل فلسطيني بريء في غزة أن يدفع الثمن المروع، وقد دفعه الآلاف بالفعل.

ومع ذلك فإنني لم أتوقع من الغرب في هذه المرة أن يمنع حدوث ذلك ـ وهو ما تكرَّر من الغرب عدة مرات من قبل - بل إنه سوف يهتف لإسرائيل، ويرسل الأسلحة ويعدها فعليا بالإفلات من العقاب أمام القانون الدولي، ويتخلى عن الفلسطينيين تاركا إياهم يواجهون محنتهم.

في ظل الضوء الأخضر من حلفاء إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الجمعة أنه سوف يتم «إجلاء» مليون ومائة ألف من سكان غزة من شمال غزة إلى جنوبها. يريدنا نتنياهو أن نصدق أن اهتمامه الأساسي هو إبقاء المدنيين بعيدا عن الخطر أثناء الغزو البري المتوقع من الشمال، فبهذه الطريقة يفترض أنه يخطط «لسحق» حماس أخيرا. ولا تصدر هذه الادعاءات الفارغة ـ وقد لقي ألف وثمانمائة فلسطيني مصرعهم حتى كتابة هذه السطور بالفعل ـ إلا على أمل تحصين إسرائيل من الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولكن من شأن دفع مليون شخص إلى الجنوب أن يتسبب في المزيد من الرعب، فنحن نعلم جميعا بالفعل أنه ما من مكان آمن يمكن أن يفر المدنيون إليه أو يلوذون به.

عندما قامت القوات الإسرائيلية بـ «تطهير» القرى المجاورة عام 1948، بدأت العملية بمثل الحرب النفسية التي نشهدها اليوم، أي بإنذارات تدعو إلى الفرار، وإلقاء منشورات، وتهديدات بما قد يحدث في حال عدم الامتثال للإنذارات. تعرضت قرى لقصف عام قبل دخول القوات البرية، ولقي العديد من المدنيين مصرعهم، ووقعت مجازر. وكانت القرية تتعرض في العادة للحصار، في ما عدا مخرجا واحدا يبقى مفتوحا ليهرب الفلسطينيون عبره. وفي نهاية المطاف، ذهب الناجون إلى قطاع غزة، إذ كان يعد منطقة آمنة. ومنحهم قرار الأمم المتحدة رقم 194، الصادر في ديسمبر 1948، حق العودة، ورفضته إسرائيل.

في حال استمرار نتنياهو في خطة «الإخلاء»، فإننا نعلم من التاريخ والأحداث على الأرض أنه بعد الإنذارات والتفجيرات التي نشهدها بالفعل، سوف يهرب اللاجئون، كما فعلوا في عام 1948. والمخرج المحتمل الوحيد لهم هو مصر. وبرغم أن مصر تعارض بشدة قبول اللاجئين، لعلمها أنها بذلك ستكون متعاونة في تطهير عرقي دائم، فإن هذا قد يتغير إذا ما تصاعدت الأزمة الإنسانية على حدودها. وفي حال تدفق سكان غزة بالفعل إلى سيناء، فقد لا يُسمح لهم بالعودة.

إن المخاطر التي يواجهها نتنياهو هائلة، وليس أقل أسباب ذلك أن في داخل غزة رهائن إسرائيليين. ولكن نظرا لأن مستقبله السياسي يبدو منتهيا بصورة شبه مؤكدة على أي حال، فقد يقدِّر أنه لم يبقَ لديه ما يخسره. ولطالما ضغط اليمين الإسرائيلي من أجل طرد سكان غزة إلى سيناء.

بعبارة أخرى، إذا لم يتحرك الغرب وغيره من الجهات الفاعلة المؤثرة لوقف هذا «الإخلاء»، فقد تكون عملية تطهير عرقي جارية بالفعل، جالبة في ثناياها مخاطر نشوب حريق إقليمي.

وكما كان الحال عند عمليات الطرد التي نفذتها إسرائيل في عام 1948، فإن قيادتها اليوم سوف تطرح بعد ذلك سردية مفادها أنه ما من مستقبل آمن لإسرائيل ما لم يتم طرد سكان غزة بالكامل بشكل دائم. ثم تبدأ بعد ذلك المفاوضات على ما إذا كان للاجئين الحق في العودة إلى غزة، التي كانت بالفعل منفى لهم.

قد يبدو هذا السيناريو متشائما للغاية، ولكن كما يعلم اللاجئون الفلسطينيون تمام العلم، هو ليس كذلك. لطالما رجت إسرائيل أن يطوي النسيان قصة التطهير العرقي الذي قامت به للقرى الفلسطينية عام 1948. ومنذ الأيام الأولى لحرب عام 1948، اختلقت إسرائيل سرديتها الخاصة لتلك الأحداث، زاعمة أن الفلسطينيين فروا بأوامر من القيادة العربية. وعندما حاولوا العودة إلى قراهم بعد الحرب، تم تصنيفهم باعتبارهم «متسللين» ثم «إرهابيين».

منذ أن حاصرت إسرائيل ومصر قطاع غزة في ما بين 2006 و2007، عازلة إياها عن العالم، ترى إسرائيل داعيا للأمل في أن تظل قصة عام 1948 مخفية أيضا. فتم حجب الأرشيف، وتدمير آخر بقايا القرى. ولكن الأمر لا يقتصر على أن العديد من سكان غزة اليوم يتذكرون عام 1948، بل إنهم يشعرون وكأنهم رجعوا إليه مرة أخرى.

لقد تحدثت إلى أصدقاء داخل القطاع فقالوا إنهم مصرون على عدم اقتلاعهم مرة أخرى من جذورهم، وأنهم يفضلون البقاء في بيوتهم والموت فيها.

قالت لي إحدى الأمهات، وتدعى «عدالة» وتعيش في وسط غزة: «لن أتحرك. سيقتلونني في بيتي ومع أهلي». ويقع بيت عدالة على الشاطئ مطلا على البحر، حيث تتحرك دوريات الزوارق الحربية الإسرائيلية. قالت لي «عدالة» إنها جمعت كل أفراد عائلتها في البيت لا تريد إلا أن يموتوا معا.

سارة هيلم مراسلة صحفية سابقة من الشرق الأوسط ومحررة دبلوماسبة لصحيفة (إندبندت).

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سکان غزة عام 1948

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تعلن انتهاء عملية اقتحام مدينة طولكرم بعد مقتل ثمانية فلسطينيين وتعترف بسقوط مدنيين

دأب الجيش الإسرائيلي منذ عملية طوفان الأقصى على استهداف مدن الضفة المحتلة بشكل واسع. وفي خطوة غير مسبوقة عمدت قوات تل أبيب منذ ذلك الوقت، إلى استخدام الغارات الجوية سلاحا لقتل عناصر الفصائل الفلسطينية بذريعة أنها تريد إحباط هجمات ضد مواطنيها.

اعلان

أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس، أنه أنهى ما سماها عملية "مكافحة الإرهاب" في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد تحدثت عن مقتل ثمانية أشخاص على يد قوات الدولة العبرية ثلاثة منهم لقوا حتفهم في غارات إسرائيلية. وقد طال الهجوم طولكرم والمخيمات المجاورة للمدينة. وقال الجيش إنه فتح النار بعد استهداف جنوده من قبل مسلحين معترفا بإصابة مدنيين في تلك الغارات.

العملية الأخيرة ليست الوحيدة، فقد دأب الجيش الإسرائيلي منذ طوفان الأقصى على استهداف مدن الضفة المحتلة بشكل واسع وفي خطوة غير مسبوقة عمدت قوات تل أبيب إلى استخدام الغارات الجوية سلاحا لقتل عناصر الفصائل الفلسطينية بذريعة أنها تريد إحباط هجمات ضد مواطنيها.

Relatedغانتس يدعو للتعامل مع جنوب لبنان كمناطق "أ" في الضفة الغربية.. ماذا يعني ذلك؟قتل الأطفال يبلغ معدلاً غير مسبوق.. الغارديان: إسرائيل تستخدم الذخيرة الحية لقتلهم في الضفة الغربيةمشاريع تنموية هولندية في الضفة الغربية المحتلة تتعرض للتخريب.. ماذا يحدث؟

وقد بلغت حصيلة من قتلتهم جيش تل أبيب في الضفة الغربية 800 فلسطينيا منذ أكتوبر 2023 بحسب وزارة الصحة في رام الله.

في المقابل، شن مسلحون فلسطينيون عمليات استهدفت الجنود الإسرائيليين في الحواجز الذي تقطع أوصال الضفة المحتلة وداخل أراضي الدولة العبرية أيضا.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية حملة غير مسبوقة لقوات أمن السلطة داخل مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة وسط هتافات غاضبة.. مئات الفلسطينيين يشيعون ضحايا غارة إسرائيلية في طولكرم وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الميلاد بالأمل ضحاياقصفالضفة الغربيةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next طرطوس: مقتل 14 من قوات الحكومة السورية الحالية خلال "محاولة اعتقال ضابط في نظام الأسد" يعرض الآن Next جثثهم تفحّمت.. غارة إسرائيلية تقتل 5 صحفيين من قناة القدس في النصيرات بقطاع غزة يعرض الآن Next زيلينسكي يحتفل بعيد حانوكا اليهودي بحضور مجموعة من الحاخامات ويقول إن "النور سينتصر على الظلام" يعرض الآن Next السلطة السورية الجديدة تحرق مليون حبة كبتاغون في مستودع تابع لمخابرات الأسد بدمشق يعرض الآن Next حصار وقتل في غزة واتهام متبادل بين حماس وإسرائيل حول عدم الجدية في المفاوضات اعلانالاكثر قراءة فرنسا: إنقاذ 240 شخصا في جبال الألب بعد أن بقوا عالقين في الجو بسبب انقطاع الكهرباء عن مصعد التزلج أردوغان يهنئ الشعب السوري على رحيل "الأسد الجبان الذي فرّ" ويحذر الأكراد من استغلال الظروف غواتيمالا: السلطات تستعيد عشرات الأطفال والنساء من قبضة طائفة يهودية متشددة كازاخستان: ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم الطائرة الأذربيجانية إلى 38 قتيلا و29 ناجيا هجوم روسي ضخم بالصواريخ الباليستية على قطاع الطاقة في خاركيف وإحباط محاولة اغتيال في روسيا اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومعيد الميلادضحاياقطاع غزةسوريابشار الأسدقتلإسرائيلالمسيحيةفولوديمير زيلينسكيدونالد ترامبأسلحةرجب طيب إردوغانالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • يديعوت أحرنوت: إصابة شخص حتى الآن جراء إطلاق صاروخ من اليمن على إسرائيل
  • يونيفيل: بلدة الخيام الوحيدة التي أخلتها إسرائيل وانتشر فيها الجيش اللبناني
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: ما يجري في شمال غزة.. تطهير عرقي وإبادة جماعية
  • مصادر لـ"أكسيوس": فرص التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس قبل تنصيب ترامب ضئيلة
  • إسرائيل تعلن انتهاء عملية اقتحام مدينة طولكرم بعد مقتل ثمانية فلسطينيين وتعترف بسقوط مدنيين
  • إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف سيارتكم التي تحمل رمز الصحافة
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • الضفة المحتلة: إسرائيل تواصل اقتحامها لطولكرم وسقوط 8 فلسطينيين برصاص جيش الدولة العبرية
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • محافظ أسيوط: تطهير الترع والمصارف بمنفلوط والقوصية وديروط لوصول المياه لنهايتها