لجريدة عمان:
2024-11-18@09:21:47 GMT

حطمنا جهاز اللاسلكي والموقف جيد

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

يعترف رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، إبان غزو الجيش الإسرائيلي للبنان عام 1982م الجنرال رافائيل إيتان في مذكراته، أن الفدائيين الفلسطينيين قاتلوا في كل مكان بكفاءة وجرأة عالية، ولم يتوقع منهم أن يرفعوا الراية البيضاء أبدا، وأنهم بالفعل لم يفعلوا ذلك وقاتلوا في كل موقع حتى آخر طلقة. الجنرال إيتان نفسه، كان قاب قوسين أو أدنى من الموت في منطقة الدامور، حين أطلق مقاتل فلسطيني قذيفة «ار بي جي» انفجرت على مقربة منه وأودت بنائبه الجنرال «يكوئيتيل ادم» وأصابت العقيد «حاييم سيلا» بجراح بليغة.

أدم كان على وشك تسلم منصبه الجديد رئيسا للموساد، لكن الموت كان أسرع، وبنفس السرعة ربما تقضي الهزيمة الميدانية بعد أيام قليلة على أحلام إسرائيل بانتصار موهوم آخر.

أثناء المداولات والوساطات لوقف العدوان على بيروت المحاصرة، آنذاك، احتد النقاش ووصل إلى نقطة حرجة، وهدد وزير الخارجية الأمريكي ألكسندر هيغ ووزير الدفاع كاسبر واينبرغر بأن تنهي الولايات المتحدة المداولات وتعطي الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلي لاقتحام المدينة، وحينها رد الأمير بندر بن سلطان بثقة: لا بأس إذن، دعوهم يقتحمون المدينة إن كانوا يستطيعون ذلك!!

تعلم الولايات المتحدة، ويعلم وزيراها للخارجية والدفاع اللذان رأيناهما في المؤتمر الصحفي أمس، يتبجحان ويأذنان بالهجوم على غزة، حجم المذبحة التي ستقع، ومدى الخيبة والهزيمة التي ستلحق بالجيش الإسرائيلي، وأن الرايات البيضاء لن ترفع مطلقا، حتى لو استمر القتال حتى آخر طلقة، أما إن لم يعلموا فجريرتهم أدهى وأكبر.

وبالتأكيد لا تزال السجلات والوثائق محفوظة، وبإمكان الدول الغربية المنحازة لآلة الدمار الإسرائيلية، الرجوع إلى ملابسات حصار قوات جيش الجهاد المقدس بقيادة الشهيد عبد القادر الحسيني للحامية اليهودية في القدس المقدرة بـ 120 ألفا في عام 1947م، وتوسط القنصل الأمريكي لاستسلامها، وإخلائها، وقد وصل اليأس في تلك الظروف حدا جعل الولايات المتحدة ترجع عن تأييدها لقرار التقسيم 181 وتهتز ثقتها بإمكان إقامة دولة يهودية، لكن الحصار الخانق على الثوار الفلسطينيين وقطع المال والسلاح والعتاد عنهم، قلب الموازين، وأدى بعد أشهر قليلة لحدوث النكبة. يقول الفيلسوف «هيغل» ملهاة أن يتكرر الشيء نفسه في التاريخ مرة واحدة، ومأساة أن يتكرر مرتين، فكم مرة تتكرر الأشياء في الموضوع الفلسطيني؟!

استعادتنا لهذه اللحظة، هو فقط من أجل استلهام ما فعله الشهيد القائد عبد القادر الحسيني، الذي غادر اجتماع اللجنة العسكرية للجامعة العربية غاضبا، وهاتفا: «سنحرر القسطل بصدورنا» وأبرق للجنة بجملة واحدة: أحملكم مسؤولية ضياع فلسطين، وتوجه للالتحاق بمقاتليه وصعد للقسطل على تخوم القدس وحررها واستشهد فيها. فالفلسطيني، حين يمتلك السلاح والدعم سيقاتل ويصمد وقد ينتصر، أما إن لم يمتلكه، فسيقاتل ويستشهد، لكنه لن ييأس أو يستسلم أبدا.

الشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى، نستعرض منها بعض المواقف والصور الوجيزة:

خدم مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني في شبابه بالجيش العثماني ودون في مذكراته إن المقاتل الفلسطيني كان مصنفا ضمن قوات النخبة. وتسجل بعض المدونات أن أحد آخر المجموعة التي توقفت عن القتال وبطلب من الأخوة العراقيين، في ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق، كانت الفصيلة الفلسطينية. وبعد نكسة حزيران بعدة أشهر رفض 400 فدائي الانسحاب من منطقة الكرامة في غور الأردن وقرروا القتال حتى النهاية، وهزموا جيش موشي ديان، الذي تعجرف بقدرته على كسرهم كما يكسر البيضة، فانكسرت هيبته وشكيمته وانسحب يجر أذيال الخيبة. وفي الفجر التالي لعملية فندق سافوي الفدائية في تل أبيب في مارس أذار من العام 1975م، وبينما جرافات الجيش الإسرائيلي ترفع ركام المبنى المنهار بعد نسفه، خرج الفدائي الجريح الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من بين الأنقاض وأطلق الأعيرة من سلاحه واستشهد. وفي عملية دلال المغربي ومجموعة دير ياسين الفدائية على مشارف تل أبيب تظاهر أحد الفدائيين بالاستسلام، وتقدم رافعا يديه، قبل أن يلتقط سلاحه بسرعة ويواصل الاشتباك ويستشهد.

وحين تلقى ياسر عرفات وهو في غرفة العمليات في بيروت المحاصرة اتصالا باللاسلكي، من شبل صغير، كان آخر من بقي على قيد الحياة من المقاتلين في قلعة الشقيف، حيّاه أبو عمار، وودعه بكل محبة، وأعطاه إذنا بإطلاق آخر قذيفة «ار بي جي» متبقية. ويتذكر ضباط الجيش الإسرائيلي جيدا الشهيد عمر القاسم وكان أسيرا محكوما بالمؤبدات في سجونهم، عندما حدثت عملية فلسطينية في مستوطنة معالوت، وتم أخذ رهائن لمبادلتهم بأسرى، فاقتيد من زنزانته، وقُيد بالسلاسل على مقدمة سيارة عسكرية، وطُلب منه أن يستنجد بالفدائيين بمكبر الصوت، ليوقفوا إطلاق النار كي لا يلقى حتفه أو يصاب بأذى، فصرخ بمكبر الصوت برفاقه: استمروا بإطلاق النار، ولا تأبهوا بحياتي. كما يذكر ضباط المخابرات والجيش الإسرائيلي، البطل صلاح التعمري، قائد معتقل أنصار عندما أجرت الإذاعة الإسرائيلية حديثا معه وهو أسير ومكبل للطلب من قيادة منظمة التحرير أن تتهاون في شروط استبدال 8 جنود إسرائيليين، وقعوا بالأسر، بمعتقلين فلسطينيين وعرب، فصرخ بقيادته عبر الأثير أن تصر على كل مطالبها ولا تتنازل بتاتا.

وإن كان قادة الكيان الصهيوني، لم يفهموا حتى الآن سر صمود غزة ومخيم جنين وأزقة القدس وعنفوان اللد والناصرة، واعتزازهم بعروبتهم، وسحر ابتسامات الفتية والفتيات والأطفال في الانتفاضات والهبات المتكررة، وهم يكبلون بالأغلال ويقتادون إلى المعتقلات الإسرائيلية، أو إن كان هناك من لا زال قلبه يرتجف للتهديدات وقعقعة السلاح وهدير الجيوش الجرارة وحاملات الطائرات العملاقة، فسنقف عند القصة الأخيرة التي عنونا بها هذا المقال وهي قصة حقيقة حدثت وتتكرر إن لم يكن بتفاصيلها فبدلالاتها في كل موقع: في إحدى معارك الثورة الفلسطينية تدحرج الوضع من سيئ إلى أسوأ تدريجياً، وفي كل لحظة اقترب الخطر من الفدائيين أكثر فأكثر، وكانت غرفة القيادة الميدانية تستمر بإرسال البرقيات باللاسلكي إلى قيادتها العامة: التموين نفد والموقف جيد، ثم في رسالة تالية، أدوات الإسعاف نفدت والموقف جيد، ثم في أخرى الذخائر تكاد تنفد والموقف جيد، واستمرت البرقيات تتلاحق، وتؤكد رغم كل الظروف أن الموقف جيد حتى اللحظة التي سقطت غرفة القيادة نفسها وصار لابدّ من تفجير جهاز اللاسلكي كي لا يتم الاستيلاء عليه قبل لفظ الفدائيين أنفاسهم الأخيرة، وكانت آخر برقية أرسلت: «حطمنا جهاز اللاسلكي والموقف جيد».. فهل اتضحت الصورة ؟

محمود التميمي كاتب فلسطيني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ما هي الأعمال التي تجعلنا نرى رسول الله في الجنة؟

هل نرى الرسول في الجنة؟، سؤال أجاب عنه الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.

ليرد موضحا: إن رؤية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى الآخرة والشرب من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا هذه نعمة ومنة من الله ننتظرها جميعا، مشيراً إلى أن أحد الصحابة وهو يساعد النبي صلى الله عليه وسلم في وضوئه، بكى، فقال النبي له ما الذي أباك، قال: يا رسول الله تذكرت الجنة وأنت في أعلى علين ونحن لا ندرى ماذا يفعل الله بنا، فقال النبي له: إن المرء مع من أحب.

وتابع أمين الفتوى أن الصحابة يقولون ما فرحنا بشيء كفرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم “المرء مع من أحب”، قال تعالى “وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّۦنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقًا”، مشدداً أن الإنسان إذا أحسن العمل وأحب النبي وقام بما عليه من فرائض، عليه أن يعلم أنه سيرى الحبيب فى الآخرة، فهذه نعمة ومنة من الله نسأل الله أن يرزقنا وإياكم إياها.

كيف أكون رفيقا للنبي في الجنة؟

وحول كيفية أن تكون رفيقاً للنبي في الجنة فهناك 6 أمور منها :محبته صلى الله عليه وسلم، حيث أخرج البخاري ومسلم عن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ».

ومنها كثرة الصلاة والسجود لله تعالى، كما ورد في حديث ربيعة بن كعب الأسلمي السابق ذكره، كذلك طاعته صلى الله عليه وسلم فقد ورد عنِ ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، حَتَّى إِنِّي لأَذْكُرُكَ، فَلَوْلا أَنِّي أَجِيءُ فَأَنْظُرُ إِلَيْكَ ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي تَخْرُجُ، فَأَذْكُرُ أَنِّي إِنْ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ صِرْتُ دُونَكَ فِي الْمَنْزِلَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَأُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي الدَّرَجَةِ. فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» [النساء/ 69]، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلاهَا عَلَيْهِ.

ومنها حسن الخلق، حيث ورد في سنن الترمذي، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «الْمُتَكَبِّرُون»، ومعني: «أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة»، أي: "في الجنة، فإنها دار الراحة والجلوس، أما الموقف فالناس فيه قيام لرب العالمين".

كذلك الإحسان إلى الأيتام وكفالته فهي من أسباب الفوز بأعلى الجنان، ففي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وأشار بالسبَّابة والوسطى وفرَّجَ بينهما، وأخيراً وليس آخراً الإحسان في تربية بناتك لما ذكره أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن كان له أُختانِ أو ابنتانِ، فأحسنَ إليهما ما صحبتاهُ، كنتُ أنا وهو في الجنةِ كهاتينِ، وقرنَ بين إصبعيه».

مقالات مشابهة

  • مقتل شخص وإصابة 3 آخرين في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت رأس النبع وسط بيروت
  • الدفاع المدني الفلسطيني: مواصلة الاستهدافات والمجازر الإسرائيلية التي ترتكب بشكل يومي
  • الشرطة الإسرائيلية تعتقل ثلاثة أشخاص بتهمة إطلاق قنابل مضيئة على منزل نتنياهو
  • ما هي الأعمال التي تجعلنا نرى رسول الله في الجنة؟
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: استهداف منزل نتنياهو «تجاوز لكل الخطوط الحمراء»
  • توطين العلاج: جهود مشتركة بين جهاز الخدمات ومستشفى طرابلس الجامعي
  • طرق مبتكرة لتهريب المخدرات في بغداد
  • اللغة التي يفهمها ترامب
  • مصادر معنية: هذا ما حصل في المطار
  • فور وصولهم إلى بيروت... إليكم ما حصل مع الوفد المُرافق للاريجاني في المطار