الرد الأمريكى.. خيوط المؤامرة والحرب
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
اللافت للانتباه فى عملية طوفان الأقصى، ليس الكيفية التى قامت بها حركة حماس باختراق الجدار الحديدى للكيان المحتل، أو تلك الخسائر التى تكبدها العدو نتيجة هذا الهجوم القوى والفريد من نوعه، اللافت للانتباه حقاً هو رد الفعل الأمريكى والدعم الغربى للكيان المحتل هذه المرة، من حيث السرعة والقوة والتحرك العسكرى على الأرض، ثم إعطاء الضوء الأخضر لهذا المحتل للقيام بعملية إبادة شاملة وتهجير جماعى لأهل غزة، لنجد أنفسنا أمام سؤال يفرض نفسه على المشهد: لماذا جاء الرد الأمريكى الغربى بهذا الشكل؟
يدخل النموذج الأول للإجابة عن السؤال السابق فى نطاق التفسير الظاهرى البسيط، بأن دولة الاحتلال هى طفل «بيبى» أمريكا المدلل، ومسمار جحا المزروع فى المنطقة، بالإضافة إلى الشواهد غير المؤكدة بأن حماس تلقت دعماً إيرانياً لتنفيذ العملية، مع التخوفات بقيام حزب الله بشن هجوم على دولة الاحتلال، لذلك كان التحرك الأمريكى الغربى ضرورياً وبهذه القوة.
الإجابة الثانية، وتدخل فى نطاق التفسيرات الخاصة بالمصالح، واستغلال الفرص لتحقيق الأهداف، وأهم هذه الأهداف هو تحقيق الحلم الصهيونى بقيام دولة يهودية نقية للشعب اليهودى على أرض فلسطين بالكامل، وهو ما يستوجب استئصال العرب من فلسطين بالكامل بالتصفية الجسدية أو التهجير، وجاءت عملية طوفان الأقصى فرصة مناسبة لتنفيذ هذا الحلم الصهيونى برعاية أمريكية، بعد التبنى والترويج لمعلومات كاذبة يُسمح بمقتضاها من وجهة نظر الغرب بضرورة التدخل لشرعنة وحماية عمليات الإبادة والتهجير الجماعى لأهل غزة.
الإجابتان الأولى والثانية تقومان على مصلحة الكيان المحتل وحده، وإذا أضفنا إليهما مصلحة الولايات المتحدة والغرب، فستأتى الإجابة الثالثة بأن هذا التحرك غير المسبوق هو مجموعة رسائل أمريكية غربية لأعدائها، رداً على محاولات توغل روسيا والصين فى أفريقيا عامة ومنطقة الشرق الأوسط خاصة، وذلك بعد انضمام عدد من دول المنطقة إلى مجموعة «البريكس» التى تهدف إلى كسر هيمنة الدولار الأمريكى.
يأتى الاستعداد لحرب عالمية ثالثة أوشكت على الاندلاع فى وقت ينتظر فيه الجميع الإجابة عن سؤال: أين تقع؟ ومتى تقع؟، كخيار للإجابة الرابعة عن هذا التحرك الأمريكى والدعم الغربى السابق، ونظراً لأهمية منطقة الشرق الأوسط الاستراتيجية، خاصة باعتباره قوة بترولية جبارة سيكون لها تأثيرها الحاسم فى نتيجة تلك الحرب أينما وقعت ومتى وقعت، لذلك أسرعت أمريكا باستغلال عملية «طوفان الأقصى» واتخذته ذريعة لإرسال حاملة الطائرات «يو إس إس جيرالد آر فورد» إلى البحر المتوسط استعداداً لتلك الحرب.
وما يؤكد أهمية الإجابة السابقة، ما جاء فى كتاب «حرب البترول فى الشرق الأوسط 1953 الطبعة الرابعة» للدكتور راشد البراوى، على لسان مستر «هارولد إكس»، وهو الرجل الذى أسند إليه الرئيس روزفلت مهمة إنشاء تنظيم قومى عام لشئون البترول خلال الحرب العالمية الثانية، يقول «إكس»: «إننا فى حالة نشوب حرب عالمية ثالثة، يتعين علينا أن نلجأ إلى استخدام البترول الذى يملكه الغير، حتى يصير فى مقدورنا مواصلة القتال، لأن الولايات المتحدة لن يتوافر لديها البترول الكافى فى ذلك الوقت، ولن نتمكن من القيام بحرب عظمى أخرى- يقصد الحرب العالمية الثانية، بالاعتماد على مواردنا، خاصة إذا ما تطورت تلك الحرب فصارت ذات طابع عالمى واسع النطاق».. وقال: «ينبغى لنا أن نسير إلى حيث يمكننا الحصول على البترول».
الإجابة الأخيرة، وهى الإجابة الشاملة التى تضم جميع ما سبق، هى التفسير الذى لا يريد البعض الاعتراف به، ويضعه دائماً فى خانة نظريات المؤامرة الكونية ، تلك الإجابة خاصة بسيطرة «النورانيين» أو الحكومة العالمية الصهيونية على العالم، وقد أوردها بالتفصيل والوثائق الكندى «وليام جاى كار» فى كتابه «أحجار على رقعة الشطرنج 1955»، ويكشف فى هذا الكتاب دور المنظمات السرية العالمية فى صناعة الحروب والخراب.
يرى «جاى كار» أن المخطط يقوم على تدمير جميع الحكومات والأديان الموجودة وتقسيم العالم إلى معسكرات متصارعة مع تسليح تلك المعسكرات بعد خلقها، ثم تدبير حادث فى كل مرة يكون من شأنه أن تنقض هذه المعسكرات بعضها على بعض فتحطم نفسها وتحطم الحكومات الوطنية والمؤسسات الدينية.
ووفقًا للمخطط السابق ستندلع الحرب العالمية الثالثة نتيجة النزاع الذى يثيره «النورانيون»، وهم رؤوس المؤامرة الصهيونية العالمية، بين الصهيونية السياسية والعالم الإسلامى، بحيث تكون نتيجة هذه الحرب تحطيم العالم العربى ومن ورائه الإسلام ذاته، وفى الوقت ذاته تجد أمم العالم الأخرى نفسها مجبرة على الانضمام إلى أحد المعسكرين حتى يصل الخلاف إلى العالم بأسره.
ونشر «وليام جاى كار» فى كتابه نص وثيقة حصلت عليها إدارة المخابرات الكندية، وهى نص الخطاب السرى للحاخام الأكبر «إيمانويل رابينوفيتش»، يقول فيه:
سنعمل على إلصاق تهمة العداء للسامية بالشعب الروسى ذاته، وسندعم بالمال والنفوذ المنظمات التى تتبنى الدفاع عن السامية فى أمريكا بصورة خاصة، والهدف هو قيام الحرب العالمية الثالثة التى ستفوق فى دمارها مجموع الحروب السابقة.
ويقول «إيمانويل رابينوفيتش»: «قد نحتاج إلى تحقيق هدفنا النهائى إلى تكرار العملية المؤلمة نفسها التى قمنا بها أيام هتلر، أى أننا قد ندبر وقوع بعض حوادث الاضطهاد ضد أفراد من شعبنا، أو بتعبير آخر سوف نضحى ببعض أبناء شعبنا فى أحداث سنثيرها ونوجهها نحن من وراء الستار حتى نحصل بذلك على الحجج الكافية لاستدرار عطف ومؤازرة شعوب أوروبا وأمريكا وبقية العالم».
فى النهاية.. ونحن على بعد خطوات من حرب عالمية ثالثة، ومخططات تهجير وإبادة جماعية لشعب فلسطين الأعزل، لن أقول لكم «ننام معاً كى نموت معاً» هذا الشعار الذى رفعته بعض عائلاتنا فى غزة، بل أقول لكم «نتحد اليوم لنعيش غداً» قبل فوات الأوان.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب حركة حماس الضوء الاخضر الحرب العالمیة
إقرأ أيضاً:
الرئيس الأمريكى يخفف من حدة تصريحاته بشأن زيلينسكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد توبيخ الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي فى المكتب البيضاوى الأسبوع الماضي، وقطع كل المساعدات العسكرية عن كييف، قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الثلاثاء إنه يقدر تنازل زيلينسكي.
وأبدى ترامب تقاربا مع فلاديمير زيلينسكى فى كلمة أمام الكونجرس ليل الثلاثاء، قائلا إنه تلقى "رسالة مهمة" من الزعيم الأوكراني، وهو ما "أقدره".
وألقى ترامب ليل الثلاثاء خطابا استغرق ساعة و٤٠ دقيقة، ليصبح بذلك أطول خطاب على الإطلاق يلقيه رئيس أمريكى خلال جلسة مشتركة للكونجرس.
تحطيم الرقم القياسي
حيث حطّم خطاب الرئيس الجمهورى الرقم القياسى السابق الذى سجّله الرئيس الديمقراطى بيل كلينتون فى خطابه عن حالة الاتحاد عام ٢٠٠٠.
وأعلن ترامب أنّ نظيره الأوكرانى أبلغه بأنه "مستعدّ" للتفاوض مع روسيا لوقف الحرب الدائرة بين موسكو وكييف، وكذلك أيضا لتوقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة تمنحها حقّ استغلال المعادن الأوكرانية النادرة.
وتلا ترامب المحتوى المزعوم للرسالة، والذى قال إنه يتضمن الامتنان للدعم الأمريكى لكييف خلال السنوات الثلاث منذ الغزو الروسى الكامل، ووعدًا من زيلينسكى وفريقه "بالعمل تحت القيادة القوية للرئيس ترامب لتحقيق سلام دائم"، وتعهدًا بتوقيع صفقة معادن مع واشنطن.
وأضاف ترامب "فى الوقت نفسه أجرينا مناقشات جادة مع روسيا وتلقينا إشارات قوية بأنهم مستعدون للسلام. ألن يكون ذلك جميلا؟".
وتابع "آن الأوان لوقف هذه الحرب العبثية"، مشيرا إلى أن زيلينسكى قال إن أوكرانيا مستعدة لتوقيع اتفاقية المعادن مع أمريكا.
تغير لهجة ترامب
وبحسب صحيفة "بوليتيكو" فإن اللغة التى استخدمها ترامب تشكل انحرافًا كبيرًا عن الصدام المرير الذى دار فى المكتب البيضاوى الأسبوع الماضى بين زيلينسكى وترامب ونائبه جيه دى فانس، والذى أعقبه تعليق جميع المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا يوم الاثنين.
وكشف ترامب أن إشارات وصلته تؤكد أن روسيا أيضا مستعدة للسلام وقال: "أليس هذا جميلا؟".
جاء ذلك بعد أسابيع من استخدام ترامب لهجة أكثر صرامة بشأن أوكرانيا مقارنة بروسيا، على الرغم من حقيقة أن موسكو هى التى غزت جارتها.
ونقل ترامب شكر زيلينسكى لمواقف واشنطن المؤيدة لأمن أوكرانيا وقال إنه أبدى استعدادا لتوقيع اتفاقية المعادن فى أى وقت مناسب لكم، وفق قوله.
ثم كشف أن إشارات وصلته تؤكد بأن روسيا أيضا مستعدة للسلام وقال: "أليس هذا جميلا؟".
ترامب قال أيضا إن "منطقة الشرق الأوسط حافلة بالمخاطر"، بينما يعمل هو على إنهاء "النزاع الوحشي" فى أوكرانيا وفق وصفه.
خلال حديثه، أشار إلى أن "الملايين من الروس والأوكرانيين قتلوا أو جرحوا خلال هذا النزاع المروع بدون نهاية فى الأفق".
وانتقد دفع واشنطن مبالغ مالية ضخمة لدعم أوكرانيا دون أن تحصل كييف على أى أمن، وفق وصفه.
ورد الكرملين بالإشادة بإدارة ترامب قائلا إن رؤية الولايات المتحدة تتوافق الآن إلى حد كبير مع رؤيتها.
وفى إطار محاولة السيطرة على الإضرار، اقترح زيلينسكى يوم الثلاثاء هدنة محدودة مع روسيا وقال إن بلاده مستعدة للمضى قدمًا فى صفقة المعادن والأمن مع الولايات المتحدة.
وكتب زيلينسكى على موقع "إكس": "لم يسر اجتماعنا فى واشنطن، فى البيت الأبيض يوم الجمعة، كما كان من المفترض أن يكون. ومن المؤسف أن يحدث الأمر بهذه الطريقة. لقد حان الوقت لتصحيح الأمور. نود أن يكون التعاون والتواصل فى المستقبل بناءً".
طرد وتكريم
من ناحية أخرى؛ شهد خطاب الرئيس الأمريكى العديد من المشاهد، حيث تم إخراج عضو الكونجرس آل غرين بعد مقاطعته الكلمة دقائق بعد بدايتها.
وظل الديمقراطى عن ولاية تكساس يصرخ احتجاجا على كلمة ترامب بينما يلقى الرئيس الأمريكى خطابًا أمام جلسة مشتركة للكونجرس فى قاعة مجلس النواب بمبنى الكابيتول الأمريكى فى واشنطن العاصمة.
وطلب رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، من أمن مبنى الكابيتول إخراج غرين بسبب "عرقلة سير الجلسة".
وآل غرين هو ممثل ولاية تكساس فى مجلس النواب الأمريكى منذ عام ٢٠٠٥. وهو محام وناشط فى مجال الحقوق المدنية قبل دخوله السياسة. يشتهر بدعواته لمساءلة الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث كان من أوائل من قدموا مقترحات لعزله.
وخلال الخطاب فاجأ الرئيس الأمريكى الأمريكيين بتكريم الطفل الناجى من السرطان، دى جيه دانيال، البالغ من العمر ١٣ عامًا من تكساس، خلال أول خطاب له فى الجلسة المشتركة للكونجرس.
ومنح ترامب الطفل لقب «عميل الخدمة السرية»، حيث أصبح بذلك عضوا فى جهاز الخدمة السرية، تحقيقًا لحلمه فى الانضمام إلى الشرطة الأمريكية والعمل كضابط شرطي.
وبدأت رحلة دى جيه الشاقة بتشخيصه فى عام ٢٠١٨ بنوع نادر من السرطان، وأعطاه الأطباء خمسة أشهر فقط للعيش. ولكن على الرغم من كل الصعاب، تحدى دى جيه التوقعات، ورفض التخلى عن حلمه فى أن يصبح ضابط شرطة.
وانضم دى جيه دانييل إلى الرئيس الأمريكى ترامب فى الجلسة المشتركة للكونجرس، الساعات الماضية، وهو طفل يبلغ من العمر ١٣ عامًا يكافح السرطان وأقسم اليمين كضابط فخرى أكثر من ٩٠٠ مرة.
انقسام حول الخطاب
وفى خطابه؛ ذكر ترامب أن «الحلم الأمريكى لا يمكن إيقافه»، ووصف سلفه جو بايدن بأنه أسوأ رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة.
وحول خطاب ترامب أمام الكونجرس، كانت التغطية الإعلامية للخطاب شديدة الانقسام بين وسائل الإعلام الأمريكية، حيث ركزت وسائل الإعلام الكبرى على الانقسامات الداخلية والمخاوف الاقتصادية، فى حين أن وسائل الإعلام المحافظة أشادت بحسم ترامب وقيادته فى قضايا الأمن القومى والهجرة.
أما الصحف الكبرى فقد تناولت الخطاب من منظور اقتصادي، حيث تم التركيز على التناقضات فى الخطط المالية، فى حين كانت وسائل الإعلام الميالة لليمين تركز على إشادة قوية بالإنجازات والتوجهات الوطنية لترامب.