غزة المحاصرة تواجه مذابح أشد من «صبرا وشاتيلا»
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
الأمطار تؤجل الاجتياح البرى وواشنطن ترسل حاملة طائرات ثانية إلى شرق المتوسط
تحول اليوم قطاع غزة لمدفن كبير فى ظل استمرار مجازر ومذابح الاحتلال الإسرائيلى لليوم التاسع على التوالى، ودفنت عشرات الآلاف من جثامين الشهداء بمقبرة جماعية أعادت للأذهان مجزرة صبرا وشاتيلا ضد الفلسطينيين، فيما اشتعلت الحدود اللبنانية بقصف حزب الله بالصواريخ عدة مواقع للاحتلال تزامنا مع توعد إيران بالدخول على خط المواجهة.
أكد شهود عيان لـ«الوفد» أنهم يواجهون وحدهم بصدور عارية مجازر صبرا وشاتيلا الثانية، وأوضحوا أن المقابر فى غزة لم تعد تتسع لأعداد الشهداء الكبيرة ويتم دفنها فى قبر جماعي. فيما تواجه طواقم الإسعاف صعوبة كبيرة فى إخلاء الضحايا نتيجة التدمير الهائل الذى لحق بالأحياء السكنية والطرقات المؤدية للمستشفيات التى تواجه شللا وعجزا لارتفاع حصيلة ضحايا الإجرام الصهيونى نتيجة القصف المتواصل للمنازل والبنايات على رؤوس ساكنيها.
وأعلنت وزارة الصحة ارتفاع الحصيلة فى قطاع غزة إلى 2500، وارتفاع عدد المصابين إلى نحو 10500، منذ بداية العدوان فى السابع من أكتوبر الجاري.
وأوضحت أن غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما ارتفع عدد الشهداء إلى 100 بعد الإعلان عن استشهاد الطفل محمد رفعت عدوان (16 عاما) فى محافظة طولكرم، بينما ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 1500، فيما واصلت المقاومة الفلسطينية إمطار المستوطنات ومواقع الاحتلال الإسرائيلى بوابل من الصواريخ والضربات الفدائية فى العمق.
حزب الله يقصف الاحتلال الإسرائيلى بالصواريخ وإيران تتوعد
وأعلن حزب الله اللبناني استهداف دبابة ميركافا إسرائيلية ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.
وقال حزب الله، فى بيان صحفي: «استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية بالصواريخ الموجهة دبابة ميركافا فى موقع الراهب مما أدى إلى إصابتها إصابة مباشرة ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح فى سياق الرد على الاعتداءات الصهيونية المتمادية على القرى الحدودية وقصف موقع إسرائيلى فى منطقة شتولا بالصواريخ الموجهة مما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى».
وقال الحزب إن «مجموعة الشهيدين على يوسف علاء الدين وحسين كمال المصرى استهدفت مركزين لجيش العدو الصهيونى فى منطقة شتولا بالصواريخ الموجهة مما أدى إلى وقوع عدد بين قتيلٍ وجريح».
وقالت بعثة إيران فى الأمم المتحدة إن الوضع فى غزة قد يخرج عن السيطرة ويسبب عواقب بعيدة المدى، وكان موقع أكسيوس نقل عن مصدرين دبلوماسيين أن إيران بعثت رسالة إلى إسرائيل بأنها لا تريد المزيد من التصعيد.
وأعلنت الولايات المتحدة أنها قررت إرسال حاملة طائرات ثانية إلى شرق البحر المتوسط، وأوضح وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن الذى زار السبت إسرائيل أن إرسال حاملة الطائرات يأتى فى إطار «ردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو أى جهود لتوسيع الحرب فى أعقاب الهجوم الذى شنته حماس» قبل أسبوع، ووصفت الولايات المتحدة العمليات العسكرية التى شنتها حماس ضد إسرائيل بأنها «هجمات إرهابية».
وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن الهجوم البرى الإسرائيلى على قطاع غزة تأجل لأسباب من بينها حالة الطقس، وقالت الصحيفة الأمريكية فى تقرير أعده اثنان من صحفييها، بينهما رونين بيرغمان المتخصص بالشئون الاستخبارية إن المخطط الأولى للهجوم على غزة كان فى نهاية الأسبوع وتأجل لعدة أيام بسبب ظروف الطقس جزئيا، حيث يؤدى تراكم الغيوم إلى جعل المهمة أصعب على الطيارين الحربيين ومشغلى الطائرات المسيرة، فلا يتمكنوا من تقديم الغطاء الجوى للقوات الأرضية. ونقلت «نيويورك تايمز» المعلومات عن 3 ضباط إسرائيليين لم تكشف أسماءهم.
إن أهداف الهجوم البرى تتمثل فى السيطرة على مدينة غزة واغتيال قادة حركة حماس التى تسيطر على القطاع، بشقيهم السياسى والعسكري، وقالت إن الأوامر صدرت لعشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين بالسيطرة على المدينة التى تشكل مركز القطاع.
وأضافت أنه يتوقع أن يكون الهجوم البرى الأوسع منذ الحرب على لبنان عام 2006، كما ستكون المرة الأولى التى تحاول فيها إسرائيل السيطرة على أراض والاحتفاظ بها مرة أخرى منذ الحرب على غزة بين عامى 2008- 2009.
وأوضحت الصحيفة أن العملية ستكون صعبة جدا على الإسرائيليين الذين تلقوا لتوهم ضربة قاسية، باعتراف وزير الدفاع، يوآف غالانت. وتقول «نيويورك تايمز» إن مخاطر العملية تدفع بإسرائيل نحو أشهر من القتال الدامى فى المناطق الحضرية، فوق الأرض وتحتها بسبب وجود الأنفاق.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة المحاصرة صبرا وشاتيلا حزب الله
إقرأ أيضاً:
رَجُل إسرائيل يتبوأ منصبه في رام الله
لم يبتهج الشارع الفلسطيني لاستحداث السلطة الفلسطينية منصب نائب للرئيس بعد اجتماع المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك تلبية لشرط أمريكي وغربي، كجزء من عملية إصلاح مطالبة السلطة الفلسطينية بتنفيذها. والإصلاح هنا لا علاقة له برغبة الفلسطينيين ومطالبهم بالإصلاح الذي يلبي مصالحهم الوطنية والسياسية والكفاحية، على قاعدة أساسية من متطلبات المراجعة المطلوبة لكل المسار الفلسطيني، وعلاقته بالمحتل على الأرض، لذلك فإن السعادة التي عبّر عنها أعضاء السلطة وصفقوا للإنجاز؛ بقيت ضمن جدران مكان الاجتماع، الذي تفصله أمتار قليلة عن حواجز ودبابات الاحتلال التي تواصل ارتكاب جرائم القتل والتهجير، وتفرض حصارا مشددا على مدن الضفة، وتواصل ارتكاب جرائم الإبادة في غزة، لذلك رسالة المنصب وصلت لمن ينتظرها على الجانب الآخر.
إحداث المنصب الجديد وهوية الشخصية التي شغلته، حسين الشيخ، ثم الإشادة بهذه الخطوة وتهنئته في منصبه الجديد من دوائر ترشيحه في تل أبيب وواشنطن، كل ذلك كان متوقعا، ويؤكد صحة كل التسريبات التي سبقت تاريخ اجتماع اللجنة المركزية للمنظمة، وما سيصدر عنه، وتحديد اسم الشخصية الأوفر حظا لشغل المنصب، الذي سيخلف زعامة محمود عباس على حركة فتح والمنظمة والسلطة.
إحداث المنصب الجديد وهوية الشخصية التي شغلته، حسين الشيخ، ثم الإشادة بهذه الخطوة وتهنئته في منصبه الجديد من دوائر ترشيحه في تل أبيب وواشنطن، كل ذلك كان متوقعا، ويؤكد صحة كل التسريبات التي سبقت تاريخ اجتماع اللجنة المركزية للمنظمة، وما سيصدر عنه، وتحديد اسم الشخصية الأوفر حظا لشغل المنصب، الذي سيخلف زعامة محمود عباس على حركة فتح والمنظمة والسلطة
يمكن القول في سياق ما يتابعه الشارع الفلسطيني، وعلى وقع اختيار منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية والرئيس، وما أحاط بشخصية حسين الشيخ الأوفر حظا خارج الشارع الفلسطيني وإجماعه ومؤسساته، والمكلف بشكل غير ديمقراطي وحر، وفي غياب إجماع وتمثيل حقيقي للشارع نظرا لانتهاء صلاحية معظم المؤسسات الفلسطينية، إن الشيخ ليس مرشح المؤسسات الفلسطينية، بل كان موضع ترشيح وتزكية إسرائيلية لهذا المنصب.
هناك ملفات كثيرة تتعلق بمسيرة وسلوك أمين سر اللجنة التنفيذية، ووزير الشؤون المدنية سابقا، من التصاقه العضوي مع الاحتلال بالتنسيق الأمني، ومشاركته المقدسة للرئيس عباس في قمع أي حالة نهوض وطني وثوري في المناطق التي تخضع لسلطته مع الاحتلال، وهذا جعل من حسين الشيخ، ومنذ سنوات، رجل إسرائيل في رام الله، كما يُوصف في تل أبيب.
تهم الفساد المالي وقضية التحرش الجنسي بموظفة في مكتبه برام الله، وارتباطه بملف تزوير بيانات كتائب شهداء الأقصى أيام الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي أصدر مذكرة اعتقال بحقه عام 2003، بالإضافة لتورطه في ملف التفريط بالأرض لمحاولة توقيع عقد إيجار مع الاحتلال لـ99 عام في ترقوميا.. هذه على ما يبدو من أبرز مميزات الرجل الذي تدرج في تقلد مناصبه، لذلك جاء التعيين المتوقع بخلاف الرغبة الحقيقية والوطنية المطالبة بالإصلاح الداخلي وترتيب الأوضاع، والمفترض أنها تعمل على تعزيز الحريات والمشاركة السياسية، وفق مبدأ ديمقراطي يراعي الحفاظ على الحقوق الفلسطينية ويدافع عنها.
المناصب الفلسطينية، في وضعها الحالي والسابق، فُصلت وفق مقاس أوسلو وملاحقه الأمنية كما هو معروف، ولم يتبق منها شيء له فاعلية ورمزية، بعضها استحدث تلبية لرغبة إسرائيلية أمريكية، وأصبحت من أكبر الأعباء على كاهل الشعب الفلسطيني بعد أعباء استفحال الاستيطان وارتكاب إسرائيل جرائم كبرى على الأرض؛ قوضت ودمرت أوسلو كله. ومنصب نائب الرئيس ومن يشغله، يأتي لتعزيز مكانة ونفوذ المحتل الإسرائيلي لدى السلطة الفلسطينية، وتفاديا لتداعيات ما يجري في مدن الضفة، فتاريخ حسين الشيخ الذي يعرفه أبناء حركة فتح أنفسهم، يتضمن الكثير من علامات الاستفهام المرتبطة بعدم النزاهة وفساد السلوك، وتعيينه في المنصب الجديد والقادم، يُبشر بتداعيات سوداوية وأكثر عبثية على الوضع الفلسطيني. ورغم معرفة الجميع بهذه العلامات، التي تفاقم من وضع الانقسام الفلسطيني بشكل أكثر وضوحا إثر الأداء العاجز للسلطة بعد جرائم الحرب والإبادة الجماعية المستمرة، وعدم القدرة على الاستفادة من المستجدات التي تتطلب بروز عامل ذاتي موحد وقوي وباستخلاص العبر، بدل التنازل والخضوع للإملاءات الإسرائيلية الأمريكية.
مشكلة الفلسطينيين ليست بتحليل ظروفهم وواقعهم، ولا في تحليل سياسات عربية وأمريكية وغربية استعمارية، مشكلتهم في نشوء سلطة تكيفت مع هذه الظروف وأصبحت تبعيتها المباشرة لعدوهم؛ تستجيب تلقائيا لمتطلبات وضغوط إسرائيلية أمريكية، ولا تلتفت بالمطلق لشارعها، إلا في أوامر تشديد الخناق عليه حماية للمستعمر
هناك نجاح إسرائيلي أمريكي في تحديد مناصب الفلسطينيين، وفرض جملة من الشروط والإملاءات المتعلقة بمسارهم، وهناك حالة من اليقين الإسرائيلي والعربي بأن أوضاع الشارع الفلسطيني باتت في أيدٍ أكثر أمنا بالنسبة للمستعمر؛ على الأقل فيما أظهرته مناصب فلسطينية سابقة ولاحقة بغض النظر عن مسمياتها في رام الله، والمعنية بتوطيد التنسيق الأمني وتناغمها مع التطبيع العربي، وقدرتها على امتصاص واحتواء حالة المقاومة ومنع الاشتباك مع الاحتلال. هذا هو معيار الترشيح للمنصب، في الفترة التي ستستمر فيها حال الأوضاع الفلسطينية مع تبوؤ رجل إسرائيل منصبه في السلطة الفلسطينية، فهناك ارتياح لعقيدته وسلوكه، وإعجاب إسرائيلي ببراغماتيته؛ لإيمانه المطلق بضرورة قمع الشارع الفلسطيني، وإعجاب بلغته العبرية التي يتقن من خلالها البوح في الغرف المغلقة برطانة التعبير عن إعجابه بـ"إسرائيل" وتطورها، كما جاء على لسان من التقى به في تل أبيب وفي مناسبات كثيرة.
بكل ألم، نقول إن الانتقال المأساوي الهزلي من الرئيس لنائبه، ليس حلا لرمي أعباء السلطة المتراكمة، بل هو تكريس لتزييف واقع المؤسسات الفلسطينية، وإمعان في خرابها، والاستقواء في تكلسها وترهلها زاد من مأساة فلسطينية من العبث التغول فيها؛ كحل يضمن فقط حالة الانحلال والتكلس المطلوبة إسرائيليا للفلسطينيين. على أية حال، نفاد خيارات ونهج السلطة الفلسطينية وتجوف مناصبها، وفرض التكيف معها بصم الآذان عن كل مطالب الشارع الفلسطيني، أوصل القضية لهذا التقزيم، ومن المشروع الاستعماري الصهيوني بعض النجاحات. فحقل الخيارات الفلسطينية واسع بمقدار توفر الحد اللازم من فاعلية مواقف فلسطينية مرتكزة بالأساس على قوة حركة تحرر وطني ووحدتها وإرادتها.
أخيرا، ثمة حقيقة لا تحتاج الى برهان، وهي أن مشكلة الفلسطينيين ليست بتحليل ظروفهم وواقعهم، ولا في تحليل سياسات عربية وأمريكية وغربية استعمارية، مشكلتهم في نشوء سلطة تكيفت مع هذه الظروف وأصبحت تبعيتها المباشرة لعدوهم؛ تستجيب تلقائيا لمتطلبات وضغوط إسرائيلية أمريكية، ولا تلتفت بالمطلق لشارعها، إلا في أوامر تشديد الخناق عليه حماية للمستعمر.
ومهما كانت مسؤولية السلطة الفلسطينية في تدهور أوضاع البيت الفلسطيني، فإن مظهر الفصائل الفلسطينية السلبي من تراجع مواجهة السلطة في اللجنة المركزية ومنظمة التحرير؛ إلى قبول المشاركة في مناصب فارغة، واستبعاد قوى مؤثرة في الشارع عن القرار الوطني، برهان على أن حالة الانشطار والتنافر ستبقى أحد أهم أسباب ضعف الموقف الفلسطيني، ولن يمنحه قوة لا رئيس ولا نائبه ولا وزير، في الوقت الذي تمارس في إسرائيل قهر الإنسان وامتهان وجوده بطريقة سافرة ومباشرة، وتفرض على الفلسطينيين "رجلها" لإدارة القهر والظلم عليهم.. هكذا وصفته الصحافة الإسرائيلية قبل عامين، "امتلاك الشيخ فرصة لأن يصبح الزعيم القادم للسلطة الفلسطينية على الرغم من عدم شعبيته، ذلك بفضل علاقاته الوثيقة مع إسرائيل والولايات المتحدة"، وهو ما يتحقق.
x.com/nizar_sahli