الفن من أجل المجهود الحربى ونصر أكتوبر
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
تحتفل مصر خلال هذا الشهر باليوبيل الذهبى لانتصارات أكتوبر المجيدة، تحتفل بمرور 50 عامًا على العزة والكرامة، استطاعت مصر أن تكسر أسطورة الجيش الذى لا يقهر كما تم الترويج له، ولتحقيق النصر كان لا بُد من تضافر جهود الشعب المصرى كله لكى يتم عزف سيمفونية النصر، فكلٌ كان يحارب بطريقته وفى مكانه، الجندى فى جبهته، المرأة فى مستشفيات الهلال الأحمر، الفنانيون فى الاستديوهات.
وهنا أحب أن أتوقف عند دور الفن والفنانين فى تحقيق نصر أكتوبر، والواقع أن الفنانين كان لهم دور كبير فى إشعال الحماسة لدى جنودنا البواسل الشجعان وفى دعم القوات المسلحة، سواء بالتبرع بأجورهم من أجل المساهمة فى تسليح الجيش بعد نكسة 76، أو بالتطوع والعمل ممرضات فى مستشفيات وعلى الجبهة خلال الحرب. لقد تضافرت جهود الفنانيين والنجوم لرفع شعار «الفن من أجل المجهود الحربى».
كانت لكوكب الشرق «أم كلثوم» دور كبير فى دعم الجيش بعد نكسة وحرب 67 فكانت من أوائل الفنانين الذين قرروا رفع شعار «الفن من أجل المجهود الحربي»، وأحيت العديد من الحفلات فى مصر والدول العربية والأوروبية، وتبرعت بكامل أجرها فى تلك الحفلات لصالح المجهود الحربى وتسليح الجيش، هذا بخلاف الدور المعنوى الذى قامت به فى دعم جنودنا بالأغانى الوطنية مثل «الله معك، ومصر تتحدث عن نفسها»، والفنانة تحية كاريوكا، معروف عنها وطنيتها الشديدة، ودعمها الدائم للجيش المصري، حيث قادت حملات كثيرة للتبرع من أجل تسليح الجيش، وتبرعت بجزء من مجوهراتها لدعم المجهود الحربي، قبل حرب أكتوبر 1973.
كما تبرعت الفنانة الكبيرة شادية، بأجرها فى بعض الحفلات والأفلام لصالح المجهود الحربى والدعم المادى للجيش المصرى استعدادًا لحرب أكتوبر 1973، وكذلك دعم المصابين خلال الحرب.
والفنان الكبير عبد الحليم حافظ الذي تبرع، بأجر جميع حفلاته للجيش المصرى عقب نكسة 1967، ومنها حفله الشهير فى لندن، كما تبرع بإيرادات فيلمه أبى فوق الشجرة، الذى حقق أرقامًا كبيرة فى شباك التذاكر وقتها، وأيضا كان له دور فى الدعم المعنوى للجنود، حيث قدم مجموعة من الأغانى الوطنية، مثل: «بالأحضان، حكاية شعب، يا أهلًا بالمعارك، عدى النهار، خلي السلاح صاحي، الوطن الأكبر»، ولا ننسى أيضًا أغنية الفنانة شريفة فاضل «أم البطل» التى غنتها بعد استشهاد إبنها وأرادت أن تصبر قلب كل أم فقدت إبنها شهيدًا فى نصر أكتوبر.
وأيضًا رأينا الأعمال السنيمائية والدرامية تجسد وتخلد الواقع، فقد قدمت السنيما المصرية العديد من الأعمال الفنية الوطنية التى جسدت حرب أكتوبر. جسدت الدراما المصرية جميع المواقف فى الحرب من دور المخابرات، مثل فيلم الصعود إلى الهاوية، التى تدور أحداثه فى إطار مخابراتى أثناء حرب أكتوبر، حول جاسوسة مصرية يتم تجنيدها من قبل المخابرات الإسرائيلية أثناء حرب الاستنزاف لتتجسس على مصر، ويتم كشفها فى باريس، وتم خداعها بحيث تسافر إلى بلد عربي، ومن هناك استلمتها المخابرات العامة المصرية، حيث أحيلت إلى المحاكمة وتم إعدامها، والفيلم تم إنتاجه عام 1978.
وأيضًا، اهتمت الدراما المصرية بالحياة الطبيعية للرجال والنساء، مثل فى فيلم فيلم الرصاصة لا تزال فى جيبى، بطولة الفنان الكبير محمود ياسين، وتدور أحداث الفيلم حول شاب مصرى يعمل فى الجيش يستقبله أهل قريته بنفور بعد نكسة 67، وبعدها يشارك فى حرب الاستنزاف، ويقرر أن يتزوج الفتاة التى يحبها إلا أن حرب أكتوبر تقوم ويعبرون القناة، والفيلم تم إنتاجه عام 1974.
وأيضًا فيلم بدور، بطولة الفنانة نجلاء فتحى، وتدور أحداث الفيلم الذى تم إنتاجه عام 1974، حول «صابر» الذى يلتقى بفتاة حرامية، ولكنها تقرر التوبة، ويدعى لأهل حارته بأنها إبنة عمه، حتى يعرف أهل الحارة حقيقتها فى الوقت الذى يذهب خلاله «صابر» للحرب «حرب أكتوبر»، ويشتعل الصراع مع العدو الإسرائيلي، وبعد ذلك يحدث النصر، ويعود «صابر» للحارة مصابًا ويحتفل مع أهل حارته بزواجه من «بدور».
وفى الواقع لا يقتصر الفن فقط على انتصارات أكتوير المجيدة بل مازال الفن المصرى يقدم عددًا من الروائع الفنية الوطنية التى تشرح لشبابنا جزءً من تاريخنا العظيم وتلهب مشاعر الوطنية العظيمة، مثل العمل الدرامى المتمثل فى مسلسلات هجمة مرتدة، الزيبق، الاختيار 1، الاختيار 2، الاختيار 3، التى تدور أحداثه حول ما شهدته مصر خلال السنوات التى أعقبت ثورة 25 يناير، والأسباب التى أدت إلى وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى رأس السلطة، والأزمات التى لحقت بمصر فى تلك الفترة التى سببت فى حالة غضب شعبى على الجماعة والرئيس السابق محمد مرسي، والتى انتهت باندلاع ثورة 30 يونيو.
وهكذا لعب الفن المصرى دورًا كبيرًا فى إشعال الروح الوطنية والمساندة المعنوية لشعبنا العظيم الذى يجب أن يستمر لشرح وتقديم جزء من تاريخنا المتميز لشبابنا وللعالم كله بأن مصر صامدة أبية أمام كل معتدٍ رافعة هاماتها لآخر الدهر.. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.
*نائبة بمجلس النواب عن محافظة قنا
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أكتوبر المجيدة ام كلثوم تحية كاريوكا
إقرأ أيضاً:
شهر رمضان موسم لتعزيز الفنون الإسلامية في قطر
تشهد الفنون الإسلامية في قطر اهتماما متزايدا، إذ أصبحت جزءا أساسيا من المشهد الثقافي والفني المحلي، مدعومة بمبادرات متعددة تسعى إلى إبراز جمالياتها وترسيخها بين الأجيال الجديدة.
وتحتفي "متاحف قطر" بالفنون الإسلامية في شهر رمضان المبارك، سواء من خلال متحف الفن الإسلامي الذي يُعد منارة ثقافية تحتضن مقتنيات نادرة تعكس ثراء الفنون الإسلامية، أو عبر البرامج التعليمية والورش التي تقدمها، مما يتيح للجمهور فرصة التفاعل مع فنون الخط العربي والتذهيب والمنمنمات وغيرها من الفنون التقليدية.
وفي إطار دعمها للفنون الإسلامية، نظّمت متاحف قطر رحلات ميدانية لفنانين وفنانات قطريين إلى دول إسلامية، مثل تركيا، لاستكشاف الفنون التقليدية هناك، مثل الخزف الإزنيقي وفن الإيبرو والتذهيب والرسم على الزجاج، واستلهام هذه التقنيات في أعمالهم الإبداعية.
كما تأتي مسابقة قطر الدولية في الخط العربي "الرقيم"، التي نظّمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية واختتمت دورتها الأولى في فبراير/شباط الماضي، بوصفها إحدى المبادرات المهمة للحفاظ على اللغة العربية وتعزيز مكانة الخط العربي كفن وحرفة أصيلة ذات مستقبل واعد.
عرض هذا المنشور على Instagramتمت مشاركة منشور بواسطة Museum of Islamic Art (@miaqatar)
وفي السياق ذاته، أطلقت وزارة الثقافة مؤخرًا الدورة الأولى من المسابقة الدولية لفن الخط العربي تحت عنوان "جائزة الأخلاق"، بالشراكة مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، بهدف تشجيع الفنانين والمبدعين على إحياء فن الخط العربي وفق قواعده التقليدية، مع التركيز على قيمة "الأخلاق" التي تشكل شعار المسابقة.
إعلانوسلط تقرير لوكالة الأنباء القطرية (قنا) الضوء على أهمية استلهام روح شهر رمضان المبارك في تعزيز الفنون الإسلامية في قطر، جنبًا إلى جنب مع الفنون التراثية والمعاصرة. وفي هذا الصدد، أكدت فنانات قطريات ضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على الفنون الإسلامية وتطويرها عبر تضافر جهود المؤسسات الثقافية والفنية والتعليمية.
View this post on InstagramA post shared by وزارة الثقافة (@moc_qatar)
الأصالة والتحديثترى المصورة والفنانة القطرية مشاعل الحجازي، المتخصصة في الفنون الإسلامية، أن هذه الفنون تتمتع بسحر خاص، حيث تعتمد على الهندسة الدقيقة، والتكرار المتناغم، والزخارف التي تعكس عمقًا روحانيا فريدًا. وأشارت إلى أن الخط العربي، على وجه الخصوص، يُعد لوحة فنية متكاملة، إذ تحمل كل تفصيلة فيه قصة بصرية غنية بالرموز والجماليات.
وأوضحت مشاعل أن الفنون الإسلامية أصبحت جزءًا من الثقافة القطرية المعاصرة، حيث نجدها مدمجة في العمارة الحديثة والتصميم الداخلي والتصوير الفوتوغرافي، إذ يستوحي المصورون في قطر عناصر الزخرفة الإسلامية والإضاءة المستوحاة من المساجد القديمة لإنتاج أعمال تجمع بين الأصالة والحداثة.
وأضافت أن التحدي الأكبر يتمثل في كيفية جعل الفنون الإسلامية أكثر حيوية في العصر الرقمي، إذ يتطلب تحويلها إلى لغة بصرية حديثة إبداعًا متجددًا لضمان الحفاظ على هويتها. ورغم الاهتمام المتزايد بهذه الفنون من خلال المعارض والورش، فإن التحدي الأساسي يكمن في إيجاد طرق مبتكرة لجذب الأجيال الجديدة، مثل دمجها في الفنون الرقمية والتصميم الغرافيكي والتصوير الفوتوغرافي.
View this post on InstagramA post shared by Q Life (@qlife_com)
وأشارت مشاعل إلى أن الأجواء الروحانية لشهر رمضان المبارك تُعد فرصة مثالية لإبراز الفنون الإسلامية ودعمها من خلال تسليط الضوء على علاقتها بالتقاليد الإسلامية وقيم الجمال والروحانية التي تتجلى في هذا الشهر الفضيل.
إعلانوتؤكد الفنانة القطرية مشاعل الحجازي، التي شاركت في رحلة إلى تركيا نظّمتها متاحف قطر، أن دور المتاحف لا يقتصر على العرض والتوعية فقط، بل يمتد إلى تنظيم رحلات فنية لفنانين وخطاطين قطريين لزيارة مدن تحتضن إرثًا غنيا من الفنون الإسلامية مثل إسطنبول وطشقند.
وتتيح هذه الرحلات للفنانين فرصة التفاعل المباشر مع مدارس الخط والزخرفة المختلفة، وتبادل الخبرات مع نظرائهم في تلك الدول، مما يسهم في تطوير أساليبهم الإبداعية وتعزيز حضور الفنون الإسلامية في المشهد الفني المعاصر في قطر.
طابع مميزمن جهتها، ترى الفنانة إيمان السعد، المتخصصة في الفنون الزخرفية والخط العربي، أن الفن الإسلامي يتمتع بطابع مميز، ويحتل مكانة رفيعة في متحف الفن الإسلامي من خلال مقتنياته النادرة ولوحاته القيمة، فضلاً عن الورش التعليمية التي يقدمها المختصون.
ومع ذلك، تؤكد إيمان أن الحفاظ على هذا الفن والارتقاء به يتطلب إنشاء مركز متخصص يجمع الخطاطين والمزخرفين والمهتمين بالفنون الإسلامية بجميع أنواعها، بما في ذلك الخط والزخرفة والتذهيب والمنمنمات.
وتوضح أن هذا المركز سيسهم في تبادل المعرفة، وإقامة ورش فعالة، وتنظيم دروس مستمرة، والمشاركة في المعارض الداخلية والخارجية، مما يضمن استمرارية هذا الفن للأجيال القادمة.
وتشير إيمان إلى أن شهر رمضان المبارك يمثل فرصة مثالية للفنانين، حيث ينجذب الكثير منهم إلى كتابة آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو تنفيذ أعمال زخرفية مستوحاة من روحانية الشهر الفضيل. وتضيف أن إنشاء بيئة فنية حاضنة لهذا الفن سيساعد في ترسيخ استمراريته وتعزيز انتشاره.
كما دعت إيمان السعد إلى ضرورة تعاون المدارس مع الفنانين المتخصصين لإقامة ورش تعريفية للطلاب، مشيرة إلى أن الزخرفة والتذهيب هما أساس تزيين المصاحف الشريفة وبيوت الله، ومعربة عن ثقتها في أن الطلاب والطالبات سيجدون شغفًا كبيرًا بهذه الفنون بمجرد ممارستها.
إعلان إرث جماليأما الفنانة التركية المقيمة في قطر خديجة يتيش، فتشير إلى أن الفنون الإسلامية تشهد نموًا ملحوظا، لكنها لا تزال مقتصرة على فئات محددة مقارنة بالتيارات الفنية الحديثة. وتؤكد أن هذه الفنون تعد عنصرًا أساسيا في تعزيز الهوية الثقافية والحفاظ على الإرث الجمالي، مما يستدعي مضاعفة الجهود لنشرها على نطاق أوسع.
View this post on InstagramA post shared by Katara Cultural Village كتارا (@kataraqatar)
وتقترح خديجة زيادة البرامج التعليمية ودعم الفنانين وتنظيم معارض دولية متخصصة، مما يمنح الفنانين في قطر فرصًا أوسع للظهور والانخراط في المشهد الفني العالمي. كما تؤكد أهمية تنظيم المزيد من الورش والفعاليات في مراكز الفنون البصرية لتعريف الجمهور بهذه الفنون، إلى جانب تطوير مشاريع تمزج بين الفنون الإسلامية واللمسات العصرية لجذب اهتمام الأجيال الجديدة.
وحول رحلتها الفنية، أوضحت خديجة أنها نشأت في بيئة تحتفي بتقاليد التذهيب العريقة في تركيا، وتسعى إلى نشر هذا الفن على الساحة الدولية، وتعريف الجمهور به في قطر. وتضيف أن فن التذهيب ليس مجرد تعبير جمالي، بل هو رحلة تتطلب الصبر والصفاء الروحي، مشيرة إلى أن لهذا الفن قوة علاجية، ولذلك تطمح إلى نقله إلى الأجيال القادمة وإشراك المهتمين به في تعلمه وممارسته.