الأهمية التاريخية والثقافية لجسد الملك
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
القياس الذى نستخدمه اليوم فى مصر هو حسب النظام المترى؛ نحن نقيس طول الانسان بالمتر والأمريكيون يقيسونه بـ«القدم» وهذا كان فى الأصل طول قدم الملك الإنجليزى هنرى الأول (1069 - 1135)
عبر الأزمنة المتتالية والأمكنة المختلفة كان لجسد الملك أو الحاكم أهمية تاريخية وثقافية هائلة. ففكرة «جسد الملك» تتجاوز مجرد التشريح، إذ تشمل القوة السياسية وتجسّد رمزية الدولة.
فى أوروبا العصور الوسطى، كانت الرعية تعتبر أجساد ملوكهم أوعية مقدسة، وكان الملوك يُكرَّمون فى حفلات تتويج مبالغ فيها، ما زاد فى تقديس أجسادهم وشرعنة حكمهم. أصبح جسد الملك رمزًا للسلطة الإلهية وعنصرًا أساسيًا فى العقد الاجتماعى بين الحاكم والشعب.
ارتبطت حالة جسد الملك برفاهية الدولة. فإذا كان جسد الملك قويًا وسليمًا، كان ذلك يعنى قوة وازدهار الأمة. على العكس، كانت رؤية ملوك مرضى أو ضعفاء غالبًا ما تعْتَبَر مؤشرًا سيئًا.
ونقرأ فى «الأحكام السلطانية» لأبى الحسن الماوردى (972 -1078) عن الأحكام المتعلقة بالخلفاء والملوك والسلاطين والوزراء والولاة والقضاة والتى تورد أوصاف الإمام الخَلْقية والخُلُقية وضرورة أن يكون جسد الإمام مكتملاً وخالياً من العيوب والتشوهات.
وجسد الحاكم - الملك عبر التاريخ هو مفهوم متعدد الأوجه:
فى مصر القديمة، كان حجم قدم الفرعون وقياسات الذراع الملكى (وحدة القياس) أمورًا حاسمة لبناء منشآت ضخمة، مثل الأهرامات والمقاييس الدقيقة كانت ترمز إلى سلطة الفرعون الإلهية واستقرار المملكة.
وفى أوروبا، كان طول خطوة الملك خلال موكب تتويجه يمكن أن يحدد المعايير المستخدمة فى البناء والمساحات الأرضية. وهذا يعكس دور الملك كأساس للقانون والنظام فى المملكة.
وفى الفنون المصرية والهيروغليفيات، غالبًا ما تم تصوير أنف الفرعون بدقة. كان يُفترض أن أنف الملك الحاد والمتناسق يرمز إلى قدرته على استشراف الحقائق المخفية والدفاع عن العدالة. أما شكل أو حجم أنف الملك فى التاريخ الأوروبى فقد كان يعتبر علامة على قوته وحكمته وكان يُعْتَقد أن حاسة شم الملك الحادة يمكنها أن تساعده فى اكتشاف الخيانة أو الغدر فى بلاطه الملكى.
هذه الأمثلة من مصر القديمة والتاريخ الأوروبى تسلّط الضوء على كيفية تأصيل رمزية أجزاء مختلفة من جسد الملك فى ثقافات وسياقات تاريخية مختلفة، وكيف كانت تلك الرموز تُعزِّز دور العاهل كشخصية رمزية تجمع بين القوة البدنية والسلطة الاعتبارية.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
عمسيب: إذا كانت الحركات المسلحة لا ترغب في التوجه إلى الفاشر يجب عليها (..)
إذا كانت الحركات المسلحة لا ترغب في التوجه إلى الفاشر والقتال هناك، وتصرّ على أن هذا من صميم واجب القوات المسلحة فقط،
فجيّد جداً!
لكن في هذه الحالة، يجب عليها أن تسلّم كامل عتادها العسكري ومواردها اللوجستية للجيش، وأن تتفرغ للعمل السياسي المدني.
حينها، سيقوم الجيش بما يلزم دفاعاً عن “الوطن”.
أما أن تحتفظ بالسلاح والامتيازات وتتقاعس عن أداء الواجب، فهذا يُعدّ قلة أدب، ولا يُمكن القبول به.
#الصحوة_النهرية
عبد الرحمن عمسيب
إنضم لقناة النيلين على واتساب