المطلوب فى حملات شهر التوعية بسرطان الثدى
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
في أكتوبر شهر التوعية بسرطان الثدي، تنشط الحكومة والمجتمع المدني على نطاق واسع خلال السنوات الأخيرة. لكن هذه الجهود تواجهها تحديات عديدة، أبرزها صعوبة تحطيم الأفكار الخاطئة التي تنظر إلى سرطان الثدي على أنه وصمة عار، وبالتالي منطقة محظورة يكتنفها الغموض وتحيط بها جدران عالية من الصمت والتكتم. وما يزيد من صعوبات التوعية في مجتمعنا، خاصة في المناطق الريفية والصعيد، أنه يتم إضفاء الطابع الجنسي على أثداء النساء ويُنظر إليها على أنها رمز للأنوثة وغيابها يصبح وصمة للنساء، والجنس كما تعلمون موضوع محظور في العلن ويكون إما بالهمس أو النكت الساخرة.
ومن هنا قد تسوق السيدات تبريرات واهية لتفادي إجراء أشعة الماموجرام خوفًا وحياءً من تنمّر المجتمع، وهذه التبريرات تؤخر الاكتشاف المبكر للمرض مما يجعل علاجه وفرص الشفاء منه ضعيفة.
ورغم المبادرات الرئاسية المختلفة والقوافل الطبية المتكررة ووحدات صحة المرأة والأسرة المنتشرة فإننا مازلنا لم نحقق المستهدف من هذه الحملات وهو خفض نسبة الوفيات بسرطان الثدي بشكل ملموس نظرًا للتأخر في التشخيص. والأمل كبير الآن في تحقيق هذا الهدف مثلما تحقق بالأمس القريب القضاء على فيروس سي في مصر والذي كان يبدو مستحيلًا، لولا تبني السياسات الصحية الناجعة مع توفر الإرادة السياسية لإنقاذ أكثر من 40 مليون شخص وعائلاتهم من تلك المعاناة شديدة القسوة.
كم من النساء يعرفن أنفسهن وعوامل المخاطر التي تزيد لديهن مقارنة بغيرهن؟! على سبيل المثال، أنسجة الثدي الكثيفة وخطورتها المحتملة، وهذا مهم جدًا لأن ما يقرب من نصف النساء لديهن أنسجة ثدي كثيفة، وهي تجعل من الصعب رؤية التشوهات مثل السرطان عند تصوير الثدي بالأشعة السينية وتشير إلى زيادة خطر إصابة المرأة بسرطان الثدي.
في الواقع، يرتفع خطر الإصابة بسرطان الثدي بالنسبة للنساء ذوات الأنسجة الكثيفة خمس مرات مقارنة بأولئك اللاتي لديهن كثافة منخفضة لأنسجة الثدي. والمطلوب الآن ونحن في شهر التوعية بسرطان الثدي ليس فقط تعزيز طرق الوصول إلى خدمات التصوير الشعاعي للثدي لكن أيضًا أن يتضمن إشعارًا للنساء ذوات أنسجة الثدي الكثيفة لمساعدتهن على اتخاذ قرارات أفضل بشأن الفحوصات الطبية. هذا دور مهم لمؤسسات المجتمع المدني وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ في دوائرهم الانتخابية.
قد يظن البعض أن هذا انتقاد ضمني لتصوير الثدي بالأشعة السينية وتشكيك في أهميتها وجودتها. على العكس أهميتها تبقى كبيرة، لكننا نحتاج لما هو أكثر، مثل إتاحة أجهزة الأشعة بالصبغة والرنين المغناطيسي. وندرك أنها أكثر كُلفة ولا تتوفر في معظم القوافل الطبية مما يحول دون إجراء العديد من النساء لهذه الاختبارات المتطورة وإذا زاد التفهم لدى المسؤولين بأهمية توفر هذه الأجهزة فإنه بالإمكان إنقاذ المزيد من الأرواح.
كما نحتاج المزيد من الاهتمام بنوع معين من سرطان الثدي وهو سرطان الثدي الثلاثي السلبي «TNBC» وهو نوع أقل شيوعًا ويصعب علاجه ويمثل حوالي 20% من حالات سرطان الثدي، ويحصل على اسمه من حقيقة أن خلاياه لا تحتوي على مستقبلات لهرمونات الاستروجين والبروجستيرون، أو بروتين يسمى «Her2».
للأسف مازال هناك تأخير في تشخيص هذا النوع وغالبا عند التشخيص يكون قد انتشر وأكثر عدوانية من سرطانات الثدي الأخرى، خاصة أنه يصيب سيدات تقل أعمارهن عن 50 عامًا، كما أنه الأكثر شيوعًا بين النساء ذوات الطفرات الموروثة. لذلك، من المهمّ أن يتاح على نطاق أكبر تحليل الجين الوراثي «2&BRCA1» والذي بدأ يتواجد في مصر على نطاق محدود منذ خمس سنوات تقريبًا لكن مازالت تكلفته عالية.
سرطان الثدي هو مرض يُنظر إليه عادة على أنه مرض يصيب النساء فقط، مما قد يخلق وصمة عار مبالغ فيها تحيط بالرجال الذين يصابون به، ونسبتهم رجل واحد لكل ألف حالة. قد يكون أولئك الذكور أقل عرضة للخضوع للفحص، مما قد يترك أورام سرطان الثدي دون أن يلاحظها أحد حتى فوات الأوان.
من الضروري أن تخبر نفسك وأحباءك أن سرطان الثدي لا يصيب النساء الأكبر سنًا فقط بل إن النساء الأصغر من 40 عامًا هنّ أيضا عرضة للإصابة به. هناك سيدة تموت في مصر بسبب سرطان الثدي كل 57 دقيقة، ما يقرب من الربع تقل أعمارهن عن 40 عامًا. علمًا بأن أكثر من نصف السيدات يتم تشخيصهن في المراحل المتأخرة مما يصعب عملية الشفاء. مع إحصائيات كهذه، يمثل الوعي بسرطان الثدي إنقاذا لحياة المرضى وأسرهم وحفاظا على مواردهم وموارد الدولة. فإذا كنت تريد المساعدة في رفع مستوى الوعي حول سرطان الثدي، فذكّر أصدقاءك وعائلتك بإجراء الفحص - حتى أولئك الذكور.
*كاتبة صحفية
-----------------------------------------------------------------------------------
كوت:
من الضروري أن تخبر نفسك وأحباءك أن سرطان الثدي لا يصيب النساء الأكبر سنًا فقط بل إن النساء الأصغر من 40 عامًا هنّ أيضًا عرضة للإصابة به. هناك سيدة تموت في مصر بسبب سرطان الثدي كل 57 دقيقة، ما يقرب من الربع تقل أعمارهن عن 40 عامًا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سرطان الثدي بسرطان الثدی سرطان الثدی
إقرأ أيضاً:
ألم يملّ مختصو التوظيف من عبارة: “مؤهلاتك فوق المطلوب”؟
في سوق العمل السعودي، لا يزال العديد من الكفاءات الوطنية، يواجهون عائقًا غير منطقي عند التقدم لوظيفة: “مؤهلاتك عالية عن المطلوب”.
هذه العبارة التي باتت تتكرر كثيرًا، تحوّلت من ملاحظة إلى عقبة حقيقية تُقصي الكفاءات دون مبرر واضح، وتُفرّط في طاقات بشرية ثمينة تحتاجها مؤسساتنا بشدة.
ووفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء (2024)، فإن نسبة البطالة بين السعوديين الحاصلين على مؤهلات جامعية أو شهادات عليا، تتراوح بين 9.5 % إلى 11.2 %، وهي تعتبر أعلى من بعض الفئات الأقل تعليمًا.
– [ ] حوالي 32 % من المتقدمين للوظائف في القطاع الخاص يُرفضون بسبب عدم “تطابق المؤهلات مع الوظيفة”، بحسب استطلاع داخلي أجرته جهة توظيف محلية.
– [ ] ومن بين هؤلاء، يُصنّف ما يقارب 40 % كمؤهلين فوق المطلوب (Overqualified)، مما يشير إلى خلل في فلسفة التوظيف لا في كفاءة المتقدمين.
والسؤال المطروح على كل مسؤول توظيف أو مدير موارد بشرية أو صاحب عمل: لماذا تعتبر “المؤهلات العالية” مشكلة؟
في نظر بعض المختصين بالتوظيف، الموظف المؤهل بأكثر مما تتطلبه الوظيفة:
* لن يستمر طويلًا.
* سيطالب بترقية أو راتب أعلى.
* قد يُحدث “إزعاجًا تنظيميًا” بسبب خبراته وآرائه.
ولكن حقيقة الأمر هذه المبررات لا تصمد أمام منطق الكفاءة والتطوير. ففي بيئة العمل المتقدمة، يعتبر الموظف المؤهل فرصة ذهبية للنمو والتجديد المؤسسي.
وجاءت رؤية المملكة 2030 لتؤكد أن الاستثمار في المواطن هو ركيزة أساسية لبناء اقتصاد مزدهر ومجتمع نابض بالحياة. وتحديدًا في ملف سوق العمل، تسعى الرؤية إلى:
* تمكين الكفاءات الوطنية المؤهلة، وتوفير بيئة عمل محفزة تليق بخبراتهم.
* رفع نسبة مشاركة السعوديين والسعوديات في سوق العمل، خاصة في الوظائف النوعية وذات القيمة المضافة.
* تحفيز القطاعين العام والخاص على استقطاب العقول الوطنية المؤهلة، واستثمارها في تطوير المؤسسات لا تهميشها.
ومن هذا المنطلق، فإن رفض الكفاءات بحجة “المؤهل الزائد” يتناقض مع توجهات الرؤية، ويعكس خللاً في آليات التوظيف يجب معالجته فورًا.
مع توجيه شكري وتقديري لمقام وزارة الموارد البشرية وأخص معالي وزير الموارد البشرية المهندس أحمد الراجحي على عمله في عملية الحد من البطالة من خلال الأنظمة المتطورة لعملية توطين الوظائف بالسعوديين.
ولعل مقترحي من هذا المقال هو أن تقوم الوزارة مشكورة بالتالي:
1. إعادة صياغة سياسات التوظيف الوطنية، بما يضمن أن لا يكون المؤهل العالي سببًا للرفض، بل سببًا لتكييف الوظائف أو فتح مجالات جديدة داخل المؤسسات.
2. إطلاق حملة توعوية تستهدف مسؤولي الموارد البشرية، لتوضيح فوائد توظيف الكفاءات العالية، وتدريبهم على كيفية استثمارها بدلًا من إقصائها.
3. مراقبة قرارات التوظيف في القطاعين العام والخاص، وتحديد مؤشرات أداء لقياس مدى استيعاب المؤسسات للكفاءات، وعدم إهدار الطاقات.
4. تفعيل مبادرة “المسارات الوظيفية البديلة”، التي تسمح بإعادة تصميم الوظائف لتناسب أصحاب المؤهلات العالية، خصوصًا في الجهات الحكومية وشبه الحكومية.
5. ربط دعم التوطين بمدى توظيف الكفاءات الحقيقية، لا بمجرد ملء شواغر بأي مرشح دون النظر لجودة التوظيف.
ولعلنا اليوم نحتاج إلى التحوّل من ثقافة “تجنّب المؤهل الزائد” إلى “استثمار المؤهل العالي”. فمن الظلم أن يُحاسب الباحث عن العمل على اجتهاده وتطويره لنفسه، ويُرفض لأنه تفوّق على الوصف الوظيفي. بل الواجب أن تُعاد صياغة تلك الأوصاف، وتُفتح مساحات تليق بالكفاءات الوطنية.