عندما قلت للشاعر المبدع نزار قبانى هل تسمح لى أن أعود إلى أحلام طفولتك وأسألك مما كانت تتشكل...؟

ملأت  الفرحة ملامحه وهو يتذكر طفولته فقال بلهجته الشامية الجميله هل تعرف مما كانت تتشكل ؟ ستدهش...

كانت فى أن أكسر الأشياء وأعيد تركيبها من جديد على نسق جديد...

كنت أشعر بالملل من ان أرى الاشياء أمامي بصورها المعروفه.

..

كوب أمامى لابد أن أرميه حتى أعرف كيف ينكسر...


أذكر حادثا في طفولتي...كانت عندنا سلحفاة صغيرة في منزلنا، احضرت" مسمار وشاكوش" ورحت اثقبها من ظهرها لأنها كانت دائما تدخل رأسها داخل هذا القفص العظمى...

كان ذلك يمثل مجهولا لى... رحت اضربها حتى اعرف ماذا تحت هذه الغطاء...فماتت...

وأعترف انني لم اقتل السلحفاة رغبة في القتل ولكن رغبه في قتل المجهول...!


ملحوظة: عندما قرأت ما قاله الشاعر نزار قباني في حواره بجريدة "وطني" عام ١٩٩٨ أكد ما قاله لى بل وذكر أكثر مما قاله  بأنه مرة أشعل النار في ثيابه متعمدا ليعرف سر النار ومرة رمى نفسه من فوق سطح المنزل ليكتشف الشعور بالسقوط...  

وفي الثانية عشرة من عمره اجتاحته حيرة لا شبيه لها، من أين يبدأ؟ كيف يبدأ؟ كنت إذا اضطجع في سريره، يرفع يده في الظلام، ويرسم في الفراغ خطوطا ليس لها نهايات، وأشكالا لا تعني شيئا..."انتهت الملحوظة

هكذا هو الشاعر قلق دائما...

فَاجَأَتْهُ فى حوارى معه  بقولى  أعرف أن الذي حبب الشعر لك هو استاذك "خليل مردم"
أليس كذلك...؟ ما الذي صنع معك؟

وكأنما عدت به إلى المرحلة الأولى في حياته وكأنه عاد طفلا صغيرا...

كان سعيدا جدا عندما تحدث وقال لي:

هو أستاذي في المرحله الأولى... سهل لي انتقاء المختارات الشعرية... كان شاعرا... أنت تعرف ان شعرنا العربي القديم الجاهلي... صلب وصعب... يعني صعب التناول للطفل...صعب ان  يستوعب قصيدة جاهليه للحطيئه او الفرزدق او النابغه الذبياني...

"ملحوظه: عندما ذكر 
الشاعر نزار قبانى الحطيئة كان يقصد الشاعر جرول بن أوس   وعندما ذكر الشاعر الفرذدق فهو يقصد همام بن غالب   من بني مجاشع أحد أكبر قبائل بني تميم والتي تُعد من أكبر وأشرف قبائل العرب، ويكنى أبا فراس ولقبه الفرزدق اما الشاعر الثالث  النابغة الذبياني فهو زياد بن معاوية واطلق عليه لقب النابغة، لأنه نبغ في الشعر..."
انتهت الملحوظة

أكمل الشاعر نزار قبانى حديثه معى  بأن  أستاذه فى المرحلة الأولى وهو طفل صغير  كان بالنسبة لنا  كأنه  يجمع ازهارا من  غابه ويترك الزهور الوحشية أو الزهرة ذات الشوك ويقطف لنا أزهار فل وياسمين وبنفسج ويقدمها كل يوم على شكل باقات شعريه...

حبب إلينا الشعر الجاهلي ونحن أطفال صغار...

الشعر الجاهلي في حد ذاته مرعب، مرعب بالنسبه للأطفال وحتى الآن...

ولهذا انا طالبت بان نبدأ بالشعر الحديث بحيث نروض الاطفال على السهل ثم نصعد بهم درجة، درجة  على السلم حتى نصل  إلى الشعر الجاهلى  وليس العكس...

ملحوظة "هذا أيصا ما ردده كثيرا فى احاديثه و فى دواوينه قائلا:

مهمة القصيدة كمهمة الفراشة، هذه تضع على فم الزهر دفعة واحدة جميع ما جنته من عطر ورحيق متنقلة بين الجبل والحقل والسياج، وتلك — أي القصيدة — تفرغ في قلب القارئ شحنة من الطاقة الروحية تحتوي على جميع أجزاء النفس وتنتظم الحياة كلها.»

سألته عن سبب شهرته وقلت له هل تعتبر ان سبب شهرتك هو انك انزلت الشعر من سراديبه العتيقه إلى لغة الحوار اليوميه فجعلت شعرك سهلا وبسيطا ؟

بإذن الله الأسبوع القادم أكمل حوارى مع نزار قبانى أكبر شاعر فى الوطن العربى.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نزار قباني

إقرأ أيضاً:

الحب من طرف واحد .. الابطال سودانيون

بقلم : حسن ابوزينب عمر

(1)
يحتشد وادي عبقر السوداني بقصائد مبحرة في الجمال لكن أكثرها عذوبة دائما تلك النابعة من طرف واحد ..أبطالها شعراء سودانيون حلقوا حول الأنثى سافروا في مفاتنها ووشحوا عنقها بأكاليل القرنفل والأقحوان وصاغوا عنها كلمات أرق من الحرير سقوها بكى و لم يقبضوا سوى الريح كما يقول الشاعر التيجاني سعيد .. ربما تختلف تجاربهم ولكن يجمعهم وجدان مشترك وعواطف جياشة سبحوا فيها عكس التيار وألقموا فيها نزار قباني حجرا وهو يقول (ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي ليس لها عنوان) . ملهمة الشاعر عثمان خالد كانت لقاء بالصدفة بينه وبين حسناء من الثغر داخل طائرة متجه من الخرطوم الى بورتسودان .. هي عائشة إبراهيم هندوسة كانت تعمل سكرتيرة لأحد ولاة ولاية البحر الأحمر. حاول الشاعر ان يتعرف عليها ولكن كل الردود كانت (لا ) مطلقة كبيرة .
(2)
انتهت كل محاولات التودد وتحطمت على جدار اللاء ولكن الرابح الوحيد فيها كان المستمع السوداني فقد لامست مسمعه متعة الاستمتاع بأحد أجمل أغنيات عبد العزيز المبارك سافرت في رحلة مشاعر ملهمة ومتأملة ..شفت الورود من وجنتيك غيرانة جات متوسلة حتى القمر غار من صفاك وأصبح يردد في الصلاة جاكي المساء يؤدي الفروض شال لون جميل من وجنتيك مسح خدوده وبللها وأصبح يلملم في النجوم وينظم عقوده ويغزلها طرز لي جيدك بالحرير أحلى العقود وبتقولي لا ؟
(3)
لكن أنثى الشاعر الطيب محمد سعيد العباسي كانت أكثر شراسة من أنثى عثمان خالد فقد بدأت أغنية (يا فتاتي) التي أبدع فيها الطيب عبد الله باستفزاز عاطفي عندما كان الشاعر طالباً يدرس القانون بمصر، حينما رأى وقتها إحدى الفاتنات فلاطفها وأرسل إليها قبلة في الهواء إعجاباً بحسنها وجمالها، إلا أن الفتاة لم تتجاوب معه واستنكرت ذلك التصرف وسبته بعبارات عنصرية تطعن في لونه وعرقه وقالت له: من أنت يا بربري؟ (فانتفض في ثورة عاطفية جامحة لرد اعتبار كبريائه وكرامته وقال لها (يا فتاتي ما للهوى بلد – كل قلب بالحب يبترد) وليؤكد لها أنه من بيئة متسامحة وجدانياً وعاطفياً قال لها (وأنا ما خلقت في وطن في حماه الحب يضطهد-فلماذا أراكي ثائرة. وعلام السباب يضطرد ولما دار استنكارها عن لونه وسمرته أجاب غاضبا (ألأن السواد يغمرني؟.. ليس لي فيه يا فتاتي يدِ) وزاد على ذلك حينما نعتته بالغريب قائلاً: (أغريب إن تعلمي لي ديار فيحاء ولي وطن – لي بدنياي مثل ما لهم – لي ماضٍ وحاضر وغدُ)
(4)
لكن الذي حدث مع الموريتانية وزيرة الخارجية الموريتانية (2009- 2011 ) وشعراء الدبلوماسية السودانية شيء يفوق الوصف فقد صنعت كوكبة من شعراء وزارة الخارجية السودانية تلاقيا وانسجاما حينما جرفتهم جميعا الوزيرة بجمالها الصارخ وقامتها الفارعة وأناقتها المميزة رغم احتشامها وتدثرها دوما بثياب تقليدية كثياب نساء السودان وان كانت تختارها من فئة الألوان الزاهية . فقد تاه الدبلوماسي هو محمد الطيب قسم الله (أبو حباب ) في الأنوثة الشنقيطية فقال ناه هناك من الدنيا عن الناها يا ابن القوافي أن تشفى بذكراها فهي الجمال فلا شمسا ولا قمرا وهي الجلال فلا قصرا ولا شاها راحيل شنقيط أم تاجوجها اكتملت فيها المحاسن معناها ومبناها الجن تحسد أهل الأنس قاطبة ان صاغ من نسلهم الهنا من الناها وأقسم الحسن في معراج سورته ان المحاسن في شنقيط مسراها لعل شعري من السودان يبلغكم أهلي الشناقيط حياكم وحياها
(5)
أما السفير محمد فضل الله الهادي فتغزل قائلا: ماكنت أعرف كيف الشعر لولاها حتى تبدت ولاحت لي من ثناياها يا بنت شنقيط حزت المجد من قدم أهلوك كانوا لنا أهلا وأشباها ونظم السفير خالد فرح سفير السودان في السنغال وقتها فقال سليلة المجد من شنقيط ان لها في شاطئ لنيل روضا بات يهواها
(6)
تباينت ردود الفعل في موريتانيا فقد ارتفعت أصوات داخل موريتانيا تطالب بإقالة الدبلوماسية الناعمة التي لم يكن يتجاوز عمرها وقتا الاربعون ..وكان يتبنى هذا التوجه الإسلاميين الملتزمين وكان على رأسهم الشاعر محمد ولد عبد الله الذي كتب يقول (ان شعراء السودان واجب التحفظ عندما بهرهم جمال بنت مكناس ليسقطوا في غزل فاضح شبهوا فيه زيارة الوزيرة الى الخرطوم بضوء الصبح ) أما صحيفة السراج لسان حال التيار الإسلامي فقد استنكرت تدبيج شعراء ينتمون للخارجية السودانية قصائد في التغزل بالوزيرة الشابة ورأت في الغزل السوداني خروجا على الأعراف الدبلوماسية واعتبرته تصرفا غير لائق ومهين ورأت في المسألة رؤية دونية للمرأة التي جاءت تمثل بلدها فيما رأى مدونون موريتانيون ضرورة غيرة الرئيس محمد ولد عبد العزيز على الوزيرة المتغزل فيها وطالبوا بإعفائها من منصبها ومنعها من السفر خارج البلاد وبالذات الى السودان حيث توجد تماسيح متربصة بل أن أحدهم طالب الرئيس بمنع شعراء السودان من رؤيتها مستقبلا ..
(7)
أما الوزيرة صاحبة الزوبعة العاطفية فقد رفضت التعليق على السجال الشعري وقالت انها لا تريد التعليق على الموضوع عندما اتصلت بها قناة العربية . ولكن الحال هنا يختلف مع ثريا عبد الله الزين ملهمة الشاعر صديق مدثر في رائعته (ضنين الوعد) فقد تخصص فيها الشاعر بدأ من ذلك العابر معها في حديقة الحيوان في الخرطوم فصاغ كلمات اغنيته التي صدح بها الكابلي ان تكن أنت جميلا فأنا شاعر يستنطق الصخر العصيا ان تكن أنت بعيدا عن يدي فخيالي يدرك النائي القصيا لا تقل اني بعيد في الثرى فخيال الشعر يرتاد الثريا والتي غار منها وردي وطار بها اعجابا وطلب منه كلمات من الشعر أكثر جمالا منها فانتظر صديق مدثر حتى تعود ثريا من بعثتها في لندن فكتب يقول عاد الحبيب فعادت روحي وعاد شبابي يا شوق مالك دعني أما كفاك عذابي لقد شربت دموعي أما سئمت شرابي
(8)
ان كانت ثريا صدت صديق مدثر بكل لطف الا انها فجرت براكينا من الغضب في مواقع أخرى فقد كانت سببا مباشرا في لملمة قرينة صديق مدثر وأم عياله ثيابها وحاجياتها مغادرة عش الزوجية غاضبة ولم تعد الا بعد ترضيات ووساطات رأس الرمح فيها جماعة (باركوها) ولكن ثريا المنحدرة من قرية الهلالية بالجزيرة ودرست في كلية المعلمات قبل ابتعاثها الى إنجلترا والتي لم نشاهد لها صورة الا تلك التي جمعتها مع سرب من الطالبات حلقن حول الرئيس عبود ابان زيارته لانجلترا في أواخر مايو 1964 كانت وان صبرت على غزل صديق مدثر الا انها كانت تشتعل رفضا لمن كان يتحدث أمامها عن القصيدة التي سارت بها الركبان فقد اشتطت غضبا حينما دخلت قاعة الفصل التي كانت تقوم بتدريس اللغة الإنجليزية في أحد مدارس بنات بورتسودان حينما رأت على السبورة عبارة (ضنين الوعد) فجن جنونها واتجهت الى مديرة المدرسة التي اعتذرت لها بشدة وطلبت من كل طالبة الاتيان بولي أمرها .
(9)
أما حكاية محمد حسن السنجك شاعر أغنية (يا لغرامك لجسمي ناحل) التي ترنم بها الفنان خوجلي عثمان فحكايته حكاية فقد تعلق قلبه بفتاة من ديم كوريا أحد أحياء مدينة ببورتسودان الجنوبية وكان يضرب لها أكباد الحافلة يوميا من سلبونا شمالا بعد أن سلب الحب من طرف واحد قلبه.. كان يقف سحابة يومه أمام منزل الحبيبة عله يظفر بنظرة تروي غليله أثناء فتحها للباب لأي سبب كان قبل أن يعود أدراجه في اليوم التالي ..يقول زميلنا محمود دليل أنه وبعض زملائه حلقن حوله ذات مرة داخل الحافلة المتجه الى كوريا وسألوه ان كان على علم بأن المعشوقة تعرف تعلقه بها ..لم يقل على طريقة المنخل البيشكري وأحبها وتحبني ..وتحب ناقتها بعيري ولكنه أجاب مستنكرا اذا كانت كل بورتسودان تعرف معقول هي ما عارفة؟
(10)
لكن شقيق الفتاة الذي يبدو أنه كان خارج الشبكة لديه ألف حق وهو يتساءل عن سر الرجل المصلوب يوميا على جدار المنزل المواجهة لمنزل الاسرة (الشيبة دا كل يوم واقف قدام بيتنا .. ياربي عايز شنو ؟

oabuzinap@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • سلطان القاسمي يفتتح مهرجان الشارقة للشعر النبطي
  • الكاتب محمد قراطاس: الشعر أكثر كرمًا وإيثارًا من جميع أنواع الكتابات الأدبية
  • شعر بادية مطروح والإسكندرية في ندوة بمعرض القاهرة للكتاب
  • الحجاب مش تدين ولبست بدلة رقص.. نهال عنبر تكشف سرا أخفته 4 سنوات
  • البريكي: وقلـتُ لـهُ: يا نيلُ، مصرُ صباحُها معي قهوةٌ أخرى بشعري مزعفَرَة
  • نحو رؤية وطنية سودانية (١) إين نحن الان
  • موبايلي تعلن استقالة سلمان البدران وتعيين نزار بانبيله
  • معارك ثقافية فى ذاكرة الكتابة المصرية.. «الشعر الجاهلي» و«الفن القصصي فى القرآن» و«أولاد حارتنا» كتب أثارت الجدل بأفكارها الجريئة
  • قصائد موشحة بالدلالات في بيت الشعر
  • الحب من طرف واحد .. الابطال سودانيون