السيد نجم: بطولات أكتوبر لا تنتهي.. ونحتاج قرارا من الدولة لدعم توثيق التجربة بالكامل (حوار)
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
روى الدكتور السيد نجم، الكاتب والأديب، عن تجربته في المشاركة في حرب أكتوبر 1973، وطبيعة عمله ضمن الفريق الطبي في مستشفيات الجبهة العسكرية، وسرد أبرز المواقف والبطولات التي لا تنمحي صورها من الذاكرة خلال هذه الفترة المهمة في تاريخ مصر.
وتحدث «نجم» عن أبرز دروس التجربة وكيف يمكن تقديمها للأجيال القادمة، وكيف انعكست تجربة الحرب على أعماله الإبداعية والدراسات النقدية على مدار نصف قرن من الزمان.
*حدثنا عن ظروف الالتحاق بالقوات المسلحة؟
*تخرجت عام 1971 في كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة، وتم تجنيدي فورا، ومركز الخدمات الطبية بالعباسية الذي جُندت به في البداية كان عبارة عن جميع زملائي في سيكشن (أ) ما عدا البنات، وقضينا به 6 شهور قبل توزيعنا، وتم توزيعي على مرحلتين، الأولى جاءت في مستشفى السويس العسكري في عام (72)، في طريق مصر- الإسكندرية الصحراوي، وأخدنا درجة فرقة رقيب، وكنت مسؤولا عن دوشمة في الجبل لعمل الإسعافات الأولية، ثم تم تدريبي مرة أخرى في معمل الصيدلية بالمستشفى من أجل العمل في تركيب الأدوية.
*حدثنا عن نوعية الحالات التي يستقبلها المستشفى؟
* في البداية كنا نستقبل حالات عادية، وقضيت بهذا المستشفى نحو 6 شهور، ثم انتقلت إلى المستشفى الجراحي تحت الأرض رقم (5)، عند الكيلو (102- طريق مصر السويس) وكان أول مستشفى ميداني بعد خط قناة السويس، على بعد 20 كيلو من مياه القناة.
صدقنا خطة الخداع التي روج لها السادات ونحن على الجبهة*صف ما عايشته من أجواء قبل الحرب مباشرة؟
* قبل الحرب بنحو أسبوعين عشنا أجواء تستحق التسجيل فقد حدث شىء غريب؛ مناورة أكتوبر العسكرية الكبرى والتي يتم تنظيمها كل عام في أكتوبر، بدأت مبكرا في (73) أي طالت عن المعتاد، وهو ما أربكنا أيضا وقتها، كما بدأ ينضم إلينا في المستشفى أطباء مدنيون (استشاريون)، وفي الوقت نفسه تلقينا أوامر بتسريح بعض السائقين من العساكر، مع أن السائق هو أهم عسكري في الجبهة، وأيضا وجدنا القوات المسلحة فتحت الباب للتقديم على عمرة رمضان للضباط.
*ويوم 6 أكتوبر؟
*في 6 أكتوبر تلقينا أوامر من القائد بالانتشار في الوحدة ونزول الحفر البرميلية تحت الأرض من العاشرة صباحا من أجل حمايتنا، اعتقدنا أن الموقف ضمن خطة الخداع ولم نعلم إنها الحرب، إلى أن سمعنا البيان المذاع في السادسة مساء يقول: عبرنا والعسكري المصري فوق الضفة الشرقية من قناة السويس، وعلى مدار نحو 48 ساعة من 6 أكتوبر لم نستقبل سوى إصابات عادية، وحدث لنا ذهول، لأنه كان مقدرا أن يتعرض 60% من العساكر للقتل على يدي العدو لو عبروا القناة، ومع ذلك لم تصلنا أي حالات إصابات حرب، وتسبب لنا في ارتباك جديد.
* ما الحالات التي لن تنساها؟
وبعد العبور جاء مجند سقط على ساقه صندوق الذخيرة وأصيب بكسر، وعملت له جبيرة، وأخبرته أني سأحوله إلى مستشفى الحلمية المتخصص في العظام لإتمام العلاج فرفض وقال بلهجة ريفية: «أنا مسيبش زملاتي»، وبعد أن انتقلت إلى متابعة حالة أخرى فوجئت بالعسكري الريفي يخرج من الدوشمة عائدا إلى الجبهة بساقه المكسورة، على بعد 10 كيلو من خط القناة.
*كيف مرت عليكم الأيام الأولى عقب الاشتباك؟
خرجت من أكتوبر بما أفرزته «أدب الحرب»*قبل تجنيدي كتبت بعض الأعمال ونشر لي قصص، وخرجت أيضا من أكتوبر بما أفرزته التجربة وهو «أدب الحرب»، وكتبت دراسات حول هذه القضية، ونشرت في جريدة «القاهرة» بصورة جيدة، على مدار 3 حلقات، ثم كتبت أول كتاب تنظيري في أدب الحرب بعنوان «الحرب: الفكرة التجربة الإبداع» عن هيئة الكتاب في 95 ، ثم تبعتها بعدد من الدراسات ذات الصلة، ووصل عدد الدراسات إلى 8 كتب في أدب المقاومة والحرب تنظيريا، وكتبت أدب من بينها «أوراق مقاتل قديم» و«عودة العجوز إلى البحر»، وحديثا «حصار الحمام الأبيض» رصدت بها تجربة الحصار خلال الحرب.
*كيف يمكن تقديم التجربة للأجيال الجديدة؟
*من خلال ندوات للشباب والأطفال للاستماع إلى تجارب المجندين ممن شهدوا حرب أكتوبر المجيدة ليرووا تاريخنا من واقع تجربتهم الشخصية لأن ما حدث في أكتوبر غير عادي ويستحق تكريس مجهود ضخم له، كما نحتاج إلى قرار من الدولة لدعم أدب الحرب، الذي يتناول ما قبل وأثناء وبعد المعارك.
*ما هي دروس أكتوبر؟
*كعساكر في الجبهة كنا على أهبة الاستعداد لحدوث أي شىء ومؤهلين لاستقبال أي أوامر وأي نتيجة ابتداء من الموت أو تجدد الحرب إلى فض الاشتباك، والعسكري المصري في الجبهة يفكر في الحياة لا الموت، ولا يطرح على نفسه خيارات بديلة غير النصر لإيمانه بقضيته، وتجربة الحرب جعلتنا نؤمن أن هذا هو قدرنا ومصيرنا ونحن له، فالإخلاص وحب الوطن والإيمان بالقضية كان الواقع المعاش ببساطة وبلا افتعال ولم تكن شعارات، لذلك قصص الأبطال لا تنتهي، والإنسان المصري المحب لبلده صانع النصر وقادر على الإنجاز إذا أتيحت له الفرص.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حرب أكتوبر نصر أكتوبر نصر أكتوبر 1973 أدب الحرب
إقرأ أيضاً:
المنتدي المصري لتنمية القيم الوطنية يحتفل بعيد الشرطة .. ويؤكد: حماة الجبهة الداخلية
احتفل المنتدي المصري لتنمية القيم الوطنية، بذكرى عيد الشرطة 2025 ، اليوم الثلاثاء بأحد فنادق القاهرة .
جاء ذلك بحضور اللواء محمد عبدالمقصود رئيس المنتدى المصرى لتنمية القيم الوطنية، الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، اللواء حاتم فتحى حماد مدير مركز بحوث الشرطة السابق، الدكتور أيمن عبدالوهاب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
قال اللواء محمد عبدالمقصود رئيس المنتدى المصرى لتنمية القيم الوطنية ،أن عيد الشرطة ذكري تعبر عن التضحية والفداء للحفاظ على الوطن ، ومازال يقدم رجال الشرطة دمائهم فداء الوطن .
أشار اللواء محمد عبدالمقصود، إلي أنه في ظل الظروف الصعبة التى تمر بها ،مهم الحفاظ على كيان الدولة المصرية ، والتى يحميها رجال الشرطة وتأمين الجبهة الداخلية ، مشددا على الدور المهم لرجال القوات المسلحة أيضا وحماية الوطن من التهديدات الخارجية.
أضاف رئيس المنتدى المصرى لتنمية القيم الوطنية إلي أهمية الوقوف خلف القيادة السياسية في المرحلة الصعبة الحالية التى تواجه فيها الدولة المصرية ضغوط خارجية، مؤكدا أن مايجري من قرارات وسياسات حاليا تخدم الحفاظ على الأمن القومي المصري .
شدد على أهمية دور رجال الشرطة الذي نتمتع بالاستقرار الداخلي، بسببهم وماتقدمه محاولات لرد جميل هذا الشعب المصري .
أكد على ضرورة الوقوف والمساندة من الشعب المصري ، لرجال الشرطة للحفاظ على الدولة المصرية، لافتا يجب أن نضع امام أعيننا الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي المصرية ووحدة المواقف بين جميع فئات الشعب المصري .
أوضح أن هناك افكار هدامة تستهدف الدولة المصرية، مشددا على ضرورة تماسك الجبهة الداخلية، وعدم التشكيك في قرارات الحكومة ، قائلا: أن حروب الجيل الرابع تبحث عن ثغرات لاختراق المجتمعات.
من جانبه قال اللواء حاتم فتحى حماد مدير مركز بحوث الشرطة السابق ، إلي أن هناك شباب لاتعلم أحداث مر عليها أكثر من ٧٠ عام من مواجهات للشرطة المصرية لنحتفل اليوم بعيدها .
تابع قائلا: أن تاريخ الشرطة المصرية حافل بالتضحيات ، أبرزها مقاومة المحتل بالإسماعيلية، والتصدي للدبابات وقوات الصفوة الإنجليزية.
لفت اننا عقدنا ٤١ ورشة شملت كل الوزارات والصحافة والإعلام ، لإدراك المخططات وتثوير الشعب على قيادتها، لتنفيذ مخططات الجيل الرابع لهدم الدول بأيدي شعبها وذلك لخلق وعي يهدم تلك المخططات.
فيما طالب الدكتور أيمن عبدالوهاب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، بتنشيط الذاكرة لأهمية دور الشرطة المصرية وتضحياتها التاريخية والممتدة إلي هذه اللحظة .
أكد أن عيد الشرطة عبارة عن رسائل تقدم للوطن أبرزها الوفاء والمعدن الأصيل لوعي المصريين ، مؤكدا أن مفهوم الدولة في مصر متجانس مع مفهوم الأمة ، وفي إطار ذلك تجد مصر مميزة في جانب الأفراد ومسؤوليتهم تجاه الدولة.
استكمل قائلا : أن الذاكرة الوطنية لمصر علينا تنشيطها لدي الأجيال الحديثة، مؤكدا نحن في حاجة إلي إعادة قراءة التاريخ المصري لنقف على عظمتة ، وطبيعة الصبر والبناء ومواجهة التحديات.
تابع أن الرسالة الأخيرة فكرة القيم ، أبرز التحديات هي التشكيك في القيم والثوابت المصرية التى تساعد على تفكيك المجتمعات، مؤكداً أن صمود الدولة هي القدرة على تأكيد هويتها .