معادلة بقاء إسرائيل "الصعبة"
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
ناجي بن جمعة البلوشي
بعد أن بدأت حركة المُقاومة الفلسطينية حماس عمليتها العسكرية المُباغتة "طوفان الأقصى" في يوم 7 أكتوبر الذي سيخلده التاريخ لا شك، خاصة بعدما استنزفت هذه العملية العدو الصهيوني لأول مرة في تاريخ إسرائيل بعد حربها مع العرب في 6 أكتوبر 1973؛ ففي تلك الحرب قتل ما يقارب 2600 إسرائيلي في حرب مع عدة دول عربية، بينما اليوم تحارب إسرائيل فصيل مقاومة واحد وعدد قتلاها تعدى حتى تاريخ هذا اليوم 1300 قتيل و2300 مصاب وما يقرب من 150 أسيرًا.
وإذا ما قامت إسرائيل بعملية برية مزعومة فإنِّها ستصل إلى خسائر بشرية كبيرة لا يمكن أن تقدر بالرقم الذي وصل فيه قتلاها إلى ما وصل في حرب أكتوبر العرب بل سيزيد وهذا يعني أن الفاتورة لهذه المهمة باهظة الثمن. ولأن القرآن الكريم يقول عن اليهود أنهم يحبون الحياة كما يحب أحدهم أن يعمر ألف سنة، فإنَّ الموت في غزة سيجعلهم جبناء إلى الأبد، ولن يستطيعوا أن يتجرأوا على محاربة الجنود في أي جيش كان. كما إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اختار المواجهة والحرب هو يفكر في أشياء لا يمكن أن تخطر على عقل إنسان عاقل إطلاقا فهو يعتقد جزما بأنه سيحرر أسراه ويقضي على حماس وسينهي كل الوجود للمقاومة في غزة من مجرد استخدام القوة والأسلحة وكأن جنوده وحدهم هم من سيستخدمون الأسلحة والمقاومة الفلسطينية ستسخدم الرمال لتذرها على وجوه جنوده الجبناء، ثم إنه استغاث بأمريكا ودول حلف شمال الأطلسي أو الدول الأوربية الكبرى وكأنه لا يدري أن الحرب ستكون في حدود دولة إسرائيل المسروقة وهذا الذي لم يحدث إطلاقًا منذ الحرب العربية الإسرائيلية المذكورة كما إن تلك الدول لم تقم على حدودها أي حرب أبدا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وهي لا تمتلك خطط الدفاع عن الحدود؛ بل هي قادرة على ضخ الكثير من الأسلحة والدعم والأموال كما هو الحال في أوكرانيا الآن.
هذا يعني أن إسرائيل ستواجه مصيرها وحدها لتقابل مقاتلين يود كل واحد منهم أن يُقدم نفسه للشهادة قبل الآخر وهذا يعني أن إسرائيل قد تخسر ما كسبته منذ 1948م خاصة إذا تدخل حزب الله وإيران وحلفائها في المواجهة الحتمية لتشمل سوريا والعراق وجنود من اليمن ومن دول أخرى، حتى وإن تدخلت أمريكا والدول الأخرى في هذه المعركة، فعلى الأرض الأمر مختلف ولن تكون قادرة على فعل شيء سوى القصف الذي سيدمر كل شيء سوى الإنسان، فإنه سيبقى كما بقيت فيتنام والعراق وأفغانستان وكل دولة وضعت أمريكا عليها يدها.
القصف سيقابله قصف متبادل، لكنه هذه المرة سيصل إلى إسرائيل وإلى مواطنيها وكل ما فيها وهنا لن يبقى ذلك الشعب اللقيط في الأرض المسروقة؛ بل سيغادر إلى حيث أتى وسيترك إسرائيل تحترق عن بكرة أبيها حتى الجنود الإسرائيلين أنفسهم سيغادرون وسيتركون الموت ويلتحقون بالحياة التي يحبونها؛ فالخصم هذه المرة ليس كما عرفوه في 1973م كدولة قائمة ومعدات وطائرات وبنى تحتية، يدمرونها حتى يستجيب الرئيس ليتوقف وليعقد معاهدة سلام؛ بل الخصم اليوم أشباح بشرية لا يمكن لإسرائيل وحلفائها معرفة وقت ظهورهم أو وقت مهاجمتهم وهذا يعني استمرار الحرب يقابله استمرار الموت في صفوف الجنود فالحرب هنا ليست قصفاً كما تفعل أمريكا في كل حروبها؛ بل هو مجابهة جندي لجندي وهذا مكلف جدا لليهود العاشقين للحياة وقد حصل نفس هذا السيناريو في اجتياح جنوب لبنان أو في اجتياح غزة وعاد كل من أرادت إسرائيل بهم شرا ومسحا إلى ما هم عليه بل وأقوى وأعنف.
يقال إن السلام وحده هو الضامن الوحيد لبقاء إسرائيل، لكن إسرائيل وحدها لا تؤمن بالسلام نفسه، وإلا كانت قد كسبت ود جيرانها من أجل البقاء، ولأنها لا تُريد السلام فستبقى كما هي مهددة خائفة مرعوبة، حتى وإن طبّعت مع كل العالم؛ فهناك ورقة لن تحترق أبدًا من مجرد التطبيع الرسمي، ألا وهم الشعوب العربية والإسلامية، الذين سيظلون الحرس الأمين للقضية الإسلامية العربية، فكيف يمكن لإسرائيل أن تكسب ودهم من مجرد رفع الأعلام وتبادل السفراء؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: ما الذي يمنع اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل وإيران؟
حذرت صحيفة نيويورك تايمز من أن العالم يحبس أنفاسه مع احتمال تفجر الصراع بين إسرائيل وإيران في أي وقت، وذكرت أن ما يقرب من شهر قد انقضى منذ هاجمت إسرائيل قواعد إيران العسكرية، ولا يزال العالم يترقب كيف سترد طهران.
وتتساءل الصحيفة، في تقرير لمراسلتها في روما، لارا جايكس، عن الأسباب التي تمنع القوتين في الشرق الأوسط من الدخول في حرب أوسع نطاقا بدت للوهلة الأولى أنها على وشك الانفجار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الحرس الثوري الإيراني: مواجهتنا مع إسرائيل لها امتداد دوليlist 2 of 2إعلام إسرائيل يتساءل: متى سترد إيران؟ وكيف؟end of listوربما كان المحللون يتوقعون، منذ وقت ليس ببعيد، أن أي ضربة مباشرة من إيران على إسرائيل، أو من إسرائيل على إيران، ستؤدي إلى اندلاع حريق فوري، إلا أن الأمور لم تسر على هذا النحو.
كواليسوذكرت الصحيفة أن أحد أسباب ذلك التحركات الدبلوماسية المحمومة "خلف الكواليس" من الولايات المتحدة ودول عربية.
ومع ذلك، فإن تبادل الهجمات "المدروسة والمحدودة" بين إسرائيل وإيران تنذر أيضا بحرب "صدمة وترويع" بينهما، قد تكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل على معظم دول العالم.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن جوليان بارنز داسي، مدير شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله إن طبيعة الهجمات المتبادلة تشي -على ما يبدو- بأن الدولتين تدركان مدى خطورة نشوب حرب إقليمية أشد ضراوة، ترغب كلتاهما -على الأرجح- في تفاديها.
واستدرك أن ذلك لا يعني أن النهج الحالي يخلو من مزالق، فهو "مسار محفوف بمخاطر جمة وغير مستدام، سرعان ما قد يخرج عن السيطرة".
التصعيد تدريجياوأضاف أن إسرائيل ربما تتعمد التدرج في التصعيد بنية القيام، في نهاية المطاف، بشيء أوسع نطاقا وأكثر حسما.
ورغم كل ذلك، فإن نيويورك تايمز ترى أن الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا تشبه كثيرا الحرب المعروفة باسم الصدمة والترويع التي تُستخدم فيها القوة النارية الماحقة والتكنولوجيا المتفوقة والسرعة لتدمير قدرات العدو المادية وإرادته في المقاومة، وهو مدلول أطلقه لأول مرة خبيران عسكريان أميركيان عام 1996.
ولعل أبرز مظاهر الصدمة والترويع التي لا تنسى -حسب الصحيفة- تلك التي تجلت في وابل الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في بداية غزوها العراق عام 2003، وحربها على أفغانستان عام 2001.
وتعتقد الصحيفة أنه سيكون من الصعب تنفيذ حرب "الصدمة والترويع" في الصراع الدائر حاليا في الشرق الأوسط، ذلك أنه يستدعي إشراك قوات برية وتزويدها بعتاد بري وجوي وبحري أكثر مما قد ترغب إسرائيل أو إيران في نشره عبر مئات الأميال التي تفصل بينهما.
الصدمة والترويعولا تزال الأوساط العسكرية تتداول في إذا ما كان هجوم "الصدمة والترويع" قابلا للتطبيق. وهذا ما ناقشه رئيس هيئة الأركان المشتركة المتقاعد، الجنرال الأميركي مارك ميلي، والرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، إريك شميت، في مقالهما التحليلي الذي نشرته مجلة فورين أفيرز أغسطس/آب الماضي.
وفي ذلك المقال، كتب الاثنان أن عصر حروب الصدمة والترويع، "التي كانت واشنطن قادرة فيها على القضاء على خصومها بقوة نيران قاهرة، قد ولى"، وأن الأسلحة ذاتية التشغيل والذكاء الاصطناعي يغيران طبيعة الحرب.
وقد رد محللان في مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للبحرية الملكية البريطانية، الشهر الماضي، على المقال المذكور بأن حرب الصدمة والترويع تتطور ولم تنتهِ، واستدلا على ذلك بهجوم إسرائيل على حزب الله في لبنان عبر أجهزة النداء واللاسلكي المفخخة.
ووفقا لتقرير نيويورك تايمز، فإن تبادل الهجمات الأشهر الماضية بين إسرائيل وإيران جعل المسؤولين حول العالم في حالة تأهب لحرب إقليمية أوسع نطاقا. وبعد ساعات من الضربات، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي إن بلاده قررت خلق "معادلة جديدة" في صراعها المستمر منذ سنوات مع إسرائيل.
مخاطرغير أن فرزان ثابت، وهو محلل متخصص في السياسة الإيرانية والشرق أوسطية في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، صرح للصحيفة الأميركية بأن وابل الهجمات الصاروخية المنضبطة يبدو أنه يشير إلى نوع جديد من الحروب.
لكنه حذر أيضا من الأسوأ ربما يحدث حتى الآن، إذ أشارت إيران مؤخرا إلى أنها مستعدة لضرب مصادر الطاقة الرئيسية في إسرائيل -بما في ذلك حقول الغاز ومحطات الطاقة ومحطات استيراد النفط- في حال استُهدفت بنيتها التحتية المدنية.
ويعتقد ثابت أن إيران "تحاول أن تكون لها الكلمة الأخيرة"، بمعنى أنها "تريد أن تُظهر لشعبها وللرأي العام الإقليمي أنها فعلت شيئا، لكنها لا تريد تصعيد الصراع".
ومع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للسلطة، فإن نيويورك تايمز تتوقع على نطاق واسع أن ينتهج سياسة خارجية مواتية لإسرائيل، و"يحشد صقورا مناوئين لإيران في حكومته"، مما قد ينقل الحرب بين إيران وإسرائيل إلى مضمار جديد.