علّق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، على الأحداث التي تحصل في فلسطين، قائلاً: "فيما نحيي ذكرى شهدائنا في 13 تشرين، يقاوم الشعبُ الفلسطيني في تشرينه الإجرام الذي تمارسه اسرائيل عليه منذ عام 48، حين سبّبت له نكبةً حقيقية جعلته يناضل مذّاك بكلِّ ما يملك، حتّى الحجارة، الى ان توفّر له السلاح فقلب الموازين وعكس النكبة على من تسبّب له بها".



كلام باسيل جاء بعد قداس لمناسبة ذكرى 13 تشرين، وأضاف، "منذ 75 عاماً واسرائيل تقتل وتغتصب وتتغطرس وتحتل الأرض وتخترق السماء وتتسلّط على المياه والموارد، في فلسطين والدول المحيطة بها وعلى رأسها لبنان. في فلسطين، تطردُ اصحاب الأرض لتُسكِن المستوطنين، تتعسّفُ بالحقوق وتقتل الأطفال والشيوخ والمدنيين العزّل، تخرق القرارات الدولية، وتمارس اسوأ انواع ارهاب الدولة؛ تنقل الشعوب كأحجار الشطرنج وها هي تعمل لترانسفير جديد "من غزّة الى سيناء"، اسقطه حتّى الآن صمود الغزّاويين ورفض العرب".

وتابع: "75 عاماً والغرب يتفرّج، لا بل يغطّي ويدعم. ايّها الغرب الجاف الظالم، تهزّك صور مفبركة عن قطع رؤوس الأطفال، ونحن نرفضها لا بل نحن اوّل ضحاياها، ولكن لا تهزّك صور حقيقيّة عن مبانٍ واحياء ممسوحة بالأرض مع من فيها؟".


وأردف: "اذا سألَ سائلٌ ما علاقة لبنان بكل هذا لنقحِمَه ضدَّ اسرائيل، نُحيله الى شهداء الاعلام وجرحاه في جنوبنا منذ يومين، ونذكّرُّه بكل اعتداءات اسرائيل على وطنِنا التي ردعتها بسالة المقاومة، وما كنا لنتكلّم عن قوّة لبنان وثروته وغازه ونفطه، ونعمل لكي لا تطال المؤامرة حقل قانا حيث هو أفضل نموذجاً لتطبيق الاستراتيجية الدفاعية التي نريد؛ وندعو الى عدم التسرّع باستنتاجات خاطئة حول عدم وجود غاز في بحرنا، ونذكّر بمعادلتنا الثابتة "أن لا غاز من كاريش من دون غازٍ من قانا"، ومخطئ جداً من يتصوّر او يصوّر لنا أن شرق المتوسّط عائمٌ على بحر من الغاز الطبيعي فيما الشاطئ اللبناني منقوص او محروم منه".

وإستكمل: "نذكّر السائل ايضاً انّه ما زال من يراهن عندنا على نجاح مشروع اسرائيل الأحادي التقسيمي في لبنان والمنطقة، نقول له: يا من تراهن على اجتياح اسرائيلي للبنان، ستنتظر طويلاً لحظةً لن تعود؛ مراهاناتك الفاشلة لم ثبتت فشلك فقط بل اذت مجتمعنا ووطننا".

وأشار إلى أن "لقد انتشت اسرائيل بالنصرِ عشرات المرّات، لكنّها لم تعد تعرف طعم الانتصار منذ دحرتها المقاومة من لبنان عام 2000، فذاقت طعم الهزيمة عام 2006 في جنوبِنا وذاقتها عدّة مرات في غزّة منذ عام 2008، وكانت لها الهزيمة الكبرى في غزّة منذ ايّام؛ ومهما فعلت فإنّها لن تستطيع ان تمحوها".

وقال باسيل: "ان تدميرَ مدينةٍ بكاملِها وقتلَ اولادِها وشيوخِها ليس بطولةً ولا انتصاراً بل هو ارهابٌ وهزيمةٌ نكراء لإسرائيل ومن يدعمُها. كما ان تهجيرَ الأبرياء والمدنيين ونقلهم جماعياً ليس بطولةً ولا انتصاراً بل هزيمةٌ ومهانةٌ لإسرائيل ومن ويدعمُها، ومخطئٌ جداً من يحاول ان يقوم بترانسفير للشعب الفلسطيني وقال شو؟ مؤقّت، وهو ذاق طعمه وادرك صعوبة العودة".

وأضاف: "لا سلام دون شبعا والجولان ودون عودة اللاجئين الفلسطينيين ودون عودة النازحين السوريين ودون دولة فلسطينية حرّة مستقلّة كاملة الحقوق، ودون قدسٍ مفتوحةٍ لكل الناس ولكل الأديان- بغير هذا، لا سلامَ لكِ ولا سلامَ عليكِ".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

أسئلة غزة المحرمة

لم يسبق لغزة أن عاشت ما تعيش الآن، نحو تسعة أشهر انهار فيها كل شيء ليس على رؤوس أهلها فحسب، بل على رؤوس كل فرد في هذا العالم، من ينفعل بالحدث ومن ينأى بنفسه عنه. غزة تركت العالم في حالة عري غير مسبوق، عري من كل الأقنعة التي ارتداها المهرجون والقتلة ودعاة الأخلاق وحقوق الإنسان، حالة غير مسبوقة من ارتكاب جريمة جماعية مع عدد كامل من الشهود.

كتب لي صديق من بؤرة المكان يقول: "أتدري ماذا تعني الحياة دون مصدر رزق، ودون بيت، ودون محلات تجارية كانت تحت البيت، ودون سيارة، ودون ملابس ودون حذاء، ودون طعام؟ حين يكون لديك بنات في الجامعة وأولاد دون سن الرشد، وأحفاد من ابن شهيد، وكلهم يقول لك: هات، بدنا، اشتري لنا، أتدري ما لون الحياة في مثل هذه الحالة؟ أتدري أخي حلمي ماذا يعني الصباح، وكيف يعبر الليل؟ أتدري ماذا يعني أن تجد نفسك عاريا في هذه الدنيا، بعد أن كنت أميرا برزقك وصحتك وبيتك وعائلتك؟ هذا هو الوجه الآخر للحياة في غزة، والذي لا يمكن الحديث عنه إلا لمن هم ثقة، ومن هم جديرون بفهم الحالة الفلسطينية، الاحترام لك من موجوع ومفجوع حطت على رأسه الهموم والأحزان، ومع ذلك، لا يسمع الناس من حنجرتي إلا الصمود، والثقة، والأمل في المستقبل، شامخون مظهرا، ومرهقون محتوى"!

المعذرة صديقي، أستميحك عذرا في نشر بوحك الخاص على الملأ، مع أن شيئا مما قلت لم يعد سرا مكنونا في الصدور، بعد أن فضحته الصور والكاميرات والبث المباشر للجريمة. لم يعد في غزة ما يمكن ستره، ووسط هذا الحال الملتهب، تبرز الأسئلة المحرمة التي لا بد من طرحها، وأولها وأقساها وأكثرها إيلاما: هل من حق المقاومة أن تجر على غزة وأهلها كل ما يعانونه اليوم، وبإمكانها منذ الغد، بل اليوم، بل الآن؛ أن تطفئ النار التي تحرق قلوب الكبار والصغار، وتنهي الحرب؟ كم أحد منا دار في خلده هذا السؤال؟ كم تمنينا أن تتم "صفقة" تبادل الأسرى (بأي ثمن!) بعضنا يحسب أن غزة وأهلها طراز من البشر لا يتعب، وأنهم "مستمتعون" بالموت اليومي والتشريد والهرب والنزوح من مكان إلى آخر ليس أقل أمنافقط أن تعيش غزة ولو قليلا (أياما أو حتى ساعات!) بلا موت؟ ألم تكن مختبئة في كلمات الصديق المكلوم الذي يعيش (بل يموت حيا!) وسط أتون الحرب، "شامخون مظهرا، ومرهقون محتوى"، عبارة تختصر كل ما يجري؟!

بعضنا يحسب أن غزة وأهلها طراز من البشر لا يتعب، وأنهم "مستمتعون" بالموت اليومي والتشريد والهرب والنزوح من مكان إلى آخر ليس أقل أمنا. ماذا عن الفقد اليومي، وصلاة الجنازة التي غدت طقسا يفوق في تكرارها الصلوات الخمس؟ ماذا عن رؤية الأحبة أبناء وبنات وإخوة ووالدين مقطعي الأوصال، أو متفحمين حرقا، أو أشلاء يجمعون في كيس؟ ماذا عن النوم على أزيز الطائرات وقصف المدافع والصحو على جدران تنهار وسقوف تدفن تحت أنقاضها الأحلام والآمال والحياة كلها؟ هل من حق الغزي أن يقول: "أخ" تعبت، كفى؟ هل من حقه أن يصرخ بملء فمه الذي نسي مذاق الطعام الهنيء: أوقفوا الحرب بكل ما أوتيتم من "استسلام"؟ هل من حقه أن يقول لمقاومته: استسلموا، فلم نعد مستعدين لمزيد من التضحية؟ هل يجرؤ على أن يقول: ألقوا سلاحكم، فلم يعد لدينا متسع لموت إضافي؟

أهي أسئلة محرمة فعلا، بل هي مشروعة فعلا؟ أم أن هذا السؤال هو نفسه من ضمن الأسئلة المحرمة؟

أظن أن هناك في غزة تحديدا من يطرح مثل هذه الأسئلة، ولكننا لا نريد أن نسمعها، ولا نريد أن نتخيل أن هناك من يطرحها أصلا، فنحن المراقبون لما يجري نعيش حياتنا بكل ضجرها وروتينها، نذهب إلى الحمام في الوقت الذي نريد ونقضي حاجتنا بغير اهتمام، في الوقت الذي لا يجد الآلاف هناك من يقضون هذه الحاجة مكانا آمنا لقضائها، نشرب قهوتنا الصباحية باستمتاع، وآلاف يستيقظون على صوت القصف، فيلملمون من وما يستطيعون لملمته بحثا عن نزوح جديد!

هي أسئلة محرمة، ولكنها مشروعة، وقاسية وحقيقية، لا نريد أن نسمعها أو حتى أن نفكر فيها، وإن كان هناك من يبحث عنها ويجتهد في إذاعتها ونشرها، عشرة أشهر مضت من "انتصار" مكلف جدا، ودام جدا، وكارثي جدا، نتغنى بها ونتيه فخرا، ونقولها بملء الفم: غزة رفعت رؤوسنا، ولكن ماذا عن رؤوس أهل غزة، من مات منهم تحت الأنقاض ومن ينتظر دوره في الحرق أو بتر أحد أعضائه، أو الموت جوعا أو مرضا أو قهرا؟ أسئلة محرمة، ولكنها مشروعة، وقاسية وحقيقية، لا نريد أن نسمعها أو حتى أن نفكر فيها، وإن كان هناك من يبحث عنها ويجتهد في إذاعتها ونشرها، عشرة أشهر مضت من "انتصار" مكلف جدا، ودام جدا، وكارثي جدا، نتغنى بها ونتيه فخرا، ونقولها بملء الفم: غزة رفعت رؤوسنا، ولكن ماذا عن رؤوس أهل غزةماذا عن الأسرى الذين جمعهم الاحتلال من طرقات ومشافي وبيوت غزة، ويذيقهم ألوانا من التعذيب الهمجي، والتجويع، والإهانة التي تصل حد هتك العرض على رؤوس الأشهاد؟ هل يتمنى هؤلاء استمرار الحرب مثلا "حتى تحقيق النصر الكامل"؟!

وهنا تحديدا، أمام كلمة "النصر"، بوسعنا أن نقول بملء الفم أن غزة انتصرت انتصارا مبهرا، ولم تزل تنتصر، ولكنه نصر مخيف، نصر جر رغبة مجنونة بإيقاع العقاب على كل ما في غزة من حجر وشجر وبشر لأنها انتصرت! غزة -في عرف المعتدي ومن يحمي ظهره ويمده بالصمود والأغذية والسلاح- انتصرت فعلا، ولهذا تجب معاقبتها عقابا مرا والتنكيل بها حتى لا يفكر أحد بعدها ولو مجرد تفكير بأن ينتصر، فالانتصار محظور على العربي والمسلم والغزي والفلسطيني، وأي انتصار كذاك الذي اجترحته غزة هو جريمة يستحق مرتكبه عقابا جهنميا كالذي تعيشه غزة اليوم، ويجر كل تلك الأسئلة المحرمة!

هي أسئلة محرمة فعلا، ولكن السؤال الأكثر إلحاحا: ألا يستحق النصر كل تلك المعاناة والعذاب؟ من يمنحك نصرا على طبق من راحة ودعة؟ ألم يكرم الله غزة بأن اصطفاها من بين خلقه لتكون "المخلص" من عسف محتل مغرور ومتعجرف، مرغت أنفه بالتراب، وجعلته مسخرة منبوذا كالكلب الأجرب بين الأمم؟

كلها أسئلة، ومن المشروع طرحها، وخاصة حين يتعلق الأمر بمعركة لا تحدد مصير فلسطين وغزة فقط، بل ربما بمصائر كثيرين في هذا العالم.  

مقالات مشابهة

  • أسئلة غزة المحرمة
  • جيش الاحتلال: مقتل جندي في غزة وآخر في طولكرم 
  • باسيل: عندما تريد اسرائيل الاعتداء علينا سنكون حتما مع بعضنا ضد الاجنبي
  • باسيل: لبنان اليوم مُهدّد بسبب اسرائيل
  • مواجهات الجنوب: سباق بين السياسة والميدان
  • انتخاب الرئيس معلّق وبري لا يؤيد تسويق باسيل للتشاور بمن حضر
  • باسيل: الحرب على لبنان ستكون كارثة
  • ملف لبنان في لقاء لودريان وهوكشتاين الاسبوع المقبل والخازن في بكركي اليوم لرأب الصدع مع الحزب
  • ثلاثة عوامل تجعل الحرب الموسّعة على لبنان مستبعدة
  • تصاعد التحذيرات من الحرب الواسعة : هدف إسرائيل شريط بطول 16 كلم