اليوم هو العاشر في سجل حرب الإبادة التي يشنها العدو الإسرائيلي ضد أهلنا في غزة، عشرة أيام مضت والقنابل والصواريخ وأعمال القتل والدمار لم تنته.
المشهد يجري أمام مرآى من العالم ودعاة حقوق الإنسان، الذين صدعوا رءوسنا بشعاراتهم المقتية الكاذبة، عشرة أيام والأمم المتحدة عاجزة على وقف العدوان الإرهابي الذي تشنه حكومة الحرب الإسرائيلية، والذي وصل ذروته بحصار التجويع وقطع الخدمات جنبًا إلى جنب مع دانات الصواريخ التي تنهمر على رءوس الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الصامد عشرة أيام تكشفت فيها المواقف، وظهرت فيها الوجوه على حقيقتها.
ومنذ البداية وضحت حقائق المؤامرة، إنها اللحظة المناسبة لتنفيذ المخطط، تحركت ملة الطائرات الأمريكية إلى شرق المتوسط قبالة غزة ولبنان، ثم سرعان ما تم الدفع بحاملة الطائرات «ايزنهاور» وأرسلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بعضًا من القطع العسكرية، وبدأ الأمر وكأننا على أعتاب حرب عالمية ثالثة، وهكذا أدرك الجميع أن المسألة أكبر من غزة، وأكبر من الرد على عملية فدائية أصابت جيش الاحتلال الإسرائيلي في مقتل.
وكانت القاهرة سباقة منذ البداية معرفة أحد أهم حلقات هذا المخطط وهو تفعيل فكرة الوطن البديل وإعادة سيناريو التهجير القسري للفلسطينيين الذي جرى بمقتضاه تهجير 711 ألف فلسطيني في أعقاب حرب الـ 48 إلى خارج البلاد.لقد أدركت مصر أن الخطة التي طرحها «إيجور أيلاند» رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عام 2004 باتت قيد التنفيذ.
هذا المخطط الذي يستهدف إقامة دولة فلسطينية على مساحة حوالي 720 كيلو متر داخل أراضي الشريط الحدودي في سيناء من رفح إلى العريش، وهو نفس المخطط الذي رفضه الرئيس الأسبق حسني مبارك مقابل 12 مليار دولار، وهو نفس المخطط الذي رفضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما عرضه عليه الرئيس الإخواني محمد مرسي عام 2013.
ومنذ البداية حذرت القيادة السياسية من خطورة هذا المخطط ورفضها الشديد له، خاصة مع ورود بعض التصريحات من قبل عدد من المسئولين الإسرائيليين الذين اضطروا إلى التراجع عنها بعد ذلك، إلا أن الإجراءات التي تجري على الأرض تقول باستمرار المخطط خاصة وأن الجيش الإسرائيلي طلب من سكان شمال غزة النزوح فورًا إلى جنوب غزة كخطوة أولى نحو التهجير..
ولم تتردد القاهرة في إصدار بيان شديد اللهجة حذرت فيه إسرائيل من خطورة المضي في تنفيذ هذه الإجراءات على الأرض مؤكدة أن مصر لن تسمح بذلك، كما طلبت من مجلس الأمن ضرورة وقف المخططات الإسرائيلية التي تستهدف غزة ومصر على السواء.
لقد أكد الرئيس السيسي أنه يرفض وبشدة حل القضية الفلسطينية على حساب مصر أو أية أطراف أخرى، لأن ذلك يعني تصفية القضية، كما أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب الفلسطينيين في غزة بعدم الاستجابة لمخطط التهجير والتمسك بالبقاء على الأراضي الفلسطينية حفاظًا على القضية وحلم الدولة، أما إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فقد قالها بوضوح مطالبًا الفلسطينيين بالبقاء في أرضهم «قرار مصر قرارنا»، ولم يتردد في توجيه التحية إلى موقف مصر الداعم ومنذ اللحظة الأولى للقضية الفلسطينية.
لقد سعت واشنطن وأطراف غربية عديدة إلى ممارسة الضغوط على مصر للقبول بالسماح للفلسطينيين من النازحين بالدخول عبر معبر رفح، وحاولوا إغراء مصر بإسقاط الديون وتقديم معونات عاجلة، إلا أن الرئيس السيسي رفض كافة العروض رفضًا حاسمًا، وأكد أن مصر لن تسمح أبدًا بتنفيذ المخطط على أرضها، وطلب من واشنطن التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي والإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني بدلًا من لغة التباكي الوهمية على الفلسطينيين.
وقد تجسد الموقف المصري جليًا في رفض فتح معبر رفح لعبور بعض حاملي الجنسية الأمريكية من النازحين، واشترطت ثلاثة شروط هي:
- دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
- فتح ممرات آمنة.
- وقف العدوان وإعلان هدنة محددة لحين وصول المساعدات إلى المحاصرين في القطاع.
وعندما تجاهلت واشنطن هذه المطالب، قررت مصر رفض عبور أصحاب الجنسيات الأمريكية والأجنبية رفضًا باتًا ونهائيًا.
إن ذلك لا يعكس استقلالية الموقف المصري فحسب، بل يعكس صلابة وقوة هذا الموقف في مواجهة أية محاولات للنيل من حقوق مصر وقرارها المستقل، وقد أسمعت مصر وزير الخارجية الأمريكية «أنطوني بلينكن» هذا الموقف مجددًا خلال زيارته إلى القاهرة أمس.
لقد طلبت القاهرة من وزير الخارجية الأمريكية ضرورة تدخل بلاده لوقف حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وإلا فإن أحدًا لا يمكن أن يتوقع سيناريوهات الأحداث خلال المرحلة القادمة، خصوصًا في ضوء حديث وزير الخارجية الإيراني والذي هدد بتدخل بلاده في حال إقدام إسرائيل على الغزو البري لمنطقة غزة، وما يمكن أن يسببه ذلك من توسيع نطاق الحرب التي لا يتوقع أحد خطورة نتائجها، خاصة مع ادعاءات إسرائيل بأن إيران تحاول نقل أسلحة استراتيجية إلى سوريا أو عبرها لفتح جبهة حرب ثانية.
إن التطورات الحالية، خاصة مع عزم إسرائيل اقتحام منطقة غزة بريًا، وحشد أكثر من مائة ألف مبدئيًا لهذا الغرض، تُنبئ بأننا أمام كارثة حقيقية على الأرض من شأنها أن تقلب الأوضاع رأسًا على عقب، وهو أمر قد تكون لها تداعياته على سير الأوضاع في المنطقة شعبيًا ورسميًا.
وهنا أستعير بعض عبارات من المقال الهام الذي كتبه الكاتب الإسرائيلي «آرى شبيت» في صحيفة ها آرتس الإسرائيلية عندما قال: «يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال».
ويستطرد الكاتب القول: «طالما أنه لم يعد بإمكان إسرائيل إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، فإنه لا طعم للعيش في هذه البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في هاآرتس، ولا طعم لقراءة هاآرتس، يجب فعل ما اقترحه «روغل ألفر» منذ عامين، وهو مغادرة البلاد»!!
اقرأ أيضاًالوطن البديل.. مصطفى بكري يفضح المخطط الصهيوني لإقامة دولة غزة في سيناء والأردن
مصطفى بكري يكشف عن ثلاثة مطالب لأمريكا من مصر لوقف الحرب على غزة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فلسطين مصطفى بكري غزة الاعتداء على الشعب الفلسطيني اقتحام غزة المساعدات إلى غزة
إقرأ أيضاً:
الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل: دروز إسرائيل يدعمون إخوانهم بسوريا إنسانيًا
سرايا - أكد الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، أن دروز إسرائيل لا يتدخلون في الشأن الداخلي لسوريا، مشددًا على أن دورهم يقتصر على الدعم الإنساني فقط، ولا علاقة لهم بأي تحركات سياسية داخلية في سوريا .
وتناول طريف عدة ملفات مهمة، بما في ذلك التحركات التي قام بها مؤخرًا لحماية الدروز، موضحًا أنه لن يسمح بتكرار المجازر التي وقعت في الساحل السوري في السنوات الأخيرة.
وتزامن اللقاء مع زيارة تاريخية لوفد من دروز سوريا إلى إسرائيل، حيث أعرب الشيخ طريف عن أهمية هذه الزيارة.
وقال طريف: "الدور الذي يلعبه أبناء الطائفة الدرزية هو دور أخوي، وهو فريضة دينية توحيدية يجب أن نؤديها. نحن لا نتدخل في الشؤون السورية السياسية أو الداخلية مطلقًا. إخواننا في سوريا هم سوريون يفخرون بسوريتهم، وأي قرار يتخذونه هو شأنهم الخاص. ولكن من منطلق الإخوة والعلاقة القوية التي تربطنا بهم، من الواجب علينا أن نقدم الدعم الإنساني لهم فقط."
تابع: "أنا لست ناطقًا باسم دولة إسرائيل أو حكومتها، ولكن ما سمعناه وسمعه الجميع هو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية أعلن عن توسيع المنطقة العازلة في القنيطرة والسويداء ودرعا. لا يوجد أي تدخل في الشؤون السورية أو في شؤون أهلنا هناك. وأود أن أُذكّر هنا وليد جنبلاط، أنه عندما كانت هناك محنة في الجبل، كان أبناء الطائفة الدرزية في بلادنا السد المنيع الذي قدم الإمدادات والمساعدات. نحن دائمًا مستعدون لمساعدة أهلنا في أي مكان، وإذا تعرضوا لأي اعتداء، سنتصرف بالمثل."
وأكد طريف أنه جرت العديد من اللقاءات مع الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، موسكو، والدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، بهدف الحفاظ على حقوق الأقليات وتقديم الدعم لهم. وقال: "تحدثنا ليس فقط باسم الدروز، بل باسم جميع الأقليات في سوريا. طلبنا أن تكون سوريا لجميع أهلها، وأن يتمكن الجميع من ممارسة عباداتهم بحرية في دولة مدنية تضمن هذه الحقوق."
أما في ما يتعلق بقضية حماية الدروز، قال طريف: "أتمنى ألا نصل إلى هذه المرحلة، ولكن إذا حدث ذلك، بالتأكيد سنتدخل. لن نسمح بأي اعتداء على أبناء الطائفة الدرزية أو، لا سمح الله، حدوث مجازر ضدهم. في 2018، تعرض الدروز في السويداء لمجزرة ذهب ضحيتها أكثر من 300 شخص من نساء ورجال وأطفال وشيخ، وكان تنظيم داعش هو المسؤول عن هذه المذبحة. كما تعرضت قرية قلب لوزة في إدلب في 2015 لمذبحة أخرى، حيث قُتل نحو 20 شخصًا على يد عناصر جبهة النصرة.
نحن حريصون على ألا تتكرر مثل هذه المجازر."
وأوضح: "أنا لا أتدخل في الأمور السياسية أو في القرارات الحكومية. ما يهمنا هو فقط أن لا يحدث مثلما حدث مؤخرًا في الساحل السوري. لن نسمح بتكرار هذا المشهد. هذا واجبنا والمطلوب منا."
وعلّق طريف على بالزيارة التي قام بها الوفد الدرزي من سوريا إلى إسرائيل، قائلاً: "بالنسبة لأبناء الطائفة الدرزية في الجولان والكرمل والجليل، هذا اليوم هو يوم عيد. وكما هو معروف، فإنها زيارة دينية بحتة، حيث يقوم المشايخ بزيارة مقام سيدنا شعيب. نأمل أن تتكرر مثل هذه الزيارات، وأن يُسمح لنا كأبناء طائفة درزية بزيارة الأماكن الدينية كما يحق لإخواننا المسلمين والمسيحيين الحج إلى مكة وزيارة القدس."
ختم: "حتى الدول المعادية للسعودية يقوم رعاياها بالحج، لذا فإنه من حق أبناء الطائفة الدرزية أيضًا أن يقوموا بزيارات دينية. نأمل أن يحل السلام قريبًا وأن تُزال جميع الحواجز والحدود بيننا وبين أهلنا من جميع الطوائف."
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 14-03-2025 11:27 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية