الوجه القبيح لحضارة الغرب العنصرية
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
حمد الناصري
قد لا يستغرب أغلب القراء عنوان المقال، فلطالما تعوّدنا على أن نكون نحن المُسلمين موضع الاتهام الوحيد في كل صراع أو أزمة يكون الطرف المُقابل من غير المسلمين ولكن هذه المرّة تجاوز الغرب كل الخطوط الحمراء بعنصريتهم وصَفاقتهم.
ولنضرب أمثلة واقعيّة على الماكينة الإعلامية وتصريحات المسؤولين الغربيين فقد تناولت "صحيفة الأحداث الأمريكية"، تصريحات دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة السابق بكثير من الامتعاض والسخط والغضب وقد أثار تصريحه حول قيام نتنياهو بمدح حسن نصر الله أمامه ضجّة في أمريكا وبلاد الغرب قاطبة وهو الذي عُرف بصراحته مُنتقدًا إياهُ بقوله "إسرائيل بحاجة إلى تصويب الأمور"، وذلك عقب طوفان الأقصى التي نفذته قيادة المُقاومة الفلسطينية "حماس".
وصرح ترامب، أنّ عليهم- أيّ إسرائيل- تصحيح الأمر لأنهم يُقاتلون "قوة كبيرة جدًا مُحتملة"، وهي إشارة إلى المُقاومة الفلسطينية بكل أطيافها.. فأين شفافية وديمقراطية الإعلام الغربي ولماذا يُهاجمون رجلًا يقول الحقيقة بلا رتوش لأنها تتعارض مع مصالح الغرب العنصرية.
وفي مكان آخر من الأرض وفي فرنسا تحديدًا كان لتصريح وزير العدل الفرنسي اللاأخلاقي واللاّديمقراطي والذي يُذكّرنا بعهد النازية والفاشية في أوروبا، إذْ يقول "من يتعاطف مع حماس سيتم سجنه 5 سنوات ومن يُغرد لصالحهاـ أي لصالح المُقاومة الفلسطينيةـ في مواقع التواصل الاجتماعي سوف يُسجن 7 سنوات".
تصريح كهذا لو صدر من زعيم عربي لاتُّهم بالعنصرية والديكتاتورية والطغيان إلى ما لا نهاية من التهم الجاهزة، وهذا الكلام بلا أيّ شك فاشي عنصري صِيْغ وفق مبادئ لا إنسانية ومعايير لاوجود لها إلّا في عقول طُغاة العصور المُظلمة في أوروبا.. ومن هذا المفهوم الازدواجي في تبرير التحيّز والظُلم وانتهاك حقوق الإنسان يَنبغي على كل إنسان حُرّ في أي جزء من الأرض الرد عليه ووفق الأسس التي تقوم على فقه المبادئ الإنسانية، فجميع الأطراف تقف على قدم المُساواة أمام القانون. والكيل بمكيالين يُعدّ انتهاكا لمبدأ العدالة المعروفة باسم الحياد، والذي يقوم على أساس افتراض أنّ نفس المعايير ينبغي أنْ تُطَبّق على جميع الناس، والتحيّز بكل أنواعه مرفوض سواء على أساس الطبقة الاجتماعية، أو العرق أو الجنس أو الدين أو الجنسية أو شكل آخر من أشكال التمييز.
وسَمعنا وشهدنا في الأيام القليلة الماضية تصريحات من مسؤولين أوربيين يُفترض أنهم يُمثلون أنْظمة ديمقراطية تحمي حقوق الإنسان كلامًا ومَواقف، فأقل ما يُقال عنها أنها ظالمة وعنصرية ولا تصلح في أكثر الأنظمة ديكتاتورية وقمعًا في العالم ولو عُدنا لإجراء مُقارنة بسيطة لتعامل دول الغرب وخاصة هولندا، مع لاجئي سوريا وأفغانستان وتعاملها المُختلف كليًا بالمُقابل اتجاه لاجئي أوكرانيا.
كما نجد في تهافت الغرب تصريحات فجّة، فها هو ريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا صرح بقوله "نرفض المُساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأنا بجانب إسرائيل" فهل هذا مَنطق رئيس حكومة؟ وهل الإسرائيليون بشر والفلسطينيون مَخلوقات أخرى؟
أعجبني مقطع مُصور للمغني البريطاني روجر ووترز الذي وجه سؤالًا عبر تسجيله مقطع فيديو يقول فيه: "أتلقى من كل أصدقائي، قانونيين فلسطينيين، ولي الكثير من أصدقائي في إسرائيل والعديد من الأصدقاء في جميع أنحاء العالم من أمريكا الجنوبية، كولومبيا، تشيلي، سنتايغو ومن أماكن أخرى في أمريكا.. وكلهم يقولون نفس الشيء، إنّ ما يحدث مثلا في حي الشيخ جراح في القدس، حيث لا يزال بايدن مستمرًا في تقديم الدعم الكامل لإسرائيل، فهل تدعمون هذه الإبادة الجماعية وطرد الناس من منازلهم.. كيف ترى ذلك يا جو بايدن؟". وقال "تخيّل يا بايدن، أن تكون جالسًا في منزلك، حيث عاشت عائلتك لمئات السنين، ويأتي أحمق ما ويقول هذا المنزل لي، أنا مُستوطن وسوف آخذ منزلك منك؟ لا أهتم ما يحدث لك .. سيكون الأفضل أن تموت؟ هذا أمر لا يُصَدّق، إنه يُثير غضبي للغاية.. ما الذي تستطيع القيام به؟ سأخبرك ما تسطيع القيام به. فقط تستطيع أن تسجل فيديو كهذا وتنشره، أما بالنسبة لي فأنا أقول إنه يُحَطّم قلبي، وأنا سعيد جدًا لأنّ منظمة هيومن رايتس ووتش تتبع خطوات المُنظمة الحقوقية الإسرائيلية "بيتسليم" والتي أعلنت قبل أشهر أنّ إسرائيل دولة فصل عنصري".
وقال أيضًا: "لدينا موقف ضِد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لكن الأمر يختلف أو اختلف حينما كان الأمر يتعلّق بإسرائيل". وقد ختم المقطع بقوله "سأبدأ بحملة لإقناع الفيفا والاتحاد الأوروبي لكرة القدم للتوقف عن لعب كرة القدم ضد الأندية الإسرائيلية، هذا من شأنه أن يجذب الانتباه، وذلك ما حدث في جنوب أفريقيا، مثلًا".
خلاصة القول.. أعتقد أنه آن الأوان لِمُعاملة سياسيي الغرب العُنصريين بما يَستحقون من احْتقار، والتصدّي علنًا لطروحاتهم الفاشيّة تجاه شُعوبنا الإسلامية والعربية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الوجه الآخر للحرب في السودان ..!!
صديق السيد البشير *
Siddigelbashir3@gmail.com
لأن الحرب في السودان أفرزت واقعا جديدا في حياة الناس، فقر وتشرد قسري ونزوح داخلي وهجرات إلى خارج حدود البلاد، لكن بالمقابل، أبدع متطوعو بلادي في تشكيل جداريات مضيئة على بناية الوطن، عملا ومعرفة، من خلال استخدام ألوان مميزة، سمتها التطوع لخدمة وافدي العاصمة السودانية الخرطوم، الذين يمموا وجوههم شطر الولايات الآمنة، هربا من نيران الحرب.
ونشطت أجسام مدنية وخيرية وحكومية في إغاثة المنكوبين، غذاء وكساء ودواء وإيواء، ذلك من خلال مطابخ مركزية لهذا الغرض، أسست بمحبة للعمل التطوعي والإنساني، صور وملاحم سطرها أبناء وبنات بلادي في الداخل والخارج، تحكي الأخرى التفاني في خدمة المتأثرين بالحرب بنبل وسعادة ومودة ومحبة، محبة لتقديم الصدقات وفعل الخيرات والمسرات.
مشاهد من وجه آخر للحرب في السودان، لم تتنتجها الموجات والشاشات والمنصات، لتعرف الآخرين للأزمة في البلاد، غني الثروات، المادية والطبيعية والبشرية، التي يعرفها الغريب والقريب.
لم تجد هذه الملاحم، ملامح منها على وسائل الإعلام، لتعرف المتلقي الحصيف عن التنافس النبيل لإنسان السودان في نجدة أخوته في الدين والوطن والإنسانية، تسابق أبناء وبنات البلاد في فعل الخيرات، من خلال المطابخ التي أسست بمدن السودان المختلفة، التي قدمت عديد الوجبات الجاهزة في الزمان والمكان للمتأثرين في مراكز اللجوء المختلفة في المرافق الحكومية والخاصة، فقط، بنبل ومحبة وإنسانية، وبدعم مقدر، عيني ومادي ونفسي من رؤوس الأموال الوطنية والخيرين السودانيين في المهاجر المنافي القريبة والبعيدة، صور تحكي للآخرين، معاني التضحية والفداء لنصرة السوداني لأخيه السوداني الذي أفقدته الحرب في بلده، الأموال الأنفس والثمرات.
قدمت أهل السودان فصول واقعية من حكايات مثيرة عن النفقة و الإيثار، تلامس هي الأخرى، العقل والقلب الروح، روح الإنتماء لوطن مزقته الحروب والنزاعات، ليرنو أهله إلى غد أفضل، تصمت فيه إلى الأبد، أزيز المدافع وأنات الثكلى والجرحى والمنكوبين، لتزدهر فيه سنابل السلام والبذل والعطاء والإستقرار، والله من وراء القصد، وهو يهدي إلى السبيل.
*صحافي سوداني