في يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، نشرت الصحف (1) الإسرائيلية عشرات القصص التي أعادت للأذهان ذكرى الهزيمة الإسرائيلية والانتصار المصري في حرب عام 1973، وركزت العديد من هذه القصص على فشل الاستخبارات الإسرائيلية في توقع الهجوم المصري، مؤكدة أن ما حدث منذ 50 عاما لا ينبغي أن يتكرر مجددا أبدا.

 

ولكن ما إن مضت الليلة حتى استيقظ الجميع في دولة الاحتلال -وسائر العالم- صباح يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول على هجوم مفاجئ اخترق خلاله المقاومون الحاجز الأمني الذي يفصل غزة عن بقية الأرض المحتلة وأمطروا الاحتلال بوابل من الصواريخ، مؤكدين الفشل التاريخي للاستخبارات الإسرائيلية، الأمر الذي عدّه محللون أشد وطأة مما حدث في حرب العبور قبل خمسة عقود.

 

هذا "الطوفان" الذي أطلقته حماس ردا على الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى صاحبه تطور حاسم ساهم في نجاح هذه العملية المعقدة؛ ألا وهو استخدام "كتائب القسام" الطائرات المسيرة (2) التي تُعرف بـ"الدرونز"، إذ تمكنت بفضل صغر حجمها وقدرتها العالية على المناورة من مغالطة أنظمة الدفاع الإسرائيلية، التي غرقت في سيل من القذائف والصواريخ والطائرات المسيرة، لتصبح هذه العملية الإعلان الأبرز على دخول حركات المقاومة عصر المسيرات، رغم استخدام حماس لها من قبل بشكل محدود.

 

حماس وتكتيكات الحرب الأوكرانية

قبل سنوات قليلة، تحديدا قبل الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، اعتاد القادة في دولة الاحتلال الإسرائيلي وصف هجمات القسام الصاروخية بأنها مجرد "نيران مزعجة"، يجري إطلاقها عشوائيا، وعلى الأغلب لا تتسبب في وقوع إصابات (3)، وللتخلص من هذا "الإزعاج" أنشأت إسرائيل نظام دفاع صاروخي متطور ثلاثي الطبقات يشمل أنظمة القبة الحديدية ومقلاع داود وحيتس "سهم"، بهدف التصدي للمقذوفات والصواريخ التي تُطلقها المقاومة الفلسطينية على اختلاف مداها.

 

تُعَدُّ القبة الحديدية تحديدا خط الدفاع الإسرائيلي الأول، وهي تستخدم أجهزة الرادار ومنظومات الاعتراض المتطورة لرصد معلومات الصواريخ القادمة فور إطلاقها، بما في ذلك سرعة الصاروخ ومساره، ومن ثم إطلاق الصواريخ الدفاعية المناسبة لاعتراضها وإسقاطها بشكل تلقائي قبل أن تصل إلى وجهتها.

 

بجانب منظومة الدفاع الصاروخي، شيَّدت دولة الاحتلال ما يُعرف بـ"السياج الذكي"، وهو سياج أمني عازل يقع على طول الحدود بين المستوطنات الإسرائيلية وقطاع غزة، وقد جُهِّز بتقنيات أمنية وتكنولوجية متطورة مزودة بمجسات استشعار عن بُعد وأجهزة رصد ورادارات موزعة ما بين أبراج المراقبة وأبراج الحراسة والأبراج الأمنية وأبراج الاتصالات، هذا بخلاف الكاميرات ونقاط إطلاق النار عن بُعد، الأمر الذي يجعل اختراق هذا "السياج الذكي" المصمم بالأساس لتحييد الأنفاق التي تستخدمها المقاومة ومنع تسلل البشر أمرا مستحيلا.

لكن كتائب المقاومة قليلة التمويل صنعت المستحيل وتمكنت من اجتياز دروع الاحتلال البرية منها والسماوية ومجابهة جيش يدّعي أنه الأقوى في الشرق الأوسط. بدأ القتال في السادسة والنصف من صباح يوم السابع من أكتوبر عبر "رشفات" صاروخية كثيفة، وفي الوقت ذاته قامت مجموعة صغيرة من مقاتلي المقاومة بإحداث ثقوب عديدة على طول السياج الأمني الفاصل بين غزة والأراضي المحتلة، وتسللوا منها عبر الحدود وانتشروا في جنوب الأراضي المحتلة على حدود القطاع، وسرعان ما تغلبوا على حرس الحدود وقوات الشرطة المحلية.

 

بيد أن الانتصار الأهم للمقاومة في ذلك اليوم تمثل في قدرتها على التحليق فوق سماء الأراضي المحتلة واختراق درع إسرائيل الواقي، وسر هذا النجاح يكمن في اثنين من التكتيكات الحربية الجديدة التي تبنَّتها المقاومة (4)، وكانت شبيهة بتلك التي استخدمتها أوكرانيا ضد الأهداف العسكرية الروسية في الحرب الأخيرة.

 

الأول (5) كان استخدام الطائرات بدون طيار لاختراق الأهداف الإستراتيجية وضربها، وهو ما يُمثِّل تحديا لنظام "القبة الحديدية" الدفاعي الذي لم يتطور بشكل كافٍ لمواجهة الطائرات المسيرة، وذلك لأن هذه الطائرات بإمكانها الطيران على ارتفاعات منخفضة بالقرب من الأرض، مما يجعل رصدها من خلال الرادارات أمرا صعبا. أما التكتيك الثاني، فهو توجيه الضربات الصاروخية للتمويه على الهجمات البرية التي استهدفت اقتحام السياج الأمني، الأمر الذي أربك جيش الاحتلال الإسرائيلي وجعله غائبا تماما عن المشهد خلال الساعات الأولى.

 

"المسيرات القسامية".. رهان المقاومة الرابح

(كتائب القسّام تكشف عن منظومة دفاع جوي محلية الصنع)

 

لطالما كانت المواجهات العسكرية بين حركات المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي غير متكافئة؛ نظرًا للتفاوت الكبير في القوة العسكرية بين كلا الطرفين، وظهر هذا الفارق كأوضح ما يكون في القوة الجوية، وهو ما دفع فصائل المقاومة للتركيز على تطوير تقنيات القذائف كحل غير مكلف نسبيا لجسر الفجوة الجوية. وخلال العقدين الأخيرين، تطورت أسلحة المقاومة من العبوات الناسفة وقذائف الهاون مرورا بالصواريخ قصيرة المدى مثل "القسام 1″(6) الذي يصل مداه إلى 5 كيلومترات فقط، وصولا إلى الصواريخ طويلة المدى مثل "عياش 250" الذي يصل مداه إلى 250 كيلومترًا.

(إطلاق صاروخ عياش 250 يستهدف قيادة المنطقة الشمالية في صفد)

 

بالتزامن مع ذلك، أطلقت المقاومة مشروعها الخاص لتصنيع الطائرات المسيرة محليا. وترجع بدايات هذا المشروع إلى العام 2006؛ عندما شرعت كتائب القسام في تنفيذ النموذج الأول لمسيرة من دون طيار عرفت باسم "الطائرة العراقية"(7)؛ وكانت مشروع تخرج لضابط سابق في الجيش العراقي حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة بغداد. وقد قدم الضابط خبرته هذه لفريق عمل الوحدة الخاصة للطائرات بدون طيار داخل القسام؛ والتي كانت في ذلك الوقت وحدة ناشئة يشرف عليها المهندس التونسي محمد الزواري.

 

كان الزواري قد انضم إلى كتائب القسام سرا في الوقت نفسه تقريبا، وشغل فيما بعد منصب رئيس وحدة الطائرات بدون طيار؛ وإليه يرجع الفضل في تطوير الطائرات المسيرة "القسّامية" منذ كان المشروع فكرة في المهد. وبحلول عام 2014 جاء الإعلان عن أول(8) طائرة مسيرة "قسّام" أصلية في حرب "العصف المأكول"، إذ حلقت المسيرة التي أشرف على تصنيعها الزواري فوق وزارة الحرب في تل أبيب واستطاعت التقاط العديد من الصور؛ نشرت حركة المقاومة بعضا منها في ذلك الحين. وكانت تلك الطائرة تحمل اسم "أبابيل 1″، وأنتجت منها الكتائب ثلاثة نماذج: "طائرة A1A وهي ذات مهام استطلاعية، وطائرة A1B وهي ذات مهام هجومية (إلقاء قنابل)، وطائرة A1C وهي ذات مهام هجومية (انتحارية)".

 

بعد الأبابيل؛ كادت مسيّرات الزواري وغواصاته آلية القيادة لتتوالى تباعا لولا أن الاحتلال باغته بيد الغدر كما اعتاد أن يفعل مع العلماء العرب النابهين في المجالات العسكرية. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2016، أُردي الزواري بعشرين رصاصة استقرت ثمانية منها في جسده، وذلك أمام منزله في مدينة صفاقس التونسية؛ وقد نعته كتائب القسّام في بيان خاص واتهمت جهاز الموساد الإسرائيلي بالضلوع في اغتياله.

لم تمت صناعة المسيرات القسامية بموت الزواري؛ ففي أثناء معركة "سيف القدس" عام 2021، أطلقت كتائب القسام (9) طائرات مسيّرة من طراز "شهاب" محلية الصنع استهدفت عدة مواقع إسرائيلية؛ وهي طائرة محملة بالمتفجرات ذات مهام هجومية انتحارية؛ أكثر ما يميزها هو صغر حجمها، مما يجعل من الصعب اكتشافها بواسطة رادارات أنظمة الدفاع.

 

أما مفاجأة "طوفان الأقصى" الحقيقة فقد تمثلت في إطلاق حماس 35 طائرة من طراز (الزواري) في وقت واحد باتجاه أهداف عسكرية إسرائيلية، استهلت بها معارك السبت الميمون، وهي طائرة مسيّرة جديدة سميت بهذا الاسم تكريما للمهندس محمد الزواري وتخليدا لذكراه. و"الزواري" هي مسيرة ثابتة الجناحين، وعلى الرغم من أنها كانت في السابق خاصة بالمهام الاستطلاعية، لكن جرى تطويرها لتصبح ذات مهام هجومية انتحارية؛ وهي بذلك تعد أحدث أسلحة كتائب القسام؛ لكن حتى الآن لم يستطع الخبراء معرفة الخصائص التقنية الخاصة بها؛ مثلا ما إذا كان بالإمكان التحكم بها عن بعد أم لا، وكيف يعمل نظام التوجيه الخاص بها؛ إلا أن هناك بعض التكهنات تشير إلى أن نظام التوجيه جرت برمجته مسبقا بالمواقع الخاصة بالأهداف من خلال إحداثيات نظام التموضع العالمي (GPS) (10).

مسيّرة من طراز "شهاب" محلية الصنع. (الصورة: شترستوك)

 

"الدرونز القسامية".. قدرات متزايدة

ظهرت الطائرات "القسامية" المسيرة في مقاطع الفيديو التي بثتها حماس وهي تُسقط المتفجرات على أبراج المراقبة الإسرائيلية والمراكز الحدودية وأبراج الاتصالات، وهو ما يشير إلى عملية منسقة حددت فيها حركة المقاومة الفلسطينية بدقة مواقع تلك الأهداف، ونشرت أسلحتها بعناية لإصابة منظومة الدفاع الإسرائيلي بالعمى، وهو ما سهل تنفيذ الشطر الثاني من الخطة، وهو السماح للقوات البرية باختراق الحواجز الحدودية دون مراقبة ودون أن تنتبه إسرائيل إلى حجم التوغل في الأراضي المحتلة.

 

في صور الهجوم، نرى العديد من المركبات العسكرية الإسرائيلية وقد تدمرت أو تضررت بشكل بالغ، بما في ذلك دبابات القتال الرئيسية من طراز "ميركافا إم كي 4" (Merkava Mk4)، وهي دبابة إسرائيلية من أسلحة الجيل الجديد صُمِّمت بتكنولوجيا أمان متقدمة تُمكِّنها من تفادي مختلف أنواع الأسلحة التي تستخدمها قوات المقاومة تقليديا مثل قذائف الآر بي جي والصواريخ المحمولة على الكتف، لكن المقاطع المصورة تُظهِر طائرة مسيرة متعددة المروحيات وهي تُسقِط المتفجرات على دبابات الميركافا.

بعض هذه المسيرات كانت من نوع "كوادكوبتر"، وهي طائرات رباعية المروحيات يمكن التحكم بها عن بُعد، تشبه إلى حدٍ كبير طائرات الأطفال التي تُباع في المتاجر التجارية، لكن طُوِّرت بعض أنواعها بهدف القيام بالمهام الاستطلاعية وإسقاط المتفجرات على أهداف صغيرة. كما عرضت "كتيبة الناصر صلاح الدين" التابعة لحماس أيضا طائرة هجومية مسيّرة كبيرة سداسية المروحيات، تشبه تلك التي استُخدمت في حرب أوكرانيا مؤخرا.

 

هذا النجاح المذهل الذي حققته حماس أثار العديد من التساؤلات حول مصدر طائرات "القسام" المسيّرة التي ظهرت خلال الهجوم، وقد ذهب بعض الخبراء إلى أنها تشبه إلى حد كبير المسيرات الإيرانية البدائية وأن المقاومة حصلت عليها من إيران (11). لكن هذه المزاعم تتناقض بشدة مع حقيقة الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة، والذي يمنع دخول المواد الغذائية والطبية، فمن البديهي أنه لن يسمح بدخول الأسلحة. يبقى السيناريو المرجح إذن أن حماس ربما استفادت ببعض التقنيات من إيران أو دول أخرى، فضلا عن نجاحها في الحصول على بعض المواد الخام ذات الاستخدام المزدوج، لكن يبقى من المؤكد أن مراحل التصنيع النهائية تمت داخل القطاع، وصاحبتها جهود واسعة لحجبها عن أعين الاستخبارات الإسرائيلية (12).

 

أما الحقيقة المؤكدة فهي أن حماس تمكنت بواسطة تقنيات بسيطة ورخيصة التكلفة من تعجيز نظام دفاعي متقدم مثل "القبة الحديدية". هذا الانتصار الخاطف والاستثنائي للمقاومة ردت عليه إسرائيل بالطريقة الوحيدة التي تُجيدها: حصار كامل على قطاع غزة يحجب إمدادات الطعام والمياه والكهرباء، وقصف جوي موسع تسبب في سقوط أكثر من 2300 شهيد و9 آلاف مصاب، وقرابة نصف مليون نازح حتى الآن بحسب تقديرات الأمم المتحدة (13).

——————————————————————————————————————-

المصادر: How Hamas flooded Israel, killed hundreds and took another 100 hostage: A revolution in drone warfare dating back to Ukraine The Drones of Hamas How Hamas Leveraged Cheap Rockets And Small Drones To Ambush Israel How Hamas likely used rudimentary drones to ‘blind and deafen’ Israel’s border and pave the way for its onslaught Hamas Drone Assault Surprised Israel, Using Russia-Ukraine War Tactics "البيـان الأول حول أول قصف بصواريخ القسام" كتائب القسام ومعركة سيف القدس: ممكنات الردع النسبي في حرب غير متناظرة كتائب القسام تكشف عن طائرات بدون طيار محلية الصنع من طراز "أبابيل1" بالفيديو: كتائب القسام تكشف عن طائرات “شهاب” الانتحارية محلية الصنع Mohamed Zouari: The Tunisian engineer behind Hamas drones Hamas’ Advanced Weaponry: Rockets, Artillery, Drones, Cyber Hamas Reveals ‘Zouari’ Kamikaze Drone That Can Potentially RAIN HELL On Israel During Gaza Ops More than 260,000 people displaced in Gaza: UN

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الطائرات المسیرة طائرات بدون طیار القبة الحدیدیة کتائب القسام محلیة الصنع ت المقاومة کتائب القس العدید من من طراز التی ت فی ذلک وهو ما فی حرب

إقرأ أيضاً:

تحليل بيانات: صافرات الإنذار دوت في إسرائيل أكثر من 28 ألف مرة منذ طوفان الأقصى

كشف تحليل بيانات أجرته وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة أن صافرات الإنذار دوت في إسرائيل أكثر من 28 ألف مرة من الشمال حتى أقصى جنوب البلاد منذ عملية طوفان الأقصى التي بدأتها المقاومة الفلسطينية من غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأظهر التحليل أن صافرات الإنذار دوت بمعدل 78 مرة يوميا، خلال عام واحد، بفعل هجمات فصائل المقاومة في غزة، وحزب الله من لبنان، والحوثيين من اليمن، وإطلاق صواريخ ومسيرات من العراق وإيران.

خريطة صافرات الإنذار من المستوى الأحمر منذ أكتوبر 2023 وحتى أكتوبر 2024

ويستند التحليل على بيانات قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي توفرها أنظمة الإنذار المختلفة وأبرزها تسيفا أدوم وتسوفار بمعنى  الإنذار الأحمر، وهي الأنظمة المتخصصة في توجيه الإنذارات المتعددة للإسرائيليين في عموم المدن والمناطق حال وقوع هجمات صاروخية مختلفة.

ومنذ بداية عملية طوفان الأقصى، شهدت إسرائيل زيادة غير مسبوقة في عدد الإنذارات التي غطت معظم المدن والمناطق بما في ذلك القواعد العسكرية والمواقع والأهداف التابعة للجيش.

ضراوة الهجوم الصاروخي

في صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلقت كتائب القسام عند الساعة 6:25 دفعات صاروخية مكثفة استهدفت المواقع العسكرية الإسرائيلية ومنظومات القيادة والسيطرة، حيث بلغ عدد الصواريخ في الضربة الأولى 5500 صاروخ وقذيفة، وفق إعلان القسام، وهو بطبيعة الحال ما انعكس على المشهد الأمني في مدن إسرائيلية واسعة في جنوب ووسط إسرائيل.

حيث تظهر البيانات أن صافرات الإنذار دوت في يوم هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول أكثر من 4175 مرة داخل المدن الإسرائيلية، وكان جلها بين الساعة 6:29 صباحا حتى الواحدة ظهرا، وتأتي مدن القدس وتل أبيب الكبرى والرملة وهرتسيليا وديمونا واللد وجنوب يافا من بين أبرز المدن، في حين تركزت الهجمات الصاروخية على استهداف المواقع الإسرائيلية والمستوطنات في الجنوب، من بينها مدن عسقلان وبئر السبع وأسدود وعرعرة في النقب وقاعدة حتسريم الجوية.

خريطة صافرات الإنذار في السابع من أكتوبر 2023

وبحسب صحيفة هآرتس، فقد قتل 39 إسرائيليا غالبيتهم جنود بفعل الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة خلال العام، وحوالي نصف القتلى كانوا في القصف الأول يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ودوت صافرات الإنذار نحو 8535 مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك مع استمرار إطلاق الصواريخ والمسيرات من غزة ولبنان مع دخول حزب الله على خط المواجهة، ولم يختلف الوضع في أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن سابقه، حيث جرى إصدار 4980 إنذارا مع بلوغ الحرب بين حزب الله وإسرائيل ذروتها ودخول مدن جديدة مثل صفد وحيفا وعكا وتل أبيب في دائرة الاستهداف.

خريطة صافرات الإنذار في أكتوبر 2023 و2024

التركيز على الهجمات الصاروخية

تشير البيانات إلى أن الغالبية العظمى من الإنذارات الصادرة عن الجبهة الداخلية كانت مرتبطة بهجمات صاروخية، حيث تشكل الإنذارات الحمراء أكثر من 23 ألفا و67 من إجمالي الإنذارات، مما يجعلها ضمن التحذيرات الأكثر شيوعا، وخاصة على صعيد المناطق القريبة من خطوط المواجهة، مستوطنات غلاف غزة، والبلدات والمواقع الواقعة في الجليل الأعلى شمالي إسرائيل.

وخلال العام نفسه، جرى تسجيل 5739 إنذارا بسبب التوغلات الجوية، حيث تتصدرها الطائرات المسيرة بدون طيار، التي يستخدمها حزب الله اللبناني بشكل يومي، وأطلقت أيضا من العراق واليمن عدّة مرات، وهو السلاح الذي برز بشكل كبير في هذه الحرب.

وتبين الإحصاءات كيف بدأت الهجمات الصاروخية بكثافة في أكتوبر/تشرين الأول، ووصلت إلى أدنى مستوياتها في فبراير/شباط 2024، ثم عادت للزخم والكثافة مع بداية سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول من العام الحالي.

وكانت مخاوف التسلل حاضرة بين الإنذارات لكنها بنسبة أقل، حيث جرى إصدار 23 إنذارا على مدار العام، خاصة على صعيد المستوطنات في الضفة الغربية والمناطق الحدودية مع لبنان.

ودفعت عملية "طوفان الأقصى" الجيش الإسرائيلي للتفكير في إضافة إشارة إنذار إضافية في مستوطنات غلاف غزة، إلى جانب إنذار الصواريخ، حيث تختص الإشارة الجديدة للتحذير من عمليات تسلل مسلحين، وفق صحيفة معاريف.

 المدن والمناطق الأكثر تأثرا

وتصدرت منطقة "خط المواجهة" كما تعرفها الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهي الحدود الشمالية لإسرائيل، أكبر عدد من الإنذارات بواقع نحو 8728 إنذارا، كما شهدت منطقة "غلاف غزة" وهي المنطقة المحيطة بقطاع غزة قرابة 3288 إنذارا، إلى جانب نحو 2013 إنذارا في الجليل الأعلى ومنطقة "لاخيش" شمال النقب بواقع 2379 إنذارا.

وتوضح المعطيات أن مدينة كريات شمونة في الجليل الأعلى والقريبة من الحدود اللبنانية، شهدت أكبر عدد من الإنذارات، حيث تم تسجيل 417 إنذارا، مما يشير إلى تركيز حزب الله هجماته الصاروخية على هذه المدينة التي تركها غالبية سكانها، كما شهدت بلدات شمالية أخرى مثل تل حاي ومرغليوت عددا كبيرا من الإنذارات، حيث تم تسجيل 276 و273 إنذارا على التوالي.

وأكدت القناة 13 الإسرائيلية أن السلطات عملت على إجلاء أكثر من 23 ألف ساكن من مدينة كريات شمونة الشمالية منذ بداية الحرب وبقي فيها عدد قليل، لكن حزب الله طالب من تبقى بالمدينة ومدن ومواقع أخرى بالإخلاء باعتبارها أهدافا عسكرية يتحصن بها الجيش الإسرائيلي.

وفي جنوب إسرائيل، شهدت مستوطنة نتيف هعسراه القريبة من الحدود الشمالية لقطاع غزة حوالي 240 إنذارا، حيث تعرضت لعمليات استهداف بالصواريخ والقذائف بشكل متكرر.

الهجمات الإيرانية

على مدار العام الحالي، شنت إيران هجومين صاروخيين منفصلين على إسرائيل، الأول كان في أبريل/نيسان، حيث أطلق الحرس الثوري عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف إسرائيلية ردا على قصف سفارة طهران بدمشق، والهجوم الثاني هو الأوسع والأعنف، والذي وقع في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستخدمت فيه إيران نحو 180 صاروخا أصابت بعضها قواعد عسكرية إسرائيلية، وذلك ردا على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعباس نيلفروشان القيادي في الحرس الثوري الإيراني.

خريطة الإنذارات في يوم 1 أكتوبر 2024

إيلات ساحة معركة

كانت مدينة إيلات على مدار السنوات الماضية منطقة هادئة وبعيدة عن تقلبات الواقع الأمني الإسرائيلي، حتى أصبحت ملجأ لعشرات الآلاف من سكان جنوب إسرائيل والشمال أيضا في ظل التوتر، لكنها تحولت مع الحرب إلى أحد الأهداف الإستراتيجية للصواريخ والطائرات المسيرة التي تطلق من اليمن والعراق على مدار الأشهر الماضية.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مدينة إيلات استضافت نحو 35 ألف ساكن من مستوطنات الجنوب ومحيط غزة، بينهم 6 آلاف من مدينة سديروت.

ودوت صافرات الإنذار بفعل الهجمات الصاروخية من لبنان ما يزيد على 12 ألفا و530 مرة خلال عام واحد، وتأتي غزة في المرتبة الثانية، حيث جرى تسجيل نحو 11 ألفا و160 إنذارا، و418 إنذارا بفعل عمليات إطلاق صواريخ ومسيرات من اليمن، و60 مرة بفعل إطلاق من الأراضي السورية، و29 مرة من العراق، وفق ما أوردته البيانات.

مقالات مشابهة

  • تطورات اليوم الـ399 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • ضمن معركة "طوفان الأقصى".. 41 عملا مقاوما بالضفة خلال 24 ساعة
  • كتائب القسام : مقتل وإصابة جنود إسرائيليين شمال غزة
  • تطورات اليوم الـ398 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • كتائب القسام تعلن استهداف دبابة صهيونية شمال مدينة غزة
  • تطورات اليوم الـ397 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • المقاومة هى الحل
  • تحليل بيانات: صافرات الإنذار دوت في إسرائيل أكثر من 28 ألف مرة منذ طوفان الأقصى
  • كتائب القسام تُجهز على 5 جنود صهاينة وتستهدف دبابة في جباليا
  • كتائب صرخة الأقصى وأولياء الدم في العراق تتوعد العدو الصهيوني بردود تقصم ظهره